الصحافة الدولية

عشرون عامًا في السلطة.. كيف تغير بوتين والبلاد تحت حكمه؟!

على مشارف عام جديد، نشرت وكالة ريا نوفوستي تقريرًا تحت عنوان “عشرون عامًا في السلطة.. كيف تغير بوتين والبلاد تحت حكمه؟!”. رصدت الوكالة من خلاله أبرز المتغيرات التي حدثت بعد مرور عشرون عامًا على وجود الرئيس فلاديمير بوتين على سدة الحكم، كان من ضمنها استقرار الأوضاع في شمال القوقاز، وضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، ونجاح الاقتصاد الروسي في تحقيق نمو مطرد بعد أن كان قد شهد فترة ركود خلال التسعينيات. فضلاً عن نجاح روسيا في استضافة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي وكأس العالم لكرة القدم عام 2018. 

الطريق إلى السياسة الكبرى

ولد الرئيس الروسي في 7 أكتوبر 1952 بمدينة لينينغراد، وبعد تخرجه من كلية الحقوق في عام 1975 بدأ العمل في الـ KGB، وبدءً من العام 1985 إلى العام 1990، خدم في مقر المخابرات الخارجية بدريدسن، قبل تعيينه في منصب رئيس الوزراء بأغسطس 1999. وانتقل بوتين من منصب مساعد لرئيس جامعة لينيغراد الحكومية للشئون الدولية الى منصب مدير جهاز الأمن الفيدرالي. 

وعلى أعتاب العام 2000 ألقى أول رئيس لروسيا الاتحادية –بوريس يلتسين- خطابًا بمناسبة حلول العام الجديد. أعلن من خلاله استقالته وتولي رئيس الوزراء لمهام وواجبات رئيس الدولة. فيما ذكر الرئيس الكازاخستاني السابق نور سلطان نزارباييف –معلقًا على هذه الخطوة- أن يلتسين ظل لفترة طويلة من الزمن يعمل على اختيار سلفه حتى استقر في نهاية المطاف على فلاديمير بوتين، الذي لم يكن له مثيل آخر. 

كما قال بوتين نفسه في وقت لاحق، أنه قد رفض في البداية اقتراح يلتسين لتولي منصب رئيس الوزراء والترشح لاحقًا للانتخابات الرئاسية، لأنه كان يرى نفسه غير مستعد للتعامل مع هذا المصير.

سياسة داخلية تسعى للتغلب على الأزمة من خلال الإصلاح

لم يكن الإصلاح بالمهمة اليسيرة بالنسبة له، فقد سادت الفوضى في روسيا في تسعينيات القرن الماضي، وفشلت الإصلاحات الاقتصادية تمامًا، وتوقف الصناعات المحلية، وأصبح الجيش جنبًا الى جنب مع مؤسسات المجمع الصناعي العسكري في تراجع. 

في السنوات الأولى، عمل الرئيس بوتين على إنشاء اطارًا قانونيًا موحدًا وسلطة مركزية، وتم تنفيذ عددًا من الإصلاحات الرئيسية، بما في ذلك الضرائب والخدمات المصرفية والأراضي والإسكان والخدمات المجتمعية وتم إرساء أسس السلام في القوقاز. وبعد فوزه في الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية، واصل بوتين العمل على حل المشكلات الاجتماعية، حيث دخل القانون المتعلق بالأمومة حيز التنفيذ، وتم رفع رواتب العسكريين. 

وفي بداية ولايته الأولى، حدد فلاديمير بوتين للحكومة هدفًا طموحًا يتمثل في مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي خلال عشر سنوات. وعلى مدى ثماني سنوات، كان النمو قد حقق 70%، فيما نمت الصناعة بمعدل 75%، وأصبح الروبل عملة قابلة للتحويل بحرية. 

 وللمرة الثالثة، عندما أصبح بوتين رئيسًا في عام 2012، بدأ عمله بما يسمى بتوقيع “مراسيم مايو” وهو برنامج موسع لتطوير الضمانات الاجتماعية. وفي مايو 2018، أدى بوتين اليمين الدستورية للمرة الرابعة بعد أن تم إعادة انتخابه بنسبة قياسية بلغت 76.69 ٪ من الأصوات. وحينها وقع بوتين مرسومًا شكل أساسًا قويًا للمشروعات الوطنية الاثني عشر الجديدة والتي تم تصميمها لأجل دفع روسيا للوصول الى أقوى خمس اقتصاديات في العالم، مما سينعكس بطبيعة الحال على رفع مستوى رفاهية المواطن الروسي.

مراجعة الموقف الروسي إزاء الغرب

مع الوقت قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمراجعة مواقف بلاده تجاه الغرب بشكل جذري، إذ أنه وفي البداية كان يعتقد أنه من الممكن التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية على قدم المساواة، ولكن مع الوقت ومع توسع حلف الناتو ووقوع الحرب في العراق بأيادي أمريكية وانجليزية دون إذن من الأمم المتحدة، وتواتر الأحداث في جورجيا وقازغستان وأوكرانيا، مع التردد الأمريكي في التخلي عن نظام الدفاع الصاروخي الباليستي في أوروبا، بالإضافة الى النزاعات العسكرية في سوريا وليبيا، تأكد بوتين أن الغرب يسعى فقط خلف مصالحه الخاصة، وكان له هذا التصريح الشهير الذي قال من خلاله ” يبدو لي أن شركاؤنا لا يريدون حلفاء لهم، إنهم يريدون فقط المزيد من الخدم، يريدون أن يتولوا الحكم.. لكن روسيا لا يمكن أن تتقبل هذا الأمر”. 

ويرى محللين سياسيون أن خطابه الشهير في مؤتمر ميونيخ للسياسة الأمنية عام 2007، يعد بمثابة نقطة انطلاق لإعادة تقييم العديد من أفكار الرئيس فيما يتعلق بالغرب. حيث انتقد بوتين بشدة العادات الأمريكية التي تقتضي بفرض إرادتها على الدول الأخرى، وعارض مخططات الناتو بالتوسع المستمرة ونشر منشآت الدفاع الصاروخي الأمريكية في أوروبا الشرقية، ولفت الانتباه الى فشل السياسة العالمية أحادية القطب في التعامل مع الواقع المعاصر، وأكد أن روسيا تعتزم اتباع سياسة خارجية مستقلة. 

وفي خلال فترة رئاسته الثالثة، أولى بوتين اهتمامًا خاصًا للمهام الجيوسياسية، بحيث بدأ ببناء خطوط أنابيب غاز سيبيريا وغاز ترك ستريم، وبدأ الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي في التطور، ثم تطورت العلاقات الروسية مع مصر وفيتنام ودول البريكس. كما شنت روسيا –بناء على طلب من الرئيس بشار الأسد- العديد من العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية في سوريا، كما لعبت روسيا دورًا فاعلاً في حل المشكلة النووية الإيرانية، ونتيجة لذلك كانت هناك ارتفاع واضح في قدرة موسكو التأثيرية على مجريات الأوضاع في الشرق الأوسط. 

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

داليا يسري

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى