
خطوة جديدة في إرساء العدالة الاجتماعية.. توجيه رئاسي برفع موازنة الدعم والحماية الاجتماعية
وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي وزارة المالية بالعمل على رفع موازنة الدعم والحماية الاجتماعية من 358.4 الى 529.7 مليار جنية بنسبة زيادة قدرها 48.8% للتخفيف عن المواطنين في ظل الموجه التضخمية العالمية، بما يمكن الدولة من التوسع في شبكة الحماية الاجتماعية الأكثر استهدافًا للأسر الأولى بالرعاية والأكثر احتياجًا، على نحو يتكامل مع جهود الارتقاء بمستوى المعيشة.
ويمكن القول إن هذا لم يكن التوجيه الأول للرئيس بتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، حيث عكفت الدولة منذ عام 2014 على إيلاء الاهتمام للفئات الأولى بالرعاية، من خلال التمهيد ببيئة تشريعية قوية تقر العديد من القوانين التي تضمن تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، علاوة على التحديث المستمر لحزم الحماية الاجتماعية وتقديم حزم استثنائية تعمل على استيعاب الأزمات العالمية المتتالية، وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل المواطن المصري.

زيادة مستمرة لمخصصات الحماية الاجتماعية
خصص مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2023-2024، زيادة كبيرة في أبواب الدعم والحماية الاجتماعية؛ وذلك في ضوء انحياز الدولة لمحدودي الدخل في ظل الأزمات العالمية المتتالية، بدءًا من جائحة كورونا ووصولًا إلى الأزمة العالمية التي أثرت على اقتصادات العالم جراء الحرب الروسية- الأوكرانية.

وقد خصص مشروع الموازنة العامة الجديدة نحو 529.7 مليار جنية مقابل 358.4 في الموازنة 2022-2-23، وذلك بزيادة بلغت 48.8%.
أولًا: دعم السلع التموينية

قدر دعم السلع التموينية في مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2022-2023 بنحو 90 مليار جنية وذلك مقابل 87 مليار جنية بموازنة السنة المالية 2021-2022 بزيادة قدرها نحو 2.778 مليون جنيه بنسبة زيادة قدرها 2.3%، وتمثل التوجيهات الأخيرة بزيادة دعم السلع التموينية الى 127.7 مليار جنية، نقله كبيرة في تقديم الدعم الغذائي للمواطنين.
جدير بالذكر أن الدولة أولت اهتمامًا بالغًا خلال السنوات القليلة الماضية بتحسين منظومة التموين المعنية بدعم المواد الغذائية. وحسب تقرير التنمية البشرية الصادر في عام 2021، فقد اعتمدت الحكومة المصرية منهجية في تقديم الإعانات الغذائية مختلفة كل الاختلاف عن المتبعة سابقًا، فغيرت طبيعتها بغية الحد من الاستهلاك المفرط وإعادة الاتجار بالمواد المدعومة في السوق السوداء؛ ففي عام 2014-2015 استحدثت منظومة نقاط الخبز غير المستخدمة (دعم نقدي بقيمة 10 قروش عن كل رغيف خبز لم يتحصل عليه)، بتكلفة إضافية قدرها 4.4 مليار ات جنيه.

أما فيما يخص بطاقات التموين، فبحلول عام 2016، زيد الدعم النقدي الشهري للفرد من 15- 21 جنيه، وفي عام 2019 حدّثت بيانات المستفيدين من الدعم عن طريق تنقية البطاقات التموينية لضمان الوصول إلى المستحقين الحقيقيين ووصل الدعم النقدي الشهري للفرد على البطاقة إلى 50 جنيه، بزيادة قدرها 140%. ليصل عدد المستفيدين من نظام بطاقات التموين المطبق إلى قرابة 69 مليون نسمة، بينما يستفيد حوالي 79 مليون من منظومة دعم رغيف الخبز، وتبلغ نسبة الإنفاق عليهما نحو 6% من جملة الإنفاق العام.
وفي استمرار الدعم للفئات الأولى بالرعاية، فقد وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطبيق الحزمة الاستثنائية “سبتمبر 2022” بزيادة 100 جنيه على البطاقات التموينية لـ 8 ملايين و110 آلاف بطاقة، تضم نحو 9.1 ملايين أسرة، يستفيد منها أكثر من 37 مليون مواطن، بتكلفة تقدر بنحو 833 مليون جنيه شهريًا، وإضافة مبلغ 200 جنيه للبطاقة التي تشتمل على أسرتين أو ثلاث أسر، وإضافة 300 جنية على البطاقات التي تتضمن أكثر من ثلاث أسر.
ثانيًا: طفرة في دعم الإسكان

بلغت تقديرات الاعتمادات المدرجة لدعم برنامج الإسكان الاجتماعي في مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2022-2023 نحو 7 مليارات جنيه بدلًا من مليارين و62 مليون جنيه عن الاعتماد المدرج بموازنة 2021-2022. ويمثل التوجيه بتخصيص 10.2 مليار جنية للإسكان الاجتماعي في الموازنة الجديدة 2023-2024 بمثابة طفرة في تحقيق السكن اللائق الذي يعد أحد المحاور الأساسية لحقوق الإنسان، وإعمالًا بنص الدستور المصري في المادة 78 بكفالة الدولة للمواطنين الحق في المسكن الملائم بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية.
وقد عززت الدولة المصرية الإسكان الاجتماعي من خلال الإعلان في عام 2014 عن إنشاء مليون وحدة سكنية لدعم أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة. علاوة على إصدار القرار الجمهوري رقم 33/2014 والمعدل برقم 93/2018 بشأن الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري. وبناءً عليه، فقد بلغ عدد المستفيدين من برنامج الإسكان الاجتماعي حتى عام 2020 قرابة 312 ألف مستفيد، حصلوا على دعم نقدي من صندوق الإسكان الاجتماعي وصل إلى 4.9 مليارات جنيه، وبتمويل عقاري بلغ 30.8 مليار جنيه.
ثالثًا: معاش الضمان الاجتماعي
بلغت مخصصات معاش الضمان الاجتماعي بمشروع الموازنة العامة 2022-2023 نحو 22 مليار جنية مقابل 19 مليار جنية فقط للموازنة العامة 2021-2022. ويأتي القرار بتخصيص 31 مليار جنية في الموازنة المقبلة 2023-2024 كحماية لطبقة واسعة من الأفراد من الوقوع في براثن الفقر.

حيث تنقسم خدمات الضمان الاجتماعي في مصر إلى المساعدات الشهرية والتي تصرف للأسر الفقيرة وفقًا لدراسة حالة الأسرة اقتصاديًا واجتماعيًا، إضافة إلى المساعدات الاستثنائية وهي مساعدات تصرف مرة واحدة خلال العام وهي مخصصة لمصروفات التعليم ومصروفات الجنازة والوضع والحالات الطارئة الملحة، ويعد معاش الطفل الذي يصدر له حتى سن الـ 18 عام والمنح الدراسية الشهرية والتعويضات جراء الكوارث من أهم الخدمات الخاصة بالضمان الاجتماعي أيضًا.
رابعًا: برنامج تكافل وكرامة

أطلقت الدولة برنامج تكافل وكرامة عام 2015 وهو برنامج موسع للحماية الاجتماعية شمل الاستهداف المباشر للأسر الفقيرة والاستهداف الفئوي للنساء والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة. وقد وصل عدد الأسر المستفيدة من برنامج الدعم النقدي إلى 5.1 ملايين أسرة، وبلغ حجم تمويل البرنامج إلى 22 مليار جنيه في أبريل 2022 وأصبح 25 مليارًا بعد إطلاق حزمة سبتمبر2022.
خامسًا: مبادرة حياة كريمة
حققت حياة كريمة التي بدأت مراحلها التمهيدية عام 2019 العديد من الإنجازات على أرض الواقع، وأسهمت في تطوير حياة الملايين من المواطنين داخل القرى الأكثر فقرًا. وقد تجاوزت ميزانية المبادرة حوالي 700 مليار جنيه تستهدف تحسين معيشة أكثر من 60% من المواطنين المصريين، حسب تصريح رئاسة مجلس الوزراء.
وقد أشار تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في عام 2022 بعنوان “حصاد 8 سنوات من تحسين مستوى معيشة المواطن المصري” إلى مساهمة مبادرة حياة كريمة، من المرحلة التمهيدية التي بدأت في يوليو 2019 وحتى ديسمبر 2020، وشملت أكثر 375 قرية من الأكثر احتياجًا مع مستوى الجمهورية، بإجمالي عدد مستفيدين 4.7 ملايين مواطن؛ في خفض معدل الفقر ب 11 نقطة مئوية. وانخفاض معدلات الفقر ب 2 نقطة مئوية بين عامي 17/2018 و19/2020 وذلك للمرة الأولى منذ 20 عامًا، إلى جانب تراجع نسب السكان تحت خط الفقر المدقع إلى 4.5% عام 2019، مقارنةً مع 5.3% عام 2015.
أخيرًا، تأتي توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيادة مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية في ملفات حيوية تلامس المواطن المصري بشكل مباشر في حياته اليومية، مرورًا بالتوجيه الرئاسي الخاص بالتعجيل في إعداد حزمة لتحسين دخول العاملين بالجهاز الإداري للدولة اعتبارًا من أبريل 2023، استكمالًا لشوط طويل قد سلكته الدولة المصرية منذ عام 2014 في إرساء مبدأ العدالة الاجتماعية لبناء مجتمع يسوده العدالة وعدم التمييز.
المصادر
“المالية”: توجيه الرئيس السيسي برفع موازنة الدعم والحماية الاجتماعية، الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء، 23 ابريل 2023، 12:16 م.
تقرير التنمية البشرية مصر 2021، الفصل الثالث، الحماية الاجتماعية: نحو عقد اجتماعي أكثر شمولًا وتمكينًا في مصر
“المالية”: 86 مليار جنيه لدعم السلع التموينية بالموازنة الجديدة، الهيئة العامة للاستعلامات، 14 مايو 2018-11:39 ص.
بالموازنة الجديدة.. زيادة معاش الضمان الاجتماعي و127 مليار جنيه لصندوق المعاشات، جريدة صدي البلد، يوليو 2022
باحثة ببرنامج السياسات العامة