Uncategorized

مبادرات لإنقاذ المناخ في COP27

في إطار انعقاد الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27، بمدينة شرم الشيخ، أطلقت دول عدة مبادرات لمواجهة التغيرات المناخية وكذلك الأمن الغذائي، خاصة في ظل الظروف الجيوسياسية التي يشهدها العالم، والأزمات الاقتصادية المتتالية بدءًا من تداعيات أزمة كوفيد-19، مرورًا بالأزمة الروسية-الأوكرانية وما ترتب عليها من أزمات سياسية واقتصادية وبيئية. وبناء على ذلك، انتهزت هذه الدول فرصة انعقاد قمة المناخ لإطلاق العديد من المبادرات؛ بهدف التعاون الإقليمي أو الدولي لمواجهة آثار التغير المناخي. 

وقد أسهمت مصر خلال القمة بالعديد من المبادرات التي تركز على مواجهة التغير المناخي والزراعة والأمن الغذائي، والتي تستهدف العالم ككل أو القارة الافريقية وتعد أحد مكاسب القمة حزمة المساعدات المالية التي أطلقتها مصر والولايات المتحدة لقارة أفريقيا بدعم 150مليون دولار من أجل “تعزيز إجراءات التكيف في إفريقيا”، علاوة على مضاعفة الإدارة الأمريكية إسهامها في صندوق التكيف إلى 100 مليون دولار. 

دعم دولي

في إطار الدعم الدولي لمصر خلال قمة المناخ، حصلت مصر على دعم أمريكي ألماني 500 مليون دولار لدعم مشروعات الطاقة النظيفة في مصر. واستكمالًا للدعم الدولي للدولة المصرية وبرنامج “نوفي” -الذي يعد نهجًا إقليميًا ودوليًا يعكس توجهات مصر التنموية والمناخية ويترجم أهداف cop27 للانتقال من التعهُّدات إلى التنفيذ- أعلنت الحكومة الألمانية توفير تمويلات لمصر بقيمة 100 مليون يورو في صورة مبادلة ديون، بالإضافة إلى منح بقيمة 50 مليون يورو للمساهمة في تمويل محور الطاقة، و100 مليون يورو تمويلات إنمائية ميسرة، ويستهدف البرنامج قضيتين رئيستين وهما: التحول من الوقود الأحفوري، وتعزيز كفاءة شبكة الطاقة لاستيعاب احتياجات الدول من الطاقة.

مبادرة أسواق الكربون الأفريقية 

أطلقت الأمم المتحدة مبادرة أسواق الكربون الأفريقية بالتعاون بين التحالف العالمي للطاقة من أجل الناس والكوكب والطاقة المستدامة للجميع، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، بدعم من الأمم المتحدة وذلك في إطار انعقاد قمة المناخ، وذلك بهدف دعم نمو إنتاج ائتمان الكربون وخلق فرص عمل في أفريقيا، بقيادة لجنة توجيهية مكونة من ثلاثة عشر عضوًا من القادة الأفارقة والمديرين التنفيذين وخبراء ائتمان الكربون.

تهدف المبادرة إلى الوصول إلى 300 مليون ائتمان كربوني يتم إنتاجه سنويًا بحلول عام 2030، مما يزيد الأرباح بنحو 6 مليارات دولار في الدخل القومي، ويدعم 30 مليون وظيفة بحلول عام 2050 ، وأكتر من 1.5 مليار ائتمان يتم إنتاجه سنويًا في إفريقيا، بعوائد تصل إلى 120مليار دولار، لتدعم أكثر من 110 مليون وظيفة، علاوة على توسيع مشاركة أفريقيا في أسواق الكربون.

وتمثل المبادرة تعاونًا إقليميًا لتحقيق مبدأ توطين العمل المناخي؛ إذ تنعكس نتائجها بشكل واضح على المزارعين والشركات الصغيرة في أفريقيا، خاصة وأن أسواق الكربون تشهد نموًا ملحوظًا على مستوى العالم حيث نمت بنسبة ٣١ % منذ عام ٢٠١٦، كما زاد الطلب على أرصدة الكربون بنحو 50%، وتزايد الطلب على أرصدة الكربون في أفريقيا، وانضم عدد من الدول الأفريقية منها كينيا وملاوي والجابون ونيجيريا وتوجو مع الإعلان عن التزامها بتوسيع أسواق الكربون الطوعية.

وحسب بيان للأمم المتحدة، توفر أسواق الكربون فرصة رائعة لإطلاق المليارات لتلبية احتياجات تمويل المناخ للاقتصادات الأفريقية مع توسيع الوصول إلى الطاقة، وخلق فرص العمل، وحماية التنوع البيولوجي، ودفع العمل المناخي.

مبادرات خليجية

أعلنت المملكة العربية السعودية عن عدد من المبادرات الجديدة خلال قمة المناخ، لتعزيز جهود المملكة البيئية خلال السنوات السابقة وفق رؤية المملكة 2030، وأطلقت مركزا للاقتصاد الدائري للكربون، وتتمثل هذه المبادرات في التالي:

  •  مبادرة الشرق الأوسط الأخضر “النسخة الثانية”: تحت شعار “من الطموح إلى العمل”، والتي تهدف في نسختها الثانية إلى تقليل انبعاثات الكربون من إنتاج الهيدروكربونات الإقليمي بأكثر من 60 %، وزراعة 50 مليار شجرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مع العمل على استعادة مساحة تعادل 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، بالإضافة إلى إنشاء عدة مراكز وبرامج التي ستساعد المنطقة على تنسيق وتحقيق أهداف مبادرات الشرق الأوسط الخضراء.
  • مبادرة السعودية الخضراء “النسخة الثانية”: والتي تستهدف زراعة 10 مليارات شجرة في أنحاء المملكة، مع رفع نسبة المناطق المحمية بالمملكة إلى 30%، وخفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول 2030.
  • مبادرة “مهمة الابتكار الزراعي ((AIM: أطلقتها الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة، لمضاعفة الاستثمارات من قبل الشركاء في مجال المناخ، بدعم من أكثر من 275 شريكًا حكوميًا وغير حكومي، وأعلنت زيادة الاستثمار بأكثر من 8 مليارات دولار”، مقارنة بأربعة مليارات دولار في “كوب 26”.

مبادرات مصرية

  • مبادرة أجندة شرم الشيخ للتكيف: تعد من أهم المبادرات التي تم الإعلان عنها خلال قمة المناخ، حيث تسعى إلى تعبئة 140 مليار دولار أمريكي إلى 300 مليار دولار أمريكي عبر كل من المصادر العامة والخاصة (المؤسسات الحكومية والخاصة) سنويًا لتحقيق هذه الأهداف، مما يزيد هدف التمويل العالمي.

تحدد المبادرة 30 نتيجة تكيف يجب الوصول إليها بحلول عام 2030 لحماية أربعة مليارات شخص يعيشون في المجتمعات الأكثر ضعفًا في إفريقيا، ويعانون من الكوارث المناخية مثل الحرارة الشديدة والجفاف، والفيضانات.

تمثل هذه النتائج أول خطة عالمية تجمع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية لتحقيق مجموعة من نتائج التكيف بشكل جماعي عبر عدة قطاعات، وهي الغذاء والزراعة والمياه والطبيعة والسواحل والمحيطات، فضلًا عن المستوطنات البشرية والبنية التحتية. 

وتركز الأجندة بشكل خاص على الزراعة والأمن الغذائي، حيث تدعو إلى الانتقال إلى أنظمة الزراعة المستدامة المقاومة للمناخ التي يمكن أن تزيد الغلة بنسبة 17%، بينما تقلل في الوقت نفسه انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من المزارع بنسبة 21%.  ويتمثل هدف النتيجة الآخر في توفير أنظمة إنذار مبكر ذكية ومحسنة لحماية ثلاثة مليارات شخص من حالات الطوارئ المناخية مثل العواصف والفيضانات وموجات الحرارة.

  • مبادرة حياة كريمة لأفريقيا صامدة أمام التغيرات المناخية: خلال يوم “الزراعة والتكيف” ضمن فعاليات القمة، أعلنت وزيرة التخطيط والتنمية الإدارية الدكتورة هالة السعيد عن تدشين مبادرة حياة كريمة لأفريقيا، خاصة وأن الأزمات المتتالية بدءًا من تفشي كوفيد-19 والتحديات الجيوسياسية الأخيرة تؤثر بشكل خطير على الاقتصاد العالمي وتزيد من تعقيد التحديات التي تواجه القارة الافريقية، بما في ذلك أزمة الديون، وارتفاع التضخم والبطالة، والحاجة إلى توسيع شبكات الحماية الاجتماعية.

تركز المبادرة على نظم الزراعة والبنية التحتية المقاومة للمناخ، وتوفير بيئة متوازنة لمستقبل صالح للعيش، مع التركيز على إدارة مخاطر المناخ، وسبل العيش المقاومة للمناخ، والتخطيط وتخصيص الموارد.

والمستهدف بالنسبة للمبادرة السكان الذين يعيشون في المناطق الريفية، على نفس سياق مبادرة حياة كريمة في مصر والتي لاقت إشادة عالمية، لذلك تستهدف المبادرة المناطق التي تعاني من ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع مستويات سطح البحر، حيث تشكل تلك التحديات المتتالية مخاطر كبيرة على الزراعة والأمن الغذائي، مما قد يؤدي إلى عكس مكاسب التنمية التي تم تحقيقها.

وتعمل المبادرة كذلك على تعزيز العمل المناخي والانتقال من مرحلة التعهدات إلى التنفيذ، وتعزيز تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية باريس، ودعم جهود الدول الأفريقية لتنفيذ مساهماتها الوطنية المحددة، بالإضافة إلى دمج العمل المناخي في التنمية الريفية المستدامة في أفريقيا، فضلًا عن تعزيز الحلول والتقنيات المبتكرة لتحسين نوعية حياة المجتمعات الريفية في إفريقيا، مع الاخذ في الحسبان قدرات واحتياجات وأولويات، ومخاطر المناخ الخاصة بكل دولة، من أجل تحسين نوعية الحياة في 30% من القرى والمناطق الريفية الأكثر ضعفًا وفقرًا في القارة بحلول عام 2030، بطريقة حساسة للمناخ.

  • مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام FAST: أطلقتها الرئاسة المصرية للمؤتمر خلال فعاليات افتتاح يوم “الزراعة والتكيف” خلال مؤتمر المناخ COP27، وتهدف المبادرة إلى تنفيذ إجراءات ملموسة من شأنها أن تؤدي إلى تحسين العمل المناخي ومساهمات تمويل المناخ للتحول المستدام للأنظمة الزراعية والغذائية بحلول عام ٢٠٣٠ مع دعم الأمن الغذائي والاقتصادي.  

وذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة مع عدد من الهيئات والمنظمات المعنية بالعمل الأهلي ستكون عبارة عن شراكة متعددة لأصحاب المصلحة بحيث تعمل كمسرع لتحويل النظم الغذائية والزراعية إلى نظم مستدامة يستفيد منها الأشخاص والمناخ والبيئة.

وتتمثل مبادئ المبادرة في ضمان انعكاس بعد الأمن الغذائي وتنوع أنظمة الأغذية الزراعية، وتمكين وإشراك النساء والشباب والشعوب الأصلية والأشخاص المعرضين للخطر في عملية الزراعة والأمن الغذائي، وضمان مراعاة أفضل العلوم المتاحة والابتكار بما في ذلك المعرفة والممارسات المحلية، والتنسيق والتعاون مع المبادرات والشراكات العالمية والإقليمية الجارية لتحقيق أقصى قدر من التآزر وتجنب ازدواجية الجهود.

وتعمل مخرجاتها للوصول إلى ثلاث ركائز، تمثل الركيزة الأولى الوصول إلى التمويل اللازم من خلال تعزيز قدرات الدول على تحديد والوصول إلى التمويل والاستثمار في مجال المناخ، والركيزة الثانية هي المعرفة والقدرات من خلال توفير التحليلات اللازمة وتطوير المبادئ التوجيهية الطوعية ودعم تنمية القدرات عبر أصحاب المصلحة، أما الركيزة الثالثة فهي دعم السياسات والحوارات من خلال ضمان دمج الأنظمة الغذائية والزراعية بالكامل، وإعطاؤها الأولوية والأهمية اللازمتين في سياسات تغير المناخ.

  • مبادرة العمل المناخي والتغذية I-CAN، تركز على أنظمة الغذاء والتغذية المستدامة، ليس فقط للمجتمعات المتضررة من آثار تغير المناخ ولكن الاعتماد بشكل عام على أنواع الغذاء منخفضة الانبعاثات الكربونية، وتغيير ممارسات الغذاء حول العالم لأخرى مستدامة. وتعد هذه المرة الأولى بمؤتمرات المناخ التي يتم التطرق لمبادرات التغذية والصحة.

وتعد النظم الغذائية المستدامة شرطًا أساسيًا للتغذية الجيدة وشرطًا ضروريًا لمعالجة جميع أشكال سوء التغذية ودفع التنمية المستدامة، خاصة وأن مصر تسعى إلى تعزيز التعاون والاستفادة من الاهتمام العالمي لتحسين التغذية، خاصة للأطفال والفئات الضعيفة، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في هذا الشأن، وضمان إدراج العمل المناخي والتغذية في المساهمات وخطط التكيف المحلية. وقد أعربت عدة دول عن دعمها للمبادرة بما في ذلك عمان والسويد وفنزويلا وكندا وهولندا وبنجلاديش وكوت ديفوار.

  • مبادرة استجابات مناخية للحفاظ على السلام: أطلقها وزير الخارجية، سامح شكري بالتعاون مع مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الأفريقي؛ بهدف ضمان مساهمة الاستجابات المناخية المتكاملة في السلام والتنمية المستدامين بما يتماشى مع الملكية الوطنية للدول.

تقوم المبادرة على مجموعة من الركائز ممثلة في: تقوية العلاقة بين التكيف والحفاظ على السلام من خلال النظم الغذائية المقاومة للمناخ، وتطوير ودفع بحلول دائمة ومستدامة لمشكلة النزوح بسبب تغير المناخ، إضافة إلى تسريع حشد التمويل المناخي من أجل استدامة السلام.

تمتد المبادرة على مدار 5 سنوات، لضمان المشاركة والدعم المتبادل بين عناصر المبادرة وجهود تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ وأهداف أجندة أفريقيا للتنمية المستدامة ٢٠٦٣، واستراتيجية وخطة عمل التنمية وتغير المناخ في أفريقيا (٢٠٢٢-٢٠٣٢).

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

منى لطفي

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى