الاقتصاد المصري

المشروع القومي لتبطين الترع: توفير للمياه ورفع للإنتاجية

في ظل وجود مصر في حيز الفقر المائي بعد أن بلغت حصة الفرد من المياه حوالي 600 متر مكعب سنويًا، بينما يبلغ الحد الأدنى للفرد في العالم حوالي 1000 متر مكعب سنويا.

 يُعد مشروع “تبطين الترع” أحد أهم المشروعات القومية التي تُنفذ في الوقت الجاري ويمثل إحد أركان خطة الدولة الطموحة لتعظيم الاستفادة من المياه وتوفير الاحتياجات المطلوبة لكل القطاعات بشكلٍ عام وللقطاع الزراعي بشكلٍ خاص، حيث تستهدف الدولة في الوقت الحالي تحسين حالة الرى فى مساحة مليون فدان فى مجال الزراعة. كما أن الزراعة تعتبر المستهلك الرئيسى للمياه بنسبة 81% والاستخدمات المنزلية حوالى 14% بينما لا تستهلك الصناعة سوى 1.57%.

 يُعد مشروع ” تبطين الترع”  من المشروعات كثيفة العمالة التي توفر فرص عمل وتساهم في القضاء على البطالة فحسب التقديرات المبدئية سيوفر المشروع أكثر من نصف مليون فرصة عمل موسمية لمدة عامين. فضلًا عن توفير مبالغ طائله سنويًا للتطهير والتكريك، ضمان وصول المياه لنهايات الترع.

يستعرض هذا التقرير كيف يساهم ” مشروع تبطين الترع” في الحفاظ على الثروة المائية والثمار المرجوة منه.

الموارد المائية المتاحة في مصر

وفقا للأرقام المتاحة فى السنوات الاربع الاخيرة تقدر الموارد المائية بحوالى 76.4 مليار مترمكعب منها  55.5 مليار مترمكعب هى خصة مصر الثابتة من نهر النيل وهى تشكل المصدر الأساسى من إجمالى الموارد المائية المتاحة بنسبة بلغت 72.64%. وتُعد المياه الجوفية هى المورد الثانى للمياه العذبة فى مصروتبلغ الكمية المتاحة منها حوالى 6.9 مليارات متر مكعب نسبة 9.03% من إجمالى الموار ثم تاتي مياه الأمطارفي المركز الثالث وهو مصدر محدود لا يمكن الاعتماد عليه فى مشروعات التنمية الزراعية  ونسبته لا تتعدى 1.5% من الموارد المائية. أما بالنسبة للمياه المعالجة فقد بلغت كمية تدوير مياه الصرف الزراعى نحو 11.70مليار متر مكعب بنسبة 15.31% من اجمالى الموارد المتاحة  وكمية تدوير مياه الصرف الصحى 1.3مليار متر مكعب سنويا بنسبة 1.7% من اجمالى الموارد المتاحة.

مشكلة الترع والمصارف بمصر

تبلغ أطوال الترع في مصر33 ألف كيلو تقريبًا، تمتد من الاسكندرية حتى أسوان، تم إنشاؤها في عهد محمد علي أي منذ 200 عام تقريبًا، بالتالي كلها ترع طينية لا يوجد بها تبطين وتتعرض المياه فيها للفقد. ويُقدرالفاقد منها نحو 19 مليار متر مكعب. هذا الفقد سبب رئيسي لمعاناة الأراضى الزراعية في مصر من نقص المياه. ولكن أغلب الترع في شبه جزيرة سيناء مبطنة بالكامل، لأنها من الأراضي الجديدة.

كما تُعاني الترع والمصارف من عدة مشاكل صحية وبيئية وعلى رأسها أكوام القمامة والمخلفات التي تسد المصارف المائية وباتت تهدد بكوارث مفاجئة بعد أن أصبح العديد منها خارج الخدمة وتحول لمنبع للأوبئة والفيروسات. 

المشكلة الكبرى أن مسئولية تلك الترع متفرقة علي جهات عدة وكل جهة تتنصل من مسئوليتها وتتبادل وزارة الري والموارد المائية والمحافظات الاتهامات بالإهمال.

نقطة البداية 

في منتصف أبريل من العام الجاري، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء زيارته لاحد المشروعات بسيناء، بتكليف الحكومة بضرورة الانتهاء من مشروع تبطين الترع والمصارف خلال عامين فقط بدل من عشرة أعوام. ويُمثل هذا المشروع القومي أول تطوير حقيقي للقنوات والترع منذ إنشاءها. 

ترشيد الفاقد من المياه

يُعد” تبطين الترع” أحد الطرق الناجعة لتأهيل الترع والمصارف لضمان وصول المياه لنهاياتها دون عوائق وتقليل البخر وتحقيق عدالة التوزيع بين الأراضي الزراعية.  مما يسهم في حل جزء من شكاوى المزارعين بشأن نقص المياه. حيث يستهدف المشروع توصيل المياه إلى نهايات الترع بالكمية والنوعية والتوقيت المناسب. 

يهدف هذا المشروع القومي إلى خفض ما إجماليه 15 إلى 19 مليار متر مكعب من المياه التى يتم هدرها فى الشبكة المائية على طول مجرى النيل، من الموارد المائية سواء من نهر النيل أو من الأمطار أو المياه الجوفية أو المعالجة. كما سيساعد على رفع كفاءة الري في الحقول من 50% إلى 75 % من الري بالغمر في الحقول. كما سيعمل على زيادة إنتاجيه ما لا يقل عن 250 ألف فدان من الأراضي الطينية.

المردود البيئي للمشروع 

في السياق ذاته، سيسهم المشروع في تقليل المخلفات وإلقاء النفايات، التي تكلف الدولة  أموالا طائلة لتطهير الترع والمصارف وإزالة الحشائش من جانبي الترع والمصارف. وسيسهم المشروع بطريقه مباشرة بتحسين البيئه في الأرياف، كما سيؤثربشكل  ايجابي على الصحة العامة بما يوفر أيضا فى ميزانيات العلاج.

طرق التبطين المُستخدمة حاليًا 

هناك العديد من طرق التبطين، ولكن “الخراسنة” هي الوسيلة المُستخدمة حاليًا لأنها أكثر جودة وأطول عمرا لجودتها. حيث يجري تبطين الترع من خلال وضع ألواح أسمنتية على جدران الترع والقاع، بدلًا من الطمي الموجود حاليًا لأنه يمتلأ بالثقوب التي تتسرب من خلالها المياه، كما أن الأسمنت أصم لا يسمح بهروب المياه من الترع، أما الترع الصغيرة فسيتم تحويلها إلى مواسير.

لم تكن مصرالدولة الاولى التي تقوم بهذا المشروع  للمحافظة على الموارد المائية، لذا يمكن الاستفادة من التجارب الناجحة للدول التي سبقتنا في هذا النوع من المشروعات مثل دولة الهند  التي قامت بتغطية الترع والمصارف لديها بوحدات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، واستطاعت بذلك مد القرى بالكهرباء ومنع فقد المياه بالتبخير ومنح القري الفقيرة الكهرباء.

تمويل المشروع

 يأتي تنفيذ المرحلة الاولى بقيمة تقديرية 2.8 مليار جنيه فى زمام حوالى 398 ألف فدان. وتتوزع مصادر التمويل الموضوعة حاليًا بواقع %60 من الاعتمادات المحلية و%25 قروضًا خارجية و%15 فى شكل منح من مؤسسات التمويل الدولية، التى تدعم عددا من برامج أنظمة الرى الحديث، وطرق ترشيد المياه فى الدول النامية.

 مراحل تنفيذ المشروع 

تستهدف الدولة الوصول لأكثر من 20 ألف كم في هذا المشروع. الخطة القديمة قبل توجيهات الرئيس السيسي كانت تستهدف تبطين 2000 كيلومتر سنويًا بما يعنى الانتهاء من المشروع خلال 10 سنوات أى فى نهاية عام 2030.

وأعلن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أن المرحلة الأولى من ذلك المشروع تصل إلى 7 آلاف كم، ويتم العمل حالياً في أكثر من 3500 كم بواقع 50%.  حيث يتم العمل الان في الترع ذات القطاعات الصغيرة المتعبة وقاعها أقل من 6 أمتار ب 14 محافظة منهم على سبيل المثال لا الحصر: الغربية، المنوفية، كفر الشيخ، سوهاج، بني سويف، الاسماعيلية. 

ختامًا، الامن المائي جزء لا يتجزأ من الامن القومي. لذا تعمل الدولة بجدية على الحفاظ على الموارد المائية و ترشيدها ليس فقط في الترع والمصارف بل  فى جميع القطاعات الأساسية المستهلكة للمياه مثل قطاعات الزراعة، والإسكان، والصناعة. كما تستهدف زيادة مصادر الموارد المائية من خلال تحلية مياه البحر بمقدار 1.5 مليار متر مكعب حتى عام 2030 واستخدامه فى قطاع مياه الشرب. كما تستهدف مضاعفة هذه الكمية عام 2037.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى