الاقتصاد الدولي

الانتخابات الأمريكية 2020: حملتان بلا برامج أو أهداف.

كريستين نبيل

تحت عنوان الانتخابات الأمريكية 2020: حملة بلا برنامج أو أهداف” نشر (المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والاستراتيجية) تقريرًا حول غياب الحملات الانتخابية لكل من ترامب وبايدن.

ذكر التقرير الذي بثه المعهد الفرنسي أنه لأسباب مختلفة، لم يقرر أي من المرشحين للرئاسة الأمريكية القيام بحملته الانتخابية في ظل برنامج انتخابي. فبالنسبة لجو بايدن، تتمثل إستراتيجية الحملة في جعل الانتخابات استفتاءً ضد دونالد ترامب. بينما إعتمد ترامب في ظل غياب برنامج أو استراتيجية واضحة، على العديد من التكتيكات الانقسامية المُتعمدة لتجنب الجدل حول إصابته بفيروس كوفيد -19.

وأوضح التقريرأن الحملة الرئاسية الأمريكية، التي ستنتهي في 3 نوفمبر، تميزت حتى الان  بالهجمات الشخصية، والنقاش غير المسموع،  فضلًا عن الأكاذيب المتكررة، والضربات الرخيصة، خاصة من جانب الرئيس المنتهية ولايته. وأن ما حدث حتى الآن أثناء الحملة الرئاسية كافي تمامًا أن يثني الناخبين عن التصويت. 

كما أشار التقرير لتقدم جو بايدن والحزب الديمقراطي  على  ترامب والحزب الجمهوري في صياغة بعض المقترحات بشأن عدة قضايا ، على سبيل المثال (زيادة الضرائب على الأغنياء، وتوسيع مظلة نظام الحماية الصحية، زالتوسع في الاستثمارات الخضراء والمتعلقة بالطاقات المتجددة، وغيرها من القضايا). 

 ويرى الكاتب أن تلك المقترحات لا تبدو وكأنها برنامج حكومي حقيقي حتى ولم تكن دقيقة، ذلك بالمقارنة بالفراغ الذي اقترحه الحزب الجمهوري وحملة دونالد ترامب. مع الاخذ في الاعتبار أن مقترحات الديمقراطيين مثل توسيع مظلة الحماية الصحية غالبًا ما تشبه الأفكار أو التوجهات العامة يشوبها الغموض في وسائل تنفيذها وفي ميزانيتها. 

كما يظن الكاتب أن تكاليف البرامج التي تم الاشارة إليها، تبدو هائلة جدًا ومُبالغ بها و لايصدقها المواطن الامريكي. حيث أعلن بايدن عن رغبته في ضخ تريليوني دولار بالاستثمارات المعنية بمكافحة تغير المناخ والطاقات الخضراء والبنية التحتية و أشار بايدن  أن تلك الاستثمارات ستُترجم على الفور إلى عدد هائل من الوظائف حيث يأمل في خلق 10 ملايين وظيفة بأجر جيد نتيجة لتلك الاستثمارات. ومن الجديربالذكر، أثناء الحملات الرئاسية الأمريكية غالبًا ما تُستخدم الإشارة إلى العدد المتوقع للوظائف كمقياس للحكم على مدىالالتزام بالوفاء بالوعود. 

ومن خلال رصد أنشطة الحملات الانتخابية الرئاسية منذ بدايتها خلال صيف2020، تبين خلو تلك الحملات  لكلا المرشحيين من السياسات العامة والاجراءات التي يجب أن تكون موضع التنفيذ مستقبلًا، وهذا ينطبق على حملة جو بايدن  الذي يتميز على الاقل بعرض برنامج انتخابي.  تختلف أسباب خلو الحملات الرئاسية من  البرامج و السياسات والمقترحات من مرشح إلى آخر.بل وتُفسر إلى حد كبير المنعطفات التي اتخذتها حملاتهم الانتخابية.

حملات ترامب البائسة بدون برنامج وبدون استراتيجية 

في السياق ذاته، أوضح التقرير أنه تم إهمال شعارات حملة دونالد ترامب لعام 2016، والتي كانت تعتبر ذلك الحين بمثابة برنامجه السياسي (بناء الجدار الفاصل مع مكسيكو سيتي ، ووقف الهجرة ، وتفكيك خطة أوباما للتأمين الصحي ، وتخفيض الضرائب ، وغيرها. .) وذلك لان أي إشارة إلى شعاراته السابقة ستخضع على الفورالرئيس ترامب للتقييم.

فلم يعد بإمكان ترامب الاستناد على الإدعاء بأنه جديد على السياسة بعد مرور أربع سنوات من  الحكم. أن الاوان للرئيس المنتهية ولايته مواجهة سجله، وبالنظر إلى وعوده لعام 2016 وحالة البلاد في عام 2020 نجد أن هذه المواجهة لن تكون في صالح ترامب. 

لذا يرى الكاتب إن إلقاء الضوء على حملات 2016 لن يؤدي إلا إلى إبراز فشل ترامب  في الوفاء بوعوده. حتى وإن كان هذا الفشل لا يهم كثيرًا أنصارترامب المقتنعين به وسيصوتون له في جميع الاحوال سواء فشل أو التزم بوعوده، فلن يكون الأمر نفسه بالنسبة للمواطنين المستقلين المعارضون الغاضبون من نظام ترامب السياسي وتواجهاته وسلوكياته و يأملوه في تغييره. 

أما فيما يتعلق بفكرة شن حملة تستند إلى مقترحات جديدة، فإنها تمهد الطريق للتعليق على الاداء الرئاسي لترامب  و توجيه السؤال له عن سبب عدم التطرق لهذه المقترحات أثناء تقلده المنصب في السنوات الاربع السابقة.

كما يتضح عدم وجود برنامج للرئيس ترامب وغياب أفكار جديدة للحزب الجمهوري يرجع إلى قرار الحزب الجمهوري عدم تبني برنامج انتخابي جديد للانتخابات الرئاسية لعام 2020 والاعتماد على الاجندة التي تم  تبنيها في عام 2016   وهي ما تعرف ب ” أمريكا أولاً”. هذا الافتقار إلى البرنامج والرؤية يفسر إلى حد كبير أسباب لجوء الرئيس ترامب لاستخدام تكتيكات متباينة وغير منضبطة، لتحقيق هدفه الوحيد وهوإعادة انتخابه بأي ثمن.

وأضاف التقريرعدم  قدرة الرئيس ترامب الاستناد على سجله الاقتصادي بسبب الآثار الاجتماعية والاقتصادية للأزمة الصحية، منذ صيف 2020 يهرب الرئيس الأمريكي بشتى الطرق من تقييم إدارته الكارثية لجائحة كورونا. 

هذا بالاضافة إلى فشله في إحتواء المظاهرات التي خرج بها الشعب الامريكي بسبب عنف الشرطة ضد الجالية الأمريكية الأفريقية في صيف 2020 والتي تميزت بالسلمية في بعض الاحيان، وبالعنف في أوقات أخرى. يتمثل هذا الفشل في انحياز الرئيس إلى جانب الشرطة وقاد حملته تحت شعار “القانون والنظام”،  وتسبب تصرفه هذا في إثارة العنف بين المجتمعات.

وبمجرد انتهاء تحول البرامج الإعلامية عن هذه المظاهرات، بدأ الرئيس الامريكي بتشتيت الانظار عن فشله  من خلال الكلام عن عمليات الاحتيال المتعلقة بالتصويت عبرالبريد وموضوع الانتخابات المزورة ، ثم تعيين قاضٍ جديد في المحكمة العليا لتلبية توقعات الناخبين المحافظين، فضلًا عن الهجمات الشخصية على جو بايدن وكمالا هاريس. 

الاستفتاء على دونالد ترامب: استراتيجية بايدن “الرابحة”

في السياق ذاته، أشار التقريرإلى المنصة الانتخابية التي اعتمدها الحزب الديمقراطي في مؤتمره الوطني في أغسطس 2020 . حيث تناول الحزب مجموعة واسعة من الموضوعات، وقدم مقترحات وأفكارًا يمكن أن تكون بمثابة أساس لمشروعات تشريعية مستقبلية في حال فوز الحزب الديمقراطي. 

رفع الحد الأدنى للأجور، خلق ملايين الوظائف، حماية العمال الأمريكيين وأسرهم، إصلاح قانون الضرائب، إنهاء الفقر، وخفض تكاليف الأدوية ، وإصلاح نظام العقوبات، وحماية حقوق الأقليات، ومكافحة تغير المناخ، وإصلاح نظام الهجرة والاستثمار في التعليم ….. وغيرها من الاهداف يفتقد إلى الإجراءات الملموسة، لا سيما في مجال الحماية الصحية والتأمين الصحي.  حيث يعتمد بايدن على طرح سياسات عامة طموحة دون إعطاء مزيد من التفاصيل أو بدون صياغة خطط مفصلة.

وبالرغم من تنوع الاتجاهات التي يطرحها بايدن الذي يزيد من صعوبة الترويج للحملة لافتقارها لتوجه واحد واضح.  فإن هذا التنوع  لم يكن السبب الرئيسي لعدم استخدام الحملات الممنهجة  ولم يكن السبب الرئيسي لخلو حملاته من البرنامج الانتخابي.

حيث فضل جو بايدن الاعتماد على إستراتيجية مختلفة وهي تحويل الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر إلى استفتاء ضد دونالد ترامب. وبالتالي، فإن القضية ليست أن يقوم الديمقراطيون بحملة على تدابير يمكن أن تخلق نقاشات وانقسامات داخل الحزب الديمقراطي – وبالتالي كسر ائتلاف بايدن – ولكن الاعتماد إلى زعزعة الثقة وسط جمهور الناخبين لدونالد ترامب، ولا سيما بعد فشله الواضح في  إدارته للأزمة الصحية. 

وفي نهاية التقريرأكد الكاتب أن استراتيجية الحزب الديمقراطي تستند على وسيلة واحدة وهي تسليط الضوء عن القضية التي تعتبرمركزية  بالنسبة للديمقراطيين وهي إستعادة روح الوطن والانتصار على ترامب. وعدم اللجوء إلى إبراز برنامج سياسات عامة، من شأنها أن تفتح النقاشات حول المرشح الديمقراطي نفسه، وليس على خصمه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى