
فورين بوليسي : أزمة السد الإثيوبي وراء وقف المساعدات الأمريكية الخارجية لإديس أبابا
عرض -رحمة حسن
نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية مقالا حول وقف المساعدات الأمريكية لاديس أبابا على خلفية أزمة سد النهضة مع مصر والسودان، وأشارت إلى تخوف بعض المسئولين الأمريكيين من أن تضر هذه الخطوة بعلاقة واشنطن بأديس ابابا.
وأضافت المجلة أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وافق على خطة لوقف الولايات المتحدة للمساعدات الخارجية لإثيوبيا، في إطار دور إدارة ترامب التوسط في المفاوضات بين مصر والسودان من ناحية وإثيوبيا من ناحية أخرى حول بناء إثيوبيا وهي الدولة الواقعة في شرق إفريقيا لسد ضخم على نهر النيل.
وأشارت المجلة إلى أن هذا القرار الذي تم اتخاذه هذا الأسبوع ، قد بحرم إثيوبيا ما يصل إلى 130 مليون دولار من المساعدات الأمريكية الخارجية لإثيوبيا، وحذر مسؤولون في الكونجرس الأمريكي من أنه لم يتم تحديد الرقم النهائي من المساعدات، ولكنه قد يصل إلى هذا المبلغ؛ مما قد يغذي وجود توترات جديدة في العلاقة بين واشنطن وأديس أبابا.
وأوضح مسؤولون ومساعدو أعضاء الكونجرس أن وقف المساعدات قد يهدد برامج تشمل المساعدة الأمنية ومكافحة الإرهاب والتعليم والتدريب العسكري وبرامج مكافحة الاتجار بالبشر وتمويل المساعدة الإنمائية الأوسع؛ فيما لن تؤثر هذه المساعدات على تمويل الإغاثة الإنسانية الطارئة أو المساعدات الغذائية أو البرامج الصحية التي تهدف إلى مواجهة COVID-19 وفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز.
وتهدف هذه الخطوة وفقا للمجلة إلى معالجة المواجهات بين إثيوبيا والدول الأخرى التي تعتمد على مجرى نهر النيل والتي عارضت بناء مشروع السد المسمى سد النهضة الإثيوبي الكبير، حيث ترى مصر أن بناء السد يمثل قضية أمنية جوهرية نظرًا لاعتماد البلاد الشديد على النهر للحصول على المياه العذبة والزراعة، بما يمثل مسألة حياة للمصريين.
ووصف بعض المسؤولين الإثيوبيين هذه الخطوة بأنها بمثابة انحياز من جانب إدارة ترامب إلى الجانب المصري في عملية التفاوض، وذلك لأنه قد أظهر الرئيس دونالد ترامب إعجابه بالرئيس عبد الفتاح السيسي خلال قمة مجموعة الدول السبع الكبرى في العام الماضي، وهو ما يوضحه تصريحات مسؤولين مطلعين على المفاوضات بأن إدارة ترامب لم توافق على تخفيض مقابل للمساعدات الأمريكية الخارجية إلى مصر.
وهو ما قابله تأكيدات مسئولي الإدارة الأمريكية مرارًا وتكرارًا لجميع الأطراف أن واشنطن هي وسيط محايد في المفاوضات، وهو ما يمثل إحدى المبادرات الدبلوماسية القليلة في إفريقيا التي لعب فيها الرئيس ترامب دورًا شخصيًا وفعالًا. وأشار هؤلاء المسؤولون إلى أن مصر اتهمت الولايات المتحدة بالانحياز إلى جانب إثيوبيا في الخلاف أيضًا.
وصرح أحد المسؤولين الأمريكيين “لا يزال هناك تقدم يتم إحرازه، وما زلنا نرى طريقًا قابلاً للتطبيق للمضي قدمًا في قضية السد” وان “دور الولايات المتحدة يتمثل في القيام بكل ما في وسعها للمساعدة في تسهيل التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث يوازن بين ممصالحم المشتركة، حيث يجب التوصل للتوقيع على اتفاقية تعمل لصالح هذه البلدان الثلاث في النهاية”.
لكن من المرجح أن تواجه هذه الخطوة معارضة حادة في مبنى الكونجرس في الكابيتول هيل ، وفقًا لمساعدي أعضاء الكونجرس المطلعين على الأمر. وقالوا إن مسؤولي وزارة الخارجية أطلعوا موظفي الكونجرس على القرار يوم الخميس، وأصروا خلال الإحاطة على أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإثيوبيا ستبقى قوية على الرغم من تقليص المساعدات لأن الولايات المتحدة يمكن أن تجري محادثات صعبة “مع الأصدقاء”، وقال أحد مساعدي الكونجرس لمجلة فورين بوليسي ردًا على ذلك: “هذه طريقة غير منطقية حقًا لإظهار” لصديق “أنك مهتم حقًا”.
وأشارت فورين بوليسي إلى ان جهود الوساطة الأمريكية بدأت في العام الماضي خلال زيارة الرئيس السيسي إلى الولايات المتحدة، وطلب المساعدة من الرئيس ترامب للتدخل في المفاوضات، وبدلا من التوجه الأمريكي لوزارة الخارجية للتعامل مع القضايا الدبلوماسية، طلب ترامب من وزير الخزانة ستيفن منوشين قيادة الوساطة الامريكية في المفاوضات؛ مما قد تسبب هذا الترتيب في حدوث احتكاك داخل الإدارة، حيث صرح بعض مسؤولي وزارة الخارجية بشكل خاص بأن الإدارة تسيء التعامل مع دورها في المفاوضات من خلال وضع وزارة الخزانة في المقدمة.
وأضافت المجلة انه لم ترد افادات من وزارة الخارجية ووزارة الخزانة على طلبات التعليق.
وزار رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الخرطوم يوم الثلاثاء الماضي؛ لمناقشة قضية السد مع نظرائه السودانيين، وهو نفس اليوم الذي كان فيه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في الخرطوم للقاء رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ، لكن الزعيمين على وجه الخصوص لم يلتقيا.
ونشرت وزارة الخارجية في بيان صادر بعد لقاء بومبيو وحمدوك انه “قد اتفق الوزير ورئيس الوزراء على أن تحقيق اتفاق مفيد للأطراف الثلاث بين السودان وإثيوبيا ومصر بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الكبير هو أمر حاسم للاستقرار الإقليمي”.
وبعد زيارة أبي ، أصدرت الحكومتان الإثيوبية والسودانية بيانًا مشتركًا قالت فيه إن الجانبين “سيبذلان قصارى جهدهما للتوصل إلى نتيجة ناجحة للمفاوضات الثلاثية الحالية”.
وعن خلفية بناء السد اوضحت الصحيفة أنه قد تم وضع تصور لمشروع السد لأول مرة من قبل الإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي في الستينيات، فيما لم تبدأ البلاد في عملية البناء حتى عام 2011، وساهم المواطنون الإثيوبيون في تمويل مشروع السد بقيمة 4.6 مليار دولار بتبرعات فردية صغيرة، مما يجعله نقطة مهمة من الفخر الوطني بالإضافة إلى كونه مشروع بنية تحتية ضخم بالنسبة للجانب الاثيوبي كما يرى.
واثار بعض المسئولين الأمريكيين الشكوك حول دور تخفيض المساعدات المقدمة لاديس ابابا في تغيير الموقف التفاوضي، فقد بدأت إدارة ترامب في البداية النظر في حجب المساعدات الأجنبية عن إثيوبيا بسبب مناقشات السد في يوليو من السنة المالية 2019، حيث قدمت الولايات المتحدة ما مجموعه 824.3 مليون دولار من المساعدات لإثيوبيا ، منها 497.3 مليون دولار كمساعدات إنسانية ، وفقًا لبيانات وزارة الخارجية.
وطالبت مصر والسودان إثيوبيا بعدم البدء في ملء السد حتى تتوصل الدولتان إلى اتفاق ملزم قانونًا يتناول كيفية إدارة تدفقات المياه أثناء فترات الجفاف أو مواسم الأمطار الجافة ، وأنشأتا آلية لحل الخلافات المتعلقة بالسد، لكن في يوليو الماضي بعد موسم أمطار، أعلنت إثيوبيا أنها أنهت المرحلة الأولى لملء السد الذي يبلغ 74 مليار متر مكعب ، مما أثار رد فعل غاضب من القاهرة والخرطوم.
باحثة بالمرصد المصري