مكافحة الإرهاب

محمود عزت:..”الصيد الثمين” في قبضة الأمن المصري

نجحت أجهزة الأمن المصرية فجر الجمعة الموافق 28 أغسطس الجاري، في إلقاء القبض على “محمود عزت”،القائم بأعمال المرشد العام للإخوان، حيث كان الأخير مختبئًا بإحدى الشقق السكنية بمنطقة التجمع الخامس، شرق القاهرة. ويعتبر “عزت” أخطر الشخصيات داخل جماعة الإخوان، فهو المسؤول الأول عن تأسيس”الجناح المسلح” بتنظيم الإخوان، والمشرف على إدارة العمليات الإرهابية والتخريبية التي ارتكبها التنظيم بالبلاد عقب ثورة 30 يونيو 2013. 

البداية الإخوانية

ولد “محمود عزت” في أغسطس عام 1944، وحصل على بكالوريوس الطب عام 1975من جامعة الزقازيق، ثم نال درجة الدكتوراه في الطب عام 1985. انضم لجماعة الإخوان في سن 9 سنوات، ثم بدأ في الانتظام في صفوفها منذ عام 1962، حينما كان طالبًا بكلية الطب. وفي تلك الفترة تركزت مهامه على التجنيد والاستقطاب عبر نشر فكر جماعه الإخوان. وفي عام 1981 أصبح عضوًا بمكتب الإرشاد. 

ونتيجه لتورطه في جرائم ارتبطت بجماعة الإخوان عٌوقب بالسجن عدة مرات، ومن تلك الجرائم “قضية سلسبيل”، وهي القضية الكبرى التي عرفتها مصر في التسعينات وتضمنت مخطط تمكين جماعة الإخوان، وتورط فيها  كل من “خيرت الشاطر” و”حسن مالك”القياديين بالجماعة. كذلك حكمت المحكمة عليه بالسجن  لمدة 10 سنوات فى عام 1965، وخرج من السجن فى عام 1974. كما حُكم عليه بالسجن 5 سنوات فى عام 1995 حينما شارك فى انتخابات مجلس شورى الجماعة.

محمود عزت و التيار القطبي

يٌنسب التيار القطبي إلى أفكار “سيد قطب”، حيث تتبلور الأفكار القطبية حول جاهلية المجتمعات المعاصرة بما فيها المجتمعات الإسلامية وتكفير الحكومات القائمة في بلاد المسلمين. مما يستوجب استخدام العنف لتطبيق الشريعة وإقامة الخلافة الإسلامية طبقًا للرؤية القطبية. وينتمى كل من “محمد بديع”، و”محمود عزت”، و”خيرت الشاطر” إلى هذا التيار. حيث شكلت مؤلفات “سيد قطب” آرائهم، ونظرياتهم ، وأصبحت مُكونًا أساسيًّا لهم. وتٌشير دلالات تولي “محمود عزت” منصب القائم بأعمال المرشد العام للإخوان في عام 2013، إلى أن الجماعة الإخوان تصر على الاستمرار في مسار العنف ولا تريد تعديله، حيث أن نهج العنف هو النهج المتبع لدى التيار القطبي وكل المنتمي إليه.

مؤخرًا تصاعد الحديث عن وجود خلاف بين جبهة “محمود عزت” وجبهة “محمد كمال” ( مؤسس اللجان النوعيه الذي قتل في أكتوبر 2016)، وقد سعت جماعة الإخوان إلى تصدير أن جوهر الخلاف يَكمن في رفض الأولى لانتهاج العنف مقابل تأييد الثانية للعنف كأستراتيجيه. بحيث تقدم الجماعة نفسها للمجتمع الدولى كجناح سياسي سلمى، وتقدم نفسها إلى المتطرفين والإرهابيين كجناح عسكري يسعى إلى تحقيق أهدافه عبر استخدام الإرهاب كوسيلة. إلإ أن هناك من جادل أن جوهر الخلاف بين الجبهتين يَكمن في أن الجبهة الأولى تريد تكوين جيش أولاً ومن ثم الدخول فى مواجهة مع الدولة، بينما ترى الجبهة الثانية  أن الجهاد يجب أن يكون في الحال حتى لو توافرت عناصر قليلة. ومن ثَمّ كان العنف نهج لجماعة الإخوان على اختلاف اجنحتها أو توجهاتها، فلم يكن طبيعيًا أن يكون أحد أقطاب التيار القطبي هو صاحب دعوة التمسك بالخيار السلمي، وهو ما سوف يتم إيضاحه عبر تسليط الضوء على العمليات الإرهابية التى تورط فيها “محمود عزت”.

دور “عزت” بعد ثورة 30 يوينو 2013

نجح “محمود عزت” في الهروب من اعتصام رابعة المسلح في أغسطس عام 2013، وقد أشيع هروبه خارج البلاد مرة، ووفاته مرة أخرى. وذلك في إطار سعى الجماعه لإبعاد نظر الإجهزه الأمنية عنه، وخلال فترة هروبه كان مسئول عن عدد من المهام والعمليات التخريبية التي تسعى لاستهداف الدولة المصرية، ويمكن إيجمالها على النحو التالي:

تمويل التنظيم : لعب دورًا كبيرًا في إدارة حركة أموال التنظيم وتوفير الدعم المالى له، واضطلع بدور رئيسى فى دعم وتمويل المنظمات الدولية المشبوهة من خلال عناصر التنظيم بالخارج عبر التواصل معهم عن  طريق البرامج المشفرة، وذلك بهدف تأمين عملية التواصل وعدم رصده.

الكتائب الإلكترونية: أشرف على تأسيس العديد من  الكتائب الإلكترونية الإخوانية التى تتولى إدارة حرب الشائعات ونشر المعلومات المغلوطة، وإعداد التقارير المفبركة بهدف إثارة البلبلة وتأليب الرأى العام. وناهيك عن دور تلك الكتائب في تجنيد واستقطاب الشباب.

العمليات الإرهابية: خطط وشارك فى العديد من العمليات الإرهابية عقب ثورة 30 يونيو منها: أحداث الشغب والعنف بالمنيا، وحادث اغتيال النائب العام الأسبق الشهيد هشام بركات عام 2015، وحادث اغتيال الشهيد العميد وائل طاحون عام  2015، وحادث اغتيال الشهيد العميد أركان حرب عادل رجائي عام 2016، ومحاولة اغتيال المستشار زكريا عبد العزيز النائب العام المساعد الأسبق عام 2016، وحادث تفجير سيارة مفخخة أمام معهد الأورام خلال شهر أغسطس عام 2019. وفي ضوء تلك الجرائم صدر ضده أحكام بالإعدام والمؤبد،كذلك أدرجته محكمة النقض ضمن قوائم الكيانات الإرهابية فى عام 2018.

مجمل القول، تُشير عملية ضبط “محمود عزت” إلى حجم التنسيق والجهازية لأجهزة الأمن المصرية، حيث شاركت أكثر من جهة أمنية في عملية القبض عليه، وتمت العملية وفق خطة دقيقة وطويلة ومعقدة عبر تعاون عديد من أجهزة الأمن المصرية. كذلك تُمثل عملية القبض علىيه ضربة موجعه لجماعة ” الإخوان”، سواء لقواعدهم الخاملة في الداخل، أو لمجموعاتهم النشطة في الخارج، إذ أنه أحد أهم القيادات التاريخية في التنظيم، ويُنظر إليه على أساس أنه الرجل الأخطر في الجماعة، فهو الرأس المدبر  للعمليات الإرهابية الأخيرة التي ارتكبتها تنظيم الإخوان، كما أن كان الحاضر دائما في كل مخططات التنظيم الدولي للإخوان التي هدفت خلال ٧ سنوات لإسقاط الدولة المصرية .

+ posts

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

تقى النجار

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى