ليبيا

قيس سعيد ل(لموند الفرنسية) : تونس لن تقبل تقسيم ليبيا أبدًا..وسلطة طرابلس مؤقتة

عرض – هبة زين 

أكد الرئيس التونسي قيس سعيد أن السلطة القائمة في العاصمة الليبية طرابلس “مؤقتة”، ولا يمكن أن تستمر، داعيا إلى صياغة دستور جديد في ليبيا.

وقال سعيد في حوار مع  صحيفة لوموند الفرنسية،  إن “المشكلة الليبية تهم الليبيين.. لكن حصلت تدخلات أجنبية جعلت من هذه الأزمة دولية”.

وأضاف أن “السلطة الموجودة في طرابلس حاليا، مؤقتة، ولا يمكن أن تستمر”.

وأوضح الرئيس التونسي أنه اقترح عددا من الحلول، من بينها “عقد لقاء بين جميع ممثلي القبائل بهدف صياغة دستور مؤقت يسمح بتنظيم السلطات العامة، ثم إعداد دستور جديد يقبله كل الليبيين”.

واستطرد “لكنني أصر على نقطة واحدة: تونس لن تقبل أبدا تقسيم ليبيا”.

وتابع “لقد دفعت تونس ثمنا باهظا لهذه الحرب التي لا تنتهي: ماليا وأمنيا وحتى داخل طبقتها السياسية، كما لو أن المشكلة الليبية كانت تونسية – تونسية، فقد دعم البعض المخيم في الشرق، والبعض الآخر في الغرب”

وأضاف: “هذا الأمر لا يساهم سوى في تفاقم الوضع. المطلوب هو تنسيق مواقف الجزائر وتونس لمساعدة لليبيين على الوصول إلى حل”.

وفي الحوار مع ‘لوموند” استنكر  الرئيس التونسي فيها التدخل الأجنبي في ليبيا. كما تناول اللقاء العلاقات التونسية الفرنسية والذي أعرب عن تفضيله التركيز على المشاريع الاقتصادية المستقبلية بدلاً من إعادة فتح الخلافات التاريخية مع باريس. كذلك سعيه للقضاء على الفساد في الداخل التونسي.

بناء قصة جديدة

انتخب رئيس تونس، قيس سعيد، في 13 أكتوبر 2019 بنسبة 72.71٪ من الأصوات، في مفاجأة كبيرة للمشهد السياسي التونسي. باعتباره مرشح مستقل، سئم الوعود المخلفة لثورة 2011، معتمدًا على حملة انتخابية بسيطة دون وسائل عظيمة، خاصة بين الشباب.

كانت وجهته الأولى بعد توليه منصبه خارج القارة الافريقية لفرنسا، كانت للزيارة أهداف عدة أولها دعم روابط الصداقة بين البلدين، كما أسفرت الزيارة عن وعد فرنسي بقرض جديد بقيمة 350 مليون يورو. فقد أكد قيس أن فرنسا وتونس يشتركان في تعاون قوي وتقليدي، حتى ولو شهدت العلاقات بعض نوبات الاضطراب. مشيرًا إلى أن تونس (جنوب البحر الأبيض المتوسط) تواجه فرنسا. مضيفًا “الجغرافيا هي التي صنعت التاريخ”

وأوضح سعيد أن اللقاء مع الرئيس ماكرون، تناول التعاون التقليدي  بين البلدين، وأيضًا تطلعات التنمية المستقبلية. وعلى رأسها بناء مدينة صحية في القيروان كذلك إنشاء خط قطار فائق السرعة TGV الذي يربط بنزرت بجنوب البلاد؛ والذي يتوقع أن يغير تونس بشكل كبير، حيث سيستغرق الأمر ساعتين للوصول إلى تونس من قابس، بينما في الوقت الحالي يستغرق يوم كامل.

وبالإشارة إلى رفض البرلمان التونسي في منتصف يونيو اقتراحا يطلب رسميا من فرنسا الاعتذار عن الجرائم المرتكبة “خلال وبعد الاستعمار”، أكد سعيد أن هذه مسألة تسوية حسابات، ليس بين فرنسا وتونس، بل بين بعض الأحزاب السياسية وبعضها. متابعًا بالطبع، في فرنسا أو تونس، لا أحد ينسى الفظائع والحروب وجرائم الماضي. ولكن بدلاً من العودة إلى التاريخ، لنقم ببناء قصة جديدة معًا. يمكن حل هذه المشاكل بغض النظر عن الاعتذارات الرسمية، على سبيل المثال من خلال المساعدة والتعاون الاقتصادي والطبي، وما إلى ذلك.

الصراع الليبي القضية الأولى لقيس

وكما تناولت الزيارة العلاقات التونسية الفرنسية، كانت الزيارة مكرسة أيضًا بشكل خاص للصراع الليبي، لكونه موضوع يثير قلق كبير لهذه الديمقراطية الفتية التي لا تزال هشة.

فسبق وانتقد إيمانويل ماكرون بشدة التدخل التركي، واتهمه بلعب “لعبة خطيرة” في ليبيا. وشاركه سعيد نفس الرأي. متابعًا المشكلة الليبية تهم الليبيين! بالتأكيد، هناك قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يمثل الشرعية الدولية، ولكن لا يمكن أن يكون إلى الأبد. 

وهناك أيضا تدخلات أجنبية، وانتهى الصراع الليبي إلى أن يصبح دوليًا، فعندما دخل المرتزقة الروس ليبيا، أصبحت المشكلة بين إمبراطوريتين: أمريكية وروسية. ومن هنا تغيرت قواعد اللعبة.

ولفت سعيد إلى إنه اقترح عددًا من الحلول. مثل الجمع بين رؤساء القبائل، بهدف صياغة دستور مؤقت يسمح بتنظيم السلطات العامة؛ ثم إعداد دستور جديد يقبله كل الليبيين. مع الإصرار على نقطة واحدة وهي: “تونس لن تقبل أبداً تقسيم ليبيا”. 

متابعًا لقد دفعت تونس ثمناً باهظاً لهذه الحرب التي لا تنتهي: مالياً وأمنياً وأيضًا سياسيًا. وكأن المشكلة الليبية أصبحت تونسية -تونسية، فقد دعم البعض المخيم في الشرق، والبعض الآخر في الغرب. وذلك يفاقم الوضع. مؤكدًا أن. المطلوب فقط هو تنسيق مواقف الجزائر وتونس للسماح لليبيين بالعثور على حلهم.

الشباب أكثر فاعلية سياسية الآن

وبالرجوع للوضع التونسي الداخلي، أكد سعيد أن الازمة الأكبر بتونس هي الاقتصاد، فليس لدى التونسيين مشكلة في الهوية أو الدين، فهم يرغبون فقط في تأكيد حقوقهم في الصحة والخدمات الاجتماعية العامة.

فيما أشار سعيد إلى أن الأحزاب السياسية لم تفهم. إن تونس 2020 ليست تلك التي عرفوها بين 1956 و2011. فالآن، الشباب لا يريدون البقاء على الهامش، بل أن يكونوا مواطنين فاعلين سياسيًا.

وعلى خلفية تنديد الشباب في تطاوين بالجزائر بعدم تطبيق اتفاقية 2017، التي تعد بتوفير وظائف ومساعدة لهذه المنطقة المهمشة، أشار سعيد إنه في عام 2017، في بداية النزاع في تطاوين، نصح المتظاهرين بإعداد المشاريع دون انتظار أن تقرر الدولة لهم. لكنه لم يستمعوا إليّه، مؤكدًا إنه سيستقبلهم في غضون أيام قليلة وسيلقي عليهم نفس الكلام، لوضع خطة تنمية إقليمية لتلبية احتياجاتهم.

كما أكد سعيد إنه سيبدأ عملية الإصلاح -بالإطاحة بهرم السلطة من الأسفل إلى الأعلى، بالإشارة إلى الانتخابات المحلية-متابعًا “حتى لو لم يكن لدي القوة الكافية في مجلس النواب، لأن هناك حاجة إلى موافقة ثلثي النواب. تحتاج تونس إلى دستور جديد، وفلسفة سياسية غير تلك التي سادت لأكثر من ستين سنة. وعندما يدرك جميع التونسيين الحاجة إلى تغيير المسار التاريخي، عندها سنجد الوسائل السياسية والقانونية”. 

أما عن إمكانية لجوئه إلى خصخصة المؤسسات العامة، فأشار سعيد إلى سوء حال المؤسسات المملوكة للدولة لوقوعها ضحية للفساد، لكن إذا أصبحت المؤسسات تحت رقابة وإدارة يومية، فإن الأمور ستتغير. متابعًا أن هناك مشكلة بالخلق والسلوك السياسي بخلاف الخصخصة يجب حلها. فعلى سبيل المثال، الخدمات الصحية العامة، فالمستشفيات التونسية تقف عند مستوى المستوصفات لأننا تركنا المجال مفتوحا أمام المستثمرين من القطاع الخاص. فخلال وباء كرونا، توفي حوالي 50 شخصًا بسبب الفيروس، ولكن كم مات منهم من أمراض أخرى لأنهم لم يتمكنوا من العثور على مكان في المستشفى أو تم تجاهل محنتهم؟

أريد أن أدخل التاريخ

أما على الجانب المهني للرئيس قيس سعيد، فكان أستاذ قانون ولم يدخل المجال السياسي من قبل، ويرى سعيد، بعد مرور 8 شهور منذ توليه السلطة، إنه لا ينتمي إلأى مجرة السياسيين كما وصفها، مشيرًا إلى إنه تم ترشيحه من قبل الشباب، قائلا: ” إنه عبء ثقيل ، لكنها رحلة سنقوم بها معًا”. مؤكدًا إن الرحلة لن تكون سهلة فالقوى السياسية، التي تملك المال، لن تستسلم. متابعًا “لكن هذا حلمي: ليس أن أكون رئيسًا، بل أن أذهب مع التاريخ”.

وفي ختام حواره، أكد سعيد على دخول حقبة جديدة، ولا يمكن الاستمرار في الحكم بتقنيات القرون الماضية.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

هبة زين

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى