تركيا

“نورديك مونيتور” تكشف التضليل التركي في حادث إغتيال السفير الروسي بأنقرة

عرض – محمد هيكل

قال مدير موقع “نورديك مونيتور” المتخصص في الشأن التركي عبدالله بوزكورت إن السلطات التركية حاولت إقحامه وتوريطه في قضية مقتل السفير الروسي في أنقرة.

وشغل بوزكورت مدير تحرير صحيفة”زمان توداي” التركية الرسمية الناطقة بالإنجليزية قبل أن يغادر تركيا في أعقاب إنقلاب 2016 بعد حملة اعتقالات موسعة شنها الأمن على الصحفيين واعتقال عدد من الصحفيين العاملين معه.

وكشف بوزكورت ، المدير الحالي لموقع “نورديك مونيتور” بالسويد في تقرير ، التضليل المستمر التي تقوم به الحكومة التركية ضده.

وأضاف أنه إعتاد على إلصاق تهم به من قبل الإعلام والحكومة التركية مثل أنه يعمل كعميل للاستخبارات الأمريكية المركزية وأنه يعمل مع جهاز الموساد الإسرائيلي والمخابرات الروسية.

وأوضح أنه تعود على مثل تلك الاتهامات والتي تطال معظم الصحفيين الذين قرروا أن يكشفوا الحقيقة ويكتبون عن موضوعات حساسة.

لكن ما أثار استغراب مدير “نورديك مونيتور” هو محاولة النظام التركي إلصاق علاقه له بمقتل السفير الروسي وقال إنه وبسبب خوف النظام التركي من أن تؤدي عملية مقتل السفير الروسي لأضرار لهم كما تضع تركيا أمام مرمى نيران وقررت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تضلل الرأي العام وخلق حاجز من “الدخان الكثيف” حول القضية حتى يتثنى لهم كسب الوقت ليتمكنوا من إلقاء تهمة مقتل السفير الروسي على أحد الجماعات غير المرغوب بها.

وأضاف بوزكورت أن المخطط الحكومي للتضليل تضمن جماعة فتح الله جولن التي تنتقدها الحكومة التركية بشدة وتتهمها بعدد من قضايا الفساد وعليه شخصيا كأحد أجزاء المخطط الحكومي الذي يصفه بوزكورت ب”القذر” للتضليل.

ودعا بوزكورت لتقفي أثر وزير الداخلية سليمان صويلو ووزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى فارانك المسئولين عن تنفيذ المخطط.

خطة التضليل التركية 

يكشف التحقيق الصحفي الذي نشره موقع نورديك مونيتور أن وزارة الداخلية التركية تحت قيادة سليمان صويليو منحت ضابط الشرطة مفلوت ميرت ألتينتاس منفذ عملية اغتيال السفير الروسي المنضم لجهاز الشرطة التركية في 2014 ، 34 مكافأة على هيئة دفعات مالية نتيجة خدمات استثنائية.

وزير الداخلية التركي كان بنفسه هو المشرف على عملية قتل قاتل السفير الروسي على الأرض حيث ووفقا لـ”نورديك مونيتور” فإنه هرع فور حدوث الحادث لموقعه ليقف بنفسه على عملية التخلص من القاتل وهو ما أثار شكوك عبدالله بوزكرت أكثر حيث ومن غير المعتاد أن ينسق وزير الداخلية بنفسه عمليات قوات الشرطة الخاصة على الأرض في مثل هذه الحالات الطارئة من غرفة متابعة مؤقتة تم إنشاؤها بالقرب من المعرض الفني الذي شهد حادث اغتيال السفير الروسي.

ويقول بوزكورت إن شكوكه تؤكد أن أمرا ما لم يكن صحيحا بعد أن تشاور مع عدد من الخبراء الأمنيين الذين أكدوا أن تواجد وزير الداخلية بنفسه على رأس عملية قوات الشرطة في هذا اليوم هو “أمر غير طبيعي”.

جزء من شهادة المراسل الصحفي هوري روسينار كوسكوم التي يفيد بها أن القاتل أمر الموجودين بالخروج فوراً بعد قتله للسفير الروسي

يضيف يوزكورت أن أول أمر أصدره وزير الداخلية التركي هو قتل القاتل مفلوت ألتينتاس بالرغم من إمكانية القبض عليه حيا أو مصابا على أقل تقدير.

وأوضح أن القاتل لم يأخذ أي رهائن كما طلب من الجميع مغادرة المكان بمجرد أن قتل السفير الروسي من مدى قريب وهو ما أكده عدد من شهود العيان في شهاداتهم الموثقة ، كما لم يحاول القاتل وفقاً للتحقيق الصحفي حتى مغادرة المكان هارباً بل ترك وصيته لعائلته وقال لهم كيف عليهم تنظيم جنازته ووعدهم باللقاء في الجنة وكان على استعداد للموت “كشهيد” خلال الاشتباكات مع حرس السفير الروسي، لكن وجد القاتل نفسه يشتبك مع زملائه من قوات الشرطة التركية وهو ما لم يرغب به حيث يرى أنه ليموت شهيد عليه أن يموت على يد أحد ” الكفرة” الروس من حرس السفير الروسي ليفوز بالجنة على حد اعتقاده، وهو ما أكدته أوراق القضية التي تشير إلى أن القاتل سأل عن الحرس الشخصي للسفير الروسي بعد أن أقدم على قتله.

جزء من أوراق القضية توضح أن القاتل سأل أكثر من مرة عن حرس السفير الروسي مما يشير لرغبته في الموت على يد أحدهم كما أنه لم يرغب في الاشتباك مع الشرطة التركية ولم يأخذ أي رهائن

وفقا لتقرير نورديك مونيتور أن ضباط الشرطة الثلاث الذين وصلوا لموقع الحادث أولاً تمكنوا من إحتواء الموقف وفرض نطاق أمني حول المعرض الفني وأجلوا الجمهور من الداخل كما تمكنوا من محاصرة القاتل في زاوية بالمعرض الفني وأصيب بطلق ناري في تمام الساعة 7:32 مما جعله غير قادر على الوقوف وتلى ذلك بدقيقتين إطلاق عيار ناري أخر عليه.

يقول عبدالله بوزكورت في التحقيق الصحفي إن القاتل كان في موقف حرج حيث كانت مسألة وقت فقط قبل أن تنفذ منه الذخيرة ولن يتمكن  من إيذاء أحد كما أنه مصاب بإصابات تشل حركته لكنها غير قاتله حيث اتبعت قوات الشرطة البروتوكول الخاص بمثل هذه المواقف وهو تفادي إطلاق النار على الجزء الأعلى من الجسم للحيلولة دون قتل الشخص وانتظاره حتى يستسلم.

يقول بزكورت إنه برغم من ذلك أمر وزير الداخلية سليمان صويليو رجاله بالدخول للمعرض الفني بأمر مباشر منه بقتل المتهم الذي كان سيكون له دور مهم في كشف العقول المدبرة والأشخاص المساعدين له في إتمام جريمة القتل حل تم أسره حيا.

وأشار التحقيق الصحفي إلى أن التسجيلات الخاصة بموقع الحادث أظهرت إقتراب فردين من القوات الخاصة من القاتل الساعة 7:39 دقيقة وأطلقا النار عليه وبرغم من إلقائه سلاحه وسقوط جسده على الأرض بعد أن كان متكئا لعامود بزاوية المعرض إلا أن فردي القوات الخاصة أمطروه بالأعيره النارية في جسده، تقرير الطب الشرعي يشير لوجود 33 ثقب ناتج عن طلق ناري إخترق جسد القاتل 20 طلقة منهم كانت في أماكن قاتلة، بالإضافة لذلك فلم يحقق المدعي العام في سلوك رجال القوات الخاصة في هذه الحادثة كما ظلت هويتهم سرية في التحقيق وهو أمر غير معتاد في حوادث القتل.

صورة توضح دخول رجلين من القوات الخاصة للإجهاز على القاتل بالرغم من إمكانية احتجازه حياً

يشير تحقيق نورديك مونيتور إلى أن الإعلام كذلك كان جزءا من حملة التضليل التركية ويوضح ذلك من خلال الإشارة لسيطرة الحكومة التركية على الإعلام سواء المرئي أو المكتوب في تركيا وهو ما مكن الحكومة بسهولة من فرض روايتها على الرأي العام، حيث ومنذ العام 2015 بدأت السلطات التركية حملة قمع وحشية على الصحافة وحرية الرأي أسفرت عن اعتقال ألاف الصحفيين وكتاب الرأي وغلق ما يقرب من 200 صحيفة ورقية وإلكترونية وعدد من محطات الراديو والتلفزيون، كما كان لوزير الداخلية التركي سليمان صويليو دور في تضليل الإعلام حيث ووفقاً لتقرير نورديك مونيتور حرص صويليو بنفسه على جمع الفيديوهات والصور التي ألتقتت خلال الحادث سواء من خلال الضيوف أو الصحفيين المتواجدين خلال حفل إفتتاح المعرض أو كميرات المراقبة المحيطة بالمكان.

ويستشهد تقرير نورديك مونيتور بشهادت المصور الصحفي تاشين أوسكان الذي يعمل بقناة ” تي أر تي” التركية المملوكة للدولة والذي كان ضمن الحضور لتغطية حفل السفارة الروسية بالمعرض الفني وقد أصطحب معه أحد زملائه لمعاونته وكاميرا لتغطية الحدث تعمل بخاصية ” 3 جي” التي تمكنها من البث المباشر في نفس توقيت الحدث، ولحسن الحظ فقد قام أوسكان بتفعيل خاصية البث المباشر قبل دقائق من إغتيال السفير الروسي.

وفقاً لشهادة المصور الصحفي فبمجرد وقوع حادث القتل هرع حاله حال الجميع لخارج المبنى تاركاً الكميرا تعمل، وخلال تواجده خارج المبنى ألتقى وزير الداخلية التركي سليمان صويليو وعرفه بنفسه وشرح له ما جرى بالداخل قبل أن يسمح له بالدخول رفقة رجال الشرطة بعد مقتل قاتل السفير الروسي لإستعادة كميرته التي كانت تبث بشكل مباشر طوال الوقت.

وبعد خروجه بحوزة كاميرته عرض المصور أوسكان الفيديو والصور التي التقطها على وزير الداخلية التركي وطلب منه مغادرة المبنى بعدها ” دون الكاميرا” التي علم فيما بعد أن الشرطة تحفظت عليها.

وفقا لنورديك مونيتور فقد أمل سليمان صويليو أن يكون دفن دليل مؤثر على ما جرى في تلك الليلة  بتحفظ على كاميرا قناة ” تي أر تي” التركية ، لكنه لم يكن يعلم أن الفيديو التي ألتقطته الكاميرا وصل المقر الرئيسي لشبكة ” تي أر تي” بفضل خاصية البث المباشر، حيث عرضت قناة ” تي أر تي”  بعض اللقطات من الفيديو الساعة 7:30 وشاركت الفيديو بعد دقيقتين مع شركائها في إتحاد البث الأوروبي تماشياً مع بروتوكولات الأخبار العاجلة، وفقاً لنورديك مونيتور فإنه لولا خاصية البث المباشر “3جي” وخاصية التصوير بزاوية عريضة لما تمكن العالم من رؤية جريمة القتل ورؤية القاتل وهو يهتف بأيات جهادية حفظها من خلال موقع يوتيوب.

وأوضح تقرير نورديك مونيتور أن المدعي العام التركي فتح تحقيقاً جنائياً ضد موظفي قناة “تي أر تي” التركية بسبب تورطهم في بث فيديو الحادث ولاتزال التحقيقات جارية حتى الأن وفقاً للمصدر.

وفي محاولة أخرى للتكتم على ما جرى أمرت الحكومة التركية إدارة قناة ” تي أر تي” بتأمين سحب الفيديو الخاص بالحادث بعد أن تمت مشاركته من خلالها مع وكالات إتحاد البث الأوروبي وهو ما يمكن الإستدلال عليه من خلال أوراق قضية بث الحادثة والتي تتضمن على مراسلات من خلال البريد الإلكتروني تطالب فيها ” تي أر تي” نظرائها الأوروبيين بسحب مقاطع الفيديو ، قبل أن يرد أتحاد البث الأوروبي بإستحالة ذلك حيث أنهم أعتمدوا على البث التركي في تغطية الحادث كما أن الفيديو قد إذيع بالفعل وما حدث قد حدث بعبارة أخرى فقد تم مشاركة الفيديو الخاص بالحادث بالفعل ولم يكن من الممكن سحب القطات التي طلبت ” تي أر تي” سحبها.

كما سرعت الحكومة التركية بإصدار قرار في الساعة 8:42 شامل على كل وسائل الإعلام بحظر ومنع  نشر أي قصة عن حادث الإغتيال وكان الحظر واسع النطاق لدرجة أن حتى التعليقات على الحادث تم منعها ، ذلك ليتثنى لأردوغان تثبيت روايته عن الحادث ومنع أي روايات أخرى.

صورة ضوئية من بريد ألكتروني مرسل من قناة ” تي أر تي” لوكالة ” يوروفيجن” تطالبها بسحب مجموعة من اللقطات الخاصة بحادث الإغتيال. 

قرار الحكومة التركية بخصوص حظر النشر في قضية إغتيال السفير الروسي.

يقول عبدالله بوزكورت أن ما سبق كان الجزء الأول والثاني من مخطط الحكومة للتضليل حول قضية اغتيال السفير الروسي، ويضيف أن دوره قد ظهر في المخطط الحكومي في المرحلة الثالثة منه عندما قام كل من وزير الداخلية سليمان صويليو ووزير الصناعة مصفى فارنك ومساعديهم بنشر أخبار ملفقة وكاذبة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام فرق إلكترونية ثم من خلال قنوات الإعلام المدارة من للحكومة التركية ، كما أستخدموا المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي وحسابات وهمية لتلفيق الأكاذيب وتضخيم القصة المفبركة حول علاقة عبدالله بوزكورت بحادث الإغتيال، يقول بوزكورت أنه خلال هذا الوقت لم يكن يعلم أن الألة الإعلامية المضللة بدأت في عملها حيث كان كل ما يقوم به هو إبداء رأيه حول الحادث وإعلام الجمهور بما يجري في أنقرة من خلال تغريداته على موقع تويتر من محل إقامته في السويد.

كانت أولى الأكاذيب المتعلقة بمدير تحرير نورديك مونيتور عبدالله بوزكورت أن منفذ عملية إغتيال السفير الروسي كان يقطن بمنزله في أنقرة ، وهو ما ذكره أحمد توسكان المستشار الإعلامي للرئيس التركي أردوغان في الفترة من 2003 و2008 على حسابه على موقع تويتر حيث غرد قائلاً ” توضح أن عنوان منفذ عملية الإغتيال هو نفس عنوان منزل عبدالله بوزكورت” كانت تلك التغريدة نشرت الساعة 9:27 ثم تبعها توسكان الذي يصفه بوزكورت أنه تفرغ لمهاجمة النشطاء والصحفيين على وسائل التواصل الاجتماعي منذ فترة بتغريده أخرى تأكد على التغريدة السابقة دون أي دليل على صحة إدعائاته.

إدعاءات أحمد توسكان التهمتها عدد من الحسابات المزيفة والشخصيات المعروفة بمهاجمة كل من يعادي النظام التركي على وسائل التواصل الاجتماعي وضخمت منها وواصلت تلفيق القصص والأكاذيب لدرجة أن أحد هذه الحسابات نشر معلومات شخصية عن خلفية القاتل للربط بينه وبين عبدالله بوزكورت.

يشير تقرير نورديك مونيتور إلى مجموعة ” إلكترونية” متشددة إسلامياً  يديرها شخص باسم فتحي توسكان بالنيابة عن وزير الداخلية التركي سليمان صويليو هذه المجموعة تعمل على مهاجمة النشطاء والتأييد الأعمى للنظام التركي، وفقاً للتقرير فإن فتحي توسكان لديه سجل إجرامي طويل، حيث أدين ب 16 تهمة تتعلق باختطاف الأطفال كما حكم عليه العام الماضي بالسجن ل 21 شهر و 20 يوم وبرغم منة ذلك لا يزال يمارس عمله بحرية بفضل الحماية الممنوحة له من قبل حكومة الرئيس أردوغان برغم من سمعته السيئة حيث سبق له التهديد بقتل المواطنين والدبلوماسيين الأمريكيين في تركيا.

وزير الصناعة التركي ومساعد أردوغان السابق مصطفى فانديك كان له دور كذلك في حملة التضليل وإلصاق التهمة بعبدالله بوزكورت، حيث يدير ” جيش إلكتروني” كذلك لعب دور في تضخيم وتلفيق الأكاذيب حول بوزكورت، حيث قامت أحد الحسابات التابعة للجان الإلكترونية التي يديرها مصطفى فانديك نشرت صورة ضوئية من إذن غياب ليومين تقدم به منفذ عملية الإغتيال في وقت سابق يتبين فيها عنوان منزله، لتقوم الحسابات الكاذبة بتناول هذه الصورة والتأكيد على أنه نفس عنوان عبدالله بوزكورت لإلصاق التهمة به مما اضطره لنشر عنوانه الشخصي في أنقرة على موقع تويتر من خلال نشر صورة لأوراق حكومية تشير لعنوان منزله بوضوح لنفي تلك الاتهامات لكن وبرغم من ذلك لا تزال الكذبة تلقى قبول وصدى بفضل اللجان الإلكترونية المدعومة من المسؤولين التركيين.

يقول بوزكورت أن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل قامت حكومة أردوغان بالإستعانة بأشخاص أجانب لتأكيد روايتهم وأكاذيبهم على المستوى الدولي فقد استعانت بصحفي أسمه كلوس جورجينز لنشر الأكاذيب على وسائل التواصل الاجتماعي والتأكيد على الرواية التركية وإلصاق تهمة إغتيال السفير الروسي بجماعة فتح الله جولن، الجدير بالذكر أن الصحفي كلوس جورجينز دائم الظهور على القنوات المدارة من خلال الحكومة التركية ويعتبر أحد أهم منابرها أمام الإعلام الدولي حيث دائماً ما ينشر مقالته في صحيفة ” صباح” التركية الناطقة بالإنجليزية المملوكة لعائلة أردوغان وهو ضيف دائم على قناة ” تي أر تي ” التركية الناطقة بالإنجليزية يقول عنه بوزكورت أنه يقدم خدماته الصحفية للنظام التركي الذي سجن 161 صحفي وجعل تركيا أكبر سجن للصحافة في العالم.

ويشير مدير مركز ” نورديك مونيتور” أن الاهتمام من قبل الدائرة المقربة بالرئيس أردوغان بإقحامه وإلصاق الشكوك فيه حول قضية إغتيال الرئيس الروسي فضلاً عن تضليل الرأي العام يأتي بسبب مقالة نشره في موقع ” تركيا مينت” قب وقوع الحادث بثلاث أيام بعنوان ” السفارات لم تعد أمنة في تركيا” حول فيها جزب الانتباه نحو التوجه المعادي للغرب المتعمد من قبل الإدارة التركية المتشددة إسلامياً كما والطفرة في أرقام حوادث الكراهية ضد الأجانب والتي من الممكن أن تكون مقدمة لأفعال أكثر خطورة مثل إقتحام السفارات في تركيا ، وكانت حجة عبدالله بوزكورت في مقالته أن النظام التركي والذي يوجد به العديد من المسؤولين الوالين لإيران على رأسهم رئيس المخابرات هاكان فيدان يتبعون النهج الإيراني وتجربة الملالي في تعزيز الاستيلاء على السلطة.

ويقول بوزكورت أنها لم تكن المرة الأولى التي يكتب بها مقالاً عن هذا الموضوع ويشير إلى أن هذا المقال كان بالأساس مجموعة من التغريدات التي غرد بها قبل الحادث ب ستة أشهر قبل أن يجمعها ويكون منها مقالاً أرسله للمحرر الصحفي لينشر قبل 3 أيام من حادث اغتيال السفير الروسي.

يضيف بوزكورت أنه وبعد إطلاعه على ملف القضية والتحقق من ألاف المعلومات توصل لقناعة أنه لا يوجد شك في أن الجاني ضايط الشرطة السابق ذو ال22 عاماً أعتنق الفكر المتشدد بعد تأثره بأئمة متشددين مقربين من حكومة أردوغان، حيث قام بشراء العشرات من الكتب التي تتبع في توجهها توجه القاعدة وتنظيم الدولة وهي كتب متاحة للجميع بتركيا، كما أنه كان يرغب في ترك علامة له في التاريخ والفوز بالجنة ” كشهيد” وفقاً للمعتقدات التي تم تغذيته بها من قبل المتشددين.

يقول بوزكورت أن المدعي العام التركي أمر بتفتيش شقتين يعتقد أن الجاني كان يقطن أحداهما الأولى وهي نفس عنوان الشقة التي ذكرها الجاني في إذن لغيابه عن العمل  في 2014 يتشاركها مع أحد زملائه في جهاز الشرطة التركية، وقد وجدت الشرطة فيها كتاب لمؤسسة ” النسيج الاجتماعي” التي يديرها المتشدد الإسلامي المعروف نورتين يلديز الذي كان له دور كبير في التأثير على الجاني قالتل السفير الروسي وفقاً لعبدالله بوزكورت.

بيان بعنوان منزل الجاني الذي فتشته السلطات التركية 

أما المنزل الأخر والذي فتشته السلطات التركية دقائق بعد حادث مقتل السفير الروسي يعتقد أنه كان المنزل الأخير الذي سكنه الجاني ولا يتفق عنوانه مع عنوان بوزكورت في أنقرة كم تشير وثائق الملكية الخاصة بالمنزليين أن كلاهما لا تببع ملكيته لعبدالله بوزكورت مما ينفي التهم الملفقة له من قبل النظام التركي بتعاونه مع القاتل.

أمر أخر أثار الريبة هو عدم انتظار المحققين التركيين لنظائرهم الروس لتفتيش المنزليين بالرغم من الاتفاق على ذلك حيث ونع وصول المفتشين الروس للمنزل الثاني لوحظ وجود كسر في القفل الخاص بباب المنزل وهو ما ذكر في التقرير الروسي مما قد يعني أن أدلة أخرى تم إخفائها قبل حضور الروس.

وبرغم من عدم تطابق عنوانه مع عنوان المنزليين الذين فتشتهما السلطات إلا أن البعض لا يزال يصدق وجود علاقة بين عبدالله بوزكورت والجاني بسبب أكاذيب الألة الإعلامية التركية، ويقول بزكورت في التقرير أنه يحمد الله أن المدعي العام لم يضع اسمه ضمن المتهمين في الجريمة لكنه وضعه في رسم يوضح من خلاله الأطراف المتورطة أو ذات علاقة بالجاني.

في نهاية التقرير توضح نورديك مونيتور أن هذه القصة وإن كانت شخصية لمدير المركز ” عبدالله بوزكورت” إلا أنه تحكي كيف يقوم أردوغان ونظامه من خلال الحسابات الوهمية والمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي والألة الإعلامية التركية من تلفيق الأكاذيب والتهم في وسائل الإعلام لغرض التشويه والتحكم والتشهير بالصحفيين الذين يعملون على كشف فساد نظام أردوغان، مضيفاً أن إدارة أردوغان لا تمانع في إغراق وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام كما الصحف بالأخبار والقصص المزيفة والكاذبة للوصول لأهدافها،ولا يعنيها أن يقوض ذلك ثقة المجتمع بالمؤسسات الصحفية أو أن يثير الشكوك في الأذهان حول الحكومة التركية فهم لا يفهمون أن ذلك سيعود لمطاردتهم عندما تستعيد تركيا ديمقراطيتها وتعود سيادة القانون لها، وفقاً لما نشره 

” نورديك مونيتور.” 

محمد هيكل

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى