الصحافة الدولية

(ريا نوفوستي) : كيف يرى المجتمع الروسي من هم على رأس السلطة ؟

تحت عنوان “بدون نظارات سوداء أو حتى نظرة وردية للغاية: رؤية المجتمع الروسي للسلطة”، بثت وكالةريا نوفوستي الروسية تقريرا لكاتبته إيرينا ألكسنيس، تداولت من خلاله ما نشره مركز “ليفادا” من نتائج لدراسة استقصائية اجتماعية أجاب من خلالها عدد من الأشخاص–عبر سنوات مختلفة- في طريقة تفكيرهم ونظرتهم للشخصيات الموجودة على مقاعد السلطة الحاكمة في البلاد. واشتملت الدراسة التي أجراها الباحثون على فترة زمنية تمتد إلى 30 عاما، وتشير أول بيانات وردت بها الى عام 1990 خلال العهد السوفيتي.

وذكر التقرير، الذي بثته الوكالة الروسية، أن الدراسة تنقسم في مضمونها إلى رصد ثلاث مراحل من الآراء المجتمعة، كل مرحلة منهم تعبر عن مجموعة كبيرة من الآراء.

وأوضح التقرير أنه في المرحلة الأولى، يرى الناس أن هؤلاء الموجودين في المناصب العليا بالبلاد يمتلكون عديدا من الدوافع الأنانية، ويرغبون بالاحتفاظ بالسلطة فقط لمصلحتهم العليا والحصول على العديد من الامتيازات الشخصية والرواتب العليا.

وأضاف التقرير أن المنتمين إلى المرحلة الثانية من الاستطلاع، فكانوا يرون أن الأشخاص الموجودين بالسلطة يسترشدون بدوافع إيثار الغير ويرغبون بالاهتمام بالناس.

وذكر التقرير أنه خلال الاستطلاع الذي تم إجراؤه في عام 1990، بدت ردود المواطنين تتسم ببعض السذاجة والمثالية كذلك، إذ أن الإجابة الأكثر شعبية حينها، كانت تدور حول اهتمام المسئولين بالعمل على تحقيق مصالح الناس، وهذه الإجابة حصلت على معدل 41% فقط.

وقالت الكاتبة إنه وعلى الرغم من هذا الجواب، إلا أن عددا غير قليل من المشاركين بالاستطلاع كانوا يشعرون بخيبة الأمل في مدى مهنية الدولة والنظام السياسي، وهؤلاء كانوا يبلغون معدل 14%. فيما ذكر أقل من 8% أنهم يعتقدون أن من يشغلون مناصب عليا هم أشخاص مقنعون وأيديولوجيون.

ولكن تقول الكاتبة، إن موازين الآراء تبدلت بسرعة بعد ذلك، وانقلبت ناحية التوجهات السلبية، وذلك على خلفية الأحداث الكارثية للسنوات التي عاصرت أزمة الاتحاد السوفيتي وما تلاها. بحيث بلغت الآراء السلبية ذروتها عام 1998، عندما قال 57% من المشاركين بالاستطلاع أن أولئك الموجودون على رأس السلطة لا يهتمون سوى بامتيازاتهم ورواتبهم فقط، فيما ذهبت نسبة 49% من المصوتين أن هؤلاء لديهم هوس بالسلطة. واستمر الوضع على ما هو عليه، وصولاً الى منتصف العقد الأول من القرن العشرين، عندما بدأت الصورة تتغير بعد ذلك، بأن أنخفض معدل الآراء السلبية بشكل كبير.

وخلال العشر سنوات الماضية، تشير الكاتبة الى أن حوالي 40% فقط من المشاركين تحدثوا عن امتيازات “شاغلي السلطة” ورواتبهم. فيما ذهبت نسبة 30% من الآراء للتحدث عن “الراغبون في السلطة من أجل السلطة نفسها”. فيما ارتفع معدل اللذين يرون “شاغلي السلطة”، بأنهم مهنيون وذوي مهارات إدارية عالية، بمعدل 27% هذا العام. فيما بلغت نسبة من يرون “شاغلي السلطة”، باعتبارهم مهنيين وذوي مستوى مرتفع من المهارات.

أما بالنسبة لقيادة البلاد نفسها، فإن مركز ليفادا يقول إن هناك ارتفاعا ملحوظا للغاية في معدلات مواطني روسيا الاتحادية الذين يملكون قناعة راسخة بأن قيادة البلاد ترعى مصالح الشعب.  حيث سجل علماء الاجتماع زيادة بمعدل ثلاث مرات خلال عشر سنوات، بدأت من 10% في عام 2010 ووصلت الى 29% خلال المؤشرات الموجودة بالوقت الراهن.

وذكرت الكاتبة أن معظم القيادات الموجودة تضع مصالح البلاد فوق مصالحهم الشخصية، ولهذا السبب يعتقد المجتمع الروسي أن السلطات الحالية أفضل حالاً – من الناحية الأيدولوجية- من سابقاتها السوفيتية وتلك التي تلت انهياره.

وأضافت الكاتبة أن الأوهام السوفيتية الساذجة ذهبت منذ زمن بعيد طي النسيان، وأصبح المجتمع الروسي اليوم يعتمد بشكل متزايد على أحكامه الخاصة وليس على المعلومات الخيالية والبيانات غير المسندة. إذ أن المجتمع الروسي اليوم يعتمد بشكل أكبر على إدراك الحقائق ومدى توفر فهم عميق للمشكلات المعقدة التي ليس لديها أي حلول يسيرة.  

ونتيجة لذلك، تقول الكاتبة، إن استطلاعات الرأي المماثلة لذلك الاستطلاع الذي تناقشه في تقريرها، تستمر في إظهار مدى استعداد الشعب الروسي لتوبيخ السلطة الحاكمة له على كل الأشياء السيئة التي ارتكبتها، وتظهر كذلك مدى قدرته على الإشادة بمدى إخلاص وتقدير القيادات الروسية وما تبذله من جهود لأجل حماية مصالح الشعب.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

داليا يسري

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى