
ما هو “الثلاثاء الكبير” ومدى تأثيره على السباق نحو البيت الأبيض؟
تنطلق غداً الثلاثاء أهم جولات الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري لخوض سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية المقرر لها نوفمبر القادم، ومع غياب أي منافس حقيقي من الحزب الجمهوري للرئيس الحالي دونالد ترامب، أضحى يوم الثلاثاء الكبير هو الأهم للحزب الديمقراطي حيث ستأثر نتيجة يوم غداً الثلاثاء على حظوظ المتنافسين الثمانية للترشح لرئاسة الولايات المتحدة عن الحزب الديمقراطي ومنافسة دونالد ترامب، فما هو “الثلاثاء الكبير” وما سبب أهميته؟؟
بدأ تقليد ” الثلاثاء الكبير” في ثمانينيات القرن الماضي وصادف أول يوم ثلاثاء كبير يوم 8 مارس من العام 1988 عندما قررت ثلاث ولايات جنوبية كبيرة إقامة الانتخابات التمهيدية في نفس اليوم وهو اليوم الذي اختير فيه جورج بوش الأب للترشح على رئاسة الولايات المتحدة عن الحزب الجمهوري.
بالإضافة إلى ذلك فإن يوم ” الثلاثاء” له مكانته الخاصة في السياسة والتاريخ الأمريكي ففي العام 1845 أقر الكونجرس يوم ” الثلاثاء” كيوم تمكين المواطن الأمريكي من التصويت وكان اختيار اليوم بسبب ملائمته للمزارعين حيث كانوا يكلون أغلبية المواطنين الأمريكيين في تلك الفترة، كما أقره الكونجرس في عام 1875 ليكون يوم إجراء انتخابات مجلس النواب ،وفي 1914 كيوم لإجراء انتخابات مجلس الشيوخ، لذلك يعتبر يوم ” الثلاثاء” هو اليوم التقليدي للانتخاب في الولايات المتحدة الأمريكية.
في عام 2008 كان ليوم ” الثلاثاء الكبير” دور حاسم في تحديد شكل السباق الانتخابي حيث اختارت نصف الولايات الأمريكية (24 ولاية) أن يكون هو اليوم التي تجري به الانتخابات التمهيدية لذلك من الممكن أن يكون يوم غداً الثلاثاء حاسماً لإنهاء الانتخابات التمهيدية مثلما حدث في انتخابات 2000 أو منقسماً بشكل كبير ليستمر السباق في الانتخابات التمهيدية.
يختلف عدد الولايات المشاركة في يوم الثلاثاء الكبير من انتخابات إلى أخرى حيث شاركت 14 ولاية ومنطقة في انتخابات 2016 بينما شاركت 24 ولاية في انتخابات العام 2008 ، وخلال ذلك اليوم تجري الولايات انتخاباتها التمهيدية ومؤتمراتها الحزبية لاختيار مندوبيتها الذين سيصوتون على اختيار الرئيس الأمريكي في وقت لاحق، حيث تقوم الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة على اختيار المندوبين عن الولايات ليصوتوا بعد ذلك لاختيار الرئيس الأمريكي ويحتاج المرشح الديمقراطي 1991 مندوباً للترشح عن الحزب من أصل 3979 مندوب او الحصول على تايد أغلبية المندوبين للترشح عن الحزب.
أهمية الثلاثاء الكبير
وستجري 14 ولاية ومقاطعة يوم غداً انتخاباتها التمهيدية لاختيار مندوبيتها وهي ولايات “آلاباما وأركنساس وكولورادو وماساتشوستس ومينيسوتا ونورث كارولينا وأوكلاهوما وتينيسي وتكساس ويوتاه وفيرمونت وفيرجينيا”، ومعها إقليم ساموا في المحيط الهادي – كاليفورنيا، كما سيبدأ الديمقراطيون الذين يعيشون في الخارج في الإدلاء بأصواتهم.
تأتي أهمية يوم الغد “الثلاثاء الكبير ” بسبب أن عدد الولايات الكبير التي ستقر مندوبيها، حيث ستحدد الانتخابات نسبة 34% من المندوبين لمؤتمر الحزب الديمقراطي، كما أن انضمام ولاية كاليفورنيا ليوم الثلاثاء الكبير يضيف له أهمية إضافية، لأن ولاية كاليفورنيا لها وزن نسبي كبير، فهي الولاية الأكبر من حيث عدد السكان في الولايات المتحدة وهو ما يعني عدد مندوبين أكثر للولاية عن أي ولاية أخرى حيث يشكل مندوبو ولاية كاليفورنيا ما نسبته 30% من نسبة المندوبين الذي سيتم اختيارهم غداً من الأربعة عشر ولاية.
في مقابل ذلك شكلت الانتخابات التمهيدية في الثلاث ولايات الأولى “نيفادا ، نيوهامبشر،أيوا” في الشهر الماضي بالإضافة إلى وولاية كارولاينا الجنوبية التي اختارت مندوبيتها يوم السبت الماضي، فقط 5% من إجمالي المندوبين وهو ما يدلل على أهمية يوم “الثلاثاء الكبير” حيث وبعد الإعلان عن نتائجه ستحدد أصوات 39% من المندوبين ، لكن تجدر الإشارة إلى أن النتيجة من الصعب أن تحدد أسم الفائز لكنها بالتأكيد ستظهر تفوق مرشح على الأخر ومن من المرشحين يستطيع الاستمرار و المضي قدماً في السباق الرئاسي والحصول على غالبية أصوات المندوبين.
الموقف الحالي
على الرغم من النتائج الطيبة و تصدره للانتخابات التمهيدية بعد حصوله على 58 مندوب في الولايات الأربعة التي أجرت انتخاباتها الشهر الماضي وتقدمه على نائب الرئيس الأسبق جو بايدن الذي حل ثانياً ب54 مندوب و السيناتور بيتي بوتيجيج (المنسحب) ب26 مندوب، إلا أن السيناتور عن ولاية فيرمونت اليساري بيرني ساندرز يجد نفسه في اختبار حقيقي يوم الثلاثاء مع تصاعد الحملات السياسية ضده وضد توجه اليساري الذي وجده منافسوه في الحزب الديمقراطي أنه نقطة الضعف التي من الممكن مهاجمته من خلالها، حيث لا يرغب قادة الحزب الديمقراطي بأن يمثلهم ساندرز صاحب التوجهات الاشتراكية مما قد يكلفهم خسارة مقاعد في الكونجرس حال ترشحه عن الحزب.
ومع تصاعد المنافسة أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تصاعد ملحوظ في شعبية الملياردير اليهودي مايك بلومبيرج الذي لم يخض الانتخابات التمهيدية في الولايات الأربع الأولى والذي صرف حتى الأن 450 مليون دولار على حملته الدعائية، لكن يبدو أن تاريخه الحافل بالقضايا العنصرية ضد النساء والسود خلال فترة عمله كعمدة نيويورك في الفترة بين 2001 حتى 2012 قد يؤثر على حظوظه بشكل كبير حيث يستغل منافسوه ذلك لشن الحملات ضده.
أما نائب الرئيس الأسبق جو بايدن فيعول على تصويت الأمريكيين من أصول إفريقية له في ولايات الثلاثاء الكبير كما أنه سيستفيد من انسحاب السيناتور بيتي بوتيجيج لحسابه.
وبالعودة لبيرني ساندرز فهو يحتاج لإنهاء يوم الثلاثاء الكبير بموقع جيد واحتلال المركز الأول أو الثاني في عدد كبير من الولايات حتى يتثنى له إقناع مؤسسة الحزب الديمقراطي بقدرته على هزيمة ترامب و إقناع الحزب بقدرته على الفوز في كسب الانتخابات الوطنية المقرر لها نوفمبر المقبل.
حظوظ المرشحين
وبالنظر لأخر استطلاعات الرأي على مستوى الولايات التي ستصوت في يوم الثلاثاء الكبير لمعرفة حظوظ المرشحين غداً، يتضح وجود تنافس بين ثلاث أسماء هي “جو بايدن، بيرني ساندرز، مايك بلومبيرج”، وبدرجة أقل إليزابيث وارن التي حلت رابعة في الانتخابات التمهيدية بثمان مندوبين فقط ، ففي ولاية أركانساس يتقدم بلومبيرج على بايدن بواحد في المئة وعلى ساندرز بنسبة 4% ، أما في ولاية كاليفورنيا الأكثر تأثيراً حيث سيتم اختيار 415 مندوباً يتقدم ساندرز على أقرب منافسيه بنسبة 4% أما في ولاية ماساشوستس التي تمثلها السيناتور إليزابيث وارن في الكونجرس يتصدر ساندرز استطلاعات الرأي عليها ب1%.
أما في ولاية أوكلاهوما يتصدر بلومبيرج بفارق 6% عن أقرب منافسيه جو بايدن وفي تكساس التي تعد من الولايات الكبرى حيث يتم اختيار 228 مندوباً تتساوى كفتي كل من بايدن وساندرز من حيث الشعبية متفوقين على السيناتور إليزابيث وارن ب 6%.
باحث ببرنامج السياسات العامة