
رحلات الموت.. “أجنحة ليبيا” واجهة الاستخبارات التركية لنقل المرتزقة السوريين لطرابلس الليبية
قدّر المركز القومي الأمريكي لمكافحة الإرهاب عدد المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق بحوالي 20 ألف مقاتل ينتمون إلى أكثر من 90 دولة، دخل غالبيتهم للميادين السورية والعراقية من خلال الحدود التركية. إذ وفرت الحكومة التركية ممر آمن لعبور آلاف الإرهابيين لمناطق المعارك والصراعات بطول وعرض الجغرافيا السورية والعراقية، وهو ما أكدته بالوثائق مجلة “دير شبيغل”، كبري المجلات السياسية في ألمانيا وأوروبا.
بحكم مٌعامل القرب الجغرافي، كانت الحافلات، وطائرات النقل العسكري، وسيلتا نقل العتاد والإرهابيين لبؤر الصراع من تركيا لسوريا. ومع اتساع مدي الانخراط التركي في الشرق الأوسط، وتَعقّد خطوط إمداد الغاز المتدفق من شرق المتوسط لأوروبا على نحو فاقم من العزلة التي تعيشها تركيا علي وقع سياساتها الحادة المحفزة على حالات عدم الاستقرار الممتد. عززت تركيا من مستوي انخراطها في الأزمة الليبية ولاسيما بعد أن شكلت طرابلس آخر معاقلها والأداة الأخيرة الباقية لمحاولات شرعنة التواجد في ليبيا وكذا محاولة قطع الطريق على محصلات منتدى غاز شرق المتوسط وخاصة بعد تقدم دولة فرنسا بطلب رسمي للانضمام فيه.
كان من أشكال الانخراط السالف ذكر دوافعه، هو اتجاه تركيا لتكثيف عمليات نقل المرتزقة السوريين في سياق الانتصارات الأخيرة للجيش الوطني الليبي الذي رغم التزامه بوقف إطلاق النار في المنطقة الغربية، إلا أنه بات يحاصر الجيب الممتد من مصراته لطرابلس.
ولأول مرة في تاريخ الصراعات في المنطقة يتم نقل الإرهابيين والعناصر المسلحة عبر طائرات مدنية تتبع شركات طيران مسجلة، وتُسيّر رحلات عبر أجواء العالم. فكيف يحدث ذلك وماهي الشركات المستخدمة في عمليات النقل هذه؟
شركات الطيران المدني.. أداة تركيا الفعالة في نقل المرتزقة
بحسب آخر تقارير للمرصد السوري لحقوق الإنسان – مقره لندن -، وكذا تقارير الوكالات الدولية كالغارديان البريطانية، فإن تركيا قامت حتى الآن بنقل أكثر من 2000 مقاتل سوري من أخطر التنظيمات المسلحة الموالية لها في الشمال السوري ومنها لواء السلطان مراد والمعتصم وصقور الشام، وغالبية العناصر المنتمين لها من العرقية التركمانية، وقد تلقي بعضم تدريبات ضمن جبهة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً.
أظهرت تسجيلات مصورة وصول دفعات منهم لخطوط المواجهة في طرابلس، ومصراته، دون أن يتم تسليط الضوء علي وسيلة نقلهم من الشمال السوري وصولا لمطار معيتيقة.
تظهر خرائط وكالة flight radar شغل أجواء مدينتي مصراته وطرابلس المحاصرتين بطائرات مدنية ضمن شركتي “أجنحة ليبيا” و ” الخطوط الإفريقية”.
أجنحة ليبيا.. واجهة الاستخبارات التركية
انطلق عمل هذه الشركة في عام 2015، أسسها ويديرها “عبد الحكيم بلحاج” أمير الجماعة الليبية المقاتلة، والمُدرج على قوائم الإرهاب للرباعي العربي. قامت قطر بإقراضه بمبلغ 750 مليون يورو لإنشاء الشركة التي تعمل في ثلاث دول فقط، تركيا، ليبيا، تونس
الشركة في البداية لم تكن مطروح فكرة إنشائها من الأساس حتى عام 2014، حيث كانت قطر قد اتفقت مع أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية في ليبيا على توفير مطارات لاستقبال العتاد العسكري والعناصر الإرهابية التي ستتلقى التدريبات على الأراضي الليبية، على أن تتولى هي مسؤولية النقل والشحن الجوي.
ومع التطورات الميدانية المتسارعة منذ ذلك الحين، واتجاه الجيش الليبي بعد انطلاق عمليات الكرامة 2014 إلى استهداف طائرات الشحن القطرية، بزغت فكرة إنشاء شركة طيران مدنية تقوم بتنفيذ مهام الدعم اللوجيستي للتجمع الميلشياوي الموالي للمحور التركي – القطري في ليبيا.
وعلى إثر ذلك شنّ التجمع الميلشياوي في غرب ليبيا بقيادة عناصر من تنظيم الإخوان ما أسماه عملية “فجر ليبيا” للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس والسيطرة على مطاراتها، حيث كان أحد أهداف هذه الحرب هو السماح لهذه الشركة بمزاولة عملها داخل ليبيا.
ومنذ ذلك الحين وأصبحت هذه الشركة هي وسيلة نقل الإرهابيين والأسلحة.
تتبع المرصد المصري رحلات هذه الشركة طوال شهرين ماضيين ضمن مسار روتيني ينطلق من مطارات غازي عنتاب وأنقرة وصولاً لطرابلس ومصراته.
الجدير بالذكر أن تونس ظهرت في الآونة الأخيرة وبكثافة كنقطة انطلاق لطائرات هذه الشركة نحو وجهتين فقط .. هما طرابلس ومصراته.
الخطوط الإفريقية الليبية.. رحلات لا تنقطع من أنقرة لطرابلس
تأكد تورط شركة الخطوط الجوية الإفريقية الليبية في نقل الإرهابيين عبر طائراتها طراز A320 ، بعدما انتشر تسجيل مصور من داخل إحدى طائراتها المنطلقة من تركيا بعد تحميلها بعشرات من المرتزقة السوريين.
وفي مراقبة المرصد المصري لحركة الطيران المدني في أجواء طرابلس ومصراته، كانت الخطوط الإفريقية هي الشركة الأبرز في تسيير رحلات من أنقرة وتونس، باتجاه طرابلس ومصراته.
حتى أدان بيان صادر من مدير فرع الشركة في المنطقة الشرقية، سراج عبد القادر الفيتوري. وجاء فيه:
“إثباتاً لحديثنا عن دعم المجرمين المسيطرين على مجلس إدارة الشركة في طرابلس للميلشيات والارهابيين، فإن هذا الفيديو يوضح استخدام طائرات الشركة في نقل المرتزقة السوريين لعاصمتنا الحبيبة للقتال ضد قواتنا المسلحة؛ وعليه فإننا نناشد كل الوطنيين والشرفاء في شركة الخطوط الجوية الإفريقية بالتخلي عن هؤلاء الزمرة الفاسدة التي أصبحت تدعم الإرهاب جهراً، كما ندعو القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية بسرعة التعامل مع المتعاونين مع هذا المجلس في المنطقة الشرقية وذلك لأنه أصبح جزءاً من المليشيات التي تسعى لإهلاك الوطن وتبديد ثرواته .سراج عبد القادر الفيتوري، مدير شركة الخطوط الجوية الإفريقية فرع المنطقة الشرقية”
لماذا تتجه تركيا لنقل الإرهابيين عبر الطائرات المدنية
- لتفادي محاولات الإسقاط والاستهداف من سلاح الجو الليبي.
- عبور الدعم اللوجيستي التركي (مرتزقة – عتاد) عبر الأجواء اليونانية بحرية دون أيه احتمالات لمضايقات واعتراض سلاح الجو.
- لتجنب المساءلة القانونية الدولية واستغلال طائرات لحلف الناتو في نقل الإرهابيين.
مازال حركة الطيران المدني المشبوه والتابع للشركتين السابق ذكرهما مستمر حتى اللحظة بالتزامن مع بدء جلسات مؤتمر برلين.
استمرار حركة الطيران المشبوه من تركيا وتونس باتجاه بؤر الصراع الليبي، يأتي في سياق تصريحات شديدة اللهجة للرئيس التركي بالأمس، وقبيل انطلاق فعاليات مؤتمر برلين، بأن تركيا ستستمر في تقديم الدعم العسكري لميليشيات حكومة الوفاق، وأن تركيا ستبقي في ليبيا حتي الإقرار بحقوقها في المتوسط، حسب زعمه؛ وترجح إلي تضييق أنقرة لأية فرص للتسوية السياسية الشاملة من شأنها وضع ميلشيات طرابلس في مسارات تفكيكها ولاسيما بعد إدارتها من قبل أشخاص مدرجين علي قوائم الإرهاب الدولي، كما ستعقد الوضع الميداني نظرا لتزويد الميليشيات بمظلة جوية ستضمن تأمين جسر جوي في حال احتدم القتال علي تخوم العاصمة طرابلس.