
على وقع الصواريخ.. العراقيون يعودون إلى الساحات من جديد
عاد الزخم إلى الحراك الشعبي العراقي مجددًا اليوم الجمعة الذي يوافق مرور 100 يوم على بدئه، بعد فترة من الخفوت على إثر التصعيد الأمريكي الإيراني الأخير، الذي اتخذ من الأرض العراقية مسرحًا له عبر استهداف قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني وبصحبته نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وقياديين آخرين في الحشد يوم 3 يناير الماضي، وما تبعه من رد إيراني يوم 8 يناير الجاري، باستهداف قاعدتين تتمركز فيهما قوات أمريكية في العراق، وهما قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل عاصمة إقليم كردستان.
عودة إلى التأكيد على مطالب الحراك
احتشد الآلاف من العراقيين في ساحة التحرير بالعاصمة بغداد، والساحات الرئيسة في الديوانية والناصرية والبصرة والنجف وكربلاء، في الجنوب؛ للتأكيد على مطالب الحراك، وتلبية لدعوات حاشدة على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية ليكون اليوم “مليونية” ردًا على الصمت الحكومي والبرلماني إزاء مطالب المتظاهرين، ومن أهمها اختيار رئيس وزراء وفق المواصفات التي أعلن عنها المتظاهرون في الساحات المختلفة وتشكيل مفوضية انتخابات مستقلة، وإجراء انتخابات نزيهة وعادلة.
كما رفع المتظاهرون شعارات مناهضة للاعتداءات وانتهاك السيادة العراقية، مشددين على ضرورة أن يحكم العراق أبناؤه واستبعاد أي دور للغرباء للتحكم في مصيره، والدعوة للإصلاح وفق الخارطة التي يطالبون بها بشكل متكرر، محذرين من استحكام الأزمة وخسارة البلد نتيجة الصراعات الداخلية.
مازالت إيران حاضرة في الهتافات
لم تغب إيران عن أعين المتظاهرين وهتافاتهم في الاحتجاجات التي خرجت اليوم، فإنهاء نفوذ طهران في العراق كان وما يزال من أهم مطالب حراك الشعب العراقي منذ اندلاعه في مطلع شهر أكتوبر من العام الماضي، وهتف المتظاهرون اليوم في ساحات التظاهر ضد النظام الإيراني وأذنابه في العراق مرددين “إيران لمي كلابك.. هذا الشعب ما يهابك”، كما ندد المتظاهرون بالتدخلات الأمريكية في شؤون البلاد وانتهاك واشنطن للسيادة العراقية.
ووصف بعض المتظاهرين احتجاجات اليوم بأنها الفرصة الحقيقية الوحيدة للعراق للوصول إلى المسار السياسي المأمول وتحقيق التغيير السياسي الشامل، وإعادة تسليط الضوء على مطالب الحراك الشعبي، بعد أن توارت عن الأنظار وغاب الحديث عن سبل تحقيقها في الآونة الأخيرة على إثر التطورات المتلاحقة بين واشنطن وطهران ويقف فيها العراق موقف المشاهد فقط، وطالب المتظاهرون بإبعاد العراق عن هذه الصراعات الإقليمية والدولية.
العراقيون بين مطالب الإصلاح وصراعات القوى
وجد العراقيون ثورتهم تتجه صوب المجهول بعد أن انشغل عنها الجميع في السلطة والبرلمان والأحزاب، إذ بات شغل الجميع الشاغل هو صراع القوى الذي يجري على الأرض العراقية. وهو الصراع الذي ما كان يمكن للعراق أن تكون مسرحًا لولا الفساد السياسي الذي يطالب المتظاهرون بالقضاء عليه.
وهو المعنى الذي أكدته المرجعية الشيعية في خطبة الجمعة قائلة إن “ما وقع في الأيام الاخيرة من اعتداءات خطيرة وانتهاكات متكررة للسيادة العراقية مع ضعف ظاهر للسلطات المعنية في حماية البلد وأهله من تلك الاعتداءات والانتهاكات هو جزء من تداعيات الأزمة الراهنة، والمطلوب من الجميع أن يفكروا ملياً فيما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع اذا لم يتم وضع حد لها بسبب الاصرار على بعض المواقف ورفض التزحزح عنها، وأن من المتوقع أن يؤدّي ذلك الى تفاقم المشاكل في مختلف جوانبها الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن يفسح المجال للآخرين بمزيد من التدخل في شؤون البلد وانتهاز الفرصة لتحقيق مطامعهم فيه”.
ويبدو جليًا أن هناك إصرارًا شعبيًا على تحقيق مطالب الحراك، وأن كل التوترات والتهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران، لم تثن المحتجين من الاستمرار في حراكهم والهتاف بمطالبهم بتشكيل حكومة مستقلة بعيدًا عن الأحزاب والمحاصصة، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
باحث أول بالمرصد المصري