
صحيفة روسية تكشف وجود قرية تركية باتت ملاذا آمنا لأخطر ثلاثة إرهابيين في العالم
في كل مكان بالعالم، ينظر الى القتل والإرهاب باعتبارهما جرائم يُعاقب عليها القانون، وعادة ما يُطارد مرتكبوها وتُطالب الشعوب أجهزتها الأمنية بألا تهدأ حتى تُلقي القبض عليهم وتوقع عليهم أقصى العقوبات، إلا أنه يبدو أن الأمور ليست سيان بالنسبة لكل دول العالم، وهناك دول تنظر الى الأمور بشكل مختلف.
ونشرت صحيفة إزفيستيا الروسية تقريرا، تتساءل من خلاله عن السبب الذي يدفع المخابرات التركية الى تجاهل حقيقة وجود عدد من العناصر الإرهابية المطلوبة لدى روسيا الاتحادية وعلى المستوى الدولي كذلك في تركيا. وتقول الصحيفة إن المجرمين الذين تطاردهم جميع أجهزة المخابرات تقريبا يتجولون بحرية ويعيشون حياة طبيعية في تركيا.. تُرى ما هو السبب.!
بقعة تركية نائية يتخذها أخطر المجرمين ملاذًا آمنًا
تمكن مراسل الصحيفة من العثور على هذه البقعة الغامضة “قرية عثمانية”، التي تقع على بُعد 200 كيلو متر من أنقرة بالسيارة. وهي منطقة تاريخية مميزة، يتخذها التتار وطنًا لهم منذ أكثر من مائة عام، ويتكلم جميع سكانها تقريبًا إما اللغة التركية أو التترية. ويعيش فيها باعتبارها ملاذًا مريحًا وآمنا لهم ثلاثة من أخطر الإرهابيين على الإطلاق.
الجريمة التي عوقب عليها الجميع.. ماعدا الهاربين في تركيا!
في يوليو 2012، انفجرت سيارة مفتي تتارستان ، الذي أدى إلى اصابته بجروح ووفاة نائبه كذلك والذي كان في تلك اللحظة يستقل سيارة أخرى مجاورة لسيارته. ولم يمر وقت طويل بعد الهجوم الإرهابي حتى ظهر مقطع فيديو عبر الإنترنت يُعلن من خلاله مجاهدو تتارستان، التي يرأسها في الوقت الحالي “رايس مينجاليف” مسئوليتهم عن الجريمة. ولمدة سبع سنوات متتالية، عوقب تقريبا كل من شارك في هذه الجريمة إما بالإعدام أو السجن، عدا من نجح منهم بالفرار إلى أماكن ظلت لسنواتٍ طوال غير معروفة.

انفجار سيارة مفتي تتارستان
وفي مقابلة لقناة رين تي في مع “جولناز جيلياتشوفا”- الزوجة الثانية لريس مينجالييف– أوضحت أن زوجها هو من أصر على ضرورة انتقالهم للحياة في تركيا، وأكدت أنه أخبرها بالحرف أن “تركيا هي الملاذ الأكثر أمانًا بالنسبة لهم وأنها لن تقوم أبدا بتسليمهم”.

جولناز جيلياتشوفا
من هُم الإرهابيون الذين تأويهم تركيا؟!
الإرهابي إلينور زاجيدولين الشهير بـ “عبد الرحمن”- مطلوب بسبب ادانته في قضية جنائية بموجب المادة 208 –الجزء الثاني من القانون الجنائي لروسيا الاتحادية، والتي تنص على إدانة ” تنظيم أو المشاركة في تشكيل مسلح بشكل غير قانوني”. كما أنه مطلوب بسبب مشاركته في أعمال قتالية في الشيشان وأفغانستان وسوريا إلى صفوف الإرهابيين.

إلينور زاجيدولين الشهير بـ “عبد الرحمن”
تجدر الإشارة إلى أن جماعة مجاهدى تارستان تأسست لأول مرة من التتار الموجودين في تيستوبول خلال فترة التسعينيات، وغادر معظم المشاركين فيها –آنذاك- إلى أفغانستان للمشاركة فيما أطلقوا عليه “الحرب المقدسة”. وهناك في أفغانستان، حصل هؤلاء الإرهابيون على أول تجاربهم وخبراتهم القتالية وقاموا كذلك بتعزيز قناعاتهم الراديكالية، وكانوا يطلقون على أنفسهم آنذاك لقب “الجماعة البلغارية”. وكان الإرهابي الشهير بـ “عبد الرحمن” هو نفسه واحد منهم، والذي انضم الى فصائل بن لادن بعد أن كان يعمل كرجل أعمال بسيط يقوم بتربية النحل وممارسة الأعمال القروية البسيطة لأجل جني المال. ولقد انتهى به الحال الآن إلى الحياة في تركيا كمزارع بسيط يعيش في هدوء ولا يخشى من أي شيء. ولقد علق عبد الرحمن نفسه على المعاملة التي يتلقاها من الأتراك – خلال مقابلته مع القناة الروسية- “إنهم يمنحوننا فرصة للعمل ويتعاطفون معنا ويقومون بتقديم المساعدات الملموسة لنا ولهذا السبب أنا لا أشكو من أي شيء”.

عبد الرحمن أثناء المقابلة التليفزيونية
ريس منجالييف “زعيم الجماعة”- بدأ حياته الإرهابية كذلك في الجماعة الإرهابية، لكنه سرعان ما عاد الى وطنه بعد ذلك حتى يستكمل حربه على الكفار – وفقًا له، ثم اختفى بعد ذلك مع زوجته جولناز، ووفقًا لزوجته أنه قد أصبح معروفًا لدى سكان مدينة تشيستابول لأنها مدينة صغيرة للغاية، ولهذا السبب كان عادة ما يتجول في ساعات الفجر الأولى وكان لديه لحية خفيفة ويرتدي قبعة محاولاً التخفي منهم.
ثم حاولت جماعة مينجالييف القيام بتفجير مصنع “نيجيكاميسك” للبتروكيماويات، وهو الأمر الذي كان سوف يتحول الى كارثة في حال نجاحه، إذ انه كان سيتسبب في أن تغطي بقعة غاية في السمية نصف جمهورية تتارستان تقريبًا.
ولكن لحسن الحظ باءت المحاولة بالفشل، إذ أن الإرهابيون وبعد قيامهم بتجميع عدد من الصواريخ المخصصة لتفجير هذا المصنع، اكتشفوا ساعة التنفيذ أنهم يفتقرون الى المعرفة والخبرة اللازمة لاستخدام مثل هذه المعدات، ولهذا السبب ومن إجمالي عدد 6 صواريخ لم يقلع سوى 4 أربع فقط ولم ينفجر منهم ولا صاروخ واحد.! وعلى الرغم من كل ذلك، فقد اعترفت إدارة المصنع أن التهديد كان حقيقيًا للغاية وأن الكارثة تم تجنبها بفعل معجزة، لأن الصاروخ الأول كان قد سقط على بعد أمتار قليلة فقط من مخزن الغاز المسال. ولقي ريس مينجالييف حتفه أثناء عملية خاصة في تشيستابول، فيما كان شقيقه رافائيل لايزال مطلوبًا مما دفع وزارة الداخلية في تتارستان إلى الاعتقاد بأنه من الممكن أن يرغب في تنفيذ الانتقام.

ريس منجالييف
رافائيل مينجالييف- أخ ريس مينجالييف وهو عضو نشط في الأعمال القتالية بأفغانستان وجزء لا يتجزأ من الجماعة البلغارية كذلك. ومطلوب القاء القبض عليه باعتباره متواطئا في هجوم إرهابي. ووفقًا لمعلومات منقولة عن وزارة الشئون الداخلية التترية، فإن رافائيل قد عاش في بلدان مختلفة وتم العثور عليه في تركيا. حيث يعمل كمزارع بسيط يقوم بتربية النحل والديوك والخيول ويبيع العسل واللحوم. وعندما حاولت القناة الحديث اليه رفض مُعللاً أنه “مستعد للحديث الآن”. وكانت مقابلته من قبل أفراد القناة تعتبر أمرا خطيرا نظرا لأنه متشدد محترف ولأنه ظن أن طاقم القناة عملاء في جهاز استخباراتي.

رافائيل مينجالييف
الإرهابي “روستيوم كاشابوف” الشهير بـ “عبد الرشيد”- مطلوب على خلفية اتهامه في قضية جنائية بموجب المادة رقم 205,1 – الجزء الثالث، والتي تنص على إدانة المساعدة في الأنشطة الإرهابية. وهو عضو في جماعة مجاهدي تتارستان المحظورة، ويجيد صناعة العبوات الناسفة. والأهم من كل ذلك أنه كان القائد الزعيم الروحي للمنظمة نظرا لإجادته للغة العربية. ولم تقتصر مشاركاته في أفغانستان على القتال فحسب، بل اشتملت الدراسة كذلك. وعندما واجهته كاميرات القناة، شعر بالخوف الشديد لدرجة أنه تظاهر بعدم معرفته بأي لغة أخرى على الإطلاق سوى التركية. ولكن القناة نجحت في إثبات كذبه وخداعة نظرًا لأن طاقم القناة التقى ابنه “الذي لا يتحدث سوى اللغة الروسية فقط “قبل نصف ساعة من ادعاءاته بعدم معرفته لأي لغة أخرى.

روستيوم كاشابوف
اجتماع الإرهابيين بشكل دوري مع مسئولين أتراك!
تؤكد القناة أن الإرهابيين الفارين في تركيا لم يتخلوا حتى اللحظة عن معتقداتهم المتطرفة، ومع ذلك فإنهم ينعمون بالهدوء التام في تركيا. وتشير الى أن الحكومة التركية تحتفظ بهم في هذا المكان لأسباب غير معروفة حتى اللحظة.
ومن خلال مقابلتها مع “إلدار جوميروف“، وهو أحد السكان المحليين المقيمين في قرية “عثمانية”، والذي يتحدث اللغة الروسية، وهو مشتبه به في العديد من القضايا الجنائية في روسيا، أكد الرجل أن جميع الإرهابيين يجتمعون مع السلطات المحلية مرة واحدة على الأقل سنويًا، وبالطبع فإنهم مدرجون في قاعدة بيانات إلكترونية لدى السلطات التركية. كما أضاف أن جميعهم يستطيعون الحصول على تصريح يتيح لهم تجديد الإقامة في تركيا بأي وقت.

إلدار جوميروف
هل تخفي تركيا قنابل زمنية؟
قد ينكر جهاز الاستخبارات التركي معرفته بوجود هؤلاء في العلن، ولكن هذا بالطبع لا يعني عدم معرفته بوجودهم في الحقيقة، إذ أن وجودهم مهم بالنسبة لتركيا وهي بالطبع تعتزم استخدامهم لأغراض أخرى. وهذه الأمور عادة ما تجري عندما تتقاطع الجرائم الإرهابية مع الإرادة السياسية للدول، وعندما يعتقد السياسيون وأجهزتهم الأمنية أنه لايزال بمقدورهم الاستفادة من هؤلاء “الضيوف” في أغراض أخرى.
ففي إنجلترا وعلى سبيل المثال لايزال الإرهابي الشيشاني أحمد زكاييف يعيش حرا طليقا هناك، وفي ألمانيا وحتى وقت قريب، عاش زليمخان خانغوشفيلي، والمتورط في انفجارات مترو سانت بطرسبرج، ولقد طالبت أجهزة الاستخبارات الروسية في اتصالاتها “غير الرسمية” مسألة تسليمه مرارًا وتكرارًا مع زملائها الألمان إلا أن الأمر قد تم رفضه.
وبوجه عام من المعروف أن جميع الأجهزة الأمنية لكل هذه البلدان تدرك جيدًا طبيعة الأشخاص الوافدين اليها، وتتعامل معهم بطريقة خاصة، لأنهم ليسوا مجرد أشخاص مجهولي الهوية. ولكنهم اشخاص يتمتعون بخلفية واضحة ومعروفة، ويتم التواصل معهم ويتم استخدامهم في أغراض خاصة كذلك. وهو الأمر الذي حدث في تركيا كذلك، حيث قدمت لهم تركيا وظائف ومنازل. وليس من الممكن أبدا أن تركيا تظن أن هؤلاء لم يعودوا خطرين كسابق عهدهم، لأن هذا أمرا مستحيلاً، إنهم حتما موجودون في تركيا بانتظار الفرصة المواتية للعودة واستكمال مهامهم. إن هذه الأمور جميعها ليست مجرد تكهن، بل هي حقيقة أعرب عنها الإرهابيون أنفسهم الى طاقم العمل على الفيلم، حيث أعربوا عن اشتياقهم الشديد للعودة الى تتارستان.
باحث أول بالمرصد المصري