
ميدانيات غزة .. التطورات الأخيرة للمشهد الفلسطيني
تقترب العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة حثيثًا من يومها المائة، وتتصاعد معها التفاعلات الميدانية والإقليمية المختلفة المترتبة على استمرارها، سواء على الجبهة الفلسطينية، والجبهة اللبنانية، أو حتى الجبهات الأبعد في البحر الأحمر.

على المستوى الميداني في قطاع غزة، تتركز الاشتباكات بين فصائل المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية في الوقت الحالي بنطاق شمال قطاع غزة، في حي التفاح والدرج بشكل أساسي، حيث باتت التحركات الإسرائيلية نحو هذا الحي تتم من الجنوب ومن الشمال، يترافق هذا مع اشتباكات أقل حدة في نطاق مخيم جباليا، خاصة في المناطق الغربية له، وعمليات محدودة جدًا في مناطق متفرقة من جنوب ووسط شمال قطاع غزة. الاشتباكات الأهم في هذه الجبهة، دارت رحاها في حي الدرج والتفاح، حيث تقول إسرائيل إنها اكتشفت أسفله مصنعًا لتصنيع الصواريخ.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي مؤخرًا، أن قواته قد أتمت تأمين حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، بعد أن أنهت عمليات الكشف عن الأنفاق داخل الحي. جدير بالذكر هنا، أن بعض المناطق التي أعلنت القوات الإسرائيلية سابقًا عن إنهاء عملياتها فيها، مثل بعض المناطق الساحلية في شمال غزة، وحيي الشجاعية والزيتون، شهدت عمليات لفصائل المقاومة، من بينها منطقة “التوام” شمال غرب مدينة غزة، في حين لوحظ تراجع تواجد الوحدات المدرعة الإسرائيلية في عدة مناطق من بينها حي الزيتون وحي الشجاعية ومنطقة بيت حانون. اللافت هنا أن عمليات الجيش الإسرائيلي في هذه المناطق، خاصة حي الشجاعية، ما زالت مستمرة، حيث تعمل الوحدات الهندسية على محاولة الكشف عن الأنفاق الموجودة أسفله، وأعلنت عن الكشف عن شبكة أنفاق بالقرب من منزل أحمد سمارة، أحد قياديي حركة الجهاد الإسلامي.

في الجبهة الوسطى لقطاع غزة، وهي منطقة المخيمات التي تشمل “البريج – النصيرات – المغازي – دير البلح”، استمر زخم الهجوم الإسرائيلي انطلاقًا من اتجاهين، الأول شمالي من جنوب محور جحر الديك، في اتجاه منطقة “المغراقة” شمال مخيم النصيرات، التي شهدت المعارك الأعنف في هذا النطاق، حيث تحاول القوات الإسرائيلية جاهدة الدخول إلى نطاق مخيم النصيرات، دون أن تتمكن حتى الآن من الوصول إلى عمقه. الاتجاه الثاني موازٍ لهذا الاتجاه، ويستهدف التقدم في مخيم البريج من ثلاثة اتجاهات، بالتوازي مع تحركات فرعية للقوات الإسرائيلية في نطاق المنطقة الفاصلة بين مخيمي البريج والمغازي، تقابلها تحركات من شمال خان يونس، نحو المناطق الجنوبية لمخيم المغازي، والمناطق الشرقية لدير البلح. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أعلن أن قائد كتيبة النصيرات في كتائب القسام، إسماعيل سراج، ونائبه أحمد وهبة، قد قتلا خلال غارة جوية، كما سبق وأعلن أنه استهدف بغارة جوية، ممدوح اللولو، مساعد قائد فرقة شمال غزة التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، بجانب استهداف قائد سرية من قوة النخبة التابعة لحركة حماس في دير البلح في غارة جوية أخرى، ويدعى عادل مسامح.
أعلنت كتائب القسام أنها أفشلت محاولة إسرائيلية لتحرير أحد الأسرى الإسرائيليين في مخيم البريج، بعد أن حاولت قوة إسرائيلية خاصة التسلل إلى المكان الذي كان يتواجد فيه هذا الأسير. وفي نفس الإطار، عرض الجيش الإسرائيلي صورًا لنفق كبير يتضمن مصنعًا لإنتاج الصواريخ، قال إن وحدات اللواء المدرع 188 ولواء المشاة “جولاني”، قد عثرا عليه أسفل طريق صلاح الدين، بين مخيمي النصيرات والبريج. جدير بالذكر أنه قد ظهرت عدة كتائب تابعة للواء “جولاني” في المحور الشرقي لمخيم البريج خلال العمليات الجارية حاليًا، وهذا يعني أنه عمليًا لم يتم سحب هذا اللواء بشكل كامل كما كان معلنًا في السابق.

فيما يتعلق بالجبهة الجنوبية، كان يوم الاثنين هو الأكثر ضراوة في هذه الجبهة منذ بداية العمليات البرية، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي منذ صباح الاثنين، عن مقتل ما مجموعه تسع جنود خلال المعارك في محاور القتال المختلفة بمدينة خان يونس، ليرتفع عدد القتلى في صفوفه منذ بدء العمليات البرية إلى 185 قتيلًا، في حين تعدى عدد الجرحى 1000 جريح، من بينهم 224 في حالة خطيرة، و372 في حالة متوسطة، و410 في حالة مستقرة، بالإضافة إلى إعلان ضم ثلاثة إسرائيليين مفقودين إلى قائمة الأسرى المتواجدين في حوزة الفصائل الفلسطينية، وبذلك يرتفع إجمالي عدد الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة إلى 136 أسيرًا.
وقد استمرت العمليات الإسرائيلية شمال وجنوب شرق مدينة خان يونس، وتحديدًا في منطقة “الكتيبة” والمناطق المتاخمة لحي الأمل شمال المدينة، حيث وصلت المعارك إلى نطاق منطقة “المحطة” وسط المدينة. في حين استمرت العمليات في محور “بني سهيلة” و”الفخاري” و”معن” و”المنارة” جنوب شرق المدينة، وهو المحور الذي شهد معارك عنيفة خاصة في نطاق حي المنارة. يضاف إلى ذلك تكثيف المدفعية والطائرات الإسرائيلية، عمليات القصف المركزة لوسط مدينة خان يونس، حيث طالت هذه العمليات نطاق المستشفى الأوروبي، بجانب منطقتي “قيزان النجار” و”جورت اللوت” جنوبي المدينة. يجدر بالذكر هنا، استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، التي أطلقتها مؤخرًا فرقة غزة، في اتجاه منطقة “خزاعة” جنوب خان يونس.

وعلى الرغم من تناقص عمليات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة نحو المدن الإسرائيلية بشكل حاد، إلا أنه يمكن القول إن الفصائل الفلسطينية ما زالت تمتلك القدرة على إطلاق الصواريخ رغم توسع العمليات البرية الإسرائيلية وشمولها المناطق الشمالية والوسطى والجنوبية، حيث أطلقت الفصائل الاثنين خمسة صواريخ نحو منطقة “وادي الخليل”، غربي مدينة القدس، بجانب استهداف مستوطنة “سديروت” في غلاف غزة بعدة صواريخ، علمًا أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن هذه المستوطنة قد تم استهدافها بالصواريخ وقذائف الهاون 46 مرة منذ بداية العام الجاري.
في الضفة الغربية، تستمر الوتيرة اليومية للاقتحامات التي تنفذها القوات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية، خاصة مخيم جنين، وبلدة عزون شرق مدينة قلقيلية، ومخيمي عسكر وبلاطة في مدينة نابلس، ومخيم طولكرم، ويلاحظ هنا تعمد القوات المقتحمة لهذه المخيمات، تدمير البنية التحتية المدنية بشكل كامل، هذا بجانب ملاحظة تصاعد عمليات التصدي لهذه الاقتحامات من جانب الفصائل الفلسطينية، خاصة عبر تفجير العبوات الناسفة.
على مستوى التصريحات العسكرية الإسرائيلية، قام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هاليفي، بزيارة إلى الحدود الفلسطينية مع لبنان، والتقى مع قائد القيادة الشمالية، وقائد الفرقة الإقليمية 210، في حين زار وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، منطقة المخيمات الوسطى، ومناطق تقع على طريق صلاح الدين، وكان من الواضح من خلال تصريحاتهم، إيلاء أهمية كبيرة للأوضاع على الحدود الشمالية لقطاع غزة، وكذا العمل على الإنهاء القريب للمرحلة الثانية من العمليات البرية في قطاع غزة، مع التركيز على خان يونس ومنطقة المخيمات الوسطى. رئيس الأركان الإسرائيلي، زار يوم الاثنين الماضي الوحدات المسؤولة عن الضفة الغربية، وصرح بالقول أن الجيش الإسرائيلي يتحمل مسؤولية إعادة سكان شمال إسرائيل النازحين إلى منازلهم، مشيرًا أن هذا سيتم إما عن طريق الضغط العسكري على حزب الله أو عن طريق “حرب أخرى”. في نفس الإطار، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأدميرال دانييل هاغاري، إن الجيش أكمل تفكيك “الإطار العسكري” لحركة حماس في شمال قطاع غزة.
بالنسبة للجانب السياسي، ذكر تلفزيون «إن بي سي نيوز» قبل أيام نقلًا عن مسؤول أمريكي كبير يرافق وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في جولته بالشرق الأوسط، إن واشنطن تتوقع انتهاء الحرب في قطاع غزة خلال أسابيع، وقال المسؤول الأمريكي إن وزير الخارجية سيبلغ إسرائيل في اجتماعات هذا الأسبوع ضرورة إنهاء حربها «في أقرب وقت» واستخدام أدوات استهداف أكثر دقة لخفض الضحايا في صفوف المدنيين. وقد قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة لديها رؤية لنهج يوفر الأمن لإسرائيل ويتيح إقامة دولة للشعب الفلسطيني، وقال على منصة «إكس» بعد قليل من وصوله إلى إسرائيل التي يزورها ضمن جولة إقليمية «حتى في الوقت الذي نركز فيه على الأهداف الفورية، يجب علينا أيضًا أن نعمل على تحقيق السلام والأمن الدائمين»، وأضاف «لدى الولايات المتحدة رؤية لنهج إقليمي يوفر الأمن الدائم لإسرائيل ودولة للشعب الفلسطيني».
في جانب آخر، نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤولين إسرائيليين، يوم الثلاثاء، القول إن مسؤولين كبار في إسرائيل سيبلغون وزير الخارجية الأمريكي الزائر أنتوني بلينكن بأن الفلسطينيين لن يكون بمقدورهم العودة إلى شمال غزة دون صفقة جديدة لتبادل الأسرى، ونقل الموقع الإخباري الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين رفضهم عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة دون صفقة تبادل جديدة لتبادل الأسرى مع حركة «حماس». في نفس الإطار، ما زال ملف التهجير” متداول بشكل لافت فيما يتعلق بقطاع غزة، خاصة في ظل استمرار التحركات الميدانية الإسرائيلية الدافعة في هذا الاتجاه، وإعلان الجيش الإسرائيلي مؤخرًا أن طريق “صلاح الدين” لم يعد طريقًا للإخلاء، وان طريق “الرشيد” الساحلي، المؤدي مباشرة إلى منطقة “المواصي”، أصبح هو الطريق الأساسي للإخلاء. ومؤخرًا قرّر ما يسمى «اللوبي البرلماني لمشروع النصر الإسرائيلي»، الذي يعمل في إسرائيل والولايات المتحدة، التوجه إلى الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية بمطلب «التداول بشكل جدي في مشروع الترحيل الطوعي للفلسطينيين»، زاعمين أنه أفضل حل إنساني لإسرائيل والفلسطينيين.
وقد حذّرت وزارة الخارجية الفلسطينية، رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، من التورط في خطة مزعومة لـ«الإخلاء الطوعي» للشعب الفلسطيني من قطاع غزة، وعدَّت الأمر «جريمة خطيرة»، لكن مكتب بلير نفى المعلومات عن دور له في هذا المجال، مؤكدًا أن “التقارير التي تفيد بأن له علاقة بالتهجير الطوعي لسكان غزة غير صحيحة”، لكن مصادر مقربة من رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أصرت على صحة النبأ، وفق ما جاء في وسائل إعلام إسرائيلية. ووفق صحيفة «معاريف»، فإن مقربين الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، قالوا إنهما عبّرا عن تقديرهما الشديد لنتنياهو على اختياره بلير للعمل على خطة الإخلاء المزعومة، وعدَّا ذلك مكسبًا كبيرًا لسياستهما الرامية إلى ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة.
في الجانب المقابل قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، إنه ينبغي مناقشة نموذج إدارة من شأنه توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت إدارة واحدة في المستقبل، وقد نقلت القناة الـ 13 الإسرائيلية عن مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى، أن على السلطات الإسرائيلية السماح بعودة سكان شمال قطاع غزة إلى منازلهم كجزء من المرحلة التالية من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مشددين على أن إسرائيل لن تتمكن من منعهم في ظل القيود “القانونية والسياسية”. وأشارت القناة إلى أن ذلك يأتي في إطار إعداد الأجهزة الأمنية لتصورات حول تطور العمليات العسكرية في قطاع غزة، تحضيرًا للمناقشات التي يعقدها المجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية.
على مستوى النازحين، أعلنت الأمم المتحدة أن عدد النازحين الذين وصلوا إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة بلغ حوالي المليون، منذ بدء العمليات في السابع من أكتوبر الماضي، وأضافت في تقريرها الإنساني اليومي أن “محافظة رفح أصبحت الآن الملجأ الرئيس للنازحين، ووفقًا للأونروا، يقدر عدد النازحين في غزة بنحو 1.9 مليون شخص، أي ما يقرب من 85% من إجمالي سكان القطاع. وقد كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن إسرائيل تدرس فتح معبر إيريز (بيت حانون) شمال قطاع غزة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال القطاع، تحت ضغط من الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، يتم النظر في إدخال شاحنات المساعدات من خلال فتحة في السياج الحدودي قرب مستوطنة “بئيري”.
في نفس الصدد قالت هيئة البث الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي أعد خطة لتوزيع المعونات الإنسانية على سكان قطاع غزة، تتولى بموجبها عائلات كبيرة تعرف محليا باسم «الحمائل» إدارة وتوزيع هذه المساعدات في القطاع، وذكرت الهيئة أن القطاع سيقسم إلى محافظات ومحافظات فرعية تسيطر كل عشيرة أو عائلة كبيرة على إحداها، وأشارت أيضًا إلى أن العائلات الكبيرة ستدير الحياة المدنية في القطاع خلال الفترة الانتقالية التي ستلي الحرب لحين ترتيب إدارة دائمة للقطاع.
على الجانب الحكومي الإسرائيلي، بدأت تظهر للعلن بشكل واضح، الخلافات الداخلية في الحكومة الإسرائيلية، حيث نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية استمرار التراشق بين أقطاب حكومة الحرب، والانتقادات المكثفة التي بدأ عدد من وزراء الحكومة في توجيهها لرئيس الأركان هرتسي هاليفي، في محاولة لتحميله مسؤولية الفشل الاستخباراتي والميداني خلال هجوم السابع من أكتوبر، وقد ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن مصادرها تشير إلى أن الهجوم على رئيس الأركان، تم التخطيط له، بالتنسيق مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لافتةً إلى أنّ هناك محاولة لتحميل المؤسسة الأمنية مسؤولية الفشل. جدير بالذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية قررت مؤخرًا بأغلبية قضاتها، إبطال بند رئيسي في قانون حكومة نتنياهو للإصلاح القضائي، وينص البند المعدل؛ الذي أبطلته المحكمة، على حرمان السلطة القضائية من الحق في الحكم على «معقولية» قرارات الحكومة أو الكنيست.
وقد نقلت صحيفة “يديعوت احرونوت” الإسرائيلية أن زعيم المعارضة يائير لابيد انتقد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ودعا “معسكر الدولة” إلى مغادرة حكومته، وقال لابيد: “يجب على بيني غانتس وغادي آيزنكوت وجدعون ساعر أن يغادروا هذه الحكومة، غير المؤهّلة لقيادة الحرب. نتنياهو غير مؤهّل لقيادة الدولة”. وتابع: “في هذه الحكومة، أصبح الكابينت الأمني مسرحًا لهجمات سامة ضد الجيش الإسرائيلي، وهم يواصلون في خضم الحرب تحويل مليارات الشواكل من أموال الائتلاف المشينة.. من أجل مقاتلينا، ومن أجل المخطوفين والنازحين، من الخطأ إبقاء بن غفير وسموترتش وستروك في السلطة. وليس من الصواب السماح لهم بتمرير ميزانية إجرامية وفاسدة أخرى” وفق تعبيره. في نفس الإطار، أغلق عشرات المتظاهرين الإسرائيليين المدخل الرئيسي للكنيست، داعين إلى إجراء انتخابات فورية، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام إسرائيلية، ويأتي ذلك في وقت تتصاعد الانتقادات تجاه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نظرًا لإخفاقه في إدارة الحرب وعجزه عن إعادة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

تشهد الجبهة اللبنانية منذ عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس، صالح العاروري، تصاعد لافت في عمليات القصف الصاروخي والمدفعي، لكن يمكن اعتبار الضربة الصاروخية بـ 62 صاروخًا، التي استهدفت محطة “ميرون” للتحكم والمراقبة الجوية، والتي تختص بتنظيم وإدارة ومراقبة الحركة الجوية، ردًا أوليًا من حزب الله على عملية اغتيال العاروري، علمًا أن هذه القاعدة سبق وتمت مهاجمتها بنفس الطريقة في مايو 2006، بعد مقتل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، محمود المجذوب، بانفجار عبوة ناسفة في مدينة صيدا اللبنانية. اللافت هنا أن فصيلًا مسلحًا تابعًا للجماعة الإسلامية في لبنان، يسمى “قوات الفجر”، قد أعلن استهدافه الجمعة الماضية مستوطنة “كريات شمونة” بعدد من الصواريخ، بجانب تعرض قاعدتي التنف والشدادي الأمريكيتين في سوريا لهجمات بطائرات مسيرة، بجانب حدوث محاولة لاستهداف سفينة شحن بصاروخين باليستيين في البحر الأحمر، وهي جميعها أحداث منسقة تأتي في سياق الرد على عملية اغتيال العاروري، والمشهد الحالي في غزة.
لكن على الجانب المقابل، كانت عملية الاستهداف الجوي، لمقر اللواء 12 بالحشد الشعبي في العاصمة العراقية بغداد، ما أسفر عن مقتل نائب قائد عمليات حزام بغداد في الحشد الشعبي، أبو تقوى السعيدي، ومن قبلها عملية التفجير المزدوج في كرمان الإيرانية، وعملية اغتيال صالح العاروري في بيروت، واغتيال القيادي بالحرس الثوري، رضى موسوي في سوريا، جميعها في سياق ما يمكن وصفه بأنه “تفعيل لسياسة اغتيالات على المستوى الإقليمي”، ربما تفتح الباب أمام عمليات مماثلة خلال المرحلة المقبلة، توازيها عمليات بحرية وجوية متوقعة، خاصة في ظل التلويح بذلك من جانب الحشد الشعبي، الذي نفذ مناورة بحرية مع الحرس الثوري الإيراني، تزامنت مع مناورة جوية نفذتها طائرات تابعة للحوثيين في العاصمة صنعاء، علمًا أن 12 دولة، هي إيطاليا والبحرين واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وبلجيكا وكندا والدانمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلاندا والمملكة المتحدة، بيانًا لتحذير الحوثيين من أنهم إذا واصلوا أعمالهم في البحر الأحمر، فسوف “يتحملون العواقب”.
تأكد هذا المشهد بشكل أكبر، بعد أن قامت تل أبيب باغتيال علي الطويل، معاون قائد قوات الرضوان في حزب الله، باستهداف مركبته باستخدام طائرة مسيرة في بلدة “خربة سلم” جنوب لبنان، ثم قضت في نفس اليوم على حسن عكاشة، أحد القادة الميدانيين في حركة حماس في سوريا، خلال غارة جوية على منطقة “بيت جن”، حيث تتهمه تل أبيب بالمسئولية عن عمليات إطلاق الصواريخ من داخل سوريا نحو الجولان المحتل ومناطق شمال فلسطين.
عملية استهداف القيادي في قوات الرضوان التابعة لحزب الله على الطويل، رد عليها حزب الله، بقصف قاعدة “دادو” العسكرية في مدينة صفد، وهي مقرّ قيادة المنطقة الشمالية التابع للجيش الإسرائيلي، بعدة مسيرات، وتعتبر هذه القاعدة مقرًا لقيادة الألوية الأساسية في المنطقة الشمالية، مثل اللواء المدرع السابع، اللواء 188 المدرع، واللافت في عملية استهداف هذه القاعدة، ومن قبلها محطة “ميرون” للتحكم والمراقبة الجوية – التي اعترفت تل أبيب بتضررها – يتعلق بشكل أساسي بمسافة الاستهداف، حيث تقع الأولى على بعد 12 كيلو متر من الحدود اللبنانية، في حين تقع الثانية على بعد نحو 8 كم من الحدود، وهو ما يعني عمليًا توسيع هامش الاشتباك، خاصة أن إسرائيل من جهتها باتت تعمق بشكل أكبر من عمق الغارات الجوية التي تنفذها في جنوب لبنان.
وقد رأى وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أنه يتعين على إسرائيل التوصل إلى “تسوية سياسية مع حزب الله لأنها لا تستطيع تدميره بالكامل”، وكانت صحيفة “يديعوت احرونوت” الإسرائيلية، قد تحدثت يوم الاثنين، عن الخسائر المالية التي تتكبدها إسرائيل مع تواصل الحرب على الجبهة الشمالية مع حملة القصف المتواصلة التي يشنها حزب الله، حيث تبلغ الخسارة المالية ما يقرب من 1.6 مليار دولار.
باحث أول بالمرصد المصري