
الوجه القبلي على خريطة التنمية
على مدى عقود ماضية، عانت محافظات الصعيد من تهميش تنموي كبير، تجسد في تدني مستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين، وعلى رأسها توفير مياه الشرب، والصرف الصحي والكهرباء، وشبكة طرق جيدة. الأمر الذي أدى إلى انعدام الاستثمارات بمنطقة الصعيد، رغم توافر عناصر الإنتاج. إلا أن الأمر قد تبدل خلال السنوات الأخيرة، فباتت تنمية محافظات صعيد مصر على رأس أولويات الحكومة في خططها التنموية؛ إذ استحوذت تلك المحافظات على نصيب وافر من الاستثمارات وخطط التنمية طوال الـ 8 سنوات الماضية. لكن قبل التطرق إلى ما تم من مشروعات لتطوير وتنمية منطقة الصعيد، نود إلقاء نظرة متعمقة على خصائص وجودة الحياة بوجه قبلي.
خصائص الحياة بالوجه القبلي
قدرت نسبة سكان محافظات الوجه القبلي بحوالي 38% في تعداد 2017، بإجمالي عدد سكان 36.1 مليون نسمة بتعداد عام 2017. 67.6% منهم يقطنون بالأماكن الريفية، بإجمالي سكان يبلغ 24.42 مليون نسمة. ويتضح أيضًا تنامي نسبة السكان القاطنين بمحافظات الوجه القبلي على مدى سنوات التعداد.
ويلاحظ أن معدلات الزيادة الطبيعية –وهي ناتج طرح معدل الوفيات الإجمالية من المعدل الإجمالي للمواليد، وتساوي معدل التغير السكاني دون احتساب المهاجرين- مرتفعة بمحافظات الوجه القبلي والتي تتراوح فيها بين 15-23%، في حين يصل المعدل العالمي إلى 10.37% عام 2019 وفقًا لبيانات البنك الدولي.
وقد يرجع ذلك إلى أن معدلات الانجاب بمحافظات الوجه القبلي هي الأعلى بين أقاليم الدولة، فوصل معدل الإنجاب الكلي بمحافظات الوجه القبلي إلى 3.3 مولود/سيدة، فيما وصل المعدل إلى 3.6 مولود/سيدة بريف الوجه القبلي، وفقًا لمسح الاسرة المصرية لعام 2021.
ويلاحظ أن المحافظات الأعلى في الزيادة الطبيعية هي نفسها المحافظات التي تتميز بمعدلات فقر عالية كـ (سوهاج، أسيوط، المنيا، قنا)، فوفقًا لتقرير التنمية البشرية في مصر 2021، فقد تخطت معدلات الفقر الـ 66% عام 2018 بمحافظة أسيوط –أكثر المحافظات فقرًا– وتخطت معدلات الفقر حد الـ 50% بمحافظات سوهاج، والأقصر، والمنيا، والوادي الجديد، ومطروح بالعام نفسه.
وتتميز تلك المحافظات بعدد من الموروثات القبلية والمفاهيم البالية المغلوطة والتي تتمحور حول مفهوم “الولاد عزوة، والعيل بيجي برزقه، والولد سند لأبوه”. لذا يلاحظ ارتفاع نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة بالوجه البحري عنها بمحافظات الوجه القبلي في 2021 بحوالي 12%، وكان هناك تباين بين ريف وحضر محافظات الوجه القبلي؛ حيث تصل نسب الاستخدام إلى 63.1% في الحضر، بينما اقتصرت النسبة على 57.4% في الريف.
وتعد محافظات الصعيد الأعلى من حيث معدلات الزواج والطلاق. وأشارت دراسة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2017 حول الزواج المبكر في مصر إلى ارتفاع نسبة الأمية بين من سبق لهم الزواج في تلك الفئة العمرية، حيث تبلغ حوالي 40%، فضلًا عن أن نسبة التسرب من التعليم بينهم مرتفعة أيضًا حيث تبلغ 36%، وقد أوضحت الدراسة أن أحد أهم الأسباب الرئيسة للتسرب يرجع إلى الزواج المبكر خاصة بين الفتيات بنسبة 25%.
لذا ليس من الغريب أن نجد محافظات الوجه القبلي في صدارة المحافظات التي تعاني من تسرب من التعليم، فمحافظة الفيوم وأسيوط وسوهاج والمنيا والجيزة– التي تحتل المركز الأول بعدد السكان الذين لم يلتحقوا بالتعليم- بين أعلى 10 محافظات لم يلتحق أبناؤها بالتعليم بالمرة، ومن المحافظات التي تشهد تسرب أعداد كبيرة من الملتحقين بالتعليم.
وتشهد الجمهورية عمومًا تسرب وعدم التحاق حوالي 34% من السكان فوق سن 4 سنوات بالتعليم وذلك وفقًا لتعداد عام 2017؛ فيقدر إجمالي من لم يلتحقوا بالتعليم بحوالي 22.6 مليون نسمة حوالي 55.68% منهم من الإناث. فيما التحق حوالي 6.14 مليون نسمة بالتعليم ولكن تسربوا منه 53.77% منهم من الذكور وهو ما يدعم فرضية تسرب الذكور من التعليم للعمل ليكونوا مصدر دخل للأسر الفقيرة.
فوفقًا للمسح القومي لعمالة الأطفال الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عام 2010، تركزت نسبة الأطفال العاملين إلى إجمالي الأطفال (5-17) سنة بشكل كبير في ريف الوجه القبلي (14.6%)، يليها ريف الوجه البحري (11.1%). وهي تتناظر مع انتشار معدلات الفقر بين أقاليم الجمهورية، حيث سجل ريف الوجه القبلي أعلى معدلات الفقر عام 2019/2020 بإجمالي 42.8%، يليه ريف الوجه البحري بنسبة 23.1% بنفس العام.
ولم يكن المواطنون فقط الذين كانوا يعانون من فقر الخدمات، بل كانت المباني السكنية أيضًا تعاني من نقص المرافق، فتصل نسبة المساكن التي تفتقر لمرفق مياه الشرب إلى 12% في بعض المحافظات، فيما وصل افتقار بعض المساكن للصرف الصحي ببعض المحافظات إلى 98% خاصة بريف الوجه القبلي.
لذا من خلال التطرق إلى أبرز خصائص الحياة بالوجه القبلي نجد أنه افتقر للكثير من مظاهر التنمية والتطوير لعقود، والتي أثرت بشكل مباشر على جودة حياة المواطنين، والتي أدت إلى قصور حصوله على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والتمتع بسكن لائق وحياة كريمة لسنوات.
مد جسور التنمية
أخذت الدولة على عاتقها خلال السنوات الأخيرة ضرورة تغيير وجه الصعيد بمختلف المجالات، لذا شهد تطوير قطاع الطرق والنقل بالصعيد طفرة تنموية، فتم إنشاء وتطوير 6600 كم من الطرق، منها 2600 كم إنشاء جديد، و4 آلاف كم رفع كفاءة وتطوير كامل، والتي كانت بمثابة إنشاء جديد، في ظل الحالة التي كانت عليها قبل التطوير، حيث كان معظمها لا يتجاوز حارتين ذهابًا وإيابًا، وتحولت إلى 4 حارات على الأقل في كل اتجاه. ومن بين الطرق التي تم تنفيذها، طريق الصعيد الصحراوي الغربي، وطريق محور ديروط الفرافرة، وطريق هضبة أسيوط الغربية الذي أصبح محورًا تنمويًا مهمًا يربط مدينة ناصر بغرب أسيوط بمدينة أسيوط نفسها.
وتجدر الإشارة إلى محاور التنمية على النيل في صعيد مصر، والتي تربط شرق وغرب النيل على امتداد المحافظات، فتم وجارٍ تنفيذ 14 محورًا على النيل بصعيد مصر بتكلفة تتجاوز 23.5 مليار جنيه؛ بهدف اختصار المسافة بين كل محور والآخر والتي كانت تصل إلى 100 كم، ليصبح لدينا محور تنموي عرضي كل 25 كم يربط الشرق بالغرب في محافظات الصعيد. ويتم كذلك تنفيذ 365 كوبري ونفقًا في كل مدن ومحافظات الصعيد بتكلفة استثمارية تجاوزت 50 مليار جنيه، الأمر الذي دعا منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن تشير في تقرير لها في 2020 إلى أن الحكومة المصرية طورت شبكة من الطرق في كل المحافظات التي كان يطلق عليها المحافظات المغلقة في صعيد مصر، والواحات، وبالقرب من البحر الأحمر، بما يسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي خارج المناطق الحضرية، ويزيد النفاذ للأسواق والصادرات.
وتم كذلك تطوير منظومة السكة الحديد، فتم إنفاق استثمارات بلغت 32 مليار جنيه في تطوير نُظم الإشارات وتجديدات السكك والورش والمزلقانات والوحدات المتحركة، وأيضًا تطوير 46 محطة للسكك الحديدية على امتداد محافظات الصعيد، من بينها محطة الأقصر، ومحطة أسوان، والتي تتكامل مع شبكة الموانئ البحرية والبرية؛ كميناء سفاجا البحري، وميناء الغردقة، وكذا الموانئ البرية مثل ميناء برقين، وميناء قسطل، في أقصى جنوب مصر، كنافذة للتواصل مع أشقائنا في السودان.
وعن قطاع الإسكان والمرافق، فالقطاع حظي بأهمية بالغة من قبل الحكومة، فتم تنفيذ 14 مدينة جديدة من الجيل الرابع، وتم تنفيذ 188 ألف وحدة سكنية في كل أنحاء الصعيد، من بينها 125 ألف وحدة إسكان اجتماعي، و45 ألف وحدة تخدم تطوير العشوائيات والمناطق غير الآمنة، و7500 وحدة إسكان متوسط، بالإضافة إلى 11 ألف وحدة إسكان نوبي وبدوي وأولى بالرعاية. فتم القضاء على كافة المناطق غير الآمنة بمحافظات الصعيد، ومنها منطقة عشش محفوظ في المنيا، ومدينة العمال في المنيا، ومنطقة السماكين في سوهاج. وبالتوازي مع إقامة المدن الجديدة، تم تنفيذ مشروع تطوير عواصم المحافظات، فتم تنفيذ عدد كبير من الوحدات السكنية في المدن القائمة، تقدر بحوالي 500 ألف وحدة.
أما عن القطاع الأكثر ضعفًا، والذي يتصدر شكاوى أبناء الصعيد، فكان قطاع مياه الشرب والصرف الصحي، فقد كانت نسبة التغطية في عام 2014 نحو 85%، ثم وصلت النسبة إلى 98% في 2021، أما فيما يخص الصرف الصحي، فقد زادت نسبة التغطية من 22% إلى أكثر من 33%، ومع إنهاء مبادرة “حياة كريمة” بمنطقة الصعيد، ستقترب نسبة التغطية من 100%.
أما بالنسبة لقطاع الكهرباء، ففي عام 2014 كانت الطاقة الكهربائية المقدمة لمحافظات الصعيد 3400 ميجاوات، ووصلت في ختام 2021 إلى 12200 ميجاوات، أي أنه قد أُضيف حوالي 8.8 ألف ميجاوات تقريبًا، بتكلفة تجاوزت 100مليار جنيه، هذا بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات لنقل وتوزيع الكهرباء تكلفت نحو 33 مليار جنيه، ومن خلال هذه المنظومة تم حل مشكلة الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي، ومع اكتمال مشروعات النقل والتوزيع وتطوير الشبكة في قرى مصر سيتم الحفاظ على ثبات واستقرار الخدمة على مدار اليوم والسنة. وقد يرجع الفضل في ذلك إلى واحد من أكبر مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة على مستوى العالم، وهو مشروع “بنبان” للطاقة الشمسية، الذي نفذ بإجمالي استثمارات تجاوزت ملياري دولار، بمحافظة أسوان.
وعن قطاع البترول والغاز الطبيعي، فكان هناك تحدٍ خاص بتوصيل الغاز الطبيعي للمنازل، إلا أنه تم توصيله لأكثر من 1.1 مليون وحدة سكنية حتى ديسمبر 2021، بالإضافة إلى مشروعات بالمليارات لتنمية حقول البترول والتكرير والتصنيع وتوصيل الغاز الطبيعي، في كافة ربوع مصر، وخاصة في محافظات الصعيد، ويعد من أبرز هذه المشروعات، شركة أسيوط لتكرير البترول بمحافظة أسيوط، وهو أكبر مجمع بترولي في الوجه القبلي يهدف إلى تأمين إمدادات البنزين لأهالي محافظات الصعيد وتوفير تكلفة نقله من معامل التكرير القائمة بالقاهرة والإسكندرية والسويس لمناطق الصعيد المختلفة.
وفي قطاع الاتصالات، كان للصعيد نصيبه من مشروعات التحديث والرقمنة، الخاصة بتطوير ورقمنة المحاكم والنيابات، وأقسام الشرطة، وتطوير مكاتب البريد، ومكاتب الشهر العقاري. ومن المشروعات المهمة في هذا القطاع كان مشروع كابلات الفايبر التي تدخل محافظات الصعيد لأول مرة ولقرى الصعيد ضمن مشروع حياة كريمة، وهي خدمة لم تكن متوافرة من قبل في الصعيد.
وفي قطاع التنمية المحلية، فتشهد مدن الصعيد تنفيذ العديد من المشروعات مثل الكهرباء والإنارة، وإقامة المجازر، وتنفيذ الرصف الداخلي، والنهوض بمنظومة النظافة، وتحسين الطرق المحلية، بحوالي 30 مليار جنيه، بالإضافة إلى مشروع تطوير التنمية المحلية في محافظتي قنا وسوهاج بتكلفة اقتربت من 10 مليارات جنيه، بالتعاون مع البنك الدولي.
ودائمًا ما كانت السياسة التنموية للدولة تهتم بتنمية وبناء الانسان في المقام الأول، إلى جانب تنمية والتطوير العمراني. لذا تم وجارٍ تنفيذ عدد من المشروعات التي تضمن توفير وإتاحة العديد من الخدمات التعليمية والصحية والرياضية، إلى جانب تنفيذ مجموعة من الأنشطة الثقافية، وما يتعلق بتنمية النشء.
فقطاع التعليم قبل الجامعي، شهد طفرة كبيرة في إنشاء وتطوير الفصول والمدارس، فحتى ديسمبر 2021 تم إنشاء وإحلال 34 ألف فصل، إلى جانب إنشاء 2320 مدرسة جديدة، وكذا إنشاء 219 مدرسة تعليم فني، بالإضافة إلى إنشاء مدارس للمتفوقين، والمدارس اليابانية بمحافظات الصعيد. ونالت جهود تطوير منظومة التعليم داخل محافظات الصعيد، إشادة من عدد من المؤسسات الدولية، منها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وعن قطاع التعليم العالي، فأُقيم العديد من المنشآت الجامعية، حيث تم إنشاء جامعتين حكوميتين بمحافظات الصعيد، بالإضافة إلى 5 جامعات خاصة، و105 كليات ومعاهد جديدة، هذا فضلًا عن التوسع في إقامة الجامعات التكنولوجية والأهلية، إلى جانب المجمعات التكنولوجية التي يتم إقامتها وإدارتها بالتعاون بين وزارتي الاتصالات والتعليم العالي
ويحظى قطاع الصحة باهتمام بالغ من جانب الدولة المصرية، وهو ما دعا إلى تنفيذ 63 مشروعًا في مجال إنشاء وتطوير المستشفيات بمحافظات الصعيد والبحر الأحمر، منها 27 مشروعًا للإنشاء والتطوير، إلى جانب 13 مشروعًا لرفع كفاءة المستشفيات، و23 مشروعًا بالمستشفيات الجامعية؛ ومن بين المستشفيات التي تم إنشاؤها وتطويرها داخل محافظات الصعيد، مستشفى أبو تيج النموذجي بمحافظة أسيوط، ومستشفى ملوي التخصصي، ومستشفى بنى سويف العام، ومستشفى سوهاج الجامعي.
هذا بالإضافة إلى تنفيذ آلاف القوافل الطبية لتقديم خدمات طبية متنوعة بمحافظات الصعيد. هذا إلى جانب مراكز المشروع القومي لتجميع وتصنيع مشتقات البلازما، فتم إنشاء المركز الإقليمي لمشتقات البلازما في محافظة المنيا، إلى جانب مركزين أخرين يجري تنفيذهم في محافظتي سوهاج والبحر الأحمر.
هذا إلى جانب أن محافظتي الأقصر وأسوان تأتيان ضمن المرحلة الأولى من منظومة التأمين الصحي الشامل، وتم إنفاق 22 مليار جنيه لتطوير المنظومة الصحية داخل المحافظتين. وحظيت محافظات الصعيد كذلك بالنصيب الأكبر من المبادرات الرئاسية التي تم تنفيذها في قطاع الصحة، كمبادرة القضاء على فيروس “سي”، والقضاء على قوائم الانتظار، ومبادرات دعم صحة المرأة، وكذا ما يتعلق بعلاج الأمراض المزمنة والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي.
وفى قطاع الشباب والرياضة، فقد استثمرت الدولة المصرية في إنشاء وتطوير مراكز الشباب، والنوادي الرياضية، والملاعب، والمدن الشبابية، بصورة كبيرة جدًا في محافظات الصعيد. وفيما يتعلق بقطاع الثقافة، فقد تم تطوير قصور الثقافة على مستوى محافظات الصعيد، وذلك بهدف تطوير المنظومة الثقافية في تلك المحافظات وترسيخ وتعزيز القيم والمبادئ، واستعادة الدور الثقافي الريادي لأبناء الصعيد.
وعن التضامن الاجتماعي بمحافظات الصعيد، فيستفيد أكثر من مليوني مواطن بتلك المحافظات من برنامج “تكافل وكرامة”، وأدى تنفيذ هذا البرنامج إلى جانب المشروعات التنموية والخدمية الأخرى في تخفيض نسبة الفقر في محافظات الصعيد. ووفقًا للمسح الصحي للأسرة المصرية 2021، فنسب الأسر التي تحصل على دعم من برنامج تكافل وكرامة تصل إلى أعلى مستوى في الوجه القبلي بنسبة 16.1%، كذلك 3.4% من أسر الوجه القبلي تحصل على معاش العمالة المؤقتة أثناء جائحة كورونا.
الاستفادة المثلى
كافة مشروعات البنية التحتية والمبادرات والمشروعات الخدمية الموجهة لمنطقة صعيد مصر تهدف في المقام الأول إلى تعظيم الاستفادة من الثروات الطبيعية بالمنطقة، وبناء تنمية اقتصادية حقيقية، من خلال مشروعات تنموية بمجالات الزراعة والري، والتموين والتجارة الداخلية، والصناعة، وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والسياحة والآثار.
فعلى سبيل المثال، شهد قطاع الزراعة والري تنفيذ المشروع العملاق لاستصلاح الأراضي، حيث تم استصلاح 550 ألف فدان في مناطق: شرق العوينات، وتوشكي، والوادي الجديد، والفيوم، وغرب المنيا، وغرب غرب المنيا، حيث تم إضافتها للرقعة الزراعية. وتم إنشاء أكبر مزرعة تمور في العالم على مساحة 40 ألف فدان بتوشكى، ومن المستهدف زراعة 2,5 مليون نخلة. وفيما يخص كارت الفلاح، تم تسجيل أكثر من 1.3 مليون حيازة زراعية، بالإضافة إلى الانتهاء من تنفيذ منظومة الري الحديث في أكثر من 300 ألف فدان.
وفي قطاع الري، فهناك مشروعات ضخمة تم تنفيذها بدءًا من القناطر الجديدة، وتأهيل وتبطين الترع والمصارف المائية، وتطوير محطات الرفع والري في المناطق القديمة. ومن أبرز هذه المشروعات: مشروع إنشاء قناطر أسيوط الجديدة الذي افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسي بتكلفة تجاوزت 6 مليارات جنيه، بالإضافة إلى مشروعات إنشاء السدود لحجز مياه السيول والأمطار لتخفيف حدتها.
وفيما يتعلق بمجال تنمية الثروة الحيوانية، فتم تنفيذ المشروع القومي لإحياء البتلو، وهو من أهم المشروعات التي تخدم وترفع من دخل الفلاح المصري، ونصيب الصعيد من هذا المشروع بلغ نحو ملياري جنيه، بإجمالي 114 ألف رأس، بالإضافة إلى مشروع إنشاء وتطوير مراكز تجميع الألبان، حيث تم إنشاء 25 مركزًا، وإيفاد آلاف القوافل البيطرية، كذلك تقديم تسهيلات وإعفاءات تمويلية للفلاح المصري في الصعيد، وذلك بخلاف مجمع الإنتاج الحيواني المتكامل والمجزر الآلي بمحافظة الفيوم.
وفي قطاع التموين، تم إنشاء عدد من الصوامع والمخازن الاستراتيجية والمناطق اللوجستية على مستوى محافظات الصعيد، بالإضافة إلى المنافذ التموينية، حيث تم افتتاح نحو 2500 منفذ “جمعيتي”، وسوق الجملة بمدينة سوهاج الجديدة.
وفي قطاع الصناعة، تم إنشاء وتطوير المناطق الصناعية ومنها 11 منطقة صناعية قامت الدولة بترفيقها وتنفيذ تنمية حقيقية بها باستثمارات من الدولة والقطاع الخاص تجاوزت 72 مليار جنيه، كما تم تنفيذ مشروع المجمعات الصناعية، وبلغ نصيب الصعيد فيه 10 مجمعات، بإجمالي 2628 وحدة صناعية توفر 26 ألف فرصة عمل.
وتم تمويل نحو مليون مشروع صغير ومتوسط من خلال جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى المشروع القومي للتنمية المجتمعية والبشرية والمحلية “مشروعك”، ومن هذه المجمعات مجمع مصانع الرخام والجرانيت ببني سويف، والمنطقة الصناعية بعرب العوامر بأسيوط.
وفي قطاع السياحة والآثار، فيتمتع صعيد مصر بالمخزون الأكبر من الآثار التاريخية المصرية، والذي شهد مشروع كشف وإحياء طريق الكباش، بالإضافة إلى إنشاء وتطوير عدد كبير من المتاحف القومية في سوهاج والمنيا، بجانب تطوير العديد من المعابد التي كانت تعاني من الإهمال في الفترات السابقة.
هذا كله إلى جانب ما يتم تنفيذه من خلال المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” لتطوير القرى المصرية في محافظات الصعيد، فكان تركيز المبادرة في المرحلة الأولى على قرى محافظات الصعيد، حيث تمثل مراكز محافظات الصعيد 65% من إجمالي مراكز المرحلة الأولى بالمبادرة الرئاسية، فيما تمثل قرى محافظات الصعيد 63% من إجمالي قرى المرحلة الأولى من المبادرة، ومن بين الـ 18 مليون مواطن الذين سيستفيدون من المرحلة الأولى، يوجد 10 ملايين مواطن من محافظات الصعيد. ووفرت المشروعات المقامة من خلال المبادرة أكثر من 600 ألف فرصة عمل للشباب في محافظات الصعيد، وأدت إلى زيادة معدلات الاستثمارات العامة بنسبة 500% وزيادة في نمو الاستثمارات الخاصة بنسبة 55%.
ونجح برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر -الممول جزئيا ًمن البنك الدولي والحكومة المصرية، والذي يستهدف تطوير محافظتي سوهاج وقنا- حتى الآن في ضخ استثمارات كبيرة في قطاعات البنية الأساسية برفع مستوى التغطية بخدمات الصرف الصحي ومياه الشرب ورفع كفاءة الطرق المحلية وتغطية الترع وإنشاء العديد من المنشآت والمرافق الخدمية بمحافظتي سوهاج وقنا، بإجمالي استثمارات 16.3 مليار جنيه و4119 مشروعًا تم وجارٍ تنفيذه.
وتم إنهاء وتشغيل عدد 387 مشروعًا في قطاعات البنية الأساسية بتكلفة استثمارية تقدر بما يقرب من 2 مليار و867.704 مليون جنيه على قطاعات الصرف الصحي والطرق والنقل، مياه الشرب، الكهرباء والإنارة، وتحسين البيئة، والتطوير الحضري، ودعم مشروعات التنمية الاقتصادية المحلية وتطوير ورفع كفاءة الوحدات المحلية ودعم وتطوير المراكز التكنولوجية، ودعم الحملات الميكانيكية ودعم منظومة الخدمات المجتمعية وتطوير المنظومة الصحية، واستفاد من البرنامج قرابة 5.8 مليون مواطن في المحافظات المستهدفة.
وفي هذا الصدد، قال اللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، إنه بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية، فقد ارتفعت معدلات التنفيذ في التكتلات الاقتصادية المرحلة الأولى بمحافظتي سوهاج وقنا إلى 50%. وهي على النحو التالي: تكتل الفركة 62%، تكتل التلى 50%، تكتل الأثاث 44%، تكتل العسل الاسود 57%. كما تم الانتهاء من كافة مراحل التخطيط ووضع الخطط للتكتلات الاقتصادية للمرحلة الثانية والبدء في مراحل تنفيذها في محافظة قنا وهي: تكتل النباتات الطبية والعطرية، وتكتل صناعة الفخار، وفى محافظة سوهاج: تكتل البصل وصناعة النسيج، وفى محافظة أسيوط: تكتل الرمان، وتكتل النباتات الطبية والعطرية، وفى محافظة المنيا: تكتل صناعة العسل الأسود، وتكتل النباتات الطبية والعطرية. وارتفعت نسب ترفيق المناطق الصناعية من 48% إلى 67% في منطقة كلاحين قفط، ومن 46% الى 60.4% في منطقة الهو، ومن 25.4 % إلى 33% في منطقة غرب طهطا، ومن 25.4% الى 37% في منطقة غرب جرجا.
مجمل القول، لقد قامت الدولة بمحاولة اقتلاع جذور الجهل والمرض والفساد من قلب الصعيد المصري، بمد جسور التنمية بكافة نواحي محافظات وجه قبلي، ونأمل أن تكتمل خطى التنمية بالتعاون مع القطاع الخاص واستغلال ثروات الصعيد الاستغلال الأمثل، وتحويل حياة الكثيرين ورفع مستوى معيشتهم بعد عقود من تراجع التنمية بهذه الرقعة من أرض مصر.
باحث أول بالمرصد المصري