مصر

“تراثنا”: أكبر ملتقى للمبدعين.. مشغولات فريدة وفتح أسواق تصديرية

طالما امتلكت مصر رصيدًا متنوعًا من الحرف والفنون اليدوية، أبدعها سكان وادي النيل لإنشاء حضاراتهم الخاصة والمتفرّدة على مر العصور، عكست هذه الحرف والفنون ثقافة شعب مصر الأصيل ورسمت هويته وميّزت شخصيته بما اكتسبته من جمال وتنوع، وباتت تعكس توليفة متفرّدة من الحضارات الفرعونية والإسلامية والقبطية، لتتخطى الحدود وتبهر العالم.

 ومن هنا؛ جاءت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، لمعرض “تراثنا” للحرف اليدوية والتراثية، لتعكس اهتمام الدولة بإحياء هذه الفنون التراثية، وتشجع الأجيال الجديدة من الحرفيين والفنانين على إحياء هذا التراث الفريد، كما أن المعرض يتيح الفرصة للحرفيين استعراض قطعهم الفنية المتنوعة أمام زوار المعرض داخليًا، وفتح أسواق تصديرية لهذه المشغولات الفريدة في كل بقاع العالم، فضلًا عن أن المعرض يقدّم جولة إبداعية واستثنائية لأصحاب الذوق الرفيع لاقتناء ما يناسبهم من قطع فنية ومشغولات تراثية، وبأسعار تنافسية، وذلك في أكبر ملتقى للمبدعين والفنانين والحرفيين، الذين يجمعهم معرض تراثنا.

“تراثنا” أكبر حدث سنوي في مصر

يعتبر معرض” تراثنا” المقام بمركز مصر للمعارض الدولية أكبر حدث سنوي يتم تنظيمه في مصر، ويقام للعام الثالث على التوالي، من قبل جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، حيث يجتمع به الحرفيين والمهرة المتخصصين في الصناعات اليدوية والتراثية، من كل محافظات الجمهورية بتنوعها الثقافي والحضاري، وذلك لعرض الآلاف من القطع الفنية المتنوعة والفريدة المستوحاة من التراث المصري العريق، من إكسسوار وتحف ومنسوجات وديكورات ومشغولات لـ28 فنا وحرفة متنوعة، بجمال ورقيّ مستوحى من الهوية المصرية بشكل عصري، يناسب كل الأذواق وذلك بأسعار تنافسية، وبتخفيضات كبيرة ومتفاوتة، على مدار 7 أيام، فترة انعقاد المعرض. كما أن زوار المعرض من الجمهور يُمكنهم خوض تجربة ثرية ومميزة، بالدخول مجانًا من الساعة 11 صياحاً وحتى ال 10 مساءً.

وأعلن جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، الجهة المنظمة للمعرض، تقديم خدمات مجانية لانتقال الجمهور للمعرض، حيث تم تخصيص 3 خطوط أوتوبيسات مجانية ومكيفة الهواء لخدمة الزوار، تبدأ رحلاتها من الميادين الهامة والكبرى في القاهرة وحتى مركز مصر للمعارض الدولية، على أن تكون هناك رحلة كل نصف ساعة (ذهابًا وعودة) على مدار اليوم.

ويشهد المعرض مشاركة متميزة لوزارة الثقافة ممثلةً في قطاع الفنون التشكيلية، ومركز الحرف التقليدية بالفسطاط، ووزارة الشباب والرياضة، والمجلس القومي للمرأة، وغرفة الأثاث، وكرييتف إيجيبت باتحاد الصناعات، والمجلس التصديري للحرف اليدوية، وغرفة الحرف اليدوية، ومدينة دمياط للأثاث، والغرفة التجارية بدمياط.

وحرصت مؤسسة “مصر الخير” على المشاركة في جميع المعارض المتاحة حيث يشارك برنامج الغارمين بمنتجاته التي هي نتاج عمل وإنتاج الأسر المصرية التي عملت مؤسسة مصر الخير علي توفير فرص عمل لهم في مصانعها للإنتاج اليدوي في إطار منظومة التمكين الاقتصادي التي تستهدف إتاحة تنمية اقتصادية واجتماعية للأسر الاكثر احتياجا ومنهم الغارمين وأسرهم لتوفير دخل ثابت يحميهم من العودة الي دائرة الغرم بما يحد من ظاهرة الغارمين تماشيا مع سياسية الدولة المصرية.

وسيخصص المعرض أيضا جناحا لعرض منتجات ذوي الهمم، وطلبة جامعات عين شمس والأزهر والإسكندرية وبنها وجامعة أكتوبر للعلوم والآداب.

الافتتاح

افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت معرض” تراثنا” وتفقد المنتجات المعروضة وتبادل الحديث مع العرضين الشباب والسيدات وذوي الهمم من الاحتياجات الخاصة، واستمع لمشاكلهم والعقبات التي تواجههم لمعرفة ما يمكن تطويره لتوسيع أعمالهم وتوفير سبل الدعم والرعاية لهم، وذلك لتحقيق المزيد من النفاذ للأسواق المحلية والخارجية.

وسلم السيسي، جوائز مالية لأفضل ثلاثة مشروعات حرفية وتراثية للقرى على مستوى الجمهورية، وقد حصل المشروع الأول لسيدة من محافظة الفيوم، على جائزة قيمتها 50 ألف جنيه، فيما فازت سيدة من سوهاج بالجائزة الثانية بقيمة 30 ألف جنيه، وقد وجه الرئيس السيسي بزيادة قيمة هذه الجائزة نظرا لأن السيدة تعول ثمانية أطفال، في حين فاز بالجائزة الثالثة شاب من محافظة الغربية.

وزار السيسي، أجنحة الإمارات، الأردن والسودان، وتفقد مقتنيات كل جناح تشجيعاً منه لتعزيز التعاون بين مصر والبلدان العربية وشعوبها في التجارة البينية والتكامل الاقتصادي.

الحرف اليدوية في مصر

يمتلك الشعب المصري ذاكرة بصرية متجسدة في الحرف اليدوية والفنون التشكيلية، في خط متصل دائماً ولا ينقطع، وبالرغم من حدوث عدة فترات من الانقطاع الحضاري بين العصور المتتالية بسبب أحداث الاستعمار، لكن المصري البسيط في المدن والريف كان يعمل على ملء هذه الفجوات الحضارية، عن طريق إنتاج أنماط فنية رائعة من إبداعه وتصميمه، لتلبية احتياجات معيشته، وعاداته، ومعتقداته، وعن طريق هذا الفن ظهرت ملامح الهوية القومية للإنسان المصري وكذلك روحه الصامدة على مر الزمان، وهذه الروح عملت على تبلور ثقافته، وأيضاً حفظها من الاختلاط مع الهويات والثقافات المتعددة الدخيلة والوافدة.

في فترات سابقة من التاريخ حتى نهايات العصر العثماني، تم اعتبار الحرف اليدوية مثل الصناعات الوطنية الثقيلة الموجودة في مصر، فهي كانت تشكل وتمثل ثاني قوة إنتاجية بعد الزراعة، حيث كان إنتاجها يقوم بتلبية احتياجات أهلها من المعمار والملبس، وما يتم وضعه من فن الزخرفة الزجاجية، والخزفية، والخشبية، والحجرية، وكذلك من أعمال المشغولات الفضية والنحاسية، والتطعيم بالعظام، والمنسوجات الصوفية والحريرية، وأشغال الخيامية والتطريز، والكثير من الحرف الأخرى، علاوة على ذلك المنتجات والسلع التي تصدر للبلدان الأخرى من جميع الحرف اليدوية المتوارثة. وهذه القاعدة الصناعية كانت تمتلك أحياء يعيش بها الحرفيون، وفقاً لنظام دقيق يعرف بنظام الطوائف الحرفية، وهذا النظام له أصوله، وقواعده، وأربابه، وشيوخه، ويحسب الأمراء والحكام حسابه في كل العهود، حيث كانوا لا يجورون ولا يأكلون حقوق ملاك الحرف اليدوية، بل يقوموا بتشجعيهم ورعايتهم، لأنهم في النهاية يستفيدون من الدخل الصادر بعد رواج الإنتاج، في منشآتهم، وقصورهم، ومظاهر حياتهم.

مرت الحرف اليدوية في مصر بأقصى محنة، عندما انكسرت دولة المماليك بواسطة (السلطان العثماني سليم الأول سنة 1517 م)، وأول شيء قام السلطان بفعله بعد أن استقر في حكم دولة مصر، هو أنه قام بأخذ مئات من شيوخ الصنعة والحرفيون المهرة لعمل عشرات الحرف اليدوية والفنية المتوارثة، وتم نقلهم إلى مدينة إسطنبول، حتى يؤسسوا الصناعات والمنشآت الحرفية التي تماثل الموجودة في مصر، وأحصى ابن أياس المؤرخ الشهير عدد الحرف والمهن التي توقفت وانتهت بعد إخراج أصحابها من ديارهم، وتوصل أنهم حوالي 50 حرفة، ولأن مصر دولة خلاقة وولادة دائماً، فقد أنجبت سريعاً الأجيال الجديدة من المهنيين والحرفيين في هذه المجالات.

استمرت هذه المسيرة الحضارية حتى في حالة عدم العثور على رعاة لأصحاب الحرف بنفس الكمية التي كانت تتوفر لهم قبل ذلك، ومما لا شك فيه أن البصمات الخاصة بالمبدعين المصريين مازالت باقية فوق المنشآت ذات التصاميم الجميلة، والصروح المعمارية في كافة مدن تركيا، وأيضاً كانت بمثابة حجر الأساس في النهضة العمرانية التي قام بها الأشخاص الأتراك.


أهم الحرف اليدوية المصرية

• صناعة الفخار: تأتي مصر في مقدمة أفضل دول مُصنعة للفخار وتليها الدول العربية ودول الخليج، وصناعة الفخار موجودة في تلك الدول منذ عصور ما قبل التاريخ ومازالت الاجيال تحدث وتطور في صناعة الفخار وتتوسع في استخداماته

صناعة السجاد اليدوي: تمتلك مصر دوراً مميزاً في صناعة السجاد، الذي يصنع من الصوف القديم والنادر، فهي أقدم وأهم الحرف التي اشتغل بها الإنسان، فهي بدأت في عهد الفراعنة، منذ حوالي 5 آلاف سنة قبل الميلاد باستخدام القطن والكتان، لأنهما المحصولات اللذان اشتهرت بهما مصر في ذلك الوقت.

صناعة النسيج

صناعة الأخشاب

صناعة الكروشيه والتطريز على القماش

المنتجات التي تصنع بخامات النخيل: أشغال الخوص وبسط الحصير

أزياء بتطاريز شعبية

الفنون التشكيلية للنحاس

عسل النحل

مشروعات صغيرة.. تلائم احتياجات السوق والأذواق العصرية

وتتميز المنتجات المعروضة بالجودة والذوق الرفيع والتنوع، يتم عرضها من مختلف محافظات مصر رافعةً شعار “فنون من كل حتة في مصر”، وبالنظر إلى أي منتج ستجده مكتوبٌ عليه وبكل فخر “صنع في مصر”.

ويشارك في المعرض ما يزيد عن 600 مشروع وعارض من جميع محافظات مصر ومختلف الوزارات والجهات المعنية بتنمية المشروعات الصغيرة، حيث يعرضون مجموعة كبيرة ومتنوعة من المنتجات اليدوية التي تتميز بها كل محافظة من محافظات الجمهورية.

كما يضم المعرض عدة أجنحة يتم عرض كافة المشروعات الصغيرة بها، بالإضافة إلى استضافة معارض للدول الشقيقة كالإمارات والأردن والسودان.

وتعكس هذه الاستضافة الإرادة السياسية التي تهدف لتقوية العلاقات الاقتصادية والثقافية والتجارية بين مصر والدول العربية وتبادل الخبرات في مجال دعم وتنمية قطاع المشروعات الصغيرة، حيث تتيح مشاركة هذه الدول في المعرض الفرصة لتشجيع التبادل التجاري بين أصحاب المشروعات الصغيرة في مصر وفي هذه الدول، ومساعدتهم على الانفتاح على أسواق تصديرية جديدة مما يمكنهم من الاستمرار في مشروعاتهم والتوسع فيها.

ومن أهم الأجنحة التي يضمها معرض “تراثنا” هو الجناح المخصص لمشروعات شباب المبادرة الرئاسية الأكبر “حياة كريمة”، التي تم إطلاقها في مختلف المراكز والقرى، وقد تم تطوير مشروعاتهم لتتلاءم مع احتياجات السوق والأذواق العصرية من مختلف الحرف التراثية.

وهذه المشاركة تعتبر ترجمة حقيقية لأهداف المبادرة التي تتمثل في مساعدة المواطن المصري على تطوير مهاراته وإمكاناته واستغلالها، ليتمكن من بدء مشروع جديد أو تطوير مشروعه القائم ليوفر مصدر اقتصادي مناسب للدخل يسهم في تحسين مستوى معيشته.

منصة «أياد مصر» للحرف اليدوية في معرض «تراثنا»


في ظل توجهات الدولة المستمرة نحو الرقمنة، التي تسعى دائماً لسهولة التواصل، تم إطلاق منصة “أيادي مصر”، وهي منصة إلكترونية أطلقتها وزارة التنمية المحلية بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، تستهدف دعم وتمكين المرأة والشباب لتسويق المنتجات والحرف اليدوية على الإنترنت للمساعدة في تسويقها داخلياً وخارجياً. لتكون أول منصة إلكترونية لتسويق منتجات الحرف اليدوية المصرية. وتهدف إلى: تطوير أسواق البيع والشراء والدفع والتحصيل الإلكتروني في مصر، ودعم أصحاب المشاريع وزيادة كفاءة سلاسل الإمداد، وخفض الأسعار النهائية للمستهلكين وتنمية المجتمع المصري، ليتم إنعاش النمو الاقتصادي ومساندة استراتيجية الدولة للتحول الرقمي.

الموقع الإلكتروني لـ “أيادي مصر”: https://ayadymisr.com/

“تراثنا” هو إنجاز مصري جديد يروج للحرف التراثية والفنية، ويشجع على تبادل الخبرات بين الحرفيين، ويشجع الشباب الراغب في تعلم الحرف اليدوية للبدء في مشروعاتهم الخاصة، وذلك من خلال العروض الحية عن الحرف اليدوية داخل المعرض، للحفاظ على هذه المهن من الاندثار، ونشر الثقافة الفنية بين مختلف الأجيال، لنقولها وبكل فخر” صنع في مصر”.

Website |  + posts

باحثة بالمرصد المصري

مي صلاح

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى