
“الإفراج عن 6426 سجينا” وموافقات على منح أجنبية.. قراءة في تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الانسان
كشف تقرير الانجازات الربع سنوي الذي أصدرته اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان ؛ نهجا جديدا تقوم به الحكومة المصرية في التعامل مع قضايا حقوق الانسان.
ولجأت اللجنة إلى توفير المعلومات الخاصة بتطورات الأوضاع على مستوى الحقوق المدنية والسياسية من جانب والحقوق الاقتصادية والاجتماعية من جانب اخر .
وتختص اللجنة بموجب قرار رئيس الوزراء بإعداد ومتابعة احترام أجهزة الدولة لكافة الحقوق والحريات المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية المتضمنة في الدستور والتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية والإقليمية المنضمة إليها مصر.
وتواجه مصر تحديات عديدة في مجال حقوق الانسان خاصة في ظل الانتقادات الدائمة التي توجهها مؤسسات حقوقية دولية لأوضاع حقوق الانسان في مصر والتي تفتقر في معظمها لمعايير الدقة والحياد وخضوعها ل”التسييس الفج”من جانب الباحثين والمعدين لتلك التقارير فضلا عن إعلان جماعة الاخوان المسلمين المصنفة إرهابيا عن استخدام منظمات حقوق الانسان كسلاح ضد الدولة المصرية عبر تمرير معلومات مغلوطة تتعلق بأوضاع السجون المصرية والحريات المدنية والسياسية بصفة عامة .
وكان الملاحظ على الردود المصرية السابقة الاكتفاء بالرد الدبلوماسي الجاف في رفض ما يطرح والتشكيك في مصداقيتة دون تقديم ايضاحات أو معلومات للتصويب ، الا أن تقرير اللجنة حمل لأول مرة أرقاما واحصائيات ذات دلالة واضحة على تطور أوضاع الحقوق والحريات السياسية والمدنية وهو ما يعكس تحولا في منهج التعاطي معها مع الالتزام بمعايير الأمم المتحدة وآلياتها الحقوقية الدولية .
ويشير المنهج المتبع في التقرير إلى وجود جهد تقوم به اللجنة في الاتصال مع الوزارات المعنية للحصول على تلك المعلومات وعرضها بشكل متكامل حيث تغطي عدة مجالات وهى تعزيز حقوق المرأة، الحق في تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية والانضمام إليها، معاملة السجناء وغيرهم من المحتجزين، تعزيز حقوق الطفل،الحق في الصحة، الحق في العمل، الحق في الضمان الاجتماعي، الحق في السكن اللائق.
كما يتناول التقرير أيضاً الجهود ذات الصلة ببناء القدرات ونشر ثقافة حقوق الانسان،والمبادرات والجهود المصرية في الإطار متعدد الأطراف في مجال حقوق الإنسان.
معاملة السجناء وغيرهم من المحتجزين
وكشف التقرير عن وصول قرارات الافراج والعفو الرئاسي إلى 6426 مسجونا وذلك خلال شهري يناير وفبراير 2021 ، كما أرسلت وزارة الداخلية خلال شهر يناير 2021 عددا من القوافل الطبية لسجون وليمانات المرج وأبو زعبل والقناطر والزقازيق والوادي الجديد.
ووقعت هذه القوافل الكشف الطبي على 13,848 سجينا وصرفت العلاج اللازم لهم وقدمت تطعيم ضد فيروس الكبد الوبائي فيروس B لعدد 12,313 سجينا. وخلال شهر فبراير 2021 أرسلت الوزارة قوافل طبية لسجون وليمانات دمنهور والإسكندرية وجنوب التحرير ومعسكر العمل وبرج العرب، وقدمت هذه القوافل تطعيم فيروس الكبد الوبائي “فيروس B” لعدد 10,763 سجينا بالاضافة الى اجراء 104 عمليات جراحية لنزلاء عدد من السجون خلال شهر يناير 2021 و إستمرار تطهير وتعقيم كافة مرافق السجون فى اطار خطة الدولة لمكافحة فيروس كورونا .
حقوق المرأة
وتناول التقرير تطورات أوضاع حقوق المرأة من خلال ربطها بجهود الدولة لمكافحة التمييز في المناصب العامة والتكليف الرئاسي بالاستعانة بالمرأة في مناصب قضائية مثل مجلس الدولة والنيابة العامة تفعيلاً للاستحقاق الدستوري بالمساواة وعدم التمييز .
ومراعاه ذلك أيضا فيما يتعلق بمنع التمييز القائم على الجنس فيما يتعلق بالوصول إلى القروض والتمويل، لمراعاة الظروف الخاصة للمرأة الأكثر احتياجاً.
الجمعيات والمؤسسات الأهلية
وقدم التقرير الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني باعتبارها شريكا أساسيا للحكومة في عملية تعزيز وحماية حقوق الإنسان بكافة أبعادها، وفي نشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع، وفي مواجهة الفكر المتطرف، ونشر ثقافة العمل التطوعي.
وأشار التقرير إلى أن لجنة صياغة اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الاهلية للكثير من المطالب التي أبدتها تلك الجمعيات فى القانون وان نتائج ذلك ظهرت بسرعة كبيرة حيث قامت الحكومة بتيسير حصول منظمات المجتمع المدني علي المنح حيث وافقت وزارة التضامن الاجتماعي يوم 6 فبراير على تلقي الجمعيات والمؤسسات الأهلية منحا من عدة منظمات وجهات مانحة بلغت أكثر من 88 مليونا خلال شهر يناير الماضي. ويذكر ان عدد الجهات المانحة بلغ 33 جهة قدمت 88 منحة لعدد 42 جمعية ومؤسسة أهلية.
بناء القدرات ونشر ثقافة حقوق الانسان
أكد التقرير حرص الدولة على تثقيف المواطنين بموضوعات حقوق الإنسان، وإطلاق العديد من الحملات الإعلامية حول قيم ومبادئ حقوق الإنسان واتجاه المؤسسات الدينية والحكومية بجهود عديدة لتأكيد قيم المواطنة، والتسامح، والحوار، ومكافحة التحريض على العنف والتمييز وهو جهد يتكامل مع التزام مصر بمواجهة الارهاب فكرياً.
وأشار التقرير إلى تطبيق ذلك بشكل عملي على العاملين في وزارة الداخلية حيث قام ضباط قطاع حقوق الانسان بوزارة الداخلية بإلقاء 48 محاضرة للعاملين بجهات الوزارة المختلفة خلال شهرى يناير وفبراير 2021، وتأتي هذه المحاضرات في إطار الدورات التدريبية المنعقدة بمختلف الكيانات التدريبية داخل الوزارة لنشر ثقافة حقوق الانسان.
و قيام قطاع الامن المركزي بعقد 55 لقاء لعدد من الضباط والأفراد والمجندين للتعريف بمبادئ حقوق الانسان.
ورصد التقرير إيفاد الضباط العاملين بأقسام مكافحة العنف ضد المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف مديريات الأمن لزيارة عدد من الأطفال لتقديم الدعم النفسي والمجتمعي لهم ولأسرهم والمساعدة في احتواء الآثار النفسية التى لحقت بهم نتيجة تعرضهم لوقائع اعتداء بدني أو جنسي.
ألمح التقرير إلى اهتمام وزارة الداخلية باتخاذ العديد من الخطوات لبناء قدرات وتدريب القائمين على إنفاذ القانون في هيئة الشرطة، وتطويرالعمل بالمؤسسات الشُرطية في مجال حقوق الإنسان، وتعميم مدونات سلوك وأخلاقيات العمل الشُرطي، وتعميم عدد من الكتيبات بشأن حقوق الإنسان على أعضاء هيئة الشرطة.
وعلى الصعيد الدبلوماسى رصد التقرير جهود الخارجية المصرية في مجال الدفاع عن حقوق الدول النامية في استرداد ثرواتها المنهوبة من الخارج عبر قرار دولى من الامم المتحدة .
وأكد التقرير وجود إرادة سياسية عازمة على تنفيذ كافة التزامات مصر في مجال حقوق الإنسان، حيث تعد حقوق الإنسان مكونًا مهما في “استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030”.
وبشكل عام يحتوى التقرير على حصيلة معلوماتية تعكس اهتمام الوزارات المعنية على إبراز جهودها فى مجال حقوق الانسان وهو ما يعني تحول حقوق الانسان إلى مكون في العمل اليومي للحكومة المصرية وهو تطور لافت في أداء الدولة المصرية .
استجاب التقرير لطلب ملح من جانب الآليات الدولية والمنظمات الحقوقية المحلية التى نادت لسنوات بتوفير المعلومات الخاصة بالاوضاع في السجون وأماكن الاحتجاز وكذلك منهج تدريب عناصر الأمن وهو ما يعكس جدية عمل اللجنة فى توفير المعلومات بشفافية وفى توقيات متقاربة يمكن من خلال الحصول على دلالات ذات قيمة إحصائية يمكن اخضاعها للتحليل الكمى والكيفى والوصول إلى مؤشرات ودلالات على تقدم أوضاع حقوق الانسان في الشق المدني والسياسي.