السودانالسد الإثيوبي

وزير الري السوداني: إذا فشلت مفاوضات “السد الإثيوبي” من حق السودان الدفاع عن أمنه القومي بجميع السُبل المشروعة

قال ياسر عباس، وزير الري السوداني، إنه لا يوجد مستجدات كثيرة في مسار المفاوضات خلال الفترة القليلة الماضية منذ أن توقفت في 10 يناير الماضي، ومن ثم قدم السودان مقترحا حظى بمساندة قوية من مصر لتوسيع مظلة المفاوضات بضم الأمم المتحدة للمراقبين الحاليين وهم «الاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية»، حتى تتحول الأطراف الأربعة من مراقبين إلى مسهلين ووسطاء لكسر جمود المفاوضات ومساعدة الدول الثلاث على التوصل لاتفاق قانوني مُلزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة يراعى مصالح الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا، ويخاطب مخاوفهم.

وأوضح عباس لـبوابة «الشروق» في أول حوار لصحيفة مصرية والمنشور بعددها الصادر اليوم السبت 13 مارس 2021، وذلك على هامش زيارته إلى القاهرة، أن النقاط الفنية العالقة بشكل عام تتعلق بنظم وآليات ملء وتشغيل السد، وتبادل المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع سنوات الجفاف المتعاقبة والممتدة، وهي نقاط محدودة يمكن الوصول فيها إلى اتفاق متى توافرت النوايا الحسنة والإرادة السياسية.

سد النهضة يؤثر على 20 مليون سوداني … في ظل تعنت إثيوبي

ولفت عباس إلى أن عدم وجود اتفاق حول آلية الملء والتشغيل للسد، فضلا عن تبادل البيانات بصورة منتظمة يؤثر ذلك سلبا على تشغيل وسلامة «سد الروصيرص» بالسودان، والذى لا تتعدى سعته التخزينية 10% من سعة سد النهضة، لقرب المسافة التي تفصل بينهما التي لا تتعدى 100 كيلو متر فقط! وتبعد بحيرة «سد الروصيرص» أقل من 20 كيلو مترا من سد النهضة ما يحد من قدرة السودان على التخطيط الجيد لتشغيل السد مما يؤثر سلبا على حياة المواطنين في جميع أنشطتهم من مياه الري إلى مياه الشرب، وتوليد الكهرباء والبنى التحتية، وليس في خزان الروصيرص فحسب، بل في جميع شبكة الخزانات والمنشآت المائية السودانية على النيل الأزرق والنيل الرئيسي.

وأوضح أن السودان اقترحت تشكيل الرباعية الدولية للوساطة، لعدة أسباب أهمها «عدم جدوى منهجية وآلية التفاوض المتبعة سابقا، وعدم إعطاء دور فاعل للخبراء للتقريب بين وجهات نظر الأطراف الثلاثة» ولأن السودان هو المتضرر الأول من عدم الوصول لاتفاق لذا كان حريصا على البحث عن بدائل تُمكن الأطراف الثلاثة من التوافق، وذلك بإشراك جهات مؤثرة كانت شريكا في المفاوضات بصفة مراقب بالإضافة للاتحاد الإفريقي، ومن ثم هما على دراية كاملة بجميع مراحل التفاوض السابقة وتم إضافة «الأمم المتحدة» بما تمثله من ثقل وتمثيل للدول الأخرى.

وعن رأيه حول إصرار الجانب الاثيوبي على عدم توقيع اتفاق قانونى مُلزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، أشار عباس إلى أن الجانب الإثيوبي يحاول بهذه المواقف إقحام ملف آخر لا علاقة له بسد النهضة، وهو «تقاسم المياه» والذى لم يكن من الأساس ضمن بنود التفاوض، ولم يتم التطرق إليه في اتفاق إعلان المبادئ المُوقع بين الدول الثلاث عام 2015، والذى اقتصر على ملء وتشغيل سد النهضة فقط، كما تتوهم إثيوبيا بصورة خاطئة أن الاتفاق على ملء وتشغيل السد قد يضع قيودا على استخدامها لمياه النيل مستقبلا، في الوقت الذى أكد فى السودان ومصر احترامهما لحق إثيوبيا في تطوير استخدام مواردها المائية في المستقبل وفقا لمبادئ القانون الدولي، ونرى أن غياب الإرادة السياسية هو السبب في عدم الوصول لاتفاق.

وشدد عباس على أن الخرطوم والقاهرة اتفقتا على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني مُلزم وعادل للدول الثلاث لملء وتشغيل سد النهضة، وكما ذكرت سلفا فإن ملء سد النهضة دون اتفاق يُشكل تهديدا مباشرا لحياة أكثر من 20 مليون مواطن سوداني يعيشون على ضفتي النيل الأزرق والنيل الرئيسي، من «الروصيرص» وحتى مدينة عطبرة، لذا اقترح السودان توسيع وترفيع آلية المفاوضات، ونأمل أن يتبنى الاتحاد الإفريقي برئاسة جمهورية الكونغو الديموقراطية حاليا ذلك المقترح.

وعن نقطة اللا عودة لحل أزمة سد النهضة قال عباس: “نحن نأمل في التوصل لاتفاق قانونى مُلزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة ونعمل من أجل ذلك، مع الالتزام بالقانون الدولي وذلك لعدم إلحاق الضرر بالسودان ومواطنيه وأمنه القومى، ونرى التفاوض مع حُسن النوايا والإرادة السياسية الفاعلة هى الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك الهدف، وأن الهدف نفسه قابل للتحقق قبيل شهر يوليو القادم”.

موضحًا أن السودان يعمل جاهدا للتوصل لاتفاق قبل شروع إثيوبيا في الملء الثاني للسد، لذا تم اقتراح توسيع دائرة المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، مؤكدا على أنه إذا فشلت تلك المساعي فمن حق السودان الدفاع عن أمنه القومي ومواطنيه عبر جميع السُبل المشروعة التي تكفلها القوانين الدولية.

خطط تطوير

وعن خطط السودان لتطوير سُبل استخدام موارده المائية من نهر النيل ومنابعه ومن مياه الأمطار، أكد وزير الري السوداني على استخدام التقنيات الحديثة للتعامل مع الموارد المائية المختلفة والاستخدام العقلاني الراشد للمياه لتعظيم فائدتها، والحد من الفاقد هى أنجح السُبل للوصول للأمن المائي، لافتًا إلى أن هناك برامج طموحة لحصاد المياه فى السودان خاصة فى المناطق التى تبعد من النيل فى «كردفان، دارفور، وشرق البلاد».

تعاون مصري سوداني

وعن المشروعات التى اتفقت عليها مصر والسودان لتطوير مواردهما المائية والتعاون فى مجال تحسين نظم ري الأراضي الزراعية، أكد عباس على أن السودان ومصر دولتان شقيقتان، ولديهما علاقات طيبة فى مختلف مجالات تبادل الخبرات الفنية وتطوير الكوادر الفنية، لتحسين سُبل استخدام الموارد المائية من أجل فائدة مواطنى البلدين، والتى تنعكس بشكل إيجابى على كل الإقليم، مشددًا على إنه يعمل مع وزير الري المصري على التنسيق فى ملف سد النهضة للوصول لاتفاق قانونى مُلزم وعادل للدول الثلاث، مشيدًا بموقف مصر الداعم لمقترح السودان فى تكوين الوساطة الرباعية للتوصل إلى اتفاق «مُرض» بشأن ذلك الملف.

وعن آفاق التعاون بين دول حوض النيل على ضوء الخبرات المشتركة من الماضي القريب، أكد عباس أن الأنهار المشتركة يُمكن أن تصبح قاعدة للتعاون الإيجابى بين الدول المختلفة إذا توافرت الإرادة السياسية، ومن ثم فهو يتوقع أن تصل دول حوض النيل إلى تكامل فيما بينها للاستثمار فى المياه من أجل تحقيق مكاسب لجميع الدول حسب الإمكانيات المتاحة لكل منا.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى