مقالات رأي

وزير الخارجية في مقال بصحيفة “واشنطن تايمز”: حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل

نشرت صحيفة Washington Times مقال رأى للدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة بعنوان “حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل” وذلك في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

لقد توليت منصبي كوزير للخارجية المصرية في منعطف حرج. تواجه المنطقة مزيجًا غير مسبوق من التحديات. والقرارات المتخذة اليوم لمعالجة هذه الأزمات ستحدد مسار الشرق الأوسط لعقود قادمة.

في حين كان الشرق الأوسط تاريخيًا منطقة معقدة مشوهة بالصراعات الداخلية والخصومات التاريخية والنزاعات السياسية، إلا أن المنطقة لم تشهد أي شيء يعادل ما نشهده اليوم.

يستمر الفلسطينيون في تحمل حرب شرسة هزت ضمير العالم؛ وتكافح ليبيا الاستقطاب السياسي؛ ويعاني السودان من صراع داخلي أدى إلى أزمة إنسانية عميقة؛ وتُنتهك أراضي لبنان مرارًا وتكرارًا، مما يؤدي إلى نزوح جماعي لمواطنيه؛ وتواصل اليمن السعي إلى تسوية سياسية شاملة؛ وتسعى سوريا إلى إنعاش نفسها بعد عقد من الاضطرابات.

حتى في جوار المنطقة، لا تزال سلامة أراضي الصومال معرضة للخطر، ويواجه البحر الأحمر أنشطة مزعزعة للاستقرار تؤثر على الملاحة البحرية الدولية. إن المنطقة تشتعل بالأزمات المتزامنة المتعددة الأبعاد التي ترسم مشهدًا مشؤومًا.

وفي حين تستحق كل هذه التحديات الجيوسياسية والتهديدات العابرة للحدود الوطنية الاهتمام الفوري، فإن أي قضية لم تحظ بقدر أعظم من الاهتمام على مستوى العالم في العام الماضي من حرب إسرائيل في قطاع غزة. ففي العام الماضي، أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 42 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 100 ألف آخرين، وتدمير 85% من البنية الأساسية العامة في غزة، ونزوح أكثر من 70% من سكان غزة.

كان من المفترض أن تكون الحرب العالمية الثانية نهاية كل الحروب التي تستهدف المدنيين. وقد صُممت اتفاقيات جنيف لعام 1949 لإرساء نظام قانوني جديد، وخلق محظورات قانونية وأخلاقية ضد استهداف المدنيين أثناء الحروب والصراعات. وقد أدى العام الماضي إلى تقويض أساس أساسي من أسس نظامنا الدولي القائم على القواعد وسيادة القانون العالمية.

ومن المؤسف أن إسرائيل لا تزال تتبنى نفس النهج قصير النظر والمضلل الذي سيطر على عقيدتها الأمنية لعقود من الزمان: وهي أن القوة الساحقة والإكراه سيضمنان أمنها وسيؤديان في نهاية المطاف إلى اليأس بين الفلسطينيين لممارسة حقهم في تقرير المصير. وقد تبنت هذه العقيدة مرارا وتكرارا على الرغم من عدم تحقيق نتائج دائمة.

لعقود من الزمان، لجأت إلى الاحتلال المستمر والضم والاغتيالات المستهدفة واستخدام القوة والبناء المتواصل للمستوطنات غير القانونية في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة مع أعمال العنف المستمرة من قبل المستوطنين.

ولتحقيق السلام والأمن، يتعين علينا تبني عملية محددة ومحسوبة لإبعاد الفلسطينيين عن اليأس والبؤس وتقديم بديل وفي نهاية المطاف مستقبل من الأمل والكرامة – مستقبل حيث يمكنهم الحكم بحرية في دولة ذات سيادة خاصة بهم.

وعلى هذا النحو، يتعين علينا معالجة السبب الجذري للصراع وليس أي أعراض. ​​يجب أن ينتهي احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، ويجب على الفلسطينيين ممارسة حقهم في تقرير المصير بما يتفق تمامًا مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

إن التاريخ يعيد نفسه. إننا نشهد سياسة متكررة من الانتهاكات الإقليمية والاغتيالات المستهدفة وتدمير البنية الأساسية العامة. لم ينجح أي من هذا في الماضي، ولن ينجح في المستقبل.

إن استخدام القوة لا يخدم قضية السلام، ولا يضمن الأمن. بل على العكس من ذلك، فإنه يولد مشاعر الانتقام والعداوة والانتقام. ويؤدي إلى تطرف الأجيال الناشئة. ويحفز التجنيد للمنظمات المتطرفة. ويدمر آفاق التعايش السلمي.

إن المشاعر الوطنية الفلسطينية لن تذبل أو تتكسر بسبب الاستفزازات المتكررة. ولو كان الأمر كذلك لكان الفلسطينيون قد تخلوا عن تطلعاتهم منذ عقود من الزمان. إن التاريخ يقدم دروسًا قيمة، ولكن فقط إذا كان هناك استعداد لتعلمها.

فبدون السعي الجاد إلى إقامة الدولة الفلسطينية، فإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سوف يظل حبيسًا لدورات دائمة وخبيثة من العنف والعنف المضاد من شأنها أن تعرض الفلسطينيين والإسرائيليين للخطر. ويتعين علينا أن نعمل بشكل جماعي ضد مثل هذا السيناريو وأن نواصل السعي إلى حل الدولتين الذي يوفر السلام والأمن لكلا الشعبين. إن هذا هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق إذا أردنا تجنيب الأجيال الفلسطينية والإسرائيلية المستقبلية ويلات الحرب والإرهاب. وتواصل مصر العمل بلا هوادة لتحقيق هذه الغاية. لقد كنا الدولة الرائدة في السعي إلى السلام في الشرق الأوسط، وكانت الدولة العربية الأولى التي توقع معاهدة سلام مع إسرائيل. ولكن هذا الإنجاز لم يكن ممكنًا إلا بفضل القيادة الجريئة الثاقبة التي تجاوزت سياسات اللحظة وقدمت رسالة قوية وطويلة الأمد تمزج بين الإنسانية والعدالة لتعزيز السلام والأمن للجميع.

إن الشفاء بين الأجيال بين الفلسطينيين والإسرائيليين ممكن بالفعل، ولكن فقط عندما يتمتع كلا الشعبين بالكرامة والاستقلال في دولتهما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى