أفريقيا

صحيفة أمريكية: رئيس الاستخبارات الصومالية هو رجل القاعدة في مقديشيو

عرض – نرمين سعيد

ذكرت صحيفة ” واشنطن اكسمينير” الالكترونية أن الصومال غدت ” حفرة” تمتص أموال الولايات المتحدة وفي السنوات الأخيرة فقط ضخت الحكومة الفيدرالية الأمريكية مئات الملايين من الدولارات داخل البلد الأفريقي.
ووفقًا للصحيفة فإنه قبل شهر واحد فقط وقع السفير الأمريكي دونالد ياماموتو ووزير المالية الصومالي عبد الرحمن دوالي اتفاقًا تضمن خفض ديون الولايات المتحدة على الصومال وعلقت السفارة الأمريكية على الاتفاق فقالت أنه مع الوصول إلى المراحل النهائية من الاتفاق ستكون واشنطن قد اقتطعت مليار دولار من ديون الصومال.
ويبدو أن هذا الاقتطاع السخي من الديون ليس إلا غيض من فيض لأن ياماموتو الذي شغل منصب مساعد وزير قبل الوصول لمنصبه الحالي يؤمن بأن تحويل الأموال إلى مقديشو يمكن الصومال من شراء الحلفاء والأصدقاء وفقًا للاستراتيجية التي يعمل بها.
ويشير التقرير إلى أن معظم الاستثمارات الأمريكية كانت تستهدف شخص الرئيس محمد بن عبد الله ولكن من الأوضاع الحالية يتضح أن خطة الولايات المتحدة في الصومال لم تؤت ثمارها. فقد فعل الرئيس الحالي ما يؤكد أنه انتهج سياسة سلفه سياد بري الذي قاد فساده وتعطشه للعنف لانهيار مفاصل الدولة الصومالية.
وعلى الرغم من أن الرئيس الحالي ” فرماجو” كما يعرف وسط الصوماليين هو ظاهريًا من يدير البلاد ولكن أقوى رجل هناك في الوقت الحالي هو رئيس وكالة الأمن والاستخبارات الوطنية ” فهد ياسين حاجي ضاهر” وتبوء جهود الرئيس الحالي بالفشل أثناء محاولته تجميع حلف مضاد لرئيس وكالة الاستخبارات لأنه فعليًا من يبدو وكأنه يقود جهود مقديشو لهزيمة الإرهاب كما أن رئيس الوكالة الوطنية الصومالية للاستخبارات يشكل حركة وصل بين نظرائه في أجهزة مخابرات أخرى تسعى جميعها لدحر حركة الشباب الإرهابية المتفرعة عن تنظيم القاعدة.
وحسبما قيل فإن الولايات المتحدة تغدق الأموال بسخاء على الاستخبارات الصومالية إلا أنها ليست المصدر الوحيد لأن مقديشو تتلقى أموال من قطر وربما أيضًا من حليفتها تركيا.
وحسب التقرير فإن المفاجأة الأكبر أن ” فهد” ربما يكون رجل القاعدة في الصومال وهو ما تثيره شكوك بسبب الغموض في سيرته الذاتية ومبدئيًا وحسب وثائق كينية فإن هناك خلاف حول محل ميلاده.
فقد ولد ضمن عشيرة صغيرة تتمركز في المنطقة التي يقطنها الصوماليون في إثيوبيا وعندما كان فهد في الرابعة من عمره تقريبًا ، انفصلت والدته حليمة سعيد ضيري عن والده، وسافر فهد مع والدته من جدو إلى مقديشو ، حيث استقر في إحدى مدن الصفيح في حي هولواداغ بالعاصمة ، بالقرب من مكان حلقة بلاك هوك داون. وبجانب دراسته للقرآن فإن كل تعليمه المغاير كان عبارة عن دراسة ذاتية.
ووفقًا للصحيفة فعندما تزوجت والدته بشخص آخر في أواخر الثمانينيات ظهر التوتر على شخصية ” فهد” وكثير من الذين كانوا يعرفونه وصفوه بالـ” متعصب الديني” لأنه اجبر على أن يتبنى أسلوب زوج والدته المتشدد في الحياة حتى لا يتعرض للطرد من المنزل ولما استسلم فهد أعطاه زوج والدته الدروس الأولى في التطرف .
ويمضي التقرير فيشير في موضع آخر إلى أنه مع انهيار نظام سياد بري في عام 1991 فرت عائلة فهد إلى كينيا لوجود صلات عشائرية بين زوج والدته والدكتاتور ” بري” حيث وجدوا هناك الملاذ الآمن في مخيم للاجئين قرب مومباسا وتولى فهد وظيفة إمام مسجد والتقى بعبد الشكور علي ميرا وجمال محمد حسن وكلاهما متورطان في قضية الاتحاد الإسلامي وهي جماعة إرهابية وفقًا لتصنيف واشنطن وتتبع القاعدة عقائديًا وتنظيميًا . وليس من المستغرب إذا أن ” جمال ” يشغل منصب وزير التخطيط في الوقت الحالي ويحصل على أموال من واشنطن بينما يشغل عبد الشكور مقعدًا في البرلمان الصومالي.
وحسب التقرير فإنه بعد الفترة التي قضاها فهد في كينيا اتجه إلى نيروبي ودرس في مسجد الشارع السادس كما انضم زوج والدته للاتحاد الإسلامي وقتل لاحقًا في عام 1997 وكانت تلك نقطة التحول في حياة رئيس الاستخبارات الصومالية الحالي وهي اللحظة التي كون فيها بذور العداء للغرب والمسيحيين وبدأ التحدث عن التوغل الصليبي في الشرق الأفريقي.
ومع دخول شبكة الانترنت بقوة وظفها فهد واستطاع تكوين أتباع عبر بوابة رقمية راديكالية تحت مسمى Somalitalk وهي منصة تتناول السياسة من منظور إسلامي ، وهو الوقت الذي قيل فيه أنه سافر إلى اليمن لاستكمال تعليمه الديني في حين يقول البعض أنه توجه إلى باكستان ، بغض النظر فقد التقى عند عودته إلى الصومال فرح شيخ عبد القادر وهو سياسي بارز تخرج في الجامعة الإسلامية في إسلام آباد ووفقًا للتقرير فقد قدم الشيخ عبد القادر ” فهد” إلى وضاح خنفر الذي كان رئيساً لتحرير قناة الجزيرة القطرية حتى أنه عمل كمدرس لشؤون الدين لأبناء وضاح خنفر وذلك حتى حدوث طفرة في تقدم الإسلاميين في الصومال في أوائل عام 2006 وهو التوقيت الذي عاد فيه ” فهد” إلى بلاده كمدير لمكتب الجزيرة هناك ومن خلال تميزه انتقل إلى معسكر تدريب إسلامي حيث قام الشيخ حسن تركي وهو واحد من قدام المجاهدين في الاتحاد الإسلامي ومؤسس حركة الشباب بجولة شخصية مع فهد في المعسكر . وقد تمكن فهد من إجراء مقابلات مع شخصيات بارزة في حركة الشباب وقد كان المعسكر يأوي في وقتها عناصر من القاعدة مطلوبين في هجمات على سفارات واشنطن في كينيا وتنزانيا.
وفي نفس السياق أشار التقرير إلى أنه خلال الفترة التي أدار فيها رئيس المخابرات الصومالية مكتب الجزيرة في مقديشو تلقى تدريبات أيضًا تابعة للمخابرات القطرية حيث تمكن من خلال جواز سفره الكيني من التنقل بحرية أكبر وعلى نطاقات أوسع وتقديم الدعم لحركة الشباب.
ولكن في عام 2012 اختار أن يضطلع بدور أكثر نشاطًا في السياسة الصومالية عن طريق توظيف الأموال القطرية لشراء الأصوات داخل البرلمان الصومالي وقد كان يتفاخر باعتباره رجل قطر في الصومال حتى وقت قريب ، وفي عام 2016 شرع في توظيف الأموال القطرية لدعم حملة الرئيس الحالي وقد أسفر ذلك عن وجوده في منصبه الآن.
وقد عمد فهد ضمن خطته إلى الاعتماد على حلفائه الإسلاميين مقابل التخلص من الحرس القديم وعقب هجوم دامي نفذته حركة الشباب في أكتوبر 2017 مخلفة حوالي 500 ضحية ، عقد فهد صفقة مشبوهة مع الإرهابيين تضمنت الحد من عدد العمليات في العاصمة مقابل تمكين الحركة من فرض ضرائب على الشركات والمواطنين داخل العاصمة أيضًا ولذلك تهاجم الحركة الآن أهداف خارج الصومال.
كما عمل فهد في التصفية الجسدية إرضاء للمال القطري و في ديسمبر 2017 أعطى فهد أمر بشن هجوم على منزل سياسي منافس ، حيث قتلت قواته ستة حراس واعتقلت عبد الرحمن عبد الشكور على ما يبدو لأن قطر لا تثق في صلاته بأبوظبي . كما اتضحت علاقات فهد مع قطر والإرهاب بعد تسريب مكالمة هاتفية تشير إلى أن قطر أمرت بشن هجوم إرهابي على بوساسو ، الميناء الرئيسي في بونتلاند.
وبالعودة إلى واشنطن فإن الدول الكبرى التي تستثمر في السلام والتنمية لسنوات طويلة تأبى أن تعترف بأن الخطط قد تخرج عن مسارها حتى حين تتوافر الأدلة حيث لازالت الأموال الغربية تتدفق إلى الصومال على الرغم من أن الرئيس الصومالي الحالي لا يحرك ساكنًا حول رئيس استخباراته وعلاقاته المشبوهة ولذلك يجب أن تكون هناك وقفة واضحة من واشنطن تتضمن إقالة رئيس المخابرات المتطرف والتحقيق معه بشأن صلاته بالقاعدة وحركة الشباب.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

نيرمين سعيد

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى