كورونا

بعد الإعلان عن فاعلية لقاح مودرنا “على العالم أن يتفاءل بحذر”

إعلان جديد بعث برسالة أمل بعد توصل شركة التكنولوجيا الحيوية “مودرنا ” الأمريكية للقاح لفيروس كورونا تحت مسمى mRNA بفعالية وصلت إلى 95% تقريبًا، وقد جاء هذا الإعلان ملحقًا بما توصلت إليه شركةPfizer  من نتائج مقاربة عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات الأمريكية والتي جعلت البعض يفهم تأخير الإعلان على أن المقصود منه “أسباب سياسية”.

ووفقًا لما صرحت به شركة Moderna  فإن تجارب اللقاح شملت 30 ألف متطوع داخل الولايات المتحدة حيث انقسمت العينة كالتالي” 25% من الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة أو أكبر – 63% من البيض- 20% من أصل إسباني- 10 % من السود و 4% من الأمريكيين من أصل آسيوي”  حيث تم إعطاء نصفهم جرعتين من اللقاح حتى الآن بفاصل أربعة أسابيع بين الجرعة الأولى والثانية بينما تحصل النصف الآخر على حقن وهمية للقاح ، ووفقًا لما هو مستقر في الأعراف العلمية  يتلقى نصف المتطوعين لقاحًا، بينما يحصل النصف الآخر على دواء وهمي. ويكون المطورون قادرون على تقييم لقاح “مودرنا” عندما يصاب 95 شخصًا بأعراض كورونا، وتعتمد فعالية اللقاح على كون النسبة الأقل من الإصابات بين هؤلاء الذين تلقوا اللقاح. 

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Downloads\STAT_Moderna02-1600x900.jpg

وما تم الإعلان عنه هو أن خمسة أشخاص فقط من الذين تلقوا اللقاح أصيبوا بكورنا بينما التسعين الآخرين كانوا من الذين تلقوا العقار الوهمي وتقول الشركة المنتجة أنه سيكون لديها 20 مليون جرعة متاحة في الأسابيع القادمة فيما تأمل في أن تكون قادرة على إنتاج مليار جرعة من اللقاح ذي الفاعلية التي وصلت إلى 94.5% والحصول على موافقات من دول أخرى حول العالم.

 ولكن على الرغم من ذلك فهناك بعض الأسئلة حول مدة الحصانة وهي التي ستطلب إخضاع المتطوعين للمزيد من المراقبة عبر فترة أطول للتوصل إلى إجابة على هذا السؤال إلا أن ما تم التأكيد عليه هو أن اللقاح يوفر حماية للفئات العمرية الأكبر سنًا حيث أنه لم يتضح من التجارب أن اللقاح يفقد فعاليته عند التقدم في العمر.

 كما تم الإبلاغ خلال التجارب عن بعض الأعراض الجانبية التي تتضمن إجهاد بسيط وصداع، وهو ما علق عليه البروفيسور ” بيتر أوبنشو” في إمبريال كوليدج في لندن حول أن هذه التأثيرات الجانبية مقبولة ومتوقعة مع اللقاحات التي يكون لها تأثيرات إيجابية كبيرة وملحوظة.

فايزر أم مودرنا؟

بالمقارنة بلقاح شركة فايزر فإن كلا الشركتين اعتمدتا نفس المنهج في فك الشفرة الوراثية للفيروس لاستثارة استجابة مناعية، ولكن وفقًا لبعض العوامل فإن لقاح شركة مودرنا يتمتع بميزة نسبية تتضمن سهولة التخزين لأنه يظل صالحًا عند درجة حرارة أقل من 20 درجة مئوية لمدة تصل إلى ستة أشهر، بينما يمكن حفظه في الثلاجة لمدة قد تصل إلى شهر وعلى الجانب الآخر فإن لقاح شركة Pfizer   يتم تخزينه في درجة حرارة شديدة البرودة تصل إلى 75 درجة مئوية تحت الصفر بينما يمكن حفظه في الثلاجة لمدة خمسة أيام فقط.

أما عن طريقة عمل اللقاح فهو يعتمد على حقن جزء من الشفرة الجينية لفيروس كورونا في جسم الإنسان ومن ثم يبدأ في صنع بروتينات فيروسية، الأمر الذي يعد كافيًا لتحفيز جهاز المناعة على مواجهة الفيروس ويعتمد اللقاحان على إعطاء حقنتين للشخص الواحد يكون الفاصل بينهما عدة أسابيع.

تفاؤل حذر

 على أي حال فإنه قبل الإعلان عن لقاحات شركة Pfizer   و Moderna   كان الحديث يدور حول لقاح يوفر للجمهور فعالية بنسبة 50% ولكن بعد الإعلان عن الأرقام الحالية التي وصلت إلى فعالية نسبتها 95% بات الحديث عن نهاية الوباء والتخلص منه أمرًا واردًا ومنطقيًا وغير مبالغ في التفاؤل.

إلى الحد الذي ذهب فيه بعض الخبراء إلى سيناريو مفرط في التفاؤل رجح أن الوباء سينتهي بحلول الربيع المقبل، بينما المنتمون للمدرسة الواقعية أكدوا أننا لا يجب أن نتحدث عن انتهاء الوباء حتى في وجود اللقاحات الحالية قبل الشتاء المقبل ويقف الطرفان على الناحية الأخرى من الذين يجدون أننا نتحدث عن سنوات قبل التخلص من الوباء.

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Downloads\كورونا-في-إيطاليا.jpg

وبالانتقال للحديث عن توزيع جرعات اللقاح، فقد وافقت شركة مودرنا على تزويد الولايات المتحدة بـ 100 مليون جرعة مع وجود اختيار لتزويدها بـ400 مليون جرعة إضافية كما وقعت اليابان وكندا وسويسرا و قطر وإسرائيل اتفاقات مع الشركة الأمريكية للحصول على حصص من اللقاح، كما أن الاتحاد الأوربي يمتلك اتفاقية شراء ” محتملة ” لعدد من الجرعات يتراوح من 60 إلى 180 مليون حيث ستقوم هيئة الغذاء والدواء FDA بعمل تحليل نهائي لـ151 حالة من المشاركين في التجربة والذين ستتم متابعتهم لمدة شهرين على الأقل.

وبالنسبة لتركيب اللقاح فإن كلا الشركتين ” مودرنا” و ” فايزر” اعتمدتا على نفس التصميم الأساسي للقاح بإدماج جزء جيني يسمى RNA ويقع داخل فقاعة زيتية، بحيث يمكن أن تندمج الفقاعة في خلية عضلية لتوصيل الحامض النووي ويعطي هذا الجزيء تعليمات لبناء بروتين فيروس كورونا الذي يسمى ” سبايك”، وعندما تطلق خلية محصنة نسخًا من هذا البروتين فإن الجهاز المناعي يتعلم تكوين أجسام مضادة.

وتنعقد الآمال الآن حول إمكانية توفير جرعات كافية بحلول نهاية شهر يناير المقبل لتطعيم البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا والذين يعدون الأكثر عرضة للخطورة حال الإصابة بالفيروس ويليهم الفرق الطبية. 

ويخشى المنتمون للقطاع الطبي من أن المواطنين يمكن أن يتجهوا إلى تخفيف إجراءاتهم الاحترازية بعد الإعلان عن اللقاحين الواعدين، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع الأعداد بصورة كبيرة منذرًا بانهيار القطاعات الطبية في الكثير من الدول ويمكن أن تنفجر الأعداد تحديدًا في أوقات الأعياد المنتظرة ” عيد الشكر وميلاد المسيح”، لذلك فإن التفاؤل بانتهاء الوباء يجب أن يتضمن الحذر من اتجاه الأوضاع للأسوأ حال تخفيف الإجراءات الاحترازية. 

C:\Users\Nermeen.Saeed.ecss\Downloads\merlin_174491283_e02c149e-15a4-4e77-a05e-cd7319bdfa40-superJumbo.jpg

تقييم لقاح مودرنا

بدأت لجنة الأدوية البشرية عملية “مراجعة شاملة” للقاح الذي أعلنت عنه شركة مودرنا للتكنولوجيا الحيوية، ويستند قرار لجنة المنتجات الطبية للاستخدام البشري إلى النتائج الأولية للدراسات السريرية والدراسات غير السريرية التي تم الإعلان عنها، كما بدأت اللجنة بتقييم الدفعة الأولى من بيانات اللقاح والتي جاءت من الدراسات المعملية.

وفي نفس الإطار ستعمل اللجنة على مراجعة جميع البيانات المتاحة حول سلامة اللقاح بالإضافة إلى جودته من الناحية ” الدوائية” والتي تتضمن مكوناته وطريقة إنتاجه وكذلك ظروف التخزين الملائمة، وحسب التقديرات فإنه لا يمكن التنبؤ بالفترة التي سيستغرقها الأمر للبت في أمور المراجعة والتدقيق للقاح وجودته إلا أنها بطبيعة الحال يجب أن تكون أقل من الفترة المعتادة بالنظر إلى دقة الظرف الإنساني.

نيرمين سعيد

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى