
(5G) روسيا تواجه صعوبات في التحول الي
عرض – هايدي الشافعي
أصدر معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي دراسة بعنوان “تحول روسيا إلى شبكات الجيل الخامس: عالقة في التجاذبات التنظيمية”، تتناول الدراسة الصعوبات التنظيمية التي تواجهها روسيا في انتقالها نحو شبكات الجيل الخامس، وتطرح بعض التساؤلات حول إمكانية تحقيق التوازن بين مصالح النخب الأمنية، وفرص الدولة في اقتصاد رقمي حديث مدعوم بالقطاع الخاص؟ وهل ستستمر الصين في توسيع دورها في سوق الاتصالات المحمولة في روسيا، مما يعمق اعتماد موسكو على بكين؟ وفيما يلي عرض موجز لأبرز ما تناولته الدراسة:
يمثل قطاع “الاتصالات المتنقلة” قصة نجاح اقتصادي في روسيا، حيث تطور بسرعة مدفوعًا بأربعة مشغلي شبكات متنافسين قاموا ببناء شبكات اتصالات متطورة تعتمد على التكنولوجيا الأجنبية ورأس المال، ومع ذلك، بينما يستعد قطاع الاتصالات في روسيا للانتقال إلى شبكات الجيل الخامس “5G”، فإنه يواجه رياحًا معاكسة قوية، حيث يظل القطاع عالقًا في مسألة التجاذبات التنظيمية التي تؤخر تقديم “5G” على نطاق واسع لسنوات، ويمكن أن تضعف آمال الرقمنة في البلاد، كما حالت عملية التفاوض البطيئة بين أصحاب المصلحة المتعددين دون تدخلات سياسية معطلة من قبل الدولة الروسية، بينما دافع مشغلو الشبكات المملوكة للقطاع الخاص في روسيا عن استقلالهم ورفضوا اللوائح الصارمة لاستبدال الواردات، مما أبقى السوق مفتوحًا لشركاء التكنولوجيا الأجانب مثل “إريكسون” و”نوكيا” و”هواوي”. ومع ذلك، لا يمكن استبعاد تحولًا جذريًا في السياسة ناجمًا عن تطورات محلية أو عقوبات مستقبلية، سيؤدي ذلك إلى تقليل المنافسة في السوق والابتكار وربما تعميق اعتماد روسيا التكنولوجي على الصين.
تحديات نشر “5G” على نطاق واسع في روسيا
يعد قطاع الاتصالات الروسي مزدهرًا على الرغم من العديد من التحديات (بيئة شديدة التنظيم، ووجود متزايد للدولة، وتشديد مستمر لاستبدال الواردات ومتطلبات المراقبة)، وحول التقدم في شبكات الجيل الخامس، فقد دعا الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” مرارًا وتكرارًا إلى تسريع التقدم في شبكة “5G”، كما أعلن رئيس الوزراء “ميخائيل ميشوستين”، الذي تولى المنصب في يناير 2020، أنه سيعطي الأولوية للرقمنة في جميع مجالات الاقتصاد، ومع ذلك على الرغم من أن “الكرملين” أطلق برنامج “الاقتصاد الرقمي” الذي يمكن تحويله إلى تريليون روبل، إلا أنه لم يتم إحراز أي تقدم تقريبًا في تقنية الجيل الخامس لمدة عامين، حيث تعثر جميع أصحاب المصلحة في المفاوضات بشأن المسار الصحيح في المستقبل.
وإجمالًا، يمكن القول إن هناك ثلاث مشكلات رئيسة تمنع نشر “5G” على نطاق واسع في روسيا، وهي:
أولاً: تتعارض طموحات روسيا في التحول الرقمي مع مصالح نخبها الأمنية، حيث يعتبر الطيف الراديوي (3.4-3.8 جيجاهرتز) هو الأكثر استخدامًا لشبكة الجيل الخامس عالميًا، ولأسباب تاريخية، فهذا الطيف مشغول بكثافة في روسيا بواسطة تطبيقات الخدمات السرية والعسكرية.
ثانيًا: نظرًا لندرة الطيف الراديوي المتاح، قدّم منظم الاتصالات الروسي فكرة طرح شبكة “5G” واحدة، لتكون مملوكة ومستخدمة بشكل شائع من قبل جميع المشاركين في السوق، حيث سيتضمن ذلك انتزاع قدر أقل من الطيف الراديوي من السيلوفيكي، ولكن عارضت هذه الفكرة بشدة شركات القطاع الخاص في روسيا، الذين يخشون أن يفقدوا مركزهم في السوق وبالتالي استقلالهم عن الدولة.
ثالثًا: أصبحت التبعيات الدولية المرتبطة باستخدام معدات “5G” الأجنبية مشكلة في حد ذاتها، حيث أدت العقوبات الاقتصادية إلى زيادة الضغط على جماعات الضغط البديلة للاستيراد في روسيا، وتعمل هذه الجماعات بجد لاستبدال الواردات وجعل البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس “صُنع في روسيا” إلزامية، بينما يقاوم المشغلون الروس، لأن البديل الروسي لهواوي أو إريكسون أو نوكيا ليس في الأفق.
روسيا “الأربعة الكبار”
يهيمن على قطاع الاتصالات المتنقلة في روسيا أربع شركات كبرى، ثلاثة منها مملوكة لرجال أعمال مشهورين في روسيا، أولاً، “فلاديمير يفتوشينكوف”، الذي يسيطر على “MTS”، أما الملياردير الثاني فهو “ميخائيل فريدمان” ويسيطر على شركة “Vimpelcom”، أخيرًا، هناك “أليشر عثمانوف”، الذي يسيطر على المشغل الروسي الخاص الثالث “Megafon”، أما الشبكة الرابع “Tele2”، فيتم تشغيلها من قبل شركة Rostelekom المملوكة للدولة.
هل روسيا بحاجة إلى “5G”؟
لقد تأخر إدخال شبكات الاتصالات المتنقلة من الجيل الثالث والرابع في روسيا عن معظم الدول الغربية لعدة سنوات، يرجع جزء كبير من هذا التأخير إلى بطء تخصيص الطيف الراديوي لشركات النقل الروسية، ففي حين بدأ استخدام “3G” في الأسواق الأوروبية عام 2000، لم يبدأ استخدامه في روسيا قبل عام 2007، أما “4G” فبدأت في روسيا عام 2012، وينتظر المشغلون الروس إدخال شبكة “5G” إلى السوق الروسي بفارغ الصبر.
وبالرغم من أن عدد أجهزة المستخدمين النهائيين المسجلين في روسيا أوقف نموه الهائل في عام 2013 مع وصول السوق إلى مرحلة التشبع، أدى التوفر الواسع لشبكات “4G” بأسعار معقولة إلى زيادة في استخدام الإنترنت عبر الهاتف المحمول على مدى السنوات الخمس الماضية، كما واصلت حركة مرور الهاتف المحمول نموها الهائل في أوائل عام 2020 وتسارعت بشكل أكبر خلال جائحة COVID-19.
على جانب آخر، من المتوقع أن يمكّن الجيل الجديد للشبكات من تطوير خدمات رقمية جديدة، ويمكن أن يصبح حاسمًا للتقنيات التي تختبرها روسيا بالفعل، مثل السيارات ذاتية القيادة، كما يُعتقد على نطاق واسع أن تغير تقنية “5G” بعمق ليس فقط صناعة الاتصالات المحمولة، ولكن أيضًا جميع قطاعات الاقتصاد تقريبًا. وبالنظر إلى القوة النسبية لروسيا في التقنيات الرقمية، وآمال التطوير في أن تتجه نحو الرقمنة، فإن الثمن النهائي لفقدان قطار “5G” سيكون مرتفعًا، وكما أشار نائب رئيس الوزراء السابق “مكسيم أكيموف” “سنحكم على أنفسنا بالتخلف التكنولوجي”.
موقع “5G” في الاستراتيجية الروسية “للاقتصاد الرقمي”
هناك العديد من الوثائق والاستراتيجيات المتضاربة قيد التطوير، مما يجعل من المستحيل تحديد استراتيجية روسيا الرسمية بشأن الـ”5G”، حيث أجرت وزارة الاتصالات أول استكشاف مؤقت لإمكانيات “5G” لروسيا في عام 2015، وفي عام 2017، بدأت جهود أكثر جوهرية لصياغة استراتيجية وطنية للجيل الخامس في إطار البرنامج الحكومي “الاقتصاد الرقمي”، في عام 2018، أعيد تصميم برنامج “الاقتصاد الرقمي” ليصبح واحدًا من 13 “مشروعًا وطنيًا” في روسيا، وهي مبادرة استثمارية رائدة لفترة ولاية “بوتين” الثالثة في منصبه.
معالم “5G” في مخطط ديسمبر 2018 لبرنامج “الاقتصاد الرقمي” الوطني:
المصدر: مخطط البرنامج الوطني “الاقتصاد الرقمي” وتقديرات الخبراء.
ووفقًا لمخطط برنامج “الاقتصاد الرقمي”، فإن الخطوة الأولى على طريق روسيا نحو “5G” هي الموافقة على استراتيجية معدة بشكل مشترك، وحتى أغسطس 2020، لم يتم الوصول إلى الهدف.
قدم مشغلو الشبكات المسودة الأولى في نوفمبر 2018، وصوتوا للموافقة عليها في مجموعة عمل ANO “البنية التحتية للمعلومات”، التي تسيطر عليها الشركات الأربعة الكُبرى، ولكن في ديسمبر 2018، قدمت وزارة الاتصالات مسودة ثانية، والتي تناقضت مع اقتراح المشغلين في عدة نقاط، ورفضها فريق العمل، وظلت المفاوضات بين الأطراف في حالة شد وجذب حتى يناير 2020، عندما قام “بوتين” بتغيير حكومي، ثم استؤنفت المفاوضات حول “5G” مع القيادة الجديدة للوزارة.
على صعيد آخر، تم إطلاق عملية استراتيجية موازية في يوليو 2019، بحضور “فلاديمير بوتين”، حيث وقعت شركتا Rostelekom وRostec اتفاقية مع الحكومة لإنتاج خارطة طريق حول “شبكات الهاتف المحمول من الجيل الخامس”، وتم تقديم المسودة في ديسمبر 2019، حيث يتضمن الاتفاق إنتاج 20000 محطة قاعدية 5G “صنع في روسيا” بحلول عام 2024، و 200000 محطة بحلول عام 2030، والتي يجب تصديرها لاحقًا للخارج، وتحدد خارطة الطريق الحاجة إلى إعانات بمليارات الروبلات من قبل الدولة، ومنذ ذلك الحين أصبحت متطلبات استبدال الواردات هي النقطة الشائكة في عملية المساومة.
أزمة “النطاق الذهبي” في روسيا
يعد الطيف الراديوي الأكثر توزيعًا لشبكات “5G” دوليًا هو النطاق (3،4-3،8 جيجا هرتز)، والذي يشار إليه في روسيا باسم “النطاق الذهبي” (zolotoy diapazon)، نظرًا لخصائصه الفائقة، بينما تحظى الترددات البديلة حاليًا بأولوية متدنية بين منتجي ومشغلي معدات الجيل الخامس، نظرا لعدم ملاءمتها سواء لإرتفاع التكلفة او انخفاض القدرة.
وتكمن الأزمة في أن “النطاق الذهبي” الروسي يشغل حاليًا عددًا كبير من التطبيقات المدنية والعسكرية، ولكن بالنظر للماضي سنجد ان إدخال 3G و 4G عانى من مشكلة مماثلة، وقد تم حلها في الماضي عن طريق نقل التطبيقات الحالية إلى جزء مختلف من الطيف الراديوي، ومع ذلك، فإن هذه العملية مكلفة وتنطوي على مخاطر فنية وأمنية، وفي حالة النطاق الذهبي الروسي، فهي معقدة بشكل خاص، نظرًا لنوع المستخدمين للنطاق، حيث يشمل المستخدمون الحاليون للنطاق مزودي خدمة الإنترنت اللاسلكية الثابتة وأنظمة الترحيل الراديوي ورادارات الطيران متوسطة المدى (مثل المستخدمة بواسطة نظام الدفاع الجوي الروسي S-400) وخدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وهنا تكمن المشكلة، حيث أن وزارة الدفاع تشغل أقمارها الصناعية وتتواصل معها من خلال 1400 محطة قاعدية، ثابتة ومتحركة، على الطيف الراديوي المطلوب، كما يستخدم الجيش وخدمة الحماية الفيدرالية (FSO ، وهي وكالة خاصة لحماية الرئيس وغيره من المسؤولين رفيعي المستوى) الطيف ذاته لنظام اتصالات الطوارئ الخاص بهم.
وبالرغم من أن التعقيد التقني لتصفية “النطاق الذهبي” لـ “5G” مذهل بالفعل، فإن المهمة الأكثر صعوبة هي إقناع النخب الأمنية في موسكو بالتخلي عن تردداتهم مقابل تقنية قد لا يرون أنها ضرورية بالنسبة لروسيا، وليس لدى مشغلي الشبكات ولا السلطات المدنية في الحكومة الروسية قوة ضغط كافية للتغلب على هذه المقاومة، الأمر الذي جعلهم يطلبون من الرئيس “بوتين” التدخل مباشرة، ومع ذلك، في أغسطس 2019، أيّد “بوتين” بدلاً من ذلك موقف مجلس الأمن الروسي بعدم مسح الترددات المطلوبة، تاركًا النطاق (4.4-4.9 جيجاهرتز) فقط لشبكة “5G” كأقرب بديل افتراضي، ومع ذلك، لم يفقد المشغلون الأمل، وأثير سؤال التردد مرة أخرى في محادثة بين مشغلي الشبكات وبوتين في يونيو 2020، وتجري مناقشة العديد من المخططات للتوصل إلى اتفاق.
Yشكالية وجود شبكة “5G” موحدة لعموم روسيا
يضع الصدام الحادث بين siloviki ومشغلي الشبكات وزارة الاتصالات (المسؤولة عن ضمان تقدم روسيا في 5G) في موقف صعب، للوفاء بالمواعيد النهائية الرسمية لـ 5G، تريد وزارة الاتصالات من المشغلين توحيد قواهم وبناء شبكة واحدة يتقاسمها جميع المشاركين في السوق، حيث سيتضمن ذلك انتزاع قدر أقل من الطيف الراديوي من السيلوفيكي، مع تكلفة أقل.
من ناحية أخرى، يرى مشغلو الشبكات أن سيناريو “المشغل الفردي” هو النهج الأسوأ، ويوصون “بتعاون محدود” بدلاً عن ذلك (حيث يتم مشاركة ما يصل إلى 70٪ من المحطات القاعدية بواسطة مشغلين اثنين)، وعلى الرغم من أنهم يصنفون الشبكة الفردية في المرتبة الثانية من حيث الإنفاق الرأسمالي، إلا أنهم يشيرون إلى مخاطر المنافسة في السوق والابتكار وجودة الخدمة إذا تم إنشاء شبكة واحدة فقط بواسطة مشغل واحد، كما يرى المشاركون في السوق أيضًا مخاطر فنية وسياسية أعلى مرتبطة بالشبكة الواحدة، وبالمثل، أعربت دائرة مكافحة الاحتكار في روسيا عن مخاوفها بشأن فكرة “المشغل الفردي”، واصفة إياها بأنها تنطوي على مخاطر بالنسبة للدولة والشركات والمستهلكين.
بالإضافة إلى ذلك، إذا تم إنشاء شبكة مشتركة واحدة، فستكون جودة خدمة “5G” لجميع المشغلين على نفس الدرجة، وهذا من شأنه أن يحرم المشغلين البارزين مثل MTS من ميزتهم التنافسية، بينما قد يكون المشغلون الآخرون، وخاصة شركة Tele2 المملوكة للدولة هي الفائز في شبكة 5G مشتركة، حيث ستمثل لها فرصة لتوسيع نفوذها. ومع ذلك، فإن جميع المشغلين الأربعة يستثمرون بالفعل في ترقية شبكاتهم الخاصة إلى 5G جاهزة بالتعاون مع “Huawei” و”Ericsson” و”Nokia”، وقد يتم إغراق جزء كبير من هذا الاستثمار إذا تم بناء شبكة واحدة.
على المدى الطويل، يمكن لشبكة 5G مشتركة واحدة أن تزيد من دور الدولة في سوق الاتصالات الروسي، ويؤدي إلى تآكل استقلال مشغلي الشبكات بمرور الوقت، ويتضاءل دورهم إلى مجرد علامات تجارية أو شركات اتصالات افتراضية.
المنافسة بين “هواوي” و”إريكسون” و”روستيك”
نقطة شائكة رئيسية أخرى في مفاوضات 5G الروسية، هي من يجب أن يزود البنية التحتية لـ 5G؟
وفقًا لخطة “5G” التي تفضلها وزارة الاتصالات فإن متطلبات استبدال الواردات مرنه نسبيًا، فهي تنص على: أنه يجب تفضيل المعدات الروسية بشرط أن تكون تنافسية. أما في خطة 5G المطورة بشكل مستقل لشركة “Rostec” و”Rostelekom” المملوكة للدولة، تم اقتراح قاعدة أكثر صرامة لاستبدال الواردات: وفقًا لخطتهم، يجب إتاحة طيف (3.4-3.8 جيجاهرتز) لـ 5G؛ ومع ذلك، يجب إجبار مشغلي الشبكات على استخدام معدات روسية الصنع حصريًا على هذه الترددات، الأمر الذي يساعد روسيا في أن تصبح موردًا دوليًا لشبكات الجيل الخامس، بحسب زعمهم. بينما يعارض مشغلو الشبكات أي قيود على اختيارهم لموردي الأجهزة والبرامج، مما سيحد من قدرتهم على المساومة ويؤدي إلى ارتفاع أسعار المعدات.
وفقًا للجمعية الروسية لمطوري ومنتجي الإلكترونيات (ARPE)، لا توجد شركة روسية لديها خبرة في إنتاج معدات 5G للاستخدام التجاري، وبالتالي يلجأ مشغلو الشبكات في روسيا إلى بائعي معدات الجيل الخامس الأجانب، وفي هذا المجال تبرز ثلاث شركات رئيسية (هواوي- اريكسون- روستيك)، وتعد Huawei المورد الرئيسي في روسيا، وقد زادت حصتها في السوق على حساب شركة “إريكسون” التي تحتل المرتبة الثانية، وغالبًا ما كان البائع الصيني قادرًا على التفوق على نوكيا وإريكسون من حيث التسعير والتكنولوجيا في مناقصات معدات المشغلين، ومع ذلك، لا يزال البائعون الأوروبيون موجودين في روسيا، حيث يمكنهم تقديم شروط تمويل أفضل، وقد وقعوا بالفعل عدة عقود لمعدات جاهزة للجيل الخامس مع المشغلين الروس، وبدلًا عن ربط نفسها بمورد واحد، تعمل شركات الاتصالات على التنويع والتعاون مع جميع بائعي 5G الرئيسيين الثلاثة.
حتى الآن، لم تلعب الجغرافيا السياسية دورًا مهمًا في سوق الاتصالات المتنقلة في روسيا، وفي حالة عدم وجود تدخل سياسي تخريبي، فإن التعايش المستمر لجميع البائعين الأجانب الرئيسيين الثلاثة في روسيا هو السيناريو الأكثر ترجيحًا، وعلى جانب آخر، يمكن أن يكون لشركة Huawei ميزة على منافسيها إذا كثفت روسيا بشكل جذري طموحاتها لاستبدال الواردات. نظرًا لأن شركة مثل Rostec لن تكون قادرة على إنتاج معدات 5G بمفردها، فسيتعين عليها الشراكة مع بائع أجنبي للتسليم، وعلى الرغم من أن قيادة Rostec متشككة نسبيًا في الصين، إلا أنها متشككة أيضًا في الغرب، وقد استثمرت Huawei أكثر بكثير من بائعي 5G الآخرين في وجودها في روسيا، حيث أقامت مراكز بحث مع آلاف المهندسين الروس وتتعاون مع شركات حكومية أخرى.
وختامًا، فمن المتوقع أن يتأخر إدخال الجيل الخامس في روسيا لعدة سنوات بسبب الخلافات الثلاث الرئيسية المذكورة، ويعد الافتقار إلى الطيف الراديوي المناسب هو القضية الشائكة، فإذا استطاع مشغلو الشبكات في روسيا الفوز بالوصول إلى الطيف (3.4-3.8 جيجا هرتز)، فمن المتوقع نشر 5G على نطاق واسع في جميع أنحاء روسيا بحلول 2023-2024، ومع ذلك، نظرًا للموقف المتشدد للخدمات الأمنية، فإن طرح 5G المحدود على الترددات غير التقليدية يعد احتمالًا واردًا أيضًا.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية



