
المشير في برلين … البحث الثلاثي عن الحل في طرابلس

بعد باريس، وصل اليوم قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، إلى العاصمة الألمانية برلين، في زيارة أوضحت بشكل كبير، معالم جهد أوروبي مشترك، يجمع ما بين باريس وبرلين وروما، من أجل إيجاد صيغة توافقية لفرض وقف دائم لإطلاق النار في العاصمة الليبية، في ظل ضبابية مستقبل الجهد الأممي في هذا الصدد، بعد إستقالة المبعوث الدولي إلى ليبيا غسان سلامة.
برلين … مرة أخرى

يعود المشير حفتر إلى العاصمة الألمانية، بعد أقل من شهرين من زيارته السابقة لها، خلال مشاركته في مؤتمر برلين حول ليبيا، الذي انعقد منتصف شهر يناير الماضي، لكن يبدو المشهد الأقليمي والدولي، وحتى المحلي داخل ليبيا، على نفس الحال التي كان عليها أوائل العام الجاري، وكما كان هدف مؤتمر برلين الأساسي هو إيقاف أطلاق النار في طرابلس، يظل هذا الهدف هو المحور الأساسي لهذه الزيارة، وللنقاشات التي ستجري خلالها. المشير في باريس تحدث عن أن قوات الجيش الوطني مازالت ملتزمة بالهدنة الميدانية في طرابلس، لكنه أعرب عن قناعته بإنه ونظراً للخروقات المتتالية من جانب ميليشيات الوفاق لهذه الهدنة، فإن ضبابية الأفق المستقبلي لهذه الهدنة، تتزايد بإستمرار يوماً بعد أخر، بشكل يجعل من الصعب على قيادة الجيش الوطني، إدامة التزامها بهذه الهدنة في المستقبل القريب.
وصل المشير إلى برلين تلبية لدعوة رسمية من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وهذه الدعوة تكتسب أهمية أضافية، تماثل أهمية زيارة المشير إلى موسكو الشهر الماضي، وتتشابه معها في نقطة هامة، تتعلق بنفي توتر العلاقات بين المشير وقادة هاتين الدولتين. فقد نشرت عدة صحف إيطالية، بالتزامن مع مؤتمر برلين في يناير الماضي، بعض التفاصيل حول (خلاف حاد)، تزعم هذه الصحف حدوثه بين المشير والمستشارة الألمانية، على خلفية رفض المشير الرد على اتصالات هاتفية، حاولت المستشارة الألمانية من خلالها التواصل معه، خلال تواجده في برلين، وهو خلاف تم نفيه قطعياً،من خلال الدعوة الألمانية الموجهة إلى المشير لزيارة برلين، وهي الزيارة التي تضمنت لقاء تم بين المشير والمستشارة.
يتوقع خلال الأيام المقبلة، ان يزور المشير دولاً أوروبية أخرى، قد يكون من بينها إيطاليا واليونان، وذلك ضمن المشاورات التي بدأت في تشكيل ما يمكن أن نطلق عليها (جهد ثلاثي)، من جانب روما وباريس وبرلين، من أجل بلورة حل مؤقت للجانب العسكري من الأزمة الليبية، يسمح بتوقيع هدنة دائمة بين الجيش الوطني وحكومة الوفاق، مما قد يسمح بإعادة تكرير وتصدير النفط الليبي، خاصة بعد أن تضررت روما وباريس كثيراً من إيقاف القبائل الليبية لهذه العمليات، على خلفية أستخدام عائداته في تمويل إستقدام وإعاشة المرتزقة السوريين.
الدور الإٌيطالي … مكمل لباريس وبرلين

الدور الإيطالي في هذا الجهد الثلاثي بدأت ملامحه في الظهور الأسبوع الماضي، عبر تصريحات صحفية لوزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي لويجي دي مايو، الذي أكد أن روما تعتزم التعاون بشكل أكبر مع فرنسا في جميع المجالات وعلى رأسها الملف الليبي، مؤكداً على أن هذا الملف سيكون محل مناقشة مستفيضة بين القادة الفرنسيين والإيطاليين، خلال القمة الحكومية الخامسة والثلاثين، المرتقب عقدها قريباً بين البلدين في إيطاليا. هذا الجهد الثلاثي يتم تحت مظلة روسية، تم بحثها خلال الزيارة الأخيرة للمشير إلى موسكو، ولكن يبقى الموقف الأمريكي غير واضحاً بشكل كامل حتى الآن، في ظل تركيز واشنطن على ملف واحد فقط من الملفات الليبية، وهو ملف الميليشيات.
اهتمام أمريكي بملف ميليشيات طرابلس
فقد ألتقى السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند أمس،مع النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري، في العاصمة التونسية. بجانب لقاء آخر جمع السفير نورلاند مع عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي. وسبق هذه اللقاءات، أجتماع جمع ما بين القائم بأعمال السفير الأمريكي لدى ليبيا، جوشوا هاريس، وبين وزير الداخلية في حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، ومستشاره للأمن القومي، تاج الدين الرزاقي، وكان المحور الأساسي لهذا اللقاء هو (لتقليص دور المليشيات كجزء من بناء قوات أمنية شرعية). وقد أكد السفير هاريس خلال هذا اللقاء، على أنه سيعمل لضمان تنفيذ القرار الأمريكي رقم 13726، الذي يفرض عقوبات على الأفراد الذين يهددون الأمن الداخلي الليبي. جدير بالذكر أن هذا الأجتماع يعد الثاني من نوعه، عقب اجتماع عقدته السفارة الأمريكية في طرابلس، في الثالث من يناير الماضي، مع ممثلين عن حكومة الوفاق، تم فيه تناول مشكلة الميليشيات داخل العاصمة.
الجزائر تسير في اتجاه مواز
الجزائر من جانبها، تسير في مسار مواز للجهود الأوروبية الثلاثية، فهي استضافت على مدى عدة أيام، وزير الخارجية في حكومة بنغازي، عبد الهادي الحويج، وخلال هذه الزيارة، أكد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، على استمرار جهود الجزائر لإيجاد حلول للأزمة الليبية، وأن الأيام القليلة المقبلة ستشهد تطورات أيجابية في هذا الملف. وتستقبل العاصمة الجزائرية حالياً، وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الكومنويلث والشؤون الخارجية البريطانية جيمس كليفرلي، في زيارة ستشهد أيضاً بحثاً في الملف الليبي.
باحث أول بالمرصد المصري