ليبيا

دلائل جديدة على الإنتهاكات التركية في طرابلس، مسار ليبيا الاقتصادي إلى أين؟

أظهرت صور فضائية جديدة نشرتها خدمة (ISI) للصور الملتقطة بالأقمار الصناعية، دلائل جديدة على الاستخدام العسكري لمطار معيتيقة الدولي المدني في العاصمة الليبية طرابلس، من جانب ميليشيات حكومة الوفاق، ومن يعاونها من مرتزقة سوريين وضباط أتراك. يظهر في الصورة المرفقة عملية تزويد احدى الطائرات القتالية المسيرة تركية الصنع، من نوع (بيرقدار)، بالوقود قبل إقلاعها على المدرج الخاص بمطار معيتيقة المدني، ويظهر في الجزء الجنوبي الشرقي من المطار، غرفة التحكم الخاصة بهذه الطائرة.

على الرغم من أن الدلائل على وجود هذا النوع من الطائرات في ليبيا، أصبحت متوفرة منذ مايو الماضي، إلا أن هذه الصور تثبت أيضاً ما صرح به سابقاً المتحدث بإسم الجيش الوطني الليبي، حول إستخدام حكومة الوفاق لهذا المطار المدني، في العمليات العسكرية، مما يعرض حياة المدنيين المترددين على المطار، والمسافرين منه او إليه، لخطر داهم، وقد سبق وأوشكت طائرة مدنية ليبية على الاصطدام بطائرة مسيرة من نفس هذا النوع أثناء هبوطها في المطار ليلاً.

مسار ليبيا الأقتصادي .. إلى أين

أُختتمت أمس في القاهرة، أعمال اللجنة الاقتصادية الليبية، التي تمت في سياق المسارات الثلاث (العسكرية – السياسية – الاقتصادية)، التي اقترحتها البعثة الأممية في ليبيا، على ضوء مخرجات مؤتمر برلين الأخير. شارك في اجتماعات هذه اللجنة نحو 28 خبير ومسؤول اقتصادي، من معظم المناطق الليبية.

وقد أشار الخبير الأقتصادي الليبي عيسى رشوان، في صفحته بموقع (فيس بوك)، إلى أن التمثيل المناطقي في هذه الأجتماعات، كان يميل بشدة لصالح العاصمة طرابلس، التي كانت حصتها من المشاركين في اجتماعات هذه اللجنة نحو 80 بالمائة. إلا أن العبرة في الحكم على مدى نجاح هذه اللجنة في تنفيذ ما هو مطلوب منها، في ما يتعلق بتوحيد المؤسسات الأقتصادية الليبية، وعلى رأسها قطاع النفط، هو في التنفيذ العملي لما تم الإتفاق عليه في هذه الاجتماعات، وفي أي اجتماعات مقبلة في سياق المسار الاقتصادي الليبي.

اتفق المشاركون في جلسات هذه اللجنة، التي تمت على مدار يومين، على الأليات الخاصة بلجنة الخبراء الاقتصادية، التي سيكون على عاتقها البحث المستقبلي في كافة التحديات الأقتصادية الليبية، وعلى رأسها ملف التوزيع العادل للثروة والإيرادات، والذي سيكون هو الملف الأول الذي ستعمل هذه اللجنة، على إيجاد حلول سريعة وجذرية له، ثم تأتي من بعده ملفات أخرى مثل ملف توحيد المؤسسات، وملف اللامركزية، وملف الرقابة والتفتيش. ويضاف إلى ما سبق ملف هام عانى من مشاكل عدة خلال السنوات الماضية، وهو ملف إعادة الإعمار، الذي تم الاتفاق خلال اجتماعات اللجنة، على تشكيل ثلاثة لجان فرعية من أجل بحثه وإدارته، على أن يتم عرض وبحث جميع ما سبق خلال الاجتماع القادم للجنة في مارس المقبل.

سيل من التعليقات حول المسار الإقتصادي

اجتماعات اللجنة الاقتصادية في القاهرة تمت في ظل تدهور مستمر في الصادرات الليبية من النفط، وذلك بفعل اضطرار القبائل إيقاف عمليات الضخ من الحقول النفطية، بإتجاه معامل التكرير وموانئ التصدير، بسبب الفضائح المتلاحقة، التي تظهر للعلن بشكل شبه يومي، حول تمويل حكومة الوفاق لعمليات إستقدام وإعاشة المرتزقة السوريين في طرابلس. 

شركة الزاوية لتكرير النفط، التي تقوم بإدارة مصفاة النفط الموجودة في مدينة الزاوية غربي العاصمة، أعلنت عن إيقاف عمليات التكرير، بسبب توقف إمدادات الخام من الحقول النفطية، ونفاذ الخزانات الموجودة بالمصفاة. جدير بالذكر هنا أن هذه الشركة التي تتبع المؤسسة الوطنية للنفط، الموالية لحكومة الوفاق، تدير مصفاتها ميليشيا (النصر)، الموقع عليها عقوبات من قبل الأمم المتحدة عام 2018. قرار الشركة هذا، تزامن مع بيان للبنك المركزي الليبي (الموالي أيضاً لحكومة الوفاق)، يتحدث فيه عن خسائر بقيمة 2.5 مليار دينار (1.77 مليار دولار) بسبب غياب الإيرادات النفطية، الا ان توارد الأنباء عن ضخ حكومة الوفاق لمبلغ 4 مليارات دولار في البنك المركزي التركي، كوديعة من أجل دعم أقتصاد أنقرة، جعل المشهد الاقتصادي الليبي في أقصى درجات وضوحه أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.

على ضوء ما سبق، صدرت بعض التصريحات من أعضاء في الحكومة الليبية التابعة لمجلس النواب في طبرق، وأعضاء في المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، حول أعمال هذه اللجنة، ومجمل الوضع الاقتصادي لليبيا. من ضمن هذه التصريحات تصريح لعضو المجلس الأعلى للدولة محمد معزب، الذي علق على طلب الحكومة الليبية وأطراف أخرى خلال اجتماعات اللجنة الإقتصادية، نقل تبعية المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط إليها، بدلاً من تبعيتها الحالية لحكومة الوفاق، مشيراً إلى أن هذا الطرح غير قابل للتنفيذ، لأن تبعية المصرف والمؤسسة  إلى حكومة الوفاق، منصوص عليها حسب رأيه في القانون الليبي. 

عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب طارق الجروشي، رد على هذا الطرح، مؤكداُ أن أي إصلاح للاقتصاد الليبي، لابد أن يرتكز على عدة قواعد، أولها تغيير رؤساء مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط وهيئة الاستثمارات الخارجية، ومن ثم نقل تبعية هذه المؤسسات الثلاثة، إلى خارج نطاق سيطرة المليشيات الإرهابية، من ثم البدء في إصلاح وإعادة هيكلة إدارات هذه المؤسسات.

نائب رئيس الحكومة الليبية عبد السلام البدري، أفاد بتصريحات هامة لصحيفة (الدستور) المصرية، تحدث فيها عن اجتماعات اللجنة الإقتصادية في القاهرة، وتناول في قسم منها موضوع تبعية المؤسسات الإقتصادية الليبية إلى حكومة الوفاق في طرابلس، وقال في هذا الصدد، أن حكومة فائز السراج غير شرعية وغير قانونية وتسيطر على المصرف المركزي وإيرادات النفط، وهي ليست بحكومة، بل فرضتها المصالح الدولية الأجنبية على ليبيا والليبيين ومن يريدون نهب ثروات ليبيا. ولا يجب أن يتم إنفاق إيرادات النفط كما يحدث الآن من قبل الإخوان والسراج على تمويل الجماعات الإرهابية والتدخل التركي ومنح المرتزقة السوريين ألفي دولار شهريا، بل يجب أن تستفيد جميع المناطق من التنمية وإعادة توزيع الثروات بين كافة مناطق الدولة.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى