ليبيا

تراشق مدفعي في طرابلس، ومصر تقول كلمتها في أديس أبابا

سلسلة من المواقف الهامة أعلنتها القيادة المصرية خلال الساعات الماضية في ما يتعلق بالملف الليبي، وهي مواقف تؤكد على الثوابت المصرية في هذا الصدد، وتبرز بشكل كبير الانتهاكات التركية لقرارات الأمم المتحدة، ومخرجات مؤتمر برلين، والتي تتحدث مصر عنها بشكل أوضح الآن، بعد أن أتضح لكافة الأطراف الدولية، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، أستمرار أنقرة في إرسال المرتزقة والأسلحة إلى طرابلس، مما ينسف بشكل كامل كل الادعاءات التي ساقتها أنقرة خلال الأيام الماضية، حول رغبتها في إيقاف المعارك وإحلال السلام في طرابلس.

الموقف المصري من الأزمة الليبية

المواقف المصرية برزت أكثر خلال كلمة الرئيس المصري في قمة رؤساء دول وحكومات الإتحاد الأفريقي، وقمة مجلس السلم والأمن الإفريقي حول ليبيا ومنطقة الساحل، واللتان عقدتا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. خلال هاتين الكلمتين، تحدث الرئيس عن خرق تركيا الواضح للتوافق الدولي الذي تم التوصل إليه خلال مؤتمر برلين الشهر الماضي حول الملف الليبي، خاصة ما يتعلق بالخط الجوي والبحري الذي دشنته تركيا، لنقل المرتزقة من الأراضي السورية إلى ليبيا، وهو ما سيكون له تداعيات خطيرة على أمن دول جوار ليبيا، ودول الساحل والصحراء، ولعلها كانت مفارقة لافتة أن تتعرض اليوم ثكنة عسكرية تابعة للجيش الجزائري قرب الحدود مع مالي، لهجوم انتحاري أسفر عن استشهاد جندى واحد. 

تناول الرئيس أيضاً المسألة الإقتصادية الليبية، حين تحدث عن ضرورة ضمان التوزيع العادل للثروة، وهذه النقطة هي من أهم النقاط التي بدأت مناقشتها في اجتماعات المسار الاقتصادي الليبي، التي انطلقت اليوم في القاهرة، برعاية البعثة الأممية للدعم في ليبيا، والتي ستناقش أيضاً مسألة توحيد المؤسسات الاقتصادية والنفطية، وعلى رأسها المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.

عقد الرئيس المصري خلال زيارته لأديس أبابا عدة اجتماعات هامة، منها لقاء جمعه بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وقد كان الملف الليبي هو الملف الرئيسي الذي تم بحثه في هذا اللقاء، وكان واضحاً أن المحاولات المغاربية بشكل عام، والجزائرية بشكل خاص، لإيجاد حلول سلمية للأزمة الليبية، تلقى قبولاً ودعماً مصرياً غير محدود، خاصة وأن مصر تلعب دوراً في ما يتعلق ببحث المسار الاقتصادي الليبي، وسبق واحتضنت اجتماعات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.

أفريقيا تبحث عن دور في الهدنة الليبية

الدول الأفريقية للمشاركة في اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الأفريقي، بحثت بشكل مكثف إمكانية مشاركتها في أي مجهود دولي أو أقليمي، لمراقبة وقف إطلاق النار في طرابلس، إذا ما تم الإتفاق بين الأطراف المتحاربة بشكل واضح على ذلك. مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي إسماعيل شرقي، أعرب خلال كلمته في المؤتمر، عن قناعته أن الحل الوحيد لمراقبة وقف إطلاق النار في طرابلس، يكمن في نشر قوات مسلحة على خطوط التماس بين الجانبين، وكذا إيجاد آلية تسمح بمعاقبة الأشخاص والدول والمؤسسات التي تنتهك حظر التسليح المفروض على ليبيا. هذه الفكرة أكدها رئيس جمهورية الكونغو، الذي قال في تصريحات صحفية، أن الاتحاد  الأفريقي بدء بالفعل في بحث آلية لتشكيل ونشر قوة أفريقية للمراقبة في ليبيا.

تفاعلات الدور العربي في الحل السياسي الليبي تستمر

تستمر زيارة وزير الخارجية في الحكومة الليبية، التابعة لمجلس النواب، إلى المملكة المغربية، وكذلك زيارة رئيس البرلمان عقيلة صالح إلى الأردن، للمشاركة في المؤتمر البرلماني العربي, وقد شهدت زيارة صالح إلى الأردن، لقاء لافت بينه وبين راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي وزعيم حزب النهضة الإسلامي ذو التوجهات الإخوانية، وهنا لابد من التذكير باللقاء المثير للجدل بينه وبين الرئيس التركي الشهر الماضي، وهو لقاء أدى إلى عاصفة من الإنتقادات على المستوى الداخلي التونسي.

هذا اللقاء، وان كان الغنوشي قد حضره بصفته رئيساً للبرلمان التونسي وليس بصفته الحزبية، إلا أنه يعد مؤشراً لتوجه تونسي من أجل تمتين الصلات مع حكومة وبرلمان طبرق، خاصة وان الغنوشي وجه دعوة إلى صالح لزيارة تونس في أقرب فرصة. بعض المحللين قد يضعوا هذا في خانة (محاولة بعض الأطراف الداخلية في تونس تهميش دور المؤسسة العسكرية الليبية في الأزمة الحالية)، لكن واقع الحال يقول أن هذه المؤسسة العسكري، تضع البرلمان والحكومة في مقدمة أي تناول للشأن السياسي والاقتصادي، وبالتالي تتم أية مشاركة لقيادة الجيش في أية مباحثات، تحت إطار بحث الشأن العسكري الميداني. 

التراشق المدفعي … عنوان أساسي للميدان في طرابلس

أنتهت الجولة الأولى من مباحثات اللجنة الليبية العسكرية المشتركة في جنيف، دون تحقيق أية نتائج معتبرة، سواء على مستوى الاتفاقات الثنائية، أو التطبيق العملي على الأرض. وقد حددت البعثة الأممية إلى ليبيا، موعداً للجولة الثانية من مباحثات هذه اللجنة، في الثامن عشر من الشهر الجاري، وهي جولة لا توجد أية مؤشرات ميدانية تؤكد على إمكانية عقده، وهو نفس الحال بالنسبة لاجتماعات المسار السياسي المقررة في السادس والعشرين من الشهر الجاري.

في هذه الأثناء، تستمر محاولات قوات حكومة الوفاق، لتحقيق اختراقات في الجبهات الجنوبية لطرابلس والشرقية لمصراتة، آملاً في تحسين موقفها التفاوضي في المسار السياسي المقبل، وهو الموقف الذي تعرض لضربة قاصمة قبيل بدء الهدنة، حين سيطر الجيش الوطني على مدينة سرت الساحلية، وبات حالياً على مسافة مائة كيلو متر فقط جنوبي شرق مدينة مصراتة. وقد عبر سفير الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا ريتشارد نورلاند، عن هذا الواقع، بسلسلة من التغريدات نشرتها صفحة سفارته على موقع تويتر،  حذر فيها من قرب إستئناف العمليات الحربية في طرابلس، بشكل مكثف وقوي.

قوات حكومة الوفاق تركز حالياً من قصفها المدفعي على مواقع الجيش الوطني في منطقة قصر بن غشير جنوبي العاصمة، بجانب عمليات فرعية تستهدف كامل المحاور الجنوبية (عين زارة – خلة الفرجان – صلاح الدين – مشروع الهضبة)، بجانب محور الرملة القريب من مطار طرابلس الدولي. وتستخدم قوات الوفاق في عملياتها المدفعية مرابض تقع داخل الكتلة السكنية جنوبي العاصمة، منها مناطق السراج والكريمية والدريبي، بجانب منطقة العزيزية.

عمليات شرقي مصراتة أيضاً لم تتوقف، فميليشيات مصراتة، التي بدأت في التدفق إلى منطقة السدادة، تحاول دفع قوات الجيش الوطني المتواجدة في مناطق وادي زمزم وأبو قرين والهيشة، وذلك من أجل الوصول إلى التخوم الغربية لمدينة سرت. وهنا لابد من ملاحظة أن سحب ميليشيات الوفاق من العاصمة ودفعها باتجاه مصراتة، سبب مشاكل داخلية عديدة لرئاسة أركان قوات حكومة الوفاق، التي تحاول سد العجز الذي أصاب بعض المحاور، عن طريق الدفع بوحدات وزارة الداخلية التابعة لها.

مشاكل عديدة تحيط بالجسر الجوي التركي  لنقل المرتزقة إلى ليبيا

تفاصيل عديدة أوردتها مؤخراً الصحفية الأمريكية ليندساي سنيل، في مقالتها بموقع التحقيقات الإستقصائية (أنفستيغيتف جورنال)، حول الدور التركي في نقل المرتزقة إلى ليبيا. من ضمن هذه التفاصيل، حديثها عن ملاحظة قيادة الجيش التركي، إنخفاض أعداد المرتزقة السوريين الذين يبدون رغبتهم في السفر إلى ليبيا، وهذا دفع الأتراك إلى إبلاغ عدة فصائل موالية لهم في سوريا، ومنها ما يعرف باللواء التاسع، العاملة في ريف حلب الجنوبي، بأنها ستوقف الدعم العسكري والمالي المقدم لهم، خاصة في ظل تقدم قوات الجيش العربي السوري في هذه المنطقة وفي المناطق الجنوبي لمحافظة إدلب.

موقف المرتزقة السوريين من السفر إلى ليبيا، تعزز أكثر بعد ورود أنباء عن سوء المعاملة التي يتلقاها من وصلو بالفعل إلى طرابلس، حيث تم تقييد حركتهم داخل العاصمة، واحتجازهم لعدة أيام متواصلة داخل معسكرات معزولة عن الخارج، وبسبب انتشار هذه الأنباء، أوعز الأتراك حسب الصحفية الأمريكية، لبعض المرتزقة الذين وصلوا بالفعل إلى طرابلس، بتصوير ونشر تسجيلات مصورة، تبرز المزايا التي حصلوا عليها بعد سفرهم إلى العاصمة الليبية.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى