مصر في أرقام

“دعم المصانع المتعثرة” …نهوض بالاقتصاد وتجديد لآمال العمال

“نصنع ما نستهلكه” يبدو أنه شعار المرحلة الحالية، فلا يخفى على أحد التوجه العام للدولة المهتم بالقطاع الصناعي والساعي لزيادة حجم وإنتاجية المصانع، بل وتشغيل كافة المصانع المتعثرة أيضا.

وفي سبيل ذلك اتخذت الدولة خطى يمكن وصفها بـ”الثورية” للنهوض بقطاع الصناعة في مصر، لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ونقل تكنولوجيا الصناعات وتوطينها على الأراضي المصرية، مما يسهم في توسيع وتنويع شبكة الصادرات المصرية، وزيادة النقد الأجنبي، وتوفير آلاف من فرص العمل والذي بدوره يقضي على البطالة والإرهاب.

توجيه رفع المعاناة

عانت الدولة والصناعة على وجه الخصوص خلال عام 2011، فقد لحقت بآلاف المصانع أضرار جسيمة جراء الانفلات الأمني خلال العام المذكور وما صاحبه من أعمال سرقة واعتداءات على المصانع ووقف عجلة الإنتاج، بالإضافة إلى المطالب الفئوية والوقفات الاحتجاجية من العاملين بالقطاعات المختلفة، وعدم وجود مصادر للطاقة بشكل منتظم، وهو الأمر الذي أهدر سمعة تلك الشركات والمصانع سواء بالسوق المحلي أو بفقدان الأسواق الخارجية وفرص التصدير؛ مما أدى إلى توقف المصانع، وتسريح أعداد هائلة من العمالة.

وكان العلاج الجذري بـ”اتخاذ الإجراءات الفورية التي تدعم تلك الكيانات الاقتصادية المتعثرة وتمكنهم من استعادة ممارسة نشاطهم، بما في ذلك الاتفاق مع البنوك لإعادة تشغيل المصانع المتوقفة بكامل طاقتها وتوفير التمويل اللازم لمستلزمات الإنتاج من خلال مبادرات البنك المركزي المختلفة ذات الفائدة المنخفضة على الإقراض، بجانب رفع الإجراءات الحكومية التي كانت ضد تلك الشركات وتخفيف الأعباء البنكية عليها”. وفقًا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

كما وجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بإرجاء السير في أي إجراءات للحجز الإداري على أموال المشروعات والمنشآت الصناعية والفندقية والسياحية المتعثرة سواء لدى البنوك أو على المنشآت والمنقولات الخاصة بهذه المشروعات، سواء أكانت هذه الإجراءات تحصيلًا لمستحقات الضرائب أو التأمينات أو أي مستحقات أخرى خاصة بالدولة، ودراسة مساعدة هذه المصانع وإقالتها من عثرتها.

الروح تدب لآف المصانع

كانت البداية بقيام البنك المركزي المصري بإعداد قاعدة بيانات تتضمن حصرًا بالمصانع المتعثرة، وتوزيعها الجغرافي، وحجم العمالة التي كان يتم تشغيلها في كل مصنع، تحت مظلة مبادرة إسقاط فوائد الديون عن المصانع المتعثرة.

وتبين من الحصر أن عدد المصانع المتعثرة 8586، بإجمالي مديونيات تبلغ 35.6 مليار جنيه تنقسم بين 4.3 مليار جنيه مديونية و31.3 مليار جنيه فوائد مهمشة. تسري المبادرة على المصانع المتعثرة حتى نهاية يونيو 2020، تتعلق المبادرة بالمديونية التي تقل عن 10 ملايين جنيه، أو الديون الرديئة والمشكوك في تحصيلها وهما أكثر أنواع الديون المتعثرة سوءًا. على أن يتم رفع اسم من يستفيد من المبادرة من كشوف التعثر (القائمة السلبية الائتمانية بأي سكور)، ولن يتم وضع معلومة تاريخية أنه عميل متعثر. وإنهاء المنازعات القضائية، بشرط سداد 50% من أصل الدين.

واتضح من الدراسة أن المصانع المتعثرة لا تقتصر على مجال أو صناعة محددة، لكن أغلبها ممن يعتمد على مواد خام مستوردة، وتأثرت كثيرا بعد قرار تعويم الجنيه. كما أن بعض المصانع المتعثرة لا تتعلق مشاكلها بأسباب مصرفية، فمنها مشكلة لجوء بعض الجهات الحكومية الدائنة إلى الحجز على أرصدة للمصانع في البنوك تفوق قيمة المبالغ المستحقة لتلك الجهات.

فوفقًا لتصريحات هاني توفيق، الخبير الاقتصادي ورئيس شركة مصر لرأسمال المخاطر سابقا، أن 5% فقط من المصانع تعاني من مشاكل تمويلية، لكن غالبية المصانع تآكل رأسمالها وتعرضت للحجز من مصلحة الضرائب، وهم فقط (الـ 5%) من تتناسب معهم تنفيذ مبادرة البنك المركزي بإسقاط الديون عنها للوصول إلى مرحلة التعويم، مع توقع خسارة أموال جديدة.

لكن التوجيه الرئاسي والحكومي بوقف أي تحرك إداري ضد المصانع المتعثرة، ورفع الديون المهمشة، وإتاحة قروض لشراء مستلزمات الإنتاج، لرفع الأزمة عن كاهل المصانع المتعثرة. ساهم في إتاحة ومناسبة المبادرة لكافة المصانع، باختلاف أنواع ازماتها.

ومن المتوقع أن يتم توفيق أوضاع شراء مستلزمات الإنتاج، لإعادة تدوير عجلة الإنتاج بالمصانع المتعثرة، من خلال مبادرة الـ 100 مليار جنيه لدعم شركات القطاع الخاص الصناعي التي يبلغ حجم أعمالها أو إيراداتها السنوية من50 مليون جنيه وحتى مليار جنيه، والصادرة عن البنك المركزي المصري بتاريخ 12 ديسمبر 2019، وذلك من خلال إتاحة مبلغ 100 مليار جنيه بسعر عائد سنوي (10%) متناقص عن طريق البنوك. على أن يتم توجيه هذه المبادرة إلى منح تسهيلات ائتمانية لتمويل شراء الخامات ومستلزمات الإنتاج وكذا تمويل الآلات أو المعدات أو خطوط الإنتاج (تمويلات رأسمالية) بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية.

وبنجاح المبادرة وعودة المصانع للعمل، سترتفع مساهمة الصناعة في نمو الناتج المحلي الإجمالي من 16.5% الآن إلى حوالي 24.5%، كما يدفع القطاع لتحقيق معدل نمو بنسبة 7.5% بدلا من 5.2% الآن.

ليست الأولى

استراتيجية الدولة، ووزارة التجارة والصناعة تستهدف زيادة معدل النمو الصناعي ليصل إلى 8%، كذلك زيادة نسبة مساهمة الناتج الصناعي إلى 21 % في الناتج المحلي، ومن ثم زيادة مساهمة القطاع الخاص وقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة معدل نمو الصادرات ليكون ١٠% سنوياً، وتوفير ٣ مليون فرصة عمل لائقة ومنتجة، وتحسين الأداء المؤسسي.

وهي أهداف عضال بالمقارنة بما مرت به من أزمات خلال العقد الأخير، وهو ما تطلب اعلان عدة مبادرات للنهوض بالصناعة، بخلاف مبادرة دعم الصناعة بـ 100 مليار جنيه لتمويل مصانع السلع الاستثمارية، والتي من المتوقع أن يستفيد منها 96 ألف منشأة صناعية من خلال قروض طويلة أو متوسطة الأجل، بسعر فائدة 10%. ومن أبرزها تقديم الرئيس السيسي مبادرة منذ 4 سنوات لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، استفاد منها 86 ألف مشروع صغير وكانت بسعر فائدة 5%. كانت تغطى الشركات ذات حجم المبيعات حتى 50 مليون جنيه، فيما تغطى المبادرة الحالية الشركات ذات حجم مبيعات يصل إلى مليار جنيه سنويًا، أما الأكثر من مليار جنيه فلن يُطبق عليها أسعار الفائدة الخاصة بالمبادرة.

وأيضًا مبادرة “مصنعك جاهز بالتراخيص“، التي أطلقتها وزارة التجارة والصناعة عام 2016، وذلك بطرح إنشاء 296 مصنعًا في مجمع الصناعات الصغيرة والمتوسطة بمدينة السادات، بمساحات مختلفة تصل إلى 1000 متر مربع، وذلك في مجالات الصناعات الهندسية أو الغذائية أو الدوائية، أو الـ3 قطاعات معًا.

مبادرة “استثمر في مصر” والتي تستهدف حث قطاع المستثمرين على الاستثمار في مصر، والاستفادة من مهارات الشباب المصري، وقدرة مصر على الوصول إلى كافة الأسواق الخارجية نظرًا لعلاقاتها الاقتصادية والتجارية مع مختلف دول العالم. ودعمها بالخريطة الاستثمارية لمصر والفرص الاستثمارية المتاحة في كافة المجالات الاقتصادية وفي جميع المحافظات، ويعزز قانون الاستثمار هذه الفرص من خلال حوافز وضمانات غير مسبوقة.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

هبة زين

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى