مصر في أرقام

على خطى استراليا وكندا.. مصر تتجه لصناعة عملات بلاستيكية بديلا عن الورقية

صدر أول “جنيه” يتم طرحه في الأسواق المصرية عام 1836، ليحل محل العملة الرسمية المتداولة آنذاك والتي كانت “الذهب والفضة”، ويصبح العملة الأقدم في المنطقة، وسمي بالجنيه لأن مصر كانت تحت الاحتلال البريطاني وكانت عملة إنجلترا هي الجنيه الذي سمي فيما بعد بالجنيه الإسترليني.

وفي عام 1899 أصدر البنك الأهلي المصري الأوراق النقدية لأول مرة وصدر الجنيه الورقي، وتم ربط الجنيه المصري بالجنيه الإسترليني الذي كان يساوي 0.09 جنيه مصريا؛ وقت اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914، ومنذ ذلك الحين، بدأت تتطور طباعة الجنيه، الذي شهد استخدام العلامة المائية على أوراقه لحمايته من التزوير عام 1930، ليتحول إلى عملة معدنية  2005.

وبالتزامن مع “وباء كورونا” الذي يعاني منه غالبية دول العالم؛ حيث حذرت منظمة الصحة العالمية من أن العملات الورقية تساعد على انتشار هذا الفيروس… أعلن البنك المركزي المصري اطلاعه على أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا طباعة النقود، والتعاقد على شراء الماكينات والمعدات والتدريب عليها خلال الشهور الماضية، ما يمكنه من إصدار عملة مصنوعة من البلاستيك من مادة “البوليمر” فئة 10 جنيهات ليتم تداولها قبل انتهاء عام 2020.

ومن المقرر أن يبدأ البنك المركزي في إنتاج فئات نقد أخرى كالجنيه، والخمسون قرشا، وبعض الفئات الأخرى، التي لم يستقر عليها حتى الآن.

ويستعد البنك في مقره الجديد الجاري تنفيذه بالعاصمة الإدارية، الانتهاء من تدشين أكبر دار نقد، مجهزة بأحدث ماكينات إنتاج العملات في العالم، والتي ستعمل على 4 خطوط لبدء إصدار عملات مصرية بلاستيكية لأول مرة من مادة “البوليمر”، وهي المادة الخام لصناعة العملة، للاستفادة من مزايا هذا النوع من العملات، بالتنسيق مع الدول التي لها خبرة في هذا المجال.

ما هي مميزات تلك العملات؟

يعد اتجاه الدولة لطباعة هذا النوع خطوة إيجابية تواكب الأسواق العالمية، ونقلة نوعية في شكل التعاملات النقدية والمالية بالأسواق، باعتبار أن هذا النوع من العملات يسهم بشكل كبير في القضاء تدريجيا على الاقتصاد الموازي، والسيطرة على السوق النقدي، ومحاربة تزييف العملة، ما يعد أمرا إيجابيا لحركة النقد بالأسواق.

فضلا عن كون تلك العملات غير ملوثة للبيئة، لأن مادة البوليمر المستخدمة في صناعتها “صديقة للبيئة” وتتميز بمقاومتها للماء، وتطيل عمر العملة ثلاثة أضعاف العملة الورقية، حيث يمكن أن يصل عمر العملة البلاستيكية إلى 5 سنوات، مقارنة بالورقية التي تعيش من عامين إلى 3 سنوات على الأكثر، ثم يتم تمزيقها ونقلها إلى موقع دفن النفايات، أما أوراق “البوليمر” التي تُسحب من التداول، فيتم تمزيقها وتحويلها إلى حبيبات واستخدامها في صناعة المواد البلاستيكية اليومية مثل أثاث الحدائق.

وفي دراسة للبنك المركزي الكندي عام 2016، ذكر أن “الأثر البيئي الناشئ عن دورة حياة أوراق نقدية بقيمة 3 مليارات يورو، تم إنتاجها في العام 2003، يعادل الأثر البيئي الناشئ عن قيادة سيارة حول العالم بعدد 9235 مرة”.

 كما تعد تلك العملات سهلة الاستخدام في ماكينات الصرف الآلي، وأقل في درجة تأثرها بالأتربة مقارنة بنظيرتها الورقية، وأقل أيضا في تكلفتها، برغم ارتفاع تكاليف استيراد مادة البوليمر والتقنيات الحديثة عالية الدقة مقارنة بالعملات الورقية، إلا أن ذلك سينخفض مع الوقت لطول العمر الافتراضي لهذا النوع من النقود.

أما الميزة الكبرى لتلك العملات فتتجلى في أنها واحدة ضمن الإجراءات الوقائية التي تتخذها الدولة لحماية مواطنيها باعتبارها غير ناقلة للأمراض والفيروسات، خاصة في ظل تحذيرات منظمة الصحة العالمية من أن العملات الورقية تساعد على انتشار فيروس كورونا المستجد، باعتبارها مصدرا لنقل كل أنواع العدوى البكتيرية والفيروسية، حيث تظل الفيروسات باقية على العملات الورقية لفترة طويلة قد تصل لأسبوعين.

يذكر في ذلك السياق، قيام عدة بنوك في الصين وكوريا الجنوبية بعمليات تطهير وعزل للأوراق النقدية المتداولة بين المواطنين لمنع الفيروس القاتل من البقاء فيها، من خلال استخدام الأشعة فوق البنفسجية أو الحرارة المرتفعة لتطهير الأوراق المالية وتعقيمها، ثم عزلها في محجر طوال 14 يوما قبل إعادة تداولها.

“بوليمر بنكنوت” يغزو العالم

كانت البداية في استراليا عام 1988، حين استخدمت البوليمر كمادة لصناعة العملات النقدية، ومن ثم استطاعت أن تحتكر صناعة أوراق النقد البلاستيكية، بإنتاجها للعشرات من دول العالم لعدة عقود، حتى دخلت الشركة البريطانية “دي لارو” إلى سوق انتاج هذا النوع من العملات، والتي يرى خبراء المال والاقتصاد أن تلك الخطوة قد تهدد الاحتكار الأسترالي لهذه الصناعة، خاصة في ظل توسع الدول في استخدام النقود البلاستيكية.

ففي عام 2013، تعاقد البنك المركزي الكويتي مع “دي لارو” لطباعة العملة البلاستيكية، باعتبارها الشركة التي تصنع العملة الجديدة للدول التي اعتمدت هذه المواد، لتكون الدولة العربية الأولى التي تستخدم العملات البلاستيكية.

وحتى الأن يتم تداول تلك النقود في 20 دولة تقريبًا حول العالم، منهم “كندا وفيجي وموريشيوس ونيوزيلندا وبابوا غينيا الجديدة ورومانيا وفيتنام، ونيوزيلندا ورومانيا وسلطنة بروناي، وبريطانيا والهند وروسيا والمكسيك والكويت”، ومن المتوقع أن يصل عدد الدول التي ستتحول إلى العملة البلاستيكية الفترة المقبلة إلى 70 دولة.

كاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى