مصر في أرقام

جهود صندوق مكافحة وعلاج الإدمان.. من الوقاية إلى الدمج المجتمعي

مكافحة الإدمان قضية وجود لا تقل أهميتها عن مكافحة الإرهاب. يُعد الإدمان مُشكلة تُقوض فرص التنمية وتهدد السلم الاجتماعي نظرًا لارتباطها الوثيق بالجرائم المختلفة وحوادث الطرق والمرافق العامة وأشهرها فاجعة قطار محطة رمسيس التي عصفت بحياة العشرات من الضحايا.

بلغت نسبة تعاطي المخدرات في مصر حوالي 10.4% في عامي 2014 و2015، وتُعد هذه النسبة ضعف نسبة المعدل العالمي الذي يتراوح في أي دولة أخرى بين 4 – 5%. كما وصلت نسبة الإدمان إلى 3 % تقريبًا أي أن ما يقارب 3 ملايين من بين أفراد الشعب المصري يعاني من الإدمان.

وإذ إن الادمان لا يسبب فقط خللًا كبيرًا في حياة الشباب أثناء التعاطي، بل ويمنعهم من فرص العمل والإنتاج بعد التعافي. سنستعرض في هذا المقال مجهود صندوق مكافحة وعلاج الإدمان الذي يبدأ بتوعية الفئات الاكثر عرضة للتعاطي والإدمان، مرورًا بعلاج الذين بدأوا في التعاطي، وتقديم الدعم النفسي والمشورة لأصدقاء هؤلاء المرضى مرورًا بحملات التوعية على نطاق جغرافي واسع بمخاطر الإدمان، وأخيرًا المبادرات التي يقدمها الصندوق لإعادة دمج الأشخاص الذين عولجوا في المجتمع، وتوفير فرص عمل ملائمة لهم.

نشأة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان وأهدافه

تأسس صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى فى عام 1991 كأحد حلقات التطوير المؤسسى لمواجهة الإدمان والتعاطى من خلال برامج وآليات تسعى لمحاصرة كل مظاهر الإدمان والتعاطى، وتتضمن محاور عمل الصندوق البرامج الوقائية ودعم وإتاحة خدمات العلاج وإعادة التأهيل من خلال “الخط الساخن”، والكشف المبكر عن تعاطى المخدرات، وإعداد البحوث والدراسات اللازمة لرصد حجم مشكلة الإدمان في مصر وموضوعات ذات صلة بها. كما يعمل الصندوق بالتعاون مع 12 جهة حكومية.

المحور الأول: البرامج الوقائية

تهدف البرامج الوقائية إلى حماية الفئات الأكثر عرضة للتعاطي والإدمان؛ للحد من أعداد المُتعاطين؛ إذ يجب العمل على محورين هما العلاج والوقاية لذا قام الصندوق بإعداد قاعدة بيانات كاملة لمعرفة نسبة التعاطي والإدمان والفئات الأكثر عرضة. ومن هذه الدراسات تبين انخفاض سن التعاطي ليصبح من سن 12 سنة بدلًا من 15 سنة وضرورة توعية المراهقين بالمدارس بالأضرار الناجمة عن التعاطي. كما أوضحت الدراسات أن “الترامادول” جاء في المرتبة الأولى بين المخدرات الأكثر انتشارًا يليه الحشيش ثم الهيروين ويأتي البانجو في المرتبة الرابعة ثم الاستروكس.

تم توظيف قدرات 29 ألف متطوع على مستوى الجمهورية للمشاركة فى أنشطة البرامج الوقائية على النحو التالي:

  • استهداف 1.5 مليون طالب وطالبة من عمر عشر سنوات إلى ستة عشر عاما، عبر ورش العمل التفاعلية، والتدريب والفعاليات الرياضية والعروض المسرحية وذلك من خلال العمل مع عشرة آلاف مدرسة بالتعليم الأساسي والثانوي العام والمهني والأزهري.
  • فضلًا عن استهداف 26 جامعة حكومية و102 من المعاهد العليا والخاصة لمليون طالب جامعى من مختلف الفئات العمرية من عمر سبعة عشر عاما إلى خمسة وعشرين عاما، وذلك عبر العروض الفنية والرياضية ومعسكرات صيفية وتدريب تفاعلى، كما تم العمل مع 650 مركز شباب استهدف 404 آلاف شاب وفتاة من عمر خمسة عشر عاما وحتى ثلاثين عاما.
  • كما تم تقديم دورات وندوات ومؤتمرات توعية لعدد مئة ألف موظف بالجهاز الإدارى للدولة بمخاطر وتعاطى وإدمان المواد المخدرة. 
  • بالاضافة إلى مبادرات حملات توعوية التي تم عملها بالمواقف العمومية والميادين الكبرى بالمحافظات والتي استهدفت رفع وعى 200 ألف سائق على مستوى 20 محافظة والمبادرات التوعوية التي استهدفت رفع وعى 300 ألف عامل مهنى ومواطنين بالمناطق الصناعية بالمحافظات وعدد من الشركات الخاصة.
  • وفضلا عن أنشطة التوعية السابقة، تم تنفيذ الحملة الإعلامية “أنت أقوى من المخدرات” شارك فيها لاعب كرة القدم الشهير محمد صلاح، والتى ساهمت فى زيادة نسبة الاتصالات على الخط الساخن بمعدل أربعة أضعاف، وتمت ترجمة الحملة للغات الإنجليزية والبرتغالية والصينية وتناولت أصداؤها بشكل إيجابى وسائل الإعلام الكبرى، وقد تضاعف عدد المشاهدات للتنويهات المتعلقة بها خمس مرات حيث وصلت 40 مليون مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعى خلال عام 2019 بعد أن كانت 5 ملايين مشاهدة. ولإتاحة بيئة إبداعية رافضة للتعاطى تم تنظيم 60 ليلة عرض مسرحى استهدفت 50 ألف شخص من قاطنى الأماكن الأكثر احتياجا والمدن الجديدة. 

المحور الثاني: إتاحة العلاج والكشف المبكر

أتاح صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى من خلال الخط الساخن 16023 مجموعة من الخدمات العلاجية الدوائية والنفسية، وإعادة التأهيل والرعاية اللاحقة والدمج المجتمعى بالاشتراك مع الجهات المعنية لتطبيق معاييرالجودة ويراعي الصندوق عامل السرية أثناء تقديم هذه الخدمات المجانية.

في البداية تمت زيادة عدد مراكز تقديم الخدمات العلاجية لتغطى الزيادة في عدد المتصلين بالخط الساخن لتصل إلى 23 مركز فى 14 محافظة فى عام 2019 بعد أن كانت 12 مركز علاجى فى 6 محافظات العام 2014. ومن المخطط أن تصل عدد هذه المراكز إلى 29 مركز فى 19 محافظة خلال العام الجارى 2020. حيث بلغ عدد المكالمات الهاتفية للخط الساخن 81777 لتقديم الخدمات لراغبى العلاج للمتعاطين وأسرهم وتقديم المشورة وتلقى الشكاوى والبلاغات، بعد أن كانت 3560 اتصال هاتفى فى العام 2014، ويستحوذ المرضى راغبى العلاج من الإدمان والتعاطى على المرتبة الأولى من الاتصالات الواردة للخط الساخن.

وبلغ عدد مرضى الإدمان الذين استفادوا من الخدمات العلاجية خلال عام 2019/2020 127 ألف مريض ترددوا على المراكز العلاجية الشريكة مع الخط الساخن. ولم تقف جهود دعم العلاج عند هذا الحد، بل تضمنت إجراء تحليل الأمراض المصاحبة عبر تحليل الفيروسات (سي، بي، إيدز) كما تم تنفيذ أول دبلوم معتمد من المجلس الأعلى للجامعات متخصص فى مكافحة وعلاج الإدمان بالتعاون مع جامعة القاهرة لدعم قدرات العاملين ولتنمية مهارات وكفاءات العاملين فى الخط الساخن.

ومن الجدير بالذكر ارتفاع نسبة اتصالات الإناث بنسبة 13 % بعد توفير خدمات الحجز الداخلي للإناث مع المستشفيات الشريكة ومنها مستشفى (الدمرداش – العباسية للصحة النفسية – المعادي العسكرية – المعمورة)

A picture containing screenshot, drawing

Description automatically generated

أما عن الكشف المبكر تم توقيع الكشف على 128 ألف موظف من العاملين بعشرين وزارة فى 21 محافظة بداية من مارس 2019، وتقدم من بينهم 25 ألف موظف للعلاج من الإدمان. ونتيجة لذلك انخفضت نسبة الحالات الإيجابية من 8% فى مارس 2019 إلى 2% حاليا.

كما جرى الكشف المبكر على سائقى الحافلات المدرسية حيث انخفضت نسبة الحالات الإيجابية من 12% لعام 2015 إلى أقل من 1% لعام 2019. حيث شملت عمليات الكشف المبكر 12 ألف سائق حافلة مدرسية. كذلك تم توقيع الكشف على 145 ألف سائق على الطرق السريعة وأسفرت تلك الجهود عن خفض نسبة المتعاطين من 24% لعام 2015 إلى 12% لعام 2018.

المحور الثالث: إعادة الدمج المجتمعي

فى ظل حرص صندوق مكافحة وعلاج الإدمان على تحقيق الدمج المجتمعى للمتعافين من مرض الإدمان لم يكتفي فقط بعلاج المرضى بل عمل على توفير فرص عمل تساعد على إعادة دمجهم كقوة فعالة في المجتمع، وتقلل من فرص انتكاستهم مرة أخرى. 

وباعتبار أن الصندوق هو الآلية الوطنية لتنفيذ برامج الوقاية من المخدرات وتوفير خدمات العلاج والتأهيل المجانى للمدمنين، قام الصندوق بتوقيع بروتوكول تعاون مع بنك ناصر الاجتماعى بهدف توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر للمتعافين على يمر 10 أشهر على مدة التعافي. 

في هذا السياق تم إطلاق مبادرة “بدية جديدة” وهي مبادرة لإقراض المتعافين من مرض تعاطى وإدمان المواد المخدرة التابعين للخط الساخن بصندوق مكافحة الادمان بدعم من بنك ناصر الاجتماعى وتم توفير بمبلغ 2 مليون و310 ألف جنيه بالفعل لهذه المبادرة. 

كما تم تدريب 300 متعافي في 3 محافظات مختلفة (القاهرة – الاسكندرية – المنيا) على مهن مختلفة منها النجارة وصيانة التكييفات والمحمول والمشغولات الجلدية والتركيبات الكهربائية والخياطة وغيرها. حيث تم ابرام اتفاقية مع مجلس التدريب الصناعى التابع لوزارة التجارة والصناعة بالإشراف على كافة البرامج والأنشطة الخاصة بالتدريب الفني والمهنى.

مجهودات ونتائج صندوق مكافحة وعلاج الإدمان أثناء كورونا

استمر الصندوق في تقديم الخدمات العلاجية لمرضى الإدمان مع اتخاذ كافة الإجراءات للوقاية من انتشار فيروس كورونا حيث تم تجميد جميع الأنشطة الميدانية لمتطوعي الصندوق وتم استبدالها بأنشطة توعوية على وسائل التواصل الاجتماعي.

 إن عدد مرضى الإدمان الذين استفادوا من الخدمات العلاجية عن طريق الخط الساخن للصندوق «16023» خلال الخمسة أشهر الأولى من عام 2020 بلغ 45099 مريض وتنوعت الخدمات المقدمة لهم ما بين مكالمات للمتابعة وأخرى للمشورة، بجانب تقديم العلاج في المراكز الشريكة للصندوق. كما تلقى الخط الساخن من 200 إلى 250 اتصالا يوميا. وبلغت نسبة الذكور من هذه الخدمات 92.86% بينما بلغت نسبة الإناث 7.14%.

كاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى