
جهود تونسية جزائرية في الملف الليبي، ملف المرتزقة في الواجهة
تأتي الزيارة الرسمية الهامة، للرئيس التونسي إلى العاصمة الجزائرية، في توقيت تحتدم فيه الجهود السياسية الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية. هذه الزيارة سبقتها تصريحات مهمة من جانب تونس والجزائر، تؤكد أن البلدين بصدد لعب دور متقدم في الملف السياسي الليبي في المستقبل القريب، مستفيدين في ذلك من علاقاتهما بكلا الطرفين المتحاربين في الميدان.
قبيل هذه الزيارة، كان لوزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، تصريحات مهمة، عقب مشاركته في قمة رؤساء دول وحكومات اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي حول ليبيا ، والتي عٌقدت مؤخراً في الكونغو. أفاد فيها أن بلاده ستواصل العمل بجد فيما يتعلق بالأزمة السياسية في ليبيا، وستضطلع بدور المحرك فيها لحلها في أسرع وقت ممكن، وأضاف أن المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المسعى الجزائري في ما يتعلق بالملف الليبي معروفة، فالحل لا يمكن أن يكون إلا سياسياً وسلمياً، ولا يمكن أن يأتي إلا من لدن الليبيين أنفسهم بمساعدة دولية لا سيما دول الجوار.

وقبيل وصوله إلى العاصمة الجزائرية، صرح الرئيس التونسي قيس سعيد، أن بلاده على تواصل مع معظم مكونات القبائل الليبية، وأنها ستواصل في الفترة المقبلة التشاور معها، من أجل بلورة موقف قبائلي واضح من الحل السياسي في ليبيا. في المؤتمر الصحفي المشترك بين الرئيسين التونسي والجزائري، كان لافتاً تصريح الرئيس الجزائري، حول ضرورة إبعاد المقاتلين الأجانب من التراب الليبي، وإيقاف تدفقهم إليها، وهو بهذا التصريح يكون ثالث شخصية سياسية تتناول هذا الموضوع في تصريحاتها خلال الأيام الأخيرة، بعد كل من الرئيس الفرنسي ومندوب ألمانيا في مجلس الأمن الدولي. أتفق كل من الرئيسين الجزائري والتونسي، على أن يقوم كل منهما بإستضافة إجتماعات للمكونات السياسية والقبائلية الليبية خلال الأيام المقبلة، لإستطلاع الآراء حول ما هو مطلوب على الصعيد السياسي والميداني لحل الأزمة القائمة حالياً في ليبيا.
هذه الزيارة، جاءت بعد ساعات من انتهاء اجتماع اللجنة رفيعة المستوى، التابعة للاتحاد الأفريقي بشأن الملف الليبي، والتي تم فيها الاتفاق على بدء مكاتب الإتحاد في التحضير، لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية في ليبيا، وذلك بالتشاور مع الأطراف الداخلية ودول الجوار الليبي والأمم المتحدة، وستكون مظلة هذا المؤتمر، مفتوحة لجميع الأطراف الليبية، بما في ذلك زعماء القبائل والنساء والشباب، وكافة المكونات الليبية السياسية والاجتماعية. وقد عرضت الجزائر تنظيم هذا المؤتمر على أراضيها. كذلك دعا البيان الختامي لهذا الاجتماع، الدول الأعضاء في الأتحاد الأفريقي، المشاركة في أية آليات دولية يتم تأسيسها، لمراقبة وقف إطلاق النار في العاصمة الليبية.
خلال اجتماعات هذه اللجنة، دار لقاء مهم بين كل من وزير الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية المؤقتة عبدالهادي الحويج ووزير خارجية المغرب ناصر بوريطة، وخلال هذا الإجتماع صرح الوزير المغربي، أن كل ما يهم بلاده، هو رفع المعاناة عن الليبيين، مشدداً على أن المغرب على استعداد لتقاسم التجربة و الخبرة والمشورة في برنامج المصالحة الوطنية بعد تحرير العاصمة طرابلس، وأنها تقف بقوة ضد (التدخل الأجنبي الوقح) في ليبيا، الذي يعود (إلى عصر ولى وحقبة انتهت). هذا التصريح المتقدم يؤكد الموقف المغربي الحالي من الملف الليبي، والذي يرفض تماماً الدور التركي في الملف الليبي.
جدير بالذكر هنا أن الناطق باسم الخارجية الألمانية كريستوفر بورغر، أعلن أمس أن التحضيرات جارية، لعقد لقاءاً دولياً حول الملف الليبي على مستوى وزراء الخارجية، سيعقد في منتصف فبراير القادم في ألمانيا. هذا الإجتماع يضاف إلى إجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 + 5)، الذي سيعقد قريباً في جنيف، والذي أكد قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر مشاركة ضباطه فيه، وذلك خلال لقاؤه أمس مع المبعوث الأممي إلى ليبيا ونائبته.
تصاعد التوترات الإقليمية والدولية مع تركيا

بعد أيام من تصريحات الرئيس الفرنسي القوية، حول الدور التركي التدميري في الملف الليبي، بدأت تظهر أصوات دولية أخرى تنتقد هذا الدور بشكل أكثر وضوحاً، من بينها قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، الجنرال ستيفن تاونسند، الذي قال في بيان قدمه إلى الكونجرس الأمريكي حول الملف الليبي، إن نشر تركيا قوات ومعدات عسكرية في ليبيا يهدد بتصعيد كبير في الصراع المستمر منذ أشهر، مؤكدا أن القتال المستمر في البلاد قد جعل المجتمع الدولي مشلولاً، دون تحقيق أي تقدم حقيقي نحو الحل السياسي للأزمة.
التوترات بين الأطراف الدولية كفرنسا والولايات المتحدة وبين تركيا حول الملف الليبي لم تكن هي الوحيدة، فالعلاقات التركية مع دول الجوار الليبي، يشوبها توتر مكتوم، سببه التصريحات الغير متوازنة من جانب الرئيس التركي. فبعد إن تسبب تصريح سابق لوزير خارجية حكومة الوفاق، بشأن وجود تونس والجزائر في (الحلف التركي) في ليبيا، في توتر بين تركيا وتونس، جاءت تصريحات الرئيس التركي، في معرض هجومه المستمر على فرنسا، حول طلبه من نظيره الجزائري ، تمكينه من وثائق تتعلق بما وصفها بـ(مجازر الاحتلال الفرنسي في الجزائر)، لتتسبب في توتر العلاقة بين أنقرة والجزائر، تمثل في بيان لرئاسة الجمهورية الجزائرية، أعربت فيه عن رفضها تصريحات الرئيس التركي، المتعلقة بتاريخ الجزائر، والتي حسب ما جاء في البيان، نسبت إلى الرئيس الجزائري حديثاً أخرج عن سياقه.
قتلى المرتزقة في ازدياد في المحاور القتالية بالعاصمة

تزايد خلال الساعات الأخيرة، العدد الإجمالي للقتلى من عناصر المرتزقة السوريين في طرابلس، حيث وصل حسب معلومات المرصد السوري لحقوق الإنسان وغرفة عمليات الكرامة، إلى 71 قتيل حتى الآن، وأكثر من 55 جريح يتواجدون في 3 نقاط طبية في العاصمة طرابلس، في مناطق المشتل وقدور وغوط الشعال. جدير بالذكر ان أعداد المرتزقة الذين وصولا حتى الآن إلى ليبيا، يقترب من خمسة آلاف مرتزق، انتقل منهم حوالي 64 مرتزق من الأراضي الليبية إلى أوروبا. اللافت هنا أن تزايد أعداد المرتزقة في العاصمة، بات يؤدي إلى أشتباكات متقطعة بينهم وبين ميليشيات الوفاق، وكانت نتيجة آخر هذه الإشتباكات، هو مقتل منصور علي محمد القداري، قائد ميليشيا (سرية المدفعية مصراتة)، في اشتباك في محور صلاح الدين جنوبي العاصمة، بين مجموعة من عناصره وبين مجموعة سورية مرتزقة، وذلك بسبب خلاف ميداني.
وتستمر في هذه الأثناء الاشتباكات المتقطعة في محاور جنوبي طرابلس، وهذا بات يمثل عامل ضغط مستمر على قوات حكومة الوفاق، التي بدأت في تنفيذ حملات للمداهمة والتفتيش، في مناطق سوق الجمعة وعرادة وكشلاف، بحثاً عن العناصر المؤيدة للجيش الوطني، خشية أن تقوم هذه العناصر بهجمات على قوات الوفاق وعناصر المرتزقة السوريين، وهي هجمات تم رصد بعضها بالفعل خلال الأيام الماضية ضد الحافلات التي تنقل المرتزقة إلى محاور القتال. التمركز العسكري لبعض هذه الميليشيات قرب مركز بعثة مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في ليبيا، جعل المفوضية تقرر إغلاق مركزها بشكل كامل ومغادرة البعثة للعاصمة.
باحث أول بالمرصد المصري