ليبيا

نشاط بريطاني في طرابلس … وخلافات حكومة السراج تتصاعد

بدأت بريطانيا خلال الأيام الماضية، سلسلة من التحركات الدبلوماسية واللقاءات المشتركة، مع عدد من الشخصيات السياسية الليبية في العاصمة طرابلس، بعد استشعارها الخلافات المتزايدة التي بدأت في التفاعل داخل كل من حكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة.

أخر هذه التحركات، كان لقاء القائم بإعمال السفارة البريطانية في ليبيا “نيكولاس هوبتون”، بكل من رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ووزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، في لقاءين منفصلين في مقري مجلس الدولة ووزارة الداخلية بالعاصمة. وكان لافتاً تأكيد السفير هوبتون أن بلاده بصدد تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن، من أجل حل شامل للأزمة الليبية، وتقديم آلية واضحة لمراقبة وقف أطلاق النار وحظر تصدير السلاح.

هذه اللقاءات تستهدف لندن من خلالها، الوقوف على الموقف الحالي في العلاقة السياسية بين المجلس والحكومة، وبشكل خاص ما يتعلق بموقف كل منهما من مبدأ التفاوض مع قيادة الجيش الوطني الليبي في جنيف قريباً، حيث ترفض بعض الأصوات الداخلية الذهاب إلى التفاوض قبل أن تنسحب قوات الجيش الوطني إلى مواقع ما قبل أبريل 2019، في حين ترى أطراف اخرى أن التفاوض هو لتثبيت وقف أطلاق النار، الذي يبقى حتى الآن دون إتفاقية أو وثيقة تضمن سريانه.

الخلافات الداخلية في طرابلس … تصاعد مستمر

لا تتمحور الخلافات الداخلية في حكومة الوفاق فقط حول الموقف من التفاوض مع قيادة الجيش الوطني، بل أيضاً حول دور المبعوث الأممي غسان سلامة، وهذا كان جلياً في البيان الأخير لهذه الحكومة، حيث صدر بيان منذ يومين حول ما يسمى “خروقات الميليشيات المعتدية”، تضمنت إحدى بنوده نقداً قوياً للمبعوث الدولي ودوره، واتهام له بالعجز وعدم القدرة على القيام بمزيد من الجهود.

لكن عقب ساعات من إصدار البيان، تم حذفه واستبداله بهذا البيان، الذي تم تعديل بنوده، وإزالة الفقرة التي تم فيها إنتقاد المبعوث الأممي. 

الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، أستمر في الظهور الإعلامي المتكرر منذ بداية الأزمة بينه وبين الرئيس الحالي للمجلس خالد المشري، الذي قام مؤخراً بتجميد عضوية السويحلي في المجلس، بتهمة التغيب الدائم عن الجلسات، وذلك بعد ساعات من انتخاب أعضاء الدائرة التاسعة الممثلة لمدينة مصراتة في هذا المجلس للسويحلي، ليكون ممثلها في مباحثات جنيف السياسية حول ليبيا. 

منذ هذه الواقعة، يحاول السويحلي بشتى الطرق، تثبيت موقعه في طرابلس كلاعب سياسي أساسي. زار السويحلي منذ أيام وحدات حكومة الوفاق في منطقة عين زارة، وقام مجدداً بالتأكيد على دعمه لهذه القوات، ورغبته في عدم هيمنة أي حزب أو مكون سياسي عليها (في إشارة ضمنية لذراع الإخوان المسلمين في ليبيا، حزب العدالة والبناء). 

مواقف السويحلي رد عليها القيادي في جماعة الأخوان المسلمين محمود عبد العزيز، الذي أشار في تصريحات تلفزيونية، أن الخلاف بين ذراع الأخوان حزب العدالة والبناء وبين السويحلي ليس جديداً. وهاجم عبد العزيز الجهود الرامية لمشاركة مجلس الدولة في مباحثات جنيف، مؤكداً أنه لا يوجد ما يلزم حكومة الوفاق بالمشاركة في هذه المباحثات، وأن وفد مجلس الدولة الذي سيشارك فيها لا يمثل الفصائل المسلحة التي تقاتل الجيش الوطني في العاصمة.

النفط الليبي … القبائل تؤكد مواقفها

مدفوعة بالغضب من قرار رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في طرابلس فائز السراج، بتخصيص مبلغ مليار دينار، للإنفاق على الميليشيات المسلحة الموالية له في العاصمة، جددت القبائل الليبية، تمسكها بموقفها الحالي في ما يتعلق بتعليق عمليات استخراج وتصدير النفط من الحقول والموانئ الليبية. ويتصدر هذا المشد شيخ مشائخ قبيلة أزوية الشيخ السنوسي الحليق، الذي أكد في تصريحات صحفية أن القبائل في اجتماعها الأخير بالزويتينة، توافقت على مجموعة من المطالب الأساسية، منها إسقاط شرعية حكومة الوفاق، وضرورة تغيير كل من الرئيس الحالي للمصرف المركزي، ومدير المؤسسة الوطنية للنفط، وتشكيل حكومة تسيير أعمال، والتوزيع العادل للثروة، من خلال تقسيم البلاد إلى أربعة أقاليم أساسية.

المجلس الأعلى لمناطق حوض النفط و الغاز و المياه، أصدر منذ أيام بياناً يتقاطع مع مطالب القبائل، حيث طالب المجلس البعثة الأممية بسحب الثقة من حكومة الوفاق، وخروج كافة الميليشيات التي وصلت إلى ليبيا مؤخراً، ونقل تبعية المؤسسة الوطنية للنفط إلى بنغازي، وحل الميليشيات القائمة حالياً في طرابلس ونزع سلاحها، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإيجاد آلية عادلة لتوزيع عائدات النفط. هذه المواقف سيتم التأكيد عليها قريباً، خلال لقاء قبلي موسع، سيتم عقده في مدينة بني وليد.

جدير بالذكر، أنه في الوقت الحالي تم أيقاف عمليات التكرير والاستخراج والتصدير من 95 بالمئة من الحقول والموانئ الليبية، وبالتالي انخفض معدل الإنتاج الكلي من نحو 1.2 مليون برميل يومياً، إلى نحو 320 ألف برميل. ويتوقع أن يستمر إنخفاض الإنتاج اليومي، ليصل إلى مستوى أقل من مائة ألف برميل يومياً.

عمليات الجيش الوطني شرقي مصراتة تتواصل

تستمر وحدات الجيش الوطني في عملياتها غربي سرت وشرقي مصراتة، وقد أكد هذه المعلومات المتحدث بإسم الجيش الوطني أحمد المسماري، مشيراً إلى أن عمليات الجيش في هذا النطاق مستمرة لأن وقف إطلاق النار لا يشمل هذه المنطقة. في هذه المرحلة يحاول الجيش تأمين مواقعه داخل سرت، وذلك عبر عمليات برية وبحرية، خاصة في ظل إستمرار وجود تهديدات داخلية في المدينة، كان اخرها العثور على قنبلة داخل جامعة سرت. 

أهمية سرت ومحيطها الغربي تتزايد، إذا ما وضعنا في الإعتبار أن هذه المنطقة ستعتبر خط إمداد أساسي، لوحدات الجيش المقاتلة في طرابلس، يضاف إلى الخط الرئيسي الحالي المار بمدينة ترهونة جنوبي العاصمة. وعلى الرغم من أن المتحدث بإسم الجيش صرح بإن الدخول إلى مدينة مصراتة ليس ضمن أولويات الجيش في المرحلة الحالية، إلا أنه في حالة ما تمكنت الوحدات المقاتلة من تثبيت السيطرة على أبو قرين، ستكون قد وضعت القوات المتواجدة داخل مصراتة تحت ضغط مستمر، سيمنعها من تعزيز وحدات الوفاق المقاتلة في طرابلس.

في نفس الإطار، أستمر الظهور المصور المتكرر لعناصر المرتزقة السوريين في ضواحي العاصمة طرابلس، والذين أستمرت عمليات نقلهم إلى البلاد عبر الرحلات الجوية المدنية، بواقع رحلتين إلى أربعة رحلات يومياً.

من الأحداث الأمنية اللافتة، تعرضت نقطة تمركز تابعة للغرفة الأمنية المشتركة، في منطقة وادي عتبة شمالي غرب مرزق، إلى هجوم مسلح فجر أمس، أدى إلى مقتل فرد وإصابة خمسة آخرين تابعين، بالإضافة إلى مقتل اثنين من المهاجمين واعتقال واحد. لم تتضح حتى الآن حقيقة الجهة التي يتبع إليها المهاجمون، لكن هناك احتمالية كبيرة أن يكونوا تابعين لتنظيم داعش، خاصة أن هذه المنطقة شهدت نشاطاً سابقاً للتنظيم.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى