ليبيا

تقدم جديد للجيش الليبي … وأردوغان يحاول مجدداً في الجزائر

تستمر المحاولات التركية الحثيثة، للتأثير على دول الجوار الليبي، خاصة تونس والجزائر، بهدف ضمان موطئ قدم لنفوذها في هذا النطاق من جهة، ومن جهة أخرى خلق نقطة ارتكاز لمجهودها العسكري والأمني في ليبيا، خاصة في ما يتعلق بالرحلات الجوية، التي باتت الرحلات المباشرة منها إلى مطار طرابلس، قاب قوسين أو أدنى من التوقف التام، عقب انكشاف إستغلال حكومة السراج، للرحلات الجوية المدنية، لإستقدام المرتزقة السوريين إلى الأراضي الليبية.

آخر تلك المحاولات، هي زيارة الرئيس التركي اليوم إلى الجزائر، وهي زيارة كانت قد تأجلت الشهر الماضي، بعد تحفظ القيادة الجزائرية على طلب أردوغان زيارتها في هذا التوقيت،لأسباب عديدة كان أهمها ردود الفعل الشعبية والحزبية الغاضبة في تونس على زيارة أردوغان،  ومحاولات استغلال الحكومة التركية لهذه الزيارة في الإيحاء بوجود اصطفاف جزائري – تونسي معها في ما يتعلق بالشأن الليبي.

سبق زيارة اليوم، محاولات تركية لجذب الجزائر إلى مقاربتها في ليبيا، وقد تزايدت هذه المحاولات بعد أن فشلت زيارة أردوغان إلى تونس الشهر الماضي، في الخروج بمواقف نوعية من جانب الرئيس التونسي، أو تحقيق تقدم في ما يتعلق بإمكانية السماح للجيش التركي بإستخدام المطارات والأراضي التونسية من هذا المنطلق، كان الإلحاح التركي في عرض اسم الجزائر على المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، كي تكون من ضمن الدول الحاضرة لمؤتمر برلين الأخير.

الشهر الماضي،  أرسل أردوغان وزير خارجيته إلى العاصمة الجزائرية، على رأس وفد عسكري وأمني، وقابل هناك رئيس الجمهورية الجزائرية، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية. لم تخرج هذه الزيارة أيضاً بالنتائج المرجوة من جانب أنقرة، لأن الجزائر كانت دوماً، سواء على لسان رئيسها أو وزير خارجيتها، تؤكد دائماً على رفض التدخل الأجنبي في ليبيا، وعن رغبتها في تصدر جهود فتح حوار سياسي بين الأفرقاء في ليبيا، وبالتالي ظل الموقف الجزائري بعيداً عن الموقف التركي، ربما بمسافة أكبر حتى من المسافة بين الموقفين التونسي والتركي.

زيارة أردوغان اليوم تأتي في محاولة للعب على وتر الإختلاف التكتيكي في النظرتين المصرية والجزائرية للملف الليبي، وفي نفس الوقت هي المحاولة الأخيرة من جانب أردوغان للتأثير على الموقف الجزائري، خاصة أن عزلة أردوغان على المستوى الدولي بسبب نهجه في ليبيا وشرق المتوسط، كانت من أهم وأبرز مشاهد مؤتمر برلين الأخير، وبالتالي هو يحاول عبر التواصل مع الجزائر وتونس، الإيحاء بامتلاكه لدعم أقليمي لتوجهاته في الملف الليبي.

رافق أردوغان في زيارة اليوم، كل من عقيلته أمينة ووزير خارجيته مولود أوغلو، بجانب وزير الدفاع خلوصي أكار ووزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى ورانك. وقد تم توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين الجانبين في المجال الاقتصادي، خاصة في مجال التصنيع العسكري، في محاول من جانب أنقرة للتأثير على المؤسسة العسكرية الجزائرية، التي خرجت للتو من استحقاق مفصلي في التاريخ الجزائري. وهنا لا تتعلق محاولات التأثير التركي على الجزائر بالملف الليبي فقط، بل تحاول أنقرة من خلال تونس والجزائر، تشكيل حلف مساند لها في ما يتعلق بغاز شرق المتوسط، خاصة وأنها أيضاً تعاني في هذا الملف من عزلة أقليمية واضحة.

في المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيسين الجزائري والتركي، وقع هذا الأخير في تناقض جديد، يضاف إلى سلسلة لا تنتهي من التناقضات التي وقع فيها منذ أن بدء تدخل بلاده في الأزمة الليبية. قال أردوغان أنه يجب عدم السماح بتحول ليبيا إلى ساحة للتنظيمات الإرهابية، وأنه لا حل عسكري للأزمة الليبية. وهو تصريح يتناقض بشكل صارخ مع دعم أردوغان للتنظيمات المتطرفة في سوريا، وإرساله لأعداد من المرتزقة إلى ليبيا، ومازالت عمليات نقل هؤلاء من سوريا مستمرة، رغم مقررات مؤتمر برلين التي أعلن أردوغان عن التزامه بها.

التناقض الثاني الذي وقع فيه أردوغان، كان في حديثه عن الأضرار التي تسببت بها الدول الأوروبية فيما يتعلق بالملف الليبي، متناسياً أن نهجه في هذا الملف يمثل حالياً التحدي الرئيسي أمام الجهد الأممي والأوروبي لتنفيذ مقررات مؤتمر برلين، خاصة البند المتعلق بالميليشيات وخرق حظر التسليح المفروض على ليبيا.

الموقف الجزائري الذي تم إعلانه في هذا المؤتمر الصحفي، لم يختلف عن ما تم إعلانه سابقاًً في هذا الصدد، سواء من جانب الرئيس الجزائري أو وزير خارجيته، فقد أكد الرئيس تبون على رغبة بلاده في تنفيذ قرارات مؤتمر برلين، وتصدر جهود الحل السلمي في ليبيا، كما تحدث أيضاً عن تلقيه دعوة لزيارة تركيا.

جدير بالذكر هنا، أن زيارة أردوغان تأتي بعد ساعات من اجتماع دول جوار ليبيا،  الذي تزامن مع زيارة مهمة ولافتة، لوزير الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الهادي الحويج، عرض من خلالها وجهة نظر الحكومة المؤقتة والجيش الوطني، على المجتمعين. وقد تسبب حضوره في غضب شديد من جانب حكومة الوفاق في طرابلس، التي لم تتم دعوة ممثليها لحضور هذا الاجتماع. وكما قامت مصر بإرسال وزير خارجيتها إلى الجزائر عقب زيارة وزير الخارجية التركي إليها، سيصل خلال الساعات المقبلة إلى العاصمة الجزائرية، وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، وذلك  استمرارا  للمحاولات العربية لدعم الجزائر، لمواجهة الضغوط التركية المستمرة.

تقدم ميداني جديد للجيش الوطني

ردا على الخروقات المتكررة من جانب قوات حكومة الوفاق للهدنة، وأخرها محاولة تقدم شرقي سرت لقوات حكومة الوفاق، أنطلاقاً من منطقة السدادة، بدأت قوات الجيش الوطني اليوم في تفعيل عملياتها بالمحور الشرقي لمدينة مصراتة، انطلاقاً من آخر المواقع التي سيطرت عليها، وهي منطقة الوشكة، وتمكنت اليوم من تأمين السيطرة على وادي زمزم وأبو قرين والقداحية، لتصبح بذلك على بعد مائة كيلو متر فقط من التخوم الشرقية لمصراتة.

https://twitter.com/LNA2019M/status/1221385811704385537
https://www.facebook.com/watch/?ref=external&v=808864982923939

المدفعية التابعة لقوات حكومة الوفاق، والتي تتمركز في مناطق تاجوراء ومشروع الموز وبداخل قاعدة معيتيقة الجوية، نفذت اليوم سلسلة من عمليات القصف، استهدفت مواقع الجيش الوطني ومناطق مدنية جنوبي العاصمة، خاصة منطقة قصر بن غشير، ومناطق أخرى في عين زارة وصلاح الدين وخلة الفرجان، بجانب منطقة الهضبة وحي بوسليم، مما دفع وحدات الجيش في محور الهضبة للرد على هذه العمليات، وقصف مستودع للأسلحة تابع لقوات الوفاق شمالي المحور.

في هذه الأثناء، استمرت الرحلات غير المجدولة للطيران المدني، الناقل لمجموعات المرتزقة من تركيا إلى ليبيا، وقد كشف  مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، العميد خالد المحجوب، أنه تتوافر معلومات تفيد بوجود خطة تركية، تستهدف نقل ما يقرب من أحد عشر ألف  عنصر ارهابي إلى  ليبيا، وذلك بتحفيزهم تارة بالجنسية التركية وبالمقابل المادي، وتارة أخرى بترهيبهم بالقطع التدريجي للمساعدات المالية المقدمة لهم في الشمال السوري.

https://twitter.com/LindseySnell/status/1220765032616747010

في سياق متصل، يتوقع حسب تصريحات للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، أن يتم خلال الأسبوع المقبل  إجتماع للجنة الأمنية العسكرية المشتركة “5 + 5″،  بين ممثلين عسكريين وأمنيين من كلا الجانبين المتحاربين، حيث يمثل الجيش الوطني في هذه الاجتماعات، ‏رئيس أركان القوات البحرية فرج المهدوي، وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية بلقاسم الأبعج، وقائد المنطقة العسكرية الغربية الهادي الفلاح، والعميد إدريس مادي، بجانب عطية حمد مدير إدارة الحسابات العسكرية. أما من جانب قوات حكومة الوفاق، فيشارك قائد اللواء الثاني مشاة ‏الفيتوري غريبيل، وقائد ما يسمى غرفة عمليات المنطقة الوسطى أحمد أبوشحمة، والقائدين في قوات “بركان الغضب” مختار نقاسا ومحمود بن سعيد، بجانب عبدالرحمن محمد الجطلاوي مدير الإدارة القانونية بوزارة الداخلية التابعة لحكومة الوفاق.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى