
طرابلس … تقدم ميداني، وقبائل ليبيا تقول كلمتها
على وقع التقدم الميداني المتسارع لقوات الجيش الليبي في محاور جنوبي طرابلس، جاءت كلمة المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، قوية ومؤكدة على قبول التحدي الذي فرضه على ليبيا الرئيس التركي أردوغان. شدد المشير في كلمته، (التي جاءت متزامنة مع نشر صور يظهر فيها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أثناء تسوقه في العاصمة البريطانية لندن)، على أن وحدات الجيش الليبي مستعدة لمواجهة اية خطوات تركية عسكرية مقبلة، وقد كانت المواقف المهمة التي أعلنتها غالبية القبائل الليبية خلال الساعات الماضية هي من أهم مرتكزات الموقف الذي أعلنه المشير أمس.
قبائل ليبيا تقول كلمتها
منذ إقرار البرلمان التركي لطلب “أردوغان” إرسال قوات الى ليبيا، أعلنت عدد كبير من القبائل الليبية الموالية والمعارضة للحكومة المؤقتة وللبرلمان الليبي، موقف حازم ورافض للتدخل العسكري التركي، الذي اعتبرته معظم القبائل (إعادة) لسيناريو التواجد العثماني السابق في ليبيا. هذا الموقف تم إعلانه بصورة واضحة في اجتماع القبائل الليبية في مدينة بنغازي، بدعوة من مشايخ قبائل إقليم برقة، وفيه تم إعلان التعبئة الشعبية ضد الغزو التركي للأراضي الليبية. وقد ترافق هذا الموقف مع مواقف منفصلة لعدد من أهم القبائل الليبية، مثل قبائل العجيلات، العواقير، أولاد سليمان، ورفلة، ورشفانة، ترهونة. حيث أعلنت هذه القبائل في بيانات منفصلة رفضها لإتفاقية السراج مع أردوغان، واستعدادها لقتال القوات التركية حال وصولها إلى الأراضي الليبية.
من المواقف المهمة أيضاً، موقف قبائل الزنتان والزاوية، فقبائل الزاوية تقع بحكم الأمر الواقع تحت سيطرة وحكم حكومة الوفاق في طرابلس، لكن برغم ذلك رفضت بشكل قاطع أي تواجد تركي عسكري على الأراضي الليبية، كذلك قبائل الزنتان كان موقفها لافتاً، فقسم كبير منها موالي لحكومة الوفاق في طرابلس، بل وبعضها يقاتل معها أيضاً، لك كان الموقف الرئيسي لهذه القبائل هو رفض أتفاق السراج – أردوغان.
رفض التواجد التركي على الأراضي الليبية لم يقتصر فقط على المواقف الشعبية والقبائلية، بل تعداه الى المؤسسات والشركات النفطية، حيث أعلنت شركات نفط ليبية عديدة منها شركة رأس لانوف، وشركة سرت، وشركة الخليج العربي، بجانب اتحاد عمال الغاز والنفط، عن إيقافها التعامل مع الشركات التركية بمختلف أنواعها، بما في ذلك شركات الملاحة.
على المستوى السياسي، قال مجلس النواب الليبي في جلسته المنعقدة في مدينة طبرق كلمته، وأقر مجموعة من القرارات، منها إلغاء أي أثر مادي أو قانوني لمذكرتي التفاهم الموقعتين بين السراج وأردوغان، وسحب أي اعتراف بحكومة الوفاق في طرابلس، وكذا قطع اية علاقات مع تركيا، بجانب إحالة عدد من مسئولي حكومة الوفاق وعلى رأسهم رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج الى القضاء بتهمة الخيانة العظمي، وأخيراً تفويض القيادة العسكرية الليبية بعمل كل ما يلزم لصد الغزو التركي لليبيا، بما في ذلك تعطيل المنافذ الجوية والبحرية التي يتم استخدامها من جانب حكومة الوفاق لاستقدام المرتزقة والأسلحة.
التقدم الميداني للجيش الليبي جنوبي طرابلس
استمر تقدم قوات الجيش الوطني في محور صلاح الدين جنوبي طرابلس لليوم الرابع على التوالي بوتيرة سريعة، حيث سمح هذا التقدم لوحدات المدفعية الصاروخية، باستهداف مواقع قوات الوفاق بصواريخ الغراد، التي تم بها إستهداف مطار معيتيقة ومنطقة (شرفة الملاحة) الواقعة جنوبه، مما أدى الى توقف الملاحة في المطار. وقد شهدت معارك هذا المحور إسقاط ثاني طائرة تركية الصنع دون طيار.
على مستوى اتجاهات الهجوم في هذا المحور، انتقلت المعارك في الاتجاه الشمالي الشرقي، إلى تخوم مستشفى صلاح الدين ومركز طرابلس الطبي، وجوانب طريق الشوك، كما انتشرت وحدات من الكتيبة 166 مشاة في منطقة الأحياء السكنية التي تشمل محيط شارع الخلة ومبنى الجوازات، لتطهيرها نتيجة تواجد عناصر تابعة لحكومة الوفاق تتحصن فيها. استمر أيضاً تقدم قوات الجيش في الاتجاه الشمالي على طريق الهضبة الشرقية، وبدأت في توسيع عملياتها لتشمل طريق الهضبة – البدري المتجه في الاتجاه الشمالي الغربي، وتحافظ القوات على مواقعها في الاتجاه الشرقي بمحيط منطقة عمارات السدرة
محور طريق مطار طرابلس – معسكر حمزة، أستمر تقدم وحدات الجيش في الاتجاه الشمالي الشرقي بمحاذاة طريق المطار، باتجاه جزيرة الأرصاد والخط الثامن، وصولاً إلى طريق الرابش. وخاضت القوات في
محيط مدرسة مشروع الهضبة معارك عنيفة، واجهت فيها قوات الوفاق المتحصنة في المربعات السكنية المتواجدة في هذا النطاق. وتحافظ القوات على مواقعها في الاتجاه الموازي لهذا الاتجاه وهو طريق السلام، ومشارف مسجد السويحلي.
استمر لليوم الثالث على التوالي النشاط المكثف لسلاح الجو الليبي، الذي قصف خلال 48 ساعة مضت مطار معيتيقة، وحي بوسليم، وتاجوراء، ومقر ميليشيا النواصي الواقع على طريق الشط جنوبي العاصمة، بجانب طلعات للدعم الأرضي في عين زارة.
كما نفذت مروحيات الجيش الليبي، غارات على مدخل مدينة سرت الشرقي، في منطقة الكيلو 20، بجانب كتيبة الساعدي الواقعة جنوبي المدينة، وهو تطور إذا ما وضعناه جنباً إلى جنب مع استعدادات رفع قوات غرفة عمليات سرت الكبرى لدرجة استعدادها، نستطيع أن نتوقع قريباً جداً انطلاق عمليات الجيش الوطني للسيطرة على مدينة سرت. كذلك بدأت وحدات من الجيش في التحرك في محاور فرعية استعداداً لبدء محاور جديدة، منها وحدات من سرايا قوات الصاعقة، التي تحتشد في التخوم الشرقية والجنوبية لمدينة غريان، بجانب تحشيد مماثل من وحدات للجيش الليبي في مناطق جنوبي مدينة الزاوية غربي العاصمة، وتحديداً قرب منطقة (المقوز).
الدعم التركي يتواصل
ميدانياً، بات من الواضح أن مجموعات المرتزقة التي وصلت خلال الأيام الماضية الى طرابلس من تركيا بدأت في الدخول في المعارك، وبدأت الإصابات تتالي في صفوفهم، وظهر هذا جلياً في تسجيل مصور ظهر فيه أحدهم وهو ينحدر من مدينة حمص السورية، أثناء تلقيه العلاج في أحد مشافي طرابلس.
التقديرات الحالية تشير إلى أنه وصل إلى طرابلس ما بين 350 الى 450 مرتزق من فصائل سورية متعددة، حيث بات نقل هؤلاء يتم كل ليلة عقب تجميع دفعات منهم ونقلها من مطار غازي عنتاب جنوبي تركيا الى العاصمة التركية، ومنها الى طرابلس عبر رحلتين مدنيتين، الأولى تابعة للخطوط الجوية الليبية، والثانية تابعة لشركة الأجنحة الليبية.
من النقاط اللافتة في ما يتعلق بالدعم التركي، أن محاولات أسطنبول مع تونس من أجل أن تتعاون معها في ما يتعلق بالشأن الليبي لم تتوقف، وأخرها هو عرض تم تقديمه للجيش التونسي من الجانب التركي، لتزويده بأعداد من عربات القتال المدرعة (Vuran)، والتي للمفارقة كان لها سجل أسود في الميدان الليبي، حيث كانت هي السلاح التركي الأكثر تعرضاً للتدمير خلال معارك طرابلس، بعد طائرات (بيرقدار) المسيرة.
باحث أول بالمرصد المصري