مصر

مخطط التنمية العمرانية لمصر ٢٠٥٢ وتحقيق التكامل التنموي العمراني لمنطقة الساحل الشمالي الغربي

وضعت الدولة نصب أعينها تنمية كافة مناطق الجمهورية والاستفادة من الإمكانات والقدرات التي يتسم ويتمتع بها كل إقليم ومنطقة لخلق تنمية تحقق التكامل بين أقاليم الدولة المختلفة في إطار التنمية الشاملة للدولة المصرية. ولمّا كانت منطقة الساحل الشمالي الغربي من أهم المناطق التي تتسم بقدرات وسمات فريدة عن بقية مناطق الجمهورية وحتى عن بقية دول العالم، عكفت الدولة على الاستفادة من هذه المنطقة وتطويرها لتصبح نموذجًا للتنمية العمرانية المتكاملة، وقبلة سياحية متميزة على مستوى العالم.

مخطط التنمية العمرانية

من أهم الأهداف الاستراتيجية للتنمية الإقليمية للساحل الشمالي الغربي تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع لا يقل عن ١٢٪ في السنة، وتوطين ما لا يقل عن ٥ ملايين نسمة، وتوفير نحو ١,٥ مليون فرصة عمل، بالإضافة إلى دمج المنطقة في الاقتصاد القومي والعالمي عن طريق زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من أقل ٥٪ حاليًا إلى ٧٪. ويهدف المشروع أيضًا إلى الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية للمجتمعات المحلية، بحيث لا يقل مؤشر التنمية البشرية عن ٧٧٪، وكذلك تطوير شبكات البنية الأساسية وتعزيز علاقات التبادل بين المنطقة وباقي الأقاليم المحيطة.

ويعتمد الفكر التنموي المقترح لهذا المشروع على إنشاء العديد من مدن الجديدة المستدامة والذكية  من الجيل الرابع؛ لاستقطاب ملايين من السكان، وتحقيق التنمية العمرانية المتكاملة للساحل الشمالي الغربي باعتباره من أكثر المناطق القادرة على استيعاب الزيادة السكانية، من خلال خلق أنشطة اقتصادية متميزة توفر فرص عمل لأعداد كبيرة من الشباب خلال العقود القادمة.

وذلك كله يقوم على الاستخدام الأمثل لكافة الموارد والمقومات في هذا النطاق، ويتمثل ذلك في استغلال المناطق جنوب الشريط الساحلي بدءًا من العلمين إلى السلوم في استصلاح الأراضي بالاعتماد على مياه الأمطار والمياه الجوفية، وتنمية المدن الساحلية القائمة كمراكز تنمية رئيسة، مع إنشاء مراكز سياحية عالمية، إضافة إلى استغلال ظهير الاستصلاح الزراعي في إنشاء تجمعات عمرانية جديدة قائمة على الأنشطة السياحية والسكنية، وأنشطة التصنيع الزراعي والتعدين، فضلًا عن إنشاء عدد من التجمعات البيئية الجديدة لخدمة أنشطة سياحة السفاري، وإمكانية استصلاح ملايين الأفدنة على تحلية مياه البحر ومياه الصرف الزراعي المعالجة؛ لاستزراع نباتات الوقود الحيوي والأعلاف، بجانب استغلال منخفض القطارة في التنمية المتكاملة.

المدن الجديدة في الساحل الشمالي الغربي

يتضمن مخطط تنمية الساحل الشمالي الغربي إنشاء عدد من المدن الجديدة في الأقاليم التنموية الواعدة ومن بينها مدينة العلمين ومدينة رأس الحكمة،

1 – مدينة العملين الجديدة: جاءت لتكون باكورة الجيل الرابع من المدن الجديدة في مصر؛ إذ تمثل مدينة العلمين الجديدة أحد أهم اقطاب التنمية المتكاملة للساحل الشمالي الغربي ومنخفض القطارة. وقد صدر قرار جمهوري بإنشاء مدينة العلمين الجديدة على مساحة ٨٨ ألف فدان بمنطقة تبعد حوالي ١٠ كيلومترات عن الساحل، ستكون أيقونة التنمية بالساحل الشمالي كله، كمدينة ذات طابع بيئي عمراني متميز جنوب الطريق الساحلي. وتمثل هذه المدينة الجيل الرابع من المدن الجديدة التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، بعد أن تم تطهيرها من الألغام، فضلًا عن توافر ١٥ ألف فدان معدة للتنمية الفورية بالمدينة.

وينعكس إنشاء مدينة العلمين الجديدة إيجابيًا على وضع المحافظة على خريطة السياحة والتجارة العالمية، ضمن خطة تطوير وتنمية الساحل الشمالي الغربي لمصر، وتوفير مزيد من فرص العمل، من خلال إنشاء مجتمعات عمرانية وسياحية واقتصادية جديدة.

وقد تم بناء مدينة العلمين الجديدة للاستفادة من الموقع المتميز على ساحل البحر المتوسط لتحقيق تنمية متكاملة وتوفير أساس اقتصادي متنوع، ودعم الاتصالية بين قطاعات برج العرب ومرسى مطروح وسيدي براني؛ لتيسير انتقال السكان والعمالة وتحقيق الانتشار السكاني والأنشطة الاقتصادية المتنوعة في الساحل الشمالي.

وتقع المدينة على ساحل البحر المتوسط شرق مطار العلمين بحوالي 35 كم على مساحة 48 ألف فدان. وجارٍ حاليًا الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من المدينة على مساحة 14 ألف فدان، وتضم (جامعة العلمين الدولية للعلوم والتكنولوجيا – الأكاديمية العربية لعلوم التكنولوجيا والنقل البحري – المدينة التراثية على مساحة 260 فدان – الممشى السياحي بطول 7 كم – بخلاف أكثر من 37 ألف وحدة سكنية بـ 18 برجًا، وعمارات الداون تاون، والحي اللاتيني، وكمبوند 700 فدان).

ويتكامل مع المؤسسات الموجودة للقطاع الخاص مقار حكومية بحيث تُسهل التواصل بين القطاعين بما يخدم عملية التنمية وتنسيق الجهود ولذلك  تشمل المدينة مقرًا لقصر رئاسي بالإضافة لمبنى مجلس الوزراء، ويشمل المبنى دورًا أرضيًا وأربعة أدوار علوية، وقد جرى عقد أول اجتماع للحكومة بالمبنى في يوليو 2019، وهو ما أعطى رسالة بأن المدينة ستكون مستدامة العمل طوال العام، وليست مصيفًا يُستغل لشهرين فقط، كما مثل دلالة وإشارة بأن الدولة المصرية تخطط من خلال هذه المدينة لتكون من أهم مدن المستقبل في مصر ومنطقة جذب سواء للاستثمار أو للسياحة وتنافس بها مدن عالمية أخرى.

ولم تغفل فلسفة تأسيس المدينة الجانب الترفيهي لذلك جرى الانتهاء من تشطيب نحو كم واحد من الممشى السياحي الترفيهي جهة الشرق، وتشطيب المسار من جهة الغرب بطول حوالي 3 كم، وتنفيذ مسار أمام المنطقة الترفيهية بطول ١٣٠٠ متر، وتشطيب 2800 متر بالكامل من جهة الغرب، مزودة بمظلات خيمية، وتم زراعتها بالنخل، ويجرى الانتهاء من أعمال مشايات الخرسانة المطبوعة المؤدية إلى شاطئ البحر، وتم تسوية وفرد رمال الشاطئ لمسافة ٤ كم لإعطاء أكبر قدر من رؤية البحر والاستمتاع بمنظره الخلاب، وتم تجهيز وتسوية التبة أمام المنطقة الترفيهية وعمل ممشى بعرض ١٧ مترا أعلى التبة.

2 – مدينة رأس الحكمة

يستهدف مخطط التنمية العمرانية لمصر 2052 وضع مدينة رأس الحكمة، التي تقع على الساحل الشمالي وتمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالي الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح التي تبعد عنها 96 كم، على خريطة السياحة العالمية خلال 5 سنوات كأحد أرقى المقاصد السياحية على البحر المتوسط وفي العالم. وتعكف الحكومة في الوقت الراهن على إنهاء مخطط تنمية المدينة لتكون ثاني المدن التي يتم تنميتها في إطار المخطط من خلال الشراكة مع كيانات عالمية.

كان من المزمع أن يتم إقامة مشروع سياحي ضخم على قرية رأس الحكم، وقد صدر قرار جمهوري عام 1975 بإخلاء القرية من سكانها، والتي تبلغ مساحتها 55 ألف فدان. لم يتم تنفيذ القرار حتى عاد المشروع من جديد للظهور، وبدأت الجهات المعنية بمحاولة إجبار السكان على الخروج من منازلهم وإخلاء أراضيهم، مما أثار الكثير من الاستياء خاصة وأن المحافظة لم توفر لهم البدائل المناسبة.

وقد أطلق مشروع تخطيط المدينة في ديسمبر 2018، حيث تم وضع الأسس والمبادئ التصميمية لها؛ وذلك بعقد أول اجتماع مع التحالف الدولي الفائز والمكون من شركة CallisonRTKL​ البريطانية وشركة Distance Studio Consultants​ المصرية. حيث يقوم برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-HABITAT​) بدعم جهود وزارة الإسكان ممثلة في الهيئة العامة للتخطيط العمراني وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في تحقيق التنمية المستدامة وتطوير مدن من الجيل الرابع وضمان الاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة. وجارٍ التفاوض مع عدد من الشركات وصناديق الاستثمار العالمية الكبرى للوصول إلى اتفاق يتم إعلانه قريبًا عن بدء تنمية مدينة رأس الحكمة.

وتعتبر مدينة رأس الحكمة واحدة من أكثر الواجهات المائية شهرة في ساحل البحر المتوسط والتي ستحاكى في تصميمها المدن ذات الوجهات المائية (waterfront)، والتي تتميز بخصائصها البيئية والمتوسطية الفريدة بحيث تعكس في تصميمها شخصية الموقع الفريد بيئيًا وثقافيًا وحضريًا وعمرانيًا. ويعكس المشروع التكامل والعلاقة المتوازنة مع المنطقة المحيطة من حيث روابط التنمية الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بمدن مرسى مطروح والإسكندرية والعلمين وبرج العرب، ويعتمد على تأسيس للعلاقات المتكاملة والمتوازنة مع التنمية الإقليمية المحيطة وكذلك المشاريع الوطنية الجارية والمقترحة، وكذلك تطبيق مناهج مبتكرة لتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) ليبرز كنموذج ناجح يعزز التنمية الحضرية المستدامة ويسد فجوات التمويل واستثمارات البنية التحتية.

ومن أهم الأسباب التي تجعل منطقة رأس الحكمة مستقبل الاستثمار السياحي في مصر:

1- طريق فوكة الجديد هو أحد المشروعات الضخمة التي تشارك في إنشائه القوات المسلحة ليربط بين القاهرة والساحل الشمالي، حيث تبلغ المسافة من القاهرة إلى العلمين من خلال طريق فوكة الجديد حوالي 140 كيلو مترًا بعد أن كان الطريق السابق حوالي 240 كيلومترًا من القاهرة إلى مدخل طريق العلمين من خلال طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي، ثم من طريق العلمين وحتى الساحل الشمالي والعلمين، وسيوفر طريق فوكا الجديد مسافة كبيرة بين القاهرة ومطروح.

2- الشريط الساحلي بطول 50 كيلو متر والواقع بين مدينة الضبعة إلى مرسى مطروح تعد أجمل شواطئ العالم من الرمال الناعمة الصفراء إلى المياه الفيروزية رائعة الجمال.

3- يعد إنشاء مدينة مليونية في منطقة العلمين في الساحل الشمالي وما يتبعها من أنشطة صناعية وتجارية وسكنية، يتيح ذلك لمنطقة “رأس الحكمة” الواعدة نشاطًا سياحيًا كبيرًا خلال الـ20 عامًا القادمة.

4- المنطقة تضم أنماطا متعددة ومقومات جاذبة للسياحة الشاطئية، على طول امتداد الساحل الشمالي الغربي لنحو 400 كم من غرب الإسكندرية، وحتى الحدود الغربية للجمهورية، بطول نحو 90 كم من غرب الإسكندرية، وحتى العلمين، ومن العلمين وحتى رأس الحكمة بطول نحو 130 كم، ومن النجيلة وحتى السلوم بطول نحو 130 كم، تضم بداخلها شرق وغرب مدينة مرسى مطروح بطول نحو 90 كم.

5- المنطقة تزخر بمقومات السياحة الثقافية والتاريخية التي تظهر في مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية، وهذا النمط من السياحة يشجع على إقامة سياحة المهرجانات والاحتفالات في تلك المناطق، استرجاعًا للأحداث التاريخية التي اتخذت مواقعها في هذه المناطق.

6- إجمالي المساحة المعروضة للاستثمار السياحي برأس الحكمة، تبلغ 11 مليون و500 متر، بتكلفة استثمارية تتجاوز مليار و351 مليون جنيه، لإقامة مشروعات سياحية متكاملة، لجذب السائحين الوافدين إلى مصر لمنطقة رأس الحكمة، خاصة وأن البنية التحتية من طرق وخدمات في مراحل الإنشاء المتقدمة.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى