مصر

تحقيق التنمية العمرانية المتكاملة لمنطقة الساحل الشمالي الغربي

دائمًا ما كان الساحل الشمالي الغربي بعيدًا عن مجريات التطوير، إلى أن وصلنا لبدايات العقد الثاني من القرن الحالي، عندما تحول الجانب الغربي لمصر لبؤرة صراع ساخنة، بعد انهيار نظام الحكم في ليبيا، وازدادت حدتها عقب ثورة 30 يونيو في مصر، وأصبح بوابة لتهديد الأمن القومي المصري، وذراعًا يُستهدف منها إرباك الدولة وتوسيع جبهات الصراع من خلال هذه الجبهة. ويأتي ذلك بالتزامن مع اكتشافات نفطية عديدة في الصحراء الغربية والبحر المتوسط قُبالة السواحل المصرية، مما عظم الثروة التي يحتكم عليها الإقليم، ووضع مزيدًا من الأهداف المُحتملة للتكفيريين والقوى التي توفر لهم الدعم.

وهو ما دفع الدولة إلى إلقاء مزيدًا من ثقلها المالي والعسكري لدعم بنيتها الاقتصادية بأقصى الساحل الشمالي الغربي بما يخدم أهداف التنمية ويحميها، في جميع القطاعات بداية من القطاع الزراعي الذي شهد تدشين مشروعي المليون ونصف المليون فدان والصوب الزراعية، مرورًا بالقطاع الصناعي الذي شهد تشييد عدد كبير من المصانع بالإضافة إلى ترسانة الإسكندرية، وكذلك شهد قطاع التشييد والبناء نهضة تاريخية في الإقليم مع الإعلان عن مشروع العلمين الجديدة، والعدد الكبير من الطُرق التي مُدت في المحور، وأخيرًا على الجانب العسكري شُيدت قاعدة محمد نجيب التي تُعد واحدة من أكبر القواعد العسكرية في الشرق الأوسط وإفريقيا.

فكان نهج الدولة –على غرار فلسفتها في محاربة الإرهاب بسيناء من خلال المواجهة الأمنية والتنمية الشاملة للإقليم- إذًا إطلاق التنمية الاقتصادية وتأمينها لحماية “المحور الغربي” من ويلات الإرهاب ودعم الأنشطة الإنتاجية في هذه المنطقة؛ لمُحاربة الفقر والبطالة. وهي مُقاربة أثبتت نجاحها بعد وقف العمليات الإرهابية المُتدفقة عبر الحدود الليبية، حيث حدثت آخر عملية في نوفمبر 2018.

وفي هذا الصدد، وضعت الدولة مخططًا تنفيذيًا لتنمية الساحل الشمالي الغربي للجمهورية، يمتد من العلمين وحتى السلوم لمسافة نحو ٥٠٠ كم، بنطاق وظهير صحراوي يمتد في العمق لأكثر من ٢٨٠ كم، ليشغل مسطح نحو ١٦٠ ألف كم٢ تقريبًا؛ بهدف إقامة سلسلة مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية وسياحية ضخمة، لتعظيم الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها المدن الجديدة بهذه المنطقة، سواء على المستويات الاستثمارية أو السياحية والتنموية، وتلبية احتياجات المواطنين وتحسين جودة الخدمات المقدمة إليهم.

فتعتبر منطقة الساحل الشمالي الغربي، بما تمتلكه من موارد مختلفة، أمل مصر لاستيعاب الزيادة السكانية خلال الأربعين عامًا المقبلة، وتُقدَّر بحوالي ٣٤ مليون نسمة. وعلاوة على ذلك، ستولد المشروعات المزمع تنفيذها بالمخطط نحو ١١ مليون فرصة عمل حتى سنة الهدف ٢٠٥٢.

مخطط تنمية الساحل الشمالي الغربي

من أهم الأهداف الاستراتيجية للتنمية الإقليمية للساحل الشمالي الغربي تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع لا يقل عن ١٢٪ في السنة، وتوطين ما لا يقل عن ٥ ملايين نسمة، وتوفير نحو ١,٥ مليون فرصة عمل، بالإضافة إلى دمج المنطقة في الاقتصاد القومي والعالمي عن طريق زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من أقل ٥٪ حاليًا إلى ٧٪. ويهدف المشروع أيضًا إلى الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية للمجتمعات المحلية، بحيث لا يقل مؤشر التنمية البشرية عن ٧٧٪، وكذلك تطوير شبكات البنية الأساسية وتعزيز علاقات التبادل بين المنطقة وباقي الأقاليم المحيطة.

ويعتمد الفكر التنموي المقترح لهذا المشروع على إنشاء العديد من مدن الجديدة المستدامة والذكية  من الجيل الرابع؛ لاستقطاب ملايين من السكان، وتحقيق التنمية العمرانية المتكاملة للساحل الشمالي الغربي باعتباره من أكثر المناطق القادرة على استيعاب الزيادة السكانية، من خلال خلق أنشطة اقتصادية متميزة توفر فرص عمل لأعداد كبيرة من الشباب خلال العقود القادمة.

وذلك كله يقوم على الاستخدام الأمثل لكافة الموارد والمقومات في هذا النطاق، ويتمثل ذلك في استغلال المناطق جنوب الشريط الساحلي بدءًا من العلمين إلى السلوم في استصلاح الأراضي بالاعتماد على مياه الأمطار والمياه الجوفية، وتنمية المدن الساحلية القائمة كمراكز تنمية رئيسة، مع إنشاء مراكز سياحية عالمية، إضافة إلى استغلال ظهير الاستصلاح الزراعي في إنشاء تجمعات عمرانية جديدة قائمة على الأنشطة السياحية والسكنية، وأنشطة التصنيع الزراعي والتعدين، فضلًا عن إنشاء عدد من التجمعات البيئية الجديدة لخدمة أنشطة سياحة السفاري، وإمكانية استصلاح ملايين الأفدنة على تحلية مياه البحر ومياه الصرف الزراعي المعالجة؛ لاستزراع نباتات الوقود الحيوي والأعلاف، بجانب استغلال منخفض القطارة في التنمية المتكاملة.

رؤية تنفيذية متكامل

1 – شبكة الطرق والمحاور

يعد وجود شبكة طرق هو أهم مقومات النجاح لهذا المشروع القومي الثالث، فالطرق هي شرايين التنمية، لذا تم البدء في تنفيذ مجموعة من المحاور العرضية التي تدعم الاتصالية بين المراكز العمرانية بهذا النطاق التنموي وبين باقي أنحاء الجمهورية، وخاصة مناطق الصعيد، وذلك ضمن الخطة القومية للطرق التي أعلنت الحكومة بدء تنفيذها.

ويأتي في مقدمة هذه المحاور محور منخفض القطارة من طريق القاهرة – الإسكندرية، شرقًا بطول ٢٢٠ كم وصولًا إلى رأس الحكمة، ووصلاته الفرعية إلى البرقان، الحمام، العلمين، الضبعة وفوكة، بالإضافة إلى ربط المنطقة بمحافظات الصعيد من خلال شبكة جديدة من المحاور العرضية، وهي محور البهنسا (المنيا) – الواحات البحرية – سيوة – جغبوب عند الحدود الليبية، أسيوط – الفرافرة – عين دلة – سيوة”.

2 – المياه والطاقة

يمثل مشروع تنمية الساحل الشمالي الغربي المدخل نحو آليات تنفيذية جديدة للتصدي لقضيتي ندرة المياه والطاقة، من خلال العديد من التوجهات والأفكار والأدوات التنفيذية، وذلك من خلال استخدام موارد طاقة جديدة ومتجددة من الطاقة الشمسية التي سيتم توليدها بهذا النطاق، الذي يعد ثاني أكبر مناطق سطوع شمسي على مستوى الجمهورية، وكذا من خلال الطاقة النووية، خاصة بعد اتخاذ العديد من الخطوات التنفيذية المتقدمة في مشروع المفاعل النووي بمنطقة الضبعة. وكذلك سيتم توجيه مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة إلى تحلية مياه البحر، لاستخدامات التنمية المختلفة، وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذا المورد لتنفيذ هذا المشروع، ويمثل وجود هذين المقومين لأساس لتفعيل باقي مقومات التنمية بالمنطقة.

3 – الزراعة واستصلاح الأراضي

تزخر المنطقة بموارد المياه الجوفية في الظهير الصحراوي، مع نطاقات ساحلية تتجمع بها مياه الأمطار، مع توافر مصدر للري من نهر النيل من خلال ترعة الحمام المقرر استصلاح وزراعة نحو ١٤٨ ألف فدان حول مسارها فور إعادة الترعة إلى التشغيل وإزالة المعوقات أمامها. ومن المقرر زراعة ١٥٠ ألف فدان في منطقة المغرة، ونحو٥٠ ألف فدان جنوب منخفض القطارة، و٣٠ ألف فدان في سيوة، بما يتيح رقعة زراعية موزعة على أنحاء الظهير الصحراوي بالمنطقة اعتمادًا على موارد المياه الجوفية ومصار الري المؤكدة.

4 – التنمية الصناعية

تحتوي المنطقة على العديد من الموارد الاستخراجية التي تكفل إقامة العديد من الصناعات التي تقوم عليها، بشكل أساسي أو ثانوي، ومن أهم تلك الموارد: الحجر الجيري متوسط وعالي النقاء، الطفلة، البتونايت، الدولومايت، الجبس، رمال الكوارتز. وهي كلها من مقومات صناعة مواد البناء، هذا بالإضافة إلى الملح الصخري شديد النقاء ذي القيمة الاقتصادية العالية في التصدير في منخفض القطارة، فضلًا عن وجود نطاقات استكشاف واستخراج البترول عند حافة منخفض القطارة، مع استكشافات للزيت الخام والغاز الطبيعي.

5 – المدن الجديدة

يتضمن مخطط تنمية الساحل الشمالي الغربي كذلك إنشاء عدد من المدن الجديدة في الأقاليم التنموية الواعدة ومن بينها مدينة العلمين لتكون باكورة الجيل الرابع من المدن الجديدة في مصر؛ إذ تمثل مدينة العلمين الجديدة أحد أهم اقطاب التنمية المتكاملة للساحل الشمالي الغربي ومنخفض القطارة. وقد صدر قرار جمهوري بإنشاء مدينة العلمين الجديدة على مساحة ٨٨ ألف فدان بمنطقة تبعد حوالي ١٠ كيلومتر عن الساحل، ستكون أيقونة التنمية بالساحل الشمالي كله، كمدينة ذات طابع بيئي عمراني متميز جنوب الطريق الساحلي. وتمثل هذه المدينة الجيل الرابع من المدن الجديدة التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، بعد أن تم تطهيرها من الألغام، فضلًا عن توافر ١٥ ألف فدان معدة للتنمية الفورية بالمدينة.

ذلك بالإضافة إلى مدينة رأس الحكمة التي يستهدف مخطط التنمية العمرانية وضعه على خريطة السياحة العالمية خلال 5 سنوات كأحد أرقى المقاصد السياحية على البحر المتوسط وفي العالم. وتعكف الحكومة في الوقت الراهن على إنهاء مخطط تنمية المدينة لتكون ثاني المدن التي يتم تنميتها في إطار المخطط من خلال الشراكة مع كيانات عالمية.

6 – تعزيز المقومات السياحية

تضم منطقة الساحل الشمالي الغربي أنماطًا متعددة ومقومات جاذبة للسياحة الشاطئية، على طول امتداد الساحل الشمالي الغربي لنحو ٤٠٠ كم من غرب الإسكندرية، وحتى الحدود الغربية للجمهورية، بطول نحو ٩٠ كم من غرب الإسكندرية وحتى العلمين، ومن العلمين وحتى رأس الحكمة بطول نحو ١٣٠ كم، ومن النجيلة وحتى السلوم بطول نحو ١٣٠ كم، تضم بداخلها شرق وغرب مدينة مرسى مطروح بطول نحو ٩٠ كم.

أما السياحة العلاجية فهي في رمال واحة سيوة، والسياحة البيئية في نطاق محميات العميد وسيوة والسلوم، فضلًا عن سياحة السفاري التي تمتد مساراتها من الصحراء البيضاء إلى الواحات البحرية عبر الكثبان الرملية بالصحراء الغربية، وصولًا إلى منطقة واحة سيوة، وذلك عبر محاور لسياحة السفاري من العلمين – رأس الحكمة – سيدي براني – السلوم.

وتزخر كذلك بمقومات السياحة الثقافية والتاريخية التي تظهر في مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية، حيث شهدت تلك المنطقة ساحات ومعارك الحرب العالمية الثانية، ومتحف العلمين الحربي في العلمين، ومتحف روميل، فضلًا عن مجموعة من المقابر والمعابد الفرعونية والأثرية في كليوباترا، وفي العمق الصحراوي في مدينة شالي القديمة في واحة سيوة. وهذا النمط من السياحة يشجع على إقامة سياحة المهرجانات والاحتفالات في تلك المناطق، استرجاعًا للأحداث التاريخية التي اتخذت مواقعها في هذه المناطق.

آثار التنمية

الدولة كان لها رؤية استراتيجية لتنمية هذه المنطقة لعدة اعتبارات أهمها إنها عانت لعقود من بعض التحديات وتدهور بعض الخدمات في عدة مناطق، ما ينعكس على حياة أهالي الساحل الشمالي الغربي -وعلى الأخص محافظة مطروح- والنشاط الاقتصادي لهم. وهو ما انعكس على المؤشرات التنموية لمحافظة مطروح حيث شهدت تراجعًا ملحوظًا بالمقارنة بالوضع على المستوى الوطني أو بمستهدفات المحافظة لتحقيق الأهداف الأممية 2030، على مختلف القطاعات، فقد عانت المحافظة من التهميش التنموي لعقود أثرت على المؤشرات الحيوية للمحافظة. فقد وصلت معدلات الفقر بالمحافظة عام 2017/2018 لحوالي 50.1%، في حين كان التقدير العام لإجمالي الجمهورية يقدر بحوالي 32.5% في العام نفسه.

وتعد مطروح ومنطقة الساحل الشمالي الغربي على وجه التحديد من المناطق المميزة والزاخرة بتنوع النشاط الاقتصادي بين زراعي وسياحي وتعديني، حيث تتميز بالعديد من المقومات السياحية ومنها السياحة العلاجية، حيث واحة سيوة منتجعًا طبيعيا للاستشفاء. ورغم أن محافظة مطروح ثاني أكبر المحافظات من حيث المساحة إلا إنه يسكنها حوالي 0.5% من إجمالي سكان مصر، وتقدر المساحة المأهولة 1% من مساحة المحافظة.

لكن في الآونة الأخيرة، شهدت المنطقة طفرة تنموية غير مسبوقة في كافة القطاعات والمجالات، وعددًا كبيرًا من المشروعات القومية منذ 2014، لم تشهدها طوال العقود الماضية، والتي ستحقق التنمية وفرص العمل لجميع أبناء المنطقة والوافدين إليها. حيث يتم العمل على تعظيم الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها المدن الجديدة بمطروح، والعلمين، سواء على المستويات الاستثمارية أو السياحية والتنموية، بما يحقق نقلة نوعية في مستوي المعيشة لأبناء المحافظة.

وتضمنت الخطة الاستثمارية مشروعات بقطاعات (الطرق والنقل، والكهرباء، والكباري والأنفاق، تحسين البيئة، وتدعيم احتياجات الوحدات المحلية، الأمن والإطفاء). بما يسهم في تلبية احتياجات المواطنين وتحسين الخدمات المقدمة إليهم ورفع مستوى رضاهم ودعم مشروعات البنية الأساسية والتنمية الاقتصادية.

وقد قُدرت قيمة الاستثمارات العامة الموجهة لمحافظة مطروح بخطة عام 2020/2021 حوالي 13.3 مليار جنيه، وبلغت تكلفة مشروعات الطرق والكباري بالمحافظة خلال الفترة (2014-2021) حوالي 6.2 مليارات جنيه، وقدرت تكلفة إنشاء عدد 1.7 ألف وحدة إسكان اجتماعي حتى عام 2020 حوالي 380 مليون جنيه، فيما بلغت تكلفة مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي المنفذة خلال الفترة (2014-2021) حوالي ملياري جنيه.

وخلال العقد الأخير تم تنفيذ عشرات المشروعات التنموية التي تخدم المخطط الاستراتيجي لمحور الساحل الشمالي الغربي، تنوعت هذه المشروعات بالمجالات المختلفة، وكان أبرز هذه المشروعات ما يلي:

شهدت المنطقة إنشاء مدينة العلمين الجديدة بالساحل الشمالي الغربي، وهي من المشروعات القومية العملاقة على أرض مصر وتنعكس إيجابيًا على وضع المحافظة على خريطة السياحة والتجارة العالمية، ضمن خطة تطوير وتنمية الساحل الشمالي الغربي لمصر، وتوفير مزيد من فرص العمل، من خلال إنشاء مجتمعات عمرانية وسياحية واقتصادية جديدة.

وقد تم بناء مدينة العلمين الجديدة للاستفادة من الموقع المتميز على ساحل البحر المتوسط لتحقيق تنمية متكاملة وتوفير أساس اقتصادي متنوع، ودعم الاتصالية بين قطاعات برج العرب ومرسى مطروح وسيدي براني؛ لتيسير انتقال السكان والعمالة وتحقيق الانتشار السكاني والأنشطة الاقتصادية المتنوعة في الساحل الشمالي. وتقع المدينة على ساحل البحر المتوسط شرق مطار العلمين بحوالي 35 كم على مساحة 48 ألف فدان.

وجارٍ حاليًا الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من المدينة على مساحة 14 ألف فدان، وتضم (جامعة العلمين الدولية للعلوم والتكنولوجيا – الأكاديمية العربية لعلوم التكنولوجيا والنقل البحري – المدينة التراثية على مساحة 260 فدان – الممشى السياحي بطول 7 كم – بخلاف أكثر من 37 ألف وحدة سكنية بـ 18 برجًا، وعمارات الداون تاون، والحي اللاتيني، وكمبوند 700 فدان). ويتكامل مع المؤسسات الموجودة للقطاع الخاص مقار حكومية بحيث تُسهل التواصل بين القطاعين بما يخدم عملية التنمية وتنسيق الجهود ولذلك تشمل المدينة مقرًا لقصر رئاسي بالإضافة لمبنى مجلس الوزراء

ومن المستهدف أن تتحول مدينة رأس الحكمة شرق مدينة مرسى مطروح كإحدى أهم الوجهات السياحية حول العالم، على غرار العلمين الجديدة؛ نظرًا لقربها من مطار العلمين الجديدة، وستعمل على جذب آلاف السياح من مختلف دول العالم بشواطئها الدافئة شتاء، وتمتد المدينة الجديدة من منطقة الضبعة في الكيلو ٧٠ بطريق الساحل الشمالي الغربي وحتى الكيلو ٣٠ بمنطقة سيدي حنيش بطول ٤ كيلو مترات على الشريط الساحلي وبعمق يصل إلى ٤ كيلو مترات.

هذه المدن والمجمعات العمرانية والصناعية التي تم وجاري تنفيذه تطلبت مشروعات لوجستية وشبكة طرق وكباري عملاقة تربط المنطقة بالأقاليم المحيطة، فتم افتتاح المرحلة الأولى من إنشاء أكبر ميناء تجاري غرب البلاد بمدينة النجيلة غرب مرسى مطروح بحوالي ٧٠ كيلو مترًا، والذي يضم: ٩٧٠ مترًا ميناءً تجاريًا للحاويات، و٤٠٠ متر رصيف سياحي، و٦٠٠ متر للمراكب الصب سعة ٧٠ ألف طن؛ مما يسهم في عمليات التصدير والاستيراد، وغاطس فريد من نوعه يصل عمقه إلى ١٧ مترًا، كما يضم الميناء منطقة لوجستية بمساحة ٢٠٠٠ فدان، ومصانع للدواجن والاستزراع السمكي. بالشكل الذي يحقق به الميناء نقلة نوعية من خلال تطوير أعمال النقل البحري اللوجستي، على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

هذه الأنشطة التنموية تطلبت إنشاء عدد من الطرق الرئيسية والمحاور الرئيسية لتعمير الساحل الشمالي الغربي، فجارٍ السير بخطوات جادة في تنفيذ أعمال مشروع ازدواج طريق سيوة – مطروح كخطوة نحو تطوير الطريق بطول ٣٠٠ كيلو متر، من خلال إقامة الطريق المقابل خرسانيًا لتحمل حمولات السيارات الثقيلة في الاتجاه من سيوة إلى مرسى مطروح من خلال جهاز تعمير الساحل الشمالي الغربي، بالإضافة إلى جهود توسعة الطريق الموازي ورصفه بالأسفلت من خلال الهيئة العامة للطرق. ومن المقرر الانتهاء من إنشاء الطريق خلال النصف الأول من عام ٢٠٢٤. ويتم تنفيذ الطريق بعرض ١٦ مترًا وسمك خرسانة ٣٠ سم وطبقة أساس ١٥ سم وموازٍ للطريق.

ذلك يضاف إلى تنفيذ شبكة الطرق الداخلية بمدن ومراكز محافظة مطروح الثمانية، بداية من مدينة الحمام شرقا وحتى مدينة السلوم غربا وواحة سيوة؛ فقد بلغ أجمالي الطرق الداخلية المرصوفة ٣٦٠ كم بتكلفة نصف مليار جنيه. وتم الانتهاء من استكمال رصف وتطوير طريق كورنيش الأبيض الجديد بطول 8 كم، ورصف طريق الرميلة بمطروح ومشروع رفع كفاءة الطريق الساحلي من سيدي عبد الرحمن حتى الضبعة، بطول ٥٠ كم، وطريق مطروح ورصف وتطوير مدخل واحة سيوة.

وعلى صعيد جودة البنية التحتية والمرافق والخدمات المقدمة للمواطنين، فقد عانى سكان المنطقة لعقود طويلة من مشكلة نقص مياه الشرب، لذا تم افتتاح ٨ محطات لتحلية مياه البحر وهي: أولاد مرزوق، الزويدة، الفاخرى، الظافر، أبو زريبة، أوجرين، أبو سطيل، شماس، بإجمالي طاقات إنتاجية 850 مترًا مكعبًا يوميًا؛ لخدمة مناطق غرب محافظة مطروح بالنجيلة، سيدي برانى، السلوم، ضمن توجهات الدولة لخدمة المناطق الأكثر احتياجًا وتلبية احتياجات المواطنين من توفير مياه الشرب. وجارٍ إنشاء محطة تحلية مياه البحر داخل المدينة، وهي محطة الرملية ٤ بطاقة ٦٥ ألف متر مكعب يوميا بتكلفة مليار و٣٠٠ ألف جنيه وعلى مساحة ٦٠ ألف متر مسطح لتصبح كمية الطاقة الإنتاجية لمحطات الرميلة ١٢٥ ألف م3 /يوم بجانب محطات التحلية المقامة فعليا الرميلة ١ و٢ و٣ بما يكفي احتياجات مدينة مرسى مطروح حتى عام 2037 طبقًا للمخطط العام.

وفي الإطار ذاته، ضمن خطة الحكومة لتطوير الموانئ المصرية، كان الاهتمام كبيرًا بتطوير الموانئ في منطقة الساحل الشمالي الغربي لتعزيز اتصالية الإقليم بالعالم الخارجي وتعزيز حركة التجارة ارتباطًا بالنشاط الاقتصادي الحالي والمتوقع ضمن خطة التنمية الشاملة للدولة. ومن هذه الموانئ ميناء جرجوب الذي يقع بمدينة النجيلة على بعد 70 كم غرب مدينة مرسى مطروح، ويجري تنفيذ مشروع ميناء ومدينة جرجوب من جانب تحالف 16 شركة عالمية بتكلفة 10 مليارات دولار. ومن المتوقع أن يوفر الميناء فقط نحو 30 ألف فرصة عمل، وهو يعد الميناء الأقرب لسواحل أوروبا ويربط قارتي أوروبا وأفريقيا.

ذلك فضلًا عن إنشاء وتطوير الموانئ البرية والموانئ الجافة التي تهدف إلى تقليل مدة وود السفن الحاملة للبضائع داخل الموانئ ليصبح الميناء البحري ميناء عبور فقط ويكون الميناء الجاف ميناء وصول نهائي. وقد تم إعداد مخطط شامل لإنشاء مجموعة من الموانئ الجافة والمراكز اللوجستية بالجمهورية، منها ميناء السلوم البري الذي تبلغ مساحته ٢٨٦ فدانًا، ويضم ٤١ مبنى، وساحات انتظار سيارات ملاكي ونقل، وصالة كبار الزوار، وصالة الجمارك والجوازات، واستراحة جهات أمنية “إسعاف ومطافي”، ومخازن، وهناجر للتخزين والثلاجات (المنطقة اللوجستية)، وطرق بطول ٤٠٠ ألف متر مربع. ويحتوي على شبكات ومرافق: (تغذية مياه – الصرف الصحي – الحريق – الكهرباء – محطة تحلية مياه البحر – محطة معالجة مياه الصرف الصحي).

تنمية الانسان وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين كانت على رأس أولويات الدولة بالتوازي مع التنمية العمرانية، فقد بلغت تكلفة إنشاء وتطوير المستشفيات والوحدات الصحية نحو 537 مليون جنيه. ومن أبرز المشروعات التي تم تنفيذها: تطوير عدد من المستشفيات والوحدات الصحية بمطروح للارتقاء بالخدمات الطبية والعلاجية المقدمة للمواطنين حيث تم الانتهاء من تطوير مستشفيي غرب مدينة مرسى مطروح وهما السلوم وسيدي براني المركزيين. وتم الانتهاء من تجهيز مستشفى مدينة سيدي براني المركزي بالأجهزة والأثاث والمفروشات. وتم تطوير مستشفى الحمام بتكلفة ٢١ مليون جنيه، وتطوير مستشفى العلمين بتكلفة ٥ ملايين جنيه، بالإضافة إلى استمرار الدفع بالقوافل الطبية المتحركة التي تضم جميع التخصصات لتقديم الخدمة الطبية لأهالي التجمعات الصحراوية وتقديم الكشوفات الطبية وإجراء العمليات الجراحية بالمجان.

وذلك بما يضاف إلى إنشاء مستشفى النجيلة المركزي عام 2019 بتكلفة 109 ملايين جنيه، بخلاف تطوير شامل لمستشفى الحميات بالمحافظة بإجمالي تكلفة مليوني جنيه، كما تم تطوير العديد من الوحدات الصحية أبرزها وحدة أطنوح بمدينة مرسى مطروح، ووحدة النجيلة البحرية، ووحدة الزويدة ببراني، ووحدة رأس الحكمة بمرسى مطروح. وكذلك إنشاء بعض الوحدات الجديدة ومنها: وحدة أبو زريبة بالسلوم، ووحدة بهي الدين بسيوة، ووحدة القرية 29 في الحمام، وإنشاء مركز طبي سيدي عبد الرحمن الجديد بالعلمين.

وفي إطار خطة محاربة الإدمان تم إنشاء مركز “العزيمة” لعلاج الإدمان بمطروح. وهو أول مركز يقدم الخدمات التأهيلية لمرضى الإدمان بمحافظتي مطروح والإسكندرية، ومقام على مساحة تبلغ 8 آلاف متر مربع، وتبلغ طاقته الاستيعابية (135 سريرًا-2 عيادة خارجية) ويستهدف 12000 مريض سنويًا، كما يضم ورش عمل للتأهيل المهني لمساعدة المرأة على اكتساب حرف يحتاجها سوق العمل.

وكذلك تم اتخاذ العديد من الخطى لتطوير الخدمات التعليمية بمحافظة، فتم تخصيص بعض الأراضي بمراكز ومدن مطروح لبناء 11 مدرسة. كما تم تنفيذ مشروعات إنشاء لعدد 14 مدرسة، تمثل جميع المراحل التعليمية المختلفة، بتكلفة حوالي 195 مليون جنيه. كما تم إحلال كلي وجزئي لعدد 10 مدارس، بتكلفة حوالي 45 مليون جنية، وتم توسيع 25 مدرسة بتكلفة نحو 122 مليون جنيه.

وعن التعليم الفني، تم إنشاء مدرسة سيوة الثانوية الزراعية في عام 2019 بتكلفة 36.1 مليون جنيه على مساحة 35 فدان، بالإضافة إلى مدرسة الضبعة الفنية المتقدمة بتكلفة 42 مليون جنيه، ومدرسة الخلفاء الراشدين الزراعية بتكلفة 8.2 ملايين جنيه، كما تم تطوير عدد 7 مدارس مجتمعية وتحويلها إلى مدارس ذكية.

وتم إنشاء ما مجموعه 10 كليات في جامعة الإسكندرية فرع مطروح وهي كليات: (التربية – الزراعة الصحراوية والبيئية – التمريض – الطب البيطري – السياحة والفنادق – رياض الأطفال – التربية الرياضية بنين – علوم البترول والمعادن – التربية النوعية. – الآثار). كما تم بدء أعمال إنشاءات جامعة لوزان بالعلمين الجديدة على مساحة 39.5 فدان. وجارٍ الانتهاء من مرحلتين من جامعة العلمين الدولية، والجامعة بها 6 كليات، وقد بدأت الدراسة بها بالفعل في العام الدراسي 2020/2021، بالإضافة إلى الأكاديمية العربية والتي تضم 5 كليات. ومستهدف يصل عدد كليات العلمين الدولية إلى 13 كلية.

وعن الأنشطة الثقافية، كما تم تطوير مكتبة مصر العامة بمطروح، وتم افتتاحها في العيد القومي للمحافظة في ديسمبر 2020، حيث تم التطوير بالأقسام المختلفة بالمكتبة، ومنها متحف التراث البدوي وقاعة كبار الزوار، بتكلفة 14.3 مليون جنيه. وتم توقيع عقد لتنفيذ مجمع سينما مطروح بين محافظة مطروح وشركة المرابع العربية السعودية على مساحة 2000 متر وباستثمارات تبلغ نحو 120 مليون جنيه عام 2016. وجارٍ تنفيذ مشروع المدينة التراثية بالعلمين الجديدة، والتي تبلغ مساحتها الإجمالية 260 فدانًا، مقسمة إلى منطقتين (أ-ب) وتحتوي على عدد من المباني أشهرها مسجد وكنيسة مبني الجهاز، دار الأوبرا والمتحف.

عملية التطوير التي سبق الإشارة إليها تتم بالتوازي مع مشروعات مبادرة حياة كريمة بالمحافظة، حيث تم الانتهاء من تطوير ٥ قرى بالكامل ضمن مبادرة حياة كريمة التي أطلقها رئيس الجمهورية في يناير ٢٠١٩، وهي قرى: زاوية العوامة، وسيدي شبيب بالضبعة، وهود بالحمام، وبهي الدين بسيوة، وأبو مزهود بسيدي براني. وجارٍ تطوير ٦ قرى أخرى، وهي: السلام بالحمام، وفوكه بالضبعة، وكشوك عميرة وحلازين بمدينة مطروح، والمراقى بواحة سيوة، وشماس بسيدي براني بتكلفة إجمالية ١٥٠ مليون جنيه.

وتشمل مشروعات حياة كريمة تطوير المدارس وإنشاء شبكات الصرف الصحي وشبكات مياه ورصف الطرق وإنشاء محطات تحلية مياه الشرب، بالإضافة إلى تطوير مراكز الشباب وانشاء آبار وخزانات لتجميع مياه الأمطار. ويستفيد من تطوير القرى ضمن المبادرة ما يقرب من ٥٠ ألف مواطن بدوي. وتم تشكيل لجان من التنمية المحلية لتيسير إجراءات التصالح على مخالفات البناء للمواطنين غير القادرين بقرى حياة كريمة، انتهت من أعمالها وحصر الأسر المستحقة بإجمالي عدد (1107) مستفيدين.

هذا بخلاف اهتمام الدولة بتمكين المرأة البدوية، حيث تمت إقامة عدة ندوات من قبل فرع المجلس القومي للمرأة بالمحافظة، وإطلاق مبادرات كمبادرة (أنتِ قدها)، وعمل 250 بطاقة رقم قومي للسيدات، واستخراج 284 وثيقة زواج للسيدات غير القادرات، وعمل ساقط قيد لعدد 95 سيدة. هذا بخلاف إطلاق مبادرة الكشف المبكر عن أورام الثدي. ونتيجة لتلك الجهود المبذولة بلغت نسبة الإناث الملتحقات بالتعليم العالي 55% خلال عام 2019/2020، وبلغت نسبة الإناث لإجمالي المتدربين بمراكز التدريب المهني 82.1% عام 2020/2021. وبلغت نسبة الإناث بالمشروعات متناهية الصغر 36.2% عام 2019.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

هبة زين

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى