مصر

قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد.. مشاركة مصرية تتوج إنجازاتها

تشارك مصر في فعاليات قمة “ميثاق التمويل العالمي الجديد”، التي تعقد على مدار يومي ٢٢ و٢٣ يونيو 2023، بحضور عدد من قادة ورؤساء الدول والمنظمات الدولية، وتشارك مصر بوفد رفيع المستوى برئاسة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وتأتي مشاركة الرئيس السيسي في هذا الحدث المهم تلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، في ضوء العلاقات الاستراتيجية الوثيقة والمتنامية التى تربط مصر وفرنسا، فضلًا عن دور مصر الفاعل على مستوى الاقتصادات الناشئة بشكل عام، بما يسهم في تعزيز المبادرات الدولية الهادفة لدعم الدول النامية والأقل نموًا، وتيسير نفاذها للسيولة اللازمة لمواجهة التداعيات الاقتصادية للعديد من التحديات العالمية المتلاحقة، خاصةً تغير المناخ وجائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، وما لحقها من أزمات للطاقة والغذاء وسلاسل الإمداد.

وستسعى القمة إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل صياغة الآليات المناسبة لتوفير التمويل اللازم لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة في تلك الدول، لا سيّما وأن قضية المناخ هي أحد شواغل العالم في الوقت الحالي على مستوى الشعوب قبل واضعي السياسات. ومن الجدير بالذكر أن لمصر مكانه كبيرة في قضايا المناخ عالميًا؛ إذ إنها ضمن الـ 29 دولة الأولى التي وضعت استراتيجية عامة للمناخ تسمي الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، فضلًا عن إعداد رؤية لتحول الاقتصاد المصري نحو التنمية المستدامة في رؤية مصر 2030، والتي حددت العديد من المستهدف التي تخص المناخ. 

ومن ثم فإن اختيار مصر للمشاركة في قمة “ميثاق التمويل العالمي الجديد” في باريس يأتي كإشادة بجهود مصر في ذلك الملف، وكمثل يحتذى به من جانب الدول الأفريقية في وضع الأهداف المناخية والسعي إلى تنفيذها، ومن ثم فقد أصبحت مصر قوة فاعلة ومؤثرة بالمنطقة يمكنها التفاوض بشأن الدول الأفريقية الأخرى، وتسهم في رسم سياسات التحول الأخضر لدول الجوار.

يعتزم الرئيس خلال مشاركته في أعمال قمة باريس التركيز خلال على مختلف الموضوعات التى تهم الدول النامية، فيما يتعلق بأهمية تعزيز الجهود الدولية لتيسير نفاذها إلى التدفقات المالية المطلوبة، في ظل ما تعانيه هذه الدول من تحديات، نتيجة الأزمات العالمية المتصاعدة، بالإضافة إلى تأكيد ضرورة تقديم المساندة الفعالة لها في سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وتنفيذ بتعهداتها في إطار اتفاقية باريس لتغير المناخ.

وقد كانت مصر دائمًا منادية بعدم كفاية تعهدات المناخ التي تم الإعلان عنها في مؤتمر باريس للمناخ تتمثل في تقديم الدول المتقدمة مبلغ 100 مليار دولار سنويا إلى البلدان الناشئة بهدف الإسهام في احتواء التغيرات المناخية؛ إذ إنه وبموجب تلك التعهدات فقد أصبح هناك إلزام على الدول المساهمة في تقديم تعويضات المناخ للدول النامية والمتأثرة من أضرار المناخ من خلال الصندوق الأخضر للمناخ (GCF)، ومرفق البيئة العالمية (GEF)، جنبًا إلى جنب مع بنوك التنمية متعددة الأطراف.

ويمكن الربط بشكل أساسي بين مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في المائدة المستديرة التي تختص بالتناقش حول موضوع “طريقة جديدة: شراكات النمو الأخضر” وبين الإنجازات الكبيرة التي حققتها مصر في ذلك المجال، من خلال قدرتها على جذب استثمارات خضراء كبيرة للاستثمار في الطاقة النظيفة؛ فقد اختتمت مصر مؤتمر المناخ Cop 27 بالعديد من الاتفاقيات التجارية ومنها توقيع شركة أكوا باور السعودية لمذكرة تفاهم مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة المصرية والشركة المصرية لنقل الكهرباء لإنشاء مزرعة رياح عملاقة بقدرة 10 جيجا وات في مصر ذلك الاتفاق يضع مزرعتي “مصدر وأكواباور” في المرتبة الثانية من بين أكبر مزارع الرياح عالميًا بعد المشروع الصيني الملقب “جانسو” والذي تبلغ طاقته 20 جيجاوات. 

ومن المخطط أن يتم إنشاء تلك المزرعة بتحالف بين شركات: “مصدر، وانفينتي، وحسن علام” بتكلفة تقدر بحوالي 10 – 12 مليار دولار، وستبدأ التشغيل الفعلي بعد 5 سنوات تقريبًا، وتولد عند اكتمالها ما يقرب من 48 ألفا جيجاوات ساعة من الطاقة النظيفة سنويًا. وسيسهم ذلك المشروع في تجنب توليد انبعاثات بحوالي 23.8 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل 9% من إجمالي الانبعاثات التي تنتجها مصر.

لكن ذلك المشروع ليس الوحيد الذي تم توقيعه، فقد وقعت كل من الحكومتين المصرية والسعودية خلال فعاليات المؤتمر على مذكرة تفاهم للتعاون في عدد من المجالات منها إنتاج وتصدير الكهرباء من الطاقة المتجددة، ونقل الهيدروجين النظيف، والربط الكهربائي، فضلًا عن تشجيع التحول الرقمي، والابتكار، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تنمية الشراكات النوعية بين البلدين، وتوطين المواد والمنتجات، والخدمات، وسلاسل الإمداد وتقنياتها. 

كان لشركة “سكاتك” النرويجية نصيب هي الأخرى؛ فتسعى الشركة إلى إنشاء مشاريع جديدة لإنتاج طاقة الرياح في مصر بقدرة إجمالية تبلغ 5 جيجاوات، ووقعت تلك الشركة مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة مذكرة تفاهم لإعداد دراسة جدوى الخاصة بالمشروع. من جانب آخر وقع جهاز الاستثمار العماني “الصندوق السيادي العماني” صفقة تبلغ قيمتها 150 مليون دولار ستمكنها من الاستحواذ على حصة تبلغ 10% من مزرعة الرياح التي تنفذها شركة “أكوا باور” السعودية و”حسن علام” القابضة في خليج السويس، وتقدر الطاقة التوليدية لتلك المحطة بحوالي 1.1 جيجاوات. 

كان لاتحاد المستثمرين المتمثل في شركة “أوراسكوم” للإنشاءات وشركة “كهربل ”منطقة حرة (إنجي)، وشركة “تويوتا تسوشو كوربريشن TTC”، دور أيضًا في توقيع مذكرة تفاهم مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء وهيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة؛ لتنفيذ مشروع إنتاج طاقة كهربائية من الرياح. وتهدف مذكرة التفاهم إلى تنفيذ مشروع محطة لإنتاج الكهرباء من الرياح، بقدرة 3 جيجاوات، على أن يتم بموجب هذا الاتفاق تأسيس شركة لهذا المشروع في مصر، بعد إجراء الدراسات اللازمة قبل البد في التنفيذ.

ومن ثم فيمكن القول إن مشاركة مصر هذا العام تأتي اتساقًا مع الرئاسة المصرية للقمة العالمية للمناخ COP27، وتتويجًا للإنجازات التي تحققت في هذا الخصوص، فضلًا عن استعراض التجربة المصرية الوطنية في التعامل مع قضية تغير المناخ والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة والمشاركة المصرفية في تعزيز التمويل والاستثمار الأخضر، من خلال إطلاق المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج “نُوَفِّي”، الذي يعد نموذجًا إقليميًا ودوليًا للمنصات القطرية الهادفة لتحفيز العمل المناخي، وتحقيق مفهوم التمويل العادل.

+ posts

باحثة ببرنامج السياسات العامة

سالي عاشور

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى