الاقتصاد المصري

تعزيز الشراكة: تطور التعاون الاقتصادي بين مصر والاتحاد الأوروبي

ترتبط مصر والاتحاد الأوروبي بعلاقات طويلة الأمد، لاسيما من خلال اتفاقية الشراكة بينهما التي تم تفعيلها منذ عام 2004، وتلك الشراكة تسمح بمزيد من التعاون والتبادل التجاري والثقافي، وكذلك التعاون في مجالات عديدة تحددها أولويات المشاركة. وقد شهدت العلاقات المصرية الأوروبية خلال السنوات الماضية، تطورًا على المستويات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، والتي تستند إلى تاريخ طويل من العلاقات.

يُعد الاتحاد الأوروبي شريكًا اقتصاديًا مهمًا لمصر وعد أحد أهم شركاء مصر التجاريين نظرًا إلى تمتعه بعلاقات تجارية كبيرة ومتنوعة البضائع مع مصر؛ إذ يمثل نحو 24.5% من حجم التجارة المصرية في عام 2020. وفي المقابل جاءت 25.8٪ من واردات مصر من الاتحاد الأوروبي و21.8٪ من صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبي. ويبلغ إجمالي قيمة التبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي 24.5 مليار يورو في 2020، وبلغت واردات الاتحاد من مصر 6.4 مليار يورو.

وقد تنوعت واردات الاتحاد الأوروبي من مصر بين منتجات الوقود والتعدين بقيمة 2.4 مليار يورو في 2020 بنسبة 37.7٪ من إجمالي الواردات، والكيماويات بقيمة 1.1 مليار يورو، والزراعة والمواد الخام بقيمة 1.1 مليار يورو، وكذلك المنسوجات والملابس بقيمة 600 مليون يورو.  وسجلت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى مصر 18.1 مليار يورو في 2020، بحسب البيانات المنشورة على موقع الاتحاد الأوروبي.

وتنوعت واردات مصر من الاتحاد الأوروبي في 2020 بين الآلات ومعدات النقل بقيمة 7.2 مليار يورو، والمواد الكيميائية بقيمة 2.9 مليار يورو، والزراعة والمواد الخام بقيمة 2.4 مليار يورو، وكذلك منتجات الوقود والتعدين بقيمة 1.6 مليار يورو.

وجدير بالإشارة أن تجارة الخدمات بين مصر والاتحاد الأوروبي قد سجلت نحو 10.9 مليار يورو في عام 2019. وبلغت واردات الاتحاد الأوروبي من الخدمات من مصر 6.7 مليار يورو والصادرات إلى مصر 4.2 مليار يورو. وتتمثل الصادرات الخدمية الرئيسة للاتحاد الأوروبي إلى مصر في خدمات الأعمال، فيما تتكون واردات الاتحاد الأوروبي من مصر بشكل أساسي من خدمات السفر والنقل.

وفي ذات السياق، يمثل الاتحاد الأوروبي أحد الداعمين الرئيسين لمصر إقليميًا ودوليًا؛ إذ يقدر نصيب الاتحاد الأوروبي من المساعدات التنموية المقدمة إلى مصر 1.7 مليار دولار العام الماضي، ووصل إجمالي حجم الدعم الأوروبي، بما في ذلك دول الاتحاد الأعضاء، لمصر حاليًا إلى أكثر من 11 مليار يورو في شكل منح وقروض ومبادلات ديون، مما جعل الاتحاد الأوروبي شريك مصر الأول، وتصل التزامات الاتحاد الأوروبي نحو مصر في صورة منح إلى 1.3 مليار يورو.

وقد قام الاتحاد الأوروبي بتمويل مشروعات في مصر بقيمة 500 مليون يورو خلال الفترة 2017/2021 في العديد من القطاعات في إطار الشراكة التي تربط الجانبين، فقد شارك الاتحاد الأوروبي في مشروعات الطاقة، مثل مشروع خليج جبل الزيت وحالًيا مشروع خليج السويس وذلك مع الجانب الألماني وبنك الاستثمار الأوروبي. وفي قطاع الطاقة ولتقليل نسبة التلوث وتهيئة مصافي تكرير البترول، هناك مشروع بالتعاون مع بنك الإعمار والتنمية الأوروبي بهدف تقليل نسبة التلوث والدفع بأجندة باريس، وهو مشروع يهدف إلى تأهيل شركات تكرير البترول.

وثيقة أولويات المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي

مجلس الشراكة هو أعلى كيان للتعاون بين الجانبين المصري والأوروبي، وتم تشكيله بموجب اتفاقية وقعتها مصر في 2002 ودخلت حيز التنفيذ في 2004. وترأس وزير الخارجية سامح شكري الجانب المصري خلال اجتماع مجلس المشاركة الذي حضره أيضًا وزراء أوروبيون؛ وجرى خلاله مناقشة الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد وأولويات الشراكة، بالإضافة إلى الأمور المتعلقة بالسياسات الخارجية.

ويسعى الجانبان حاليًا نحو تمديد الشراكة، وقد جرى على هامش اجتماعات مجلس الشراكة اعتماد وثيقة الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي اعتماد وثيقة أولويات المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي حتى 2027 من جانب وزير الخارجية سامح شكري ومسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.. لتمثل تلك الوثيقة إطارًا لتعميق وتطوير الشراكة بين الجانبين خلال السنوات القادمة.

 وجدير بالإشارة أن الوثيقة الجديدة المزمع توقيعها تولي اهتمامًا كبيرًا لقطاعات الاقتصاد الأخضر، والتحول الرقمي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والنقل الذكي والكهربائي، وحماية البيئة، والطاقة الجديدة والنظيفة خاصة في ظل التوجه المصري لأن تصبح مصر مركزًا إقليميًا لإنتاج وتوزيع الطاقة، بما يميزها بصورة كبيرة عن الاتفاقيات السابقة والتي ارتكزت بصورة أساسية على تسهيل نفاذ تصدير المنتجات الزراعية المصرية للأسواق الأوروبية في مقابل نفاذ المنتجات المصنعة وفي مقدمتها السيارات الأوروبية.

وتأتي تلك الاتفاقية الجديد في ظل الحرب الروسية الأوكرانية وما يحيط بها من تغيرات حول النظام العالمي، وسعي أوروبا نحو تنويع مصادر الطاقة مع تقليل الاعتماد على الواردات الروسية وفي مقدمتها الغاز، الأمر الذي دفع بأوروبا إلى توقيع مذكرة التفاهم الثلاثية بشأن التعاون في مجال “تجارة ونقل وتصدير الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي” تحت مظلة منتدى غاز شرق المتوسط.

وتحمل هذه الاتفاقية دلالات سياسية حول مستقبل منطقة الشرق الأوسط وكذلك التعاون بين دول جنوب البحر المتوسط وأوروبا، وتعاون استراتيجي في مجال أمن الطاقة والعمل على استقرار المنطقة وخفض معدل الاضطرابات بين دولها. وتعد كذلك اعترافًا رسميًا بأن مصر باتت مركزًا إقليميا لتداول وتجارة الغاز، وأنها مركز دولي على مستوى الطاقة العالمي، ومن ثم سيكون التعامل مع مصر على هذا الأساس، وستكون الاتفاقية مظلة لمجموعة جديدة من الاتفاقات. 

وتشير التوقعات إلى ارتفاع كميات الغاز المصدر من مصر إلى 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال في عام 2022، ارتفاعًا من 5 مليارات متر مكعب كان مخططًا لها في الأصل، وسط توقعات بأن يتضاعف ذلك مرة أخرى العام المقبل في ظل الاتفاقيات الموقعة.

+ posts

باحثة ببرنامج السياسات العامة

سالي عاشور

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى