أفريقيا

إنتاج اللقاحات المكسب الحقيقي من القمة الأوروبية-الأفريقية

اختُتمت القمة السادسة للشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، ووضع الجانبان أسسًا لشراكة متجددة، من خلال المساعدة في إنتاج اللقاحات ضد “كوفيد-19” في أفريقيا. وأطلقت الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي استراتيجيتها العالمية للاستثمارات، والتي لا تقل عن 150 مليار يورو على مدار سبع سنوات للمساعدة في تنمية القارة الأفريقية.

مكاسب القارة الأفريقية من القمة

يمكن القول إن المكسب الحقيقي -وإن كان ناقصًا- هو إنتاج اللقاحات من خلال اعتماد ستة دول أفريقية وهي مصر والسنغال وجنوب أفريقيا وكينيا وتونس ونيجيريا في إنتاج اللقاحات المضادة لـ”كوفيد -19″، وستستثمر المفوضية الأوروبية 40 مليون يورو في هذا البرنامج للمساعدة في نقل التكنولوجيا.

إلا أن هذا المكسب لا يزال ناقصًا في ضوء رفض أوروبا امتلاك الأفارقة براءات الاختراع لتصنيع اللقاحات، وهو ما طالب به رئيس جنوب أفريقيا “سيريل رامافوزا” قائلًا: “نحن نتحدث عن حياة الملايين، مئات الملايين من الناس، وليس عن ربحية عدد قليل من الشركات، من غير المقبول أن تكون أفريقيا في مؤخرة قائمة الانتظار فيما يتعلق بالحصول على الأدوية”. وأكد على ذلك أيضًا وزير الشؤون الخارجية لجمهورية الكونغو الديموقراطية “ريستوف لوتوندولا” قائلًا: “إن جائحة كوفيد تفرض علينا التضامن الدولي، مما يعني ضمنًا المساعدة والتعاون في مجالات الاختبار والأدوية وخاصة إنتاج اللقاحات”.

ورغم ذلك، تم الاتفاق على إيجاد حل خلال الشهور القادمة، وأكدت أوروبا على تقديمها لقاحات للقارة الأفريقية بمقدار نصف مليار جرعة، وقام الاتحاد الأوروبي بإعادة توزيع 13 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة الأفريقية في شأن مكافحة الوباء، وذلك من أصل 55 مليار دولار أعادت الدول الغنية تخصيصها على مستوى العالم للقارة، وهو أقل بكثير من هدف 100 مليار دولار الذي طالب به الاتحاد الأفريقي للتخفيف من تأثير الوباء والتي تعد هي الأخرى غير كافية.

أما فيما يتعلق مكافحة الإرهاب، فإن إعلان الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” سحب القوات الفرنسية من مالي، يشكل منعطفًا خطير في تاريخ العلاقات الأفريقية-الفرنسية وكذلك على الأمن الأفريقي بشكل عام، خاصة وأن القوات الفرنسية موجودة منذ تسع سنوات، وهو ما أشار إليه رئيس الاتحاد الأفريقي “ماك سال” رئيس السنغال قائلًا: “إن عدم وجود بدائل واضحة جاهزة يمكن أن تواجه تصاعد التهديدات الأمنية في منطقة دول الساحل الأفريقي”. وبالرغم من أن الانسحاب الفرنسي يمكن اعتباره فشلًا سياسيًا، إلا أن هذا الانسحاب له هدف واضح وهو أن يكون ملف محاربة الإرهاب شأن أوروبا ككل وليس شأن فرنسا فقط، خاصة بعد أن تكبدت الكثير سواء ماليا أو عسكريا.

وبالنظر إلى تبعات ذلك الانسحاب فإنه يمثل تحديًا كبير، خاصة وأن مالي هي بؤرة تنظيم القاعدة، والذي قد يؤدى خروج 2400 جندي فرنسي منها خلال من 4 أشهر إلى 6 أشهر إلى حدوث حالة من الفوضى وعدم الاستقرار التي قد يصاحبها نزاعات وعمليات إرهابية تزعزع استقرار القارة الأفريقية وتؤثر بالسلب على أوروبا، وذلك ما أشار إليه منسق الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” “بأن أوروبا لن تكون قادرة على مساعدة أفريقيا، بينما يسود فيها عدم الاستقرار وانعدام الأمن”.

علاوة على ذلك فإن الخروج الفرنسي من مالي يعزز من الوجود الروسي والصيني في قارة أفريقيا، وهذا ما تجلى وضوحًا فيما أعلنته الصين من خلال نيتها في دعم برنامج شرطة مالي، وبما أن الفراغ الأمني الناتج عن قرار الانسحاب قد تستغله الجماعات الإرهابية في فرض وجودها في غرب أفريقيا إلا أنها تجد بديلًا وهو الوجود الروسي خاصة وأن العلاقات العسكرية بين الدولتين بدأت تتحسن بشكل كبير، والدليل على ذلك زيارة وزير الدفاع المالي إلى موسكو ومتابعة بعض المناورات الروسية في  سبتمبر الماضي، كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن نائب وزير الدفاع الروسية خلال منتدى عسكري دولي وناقشا مشاريع التعاون الدفاعي، بالإضافة إلى مسائل الأمن القومي المتعلقة بغرب أفريقيا، كذلك شحن أربع طائرات هليكوبتر وأسلحة وذخيرة من روسيا إلى مالي في أكتوبر الماضي.

وتلاحظ غياب الدول المنافسة لأوروبا في أفريقيا، وأبرزها الصين وروسيا، وبطبيعة الحال لم يتم التداول علنًا في مسألة تغيير توازنات القوى في القارة السمراء، ذلك أن رئيسة المفوضية الأوربية أعلنت استراتيجية شاملة للاستثمار في أفريقيا بقيمة 150 مليار يورو الإعلان هدفها مساعدة مشاريع يريدها الأفارقة وينفذونها من أجل تغيير اقتصاداتهم، إذ “لم يعد من الوارد أن نقول لهم ما يجب عليهم فعله، وهذا هو الوضع الجديد في الشراكة”. إلا أن الرئيس الفرنسي صرح أن أولويات هذا التمويل الأوروبي ستوجه لقطاعي الطاقة والبنية التحتية بشكل أساس، وهما قطاعان متوافق عليهما أوروبيًا باعتبار أنهما أحد أهم أعمدة خطة الاتحاد الأفريقي للتنمية 2063.

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

منى لطفي

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى