مصر

منتدى شباب العالم يطرح المسؤولية الدولية عن إعادة إعمار مناطق ما بعد الصراع

استضافت جمهورية كازاخستان 17 جولة من مؤتمرات مدينة أستانا حول الملف السوري ما بين يناير 2017 وديسمبر 2021، ومن قبلها ثلاث جولات في جنيف عاصمة سويسرا حول سوريا، وجولة في فيينا عاصمة النمسا أسفرت عن تأليف “مجموعة أصدقاء سوريا”. وفي سياق متصل استضافت جنيف لقاءات عدة من أجل الملف الليبي، وكذا فيينا حيال الملف اليمني.

ولكن عبر قرابة 50 جولة ناقشت حروب الربيع العربي، لم تتم مناقشة “إعادة الإعمار” إلا بشكل عابر ومؤجل، على اعتبار أنه الخطوة الأخيرة عقب التوصل إلى حل سياسي.

في صيف 2021 قدمت مصر درسًا عمليًا لأولوية الإعمار وكيفية تنفيذه فور التوصل لوقف إطلاق النار، وذلك بقطاع غزة الفلسطيني. فلم تنتظر مصر انعقاد مفاوضات الحل النهائي للقضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي الفلسطيني أو تسوية ملفات القضية الفلسطينية، ولم تذهب القاهرة أولًا إلى مؤتمرات كامب ديفيد المرتقبة حيال القضية الفلسطينية، ولكن الدرس المصري العملي هو أنه يمكن بدء الإعمار فورًا في المناطق التي تحررت من قبضة الصراع، أيًا كانت أطرافه.

إن المجتمع الدولي يناقش على مدار الساعة تفاصيل الصراعات الدولية، سواء في حزام الحروب الأهلية للربيع العربي، أو الصراعات الدولية في العراق وأوكرانيا ولبنان والصومال وغيرها، دون أن يفكر في الشعوب التي تطوق إلى إعادة الإعمار، بما يعني ذلك عودة الحياة إلى طبيعتها. والنتيجة اجتماعات نخبوية سياسية، تقوم خلالها القوى الدولية برسم خطوط نفوذها في تلك الملاعب السياسية تحت مسمى استضافة القوى المحلية المتعاركة.

وفي خطوة تهدف إلى عودة القضية الأساسية إلى المربع رقم واحد، يعقد منتدى شباب العالم في دورته الرابعة “شرم الشيخ 2022” جلسة حول “المسؤولية الدولية عن إعادة إعمار مناطق ما بعد الصراع”، من أجل حث المجتمع الدولي على القيام بالدور الرئيس المناط به، بالعمل على إعادة إعمار المناطق المتضررة من تلك الصراعات.

فالمجتمع الدولي لديه مسؤولية قانونية قبل أن تكون أدبية على هذا الإعمار، على ضوء سيطرة الدول الكبرى على المنظمات الدولية القادرة على إعمار تلك البلاد. ومع ذلك فإن المجتمع الدولي تنصل من هذه المسؤولية التاريخية والقانونية والأدبية وتفرغ لإدارة تلك الصراعات تحت عناوين رعاية الحوار الوطني بين فرقاء كل صراع على حدة.

ولا يوجد أفضل من نموذج ومفهوم إعادة إعمار مصر لقطاع غزة من أجل تسويقه للمجتمع الدولي وشباب العالم بوصفه النموذج الذي يجب أن يتم تطبيقه في دول الشرق الأوسط والعالم الساعية إلى إعادة الإعمار بعد سنوات من الحروب.

ويطلق منتدى شباب العالم دعوة من خلال هذه الجلسة لبدء أعمال ومؤتمرات إعادة إعمار مناطق ما بعد الصراع، وعدم انتظار التسويات النهائية لمجمل الصراع. سواء كنا نتحدث عن الأراضي الفلسطينية، أو حروب الربيع العربي في سوريا وليبيا واليمن، أو العراق وأفغانستان والصومال التي تعد من نتائج الحرب الأمريكية على الإرهاب.

إن عقد سلسلة من المؤتمرات الدولية من أجل إعادة إعمار مناطق ما بعد الصراع، والبداية في منتدى شباب العالم يعد أمرًا حيويًا لشعوب تلك الدول من أجل التخلص من آثار تلك الحروب، وإعادة الحياة لتلك الأمم. وعلاوة على ذلك، فإنها سوف تشكل سوقًا استثمارية ضخمة على ضوء عقود الإعمار المتوقعة.

وتعد الدولة المصرية بتجربتها في إعمار قطاع غزة، إلى جانب إعادة تأسيس وهيكلة شبكة الطرق المصرية ومحور قناة السويس وتوشكى الجديدة وحياة كريمة، وبناء الدلتا الجديدة، ومجمل مشاريع مصر القومية ما هي إلا أوراق اعتماد قدرة الدولة المصرية على المشاركة بقوة في أعمال إعمار مناطق ما بعد الصراع، من أوكرانيا شمالًا إلى اليمن جنوبًا، ومن العراق شرقًا إلى ليبيا غربًا.

+ posts

باحث سياسي

إيهاب عمر

باحث سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى