العالم

المشاركة المصرية في مؤتمر المناخ.. خارطة طريق نحو الاقتصاد الأخضر

سعيًا للوصول إلى حلول تنقذ الكرة الأرضية من الاحتباس الحراري وآثاره المدمرة على البيئة، يستعد الرئيس عبد الفتاح السيسي لحضور مؤتمر المناخ للأمم المتحدة (COP26) في الفترة من 31 أكتوبر حتى 12 نوفمبر في مدينة “جلاسكو” الأسكتلندية، بمشاركة حوالي مائتي دولة، لمناقشة تغير المناخ، وما الذي تفعله هذه البلدان، من أجل مواجهة تحديات تغير المناخ ومعالجتها والخروج بقرارات من شأنها أن تحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين.

وتأكيدا على أهمية وضرورة حضور الرئيس السيسي للمؤتمر، أجرى رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” اتصالا هاتفيا بالسيسي في 14 أكتوبر لتأكيد حضوره للقمة ، بينما نشر الموقع الإلكتروني لرئاسة الوزراء البريطانية أن “جونسون” هنأ الرئيس “السيسي” على ترشيح مصر لاستضافة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ عام 2022″، ، واتفقا الرئيسان على العمل معًا في جلاسكو لإنجاح القمة.

 ورحب رئيس الوزراء البريطاني، بقيادة “السيسي”،مصر إلى التحول إلى الطاقة المتجددة، وتشجيعه على الالتزام بعدم استخدام الطاقة الناتجة عن الفحم والتقدم بمساهمة طموحة محددة وطنيا قبل COP26  لخفض الانبعاثات. وأعرب “جونسون” عن تطلعه إلى الاجتماع مع “السيسي” في جلاسكو ودفع العمل المناخي العالمي إلى الأمام.

خلال القمة الأخيرة (الدورة الخامسة والعشرون) لمؤتمر الأطراف (COP25) التي عُقدت في مدريد في عام 2019، أطلقت المملكة المتحدة بالاشتراك مع مصر خطة عمل طموحة تهدف إلى التخفيف من التداعيات الأكثر شدة لتغير المناخ والتكيف مع تلك التأثيرات في الأحوال التي لا يمكن تجنبها وساهمت هذه الخطة بشكل كبير في الجهد العالمي لاستكمال وتنفيذ اتفاق باريس للمناخ 2015.  

كما قطعت مصر جهودًا كبيرة في قضية التغيرات المناخية التي توليها اهتماما كبيرا وتدرس تطوراتها عليها أولا (مصر) ثم على المنطقة ومختلف دول العالم، وسياستها في هذا الملف تتجه لرفض أي التزامات إجبارية على الدول النامية لمواجهة آثار هذه الظاهرة.

وتعد مصر من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية، رغم أنها من أقل دول العالم إسهاما في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالميا، بنسبة 0.6% من إجمالي انبعاثات العالم، طبقا للبيانات الوادرة بالإبلاغ الأخير لمصر حول حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والذي حدث في إطار تنفيذ مصر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التي وقعت عليها مصر عام ‏1994، وكذلك بروتوكول “كيوتو”، الذي صدقت مصر عليه في عام ‏2005.

دلالات المشاركة المصرية في (COP26)

تحظى مشاركة مصر في قمة “جلاسكو” بأهمية كبيرة، بعد الإعلان رسميًا عن اختيارها مرشحة لاستضافة القمة الـ 27 في 2022 ممثلة لقارة أفريقيا، وهو ما يعكس الثقة في الدولة المصرية، حيث يجمع هذا الحدث الدولي نحو 197 دولة بتمثيل رفيع المستوى، ما يوازي في أهميته اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وستعمل القاهرة على بلورة خطاب أفريقي وليس مصريا فحسب، بحيث يتضمن مطالب القارة حول تمويل سياسات مكافحة المناخ وسبل تسهيل حصول دول القارة على هذا التمويل خاصة أن أفريقيا تدفع فواتير سياسات ليست شريكة فيها، مثل السياسات الصناعية للدول الكبرى وتؤثر سلبًا على المناخ في القارة، ومن ثم فإن هناك مسؤولية دولية وأخلاقية على الدول الكبرى ومؤسسات التمويل الدولية لدعمها في التحول الأخضر ومواجهة التغير المناخي.

ويشهد مؤتمر المناخ للأمم المتحدة (COP26)، إطلاق استراتيجية مصر الوطنية للتغيرات المناخية إلى 2050. وتضم الاستراتيجية خمسة أهداف رئيسية وهي: تحقيق نمو اقتصادي مستدام وبناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، تعزيز حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ لتسليط الضوء على تأثيرات تغير المناخ، تحسين البنية التحتية للتمويل، تحسين البحث العلمي وإدارة المعرفة ونقل التكنولوجيا، ورفع الوعي في مجال مكافحة تغير المناخ.

وجاء إعداد الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية كأحد أهم القرارات لتصبح للدولة خارطة طريق لأنسب طرق التعامل مع آثار التغيرات المناخية في ظل النهضة التنموية التي تشهدها مصر حاليا، بما يحقق تنمية اقتصادية مستدامة ويحافظ على حق الأجيال القادمة. لذا قامت الحكومة في ظل جائحة كورونا بتخضير موازنة الدولة، وإصدار دليل إرشادي لمعايير الاستدامة البيئية لتطبيقها على مشروعات الحكومة. وتعتزم الحكومة المصرية، الوصول في عام 2021/2022 إلى 691 مشروع أخضر، وتأمل أن تكون 30% من المشروعات خضراء بحلول عام 2024.

خارطة الطريق المصرية نحو التحول للأخضر

يعد التحول نحو الاقتصاد الأخضر السبيل نحو مستقبل أكثر مرونة واستدامة في مصر وكافة دول المنطقة، ويعيد خلق البيئة لتصبح أكثر استدامة وأقل تلوثًا، ويدفع الاقتصاد نحو المرونة التي تجعله يتحمل الصدمات الخارجية ويتأقلم مع المتغيرات. ومصر صاحبة تجربة رائدة في الاقتصاد الأخضر والاعتماد على الطاقة النظيفة.

خلال العام الماضي وافقت الحكومة المصرية على تنفيذ 691 مشروعًا صديقا للبيئة في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة والمياه والنقل، كما بدأت في إصدار شهادات النجمة الخضراء للفنادق التي تطبق سياسات التوافق مع البيئة، كما نجحت في طرح أول سندات خضراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقيمة 750 مليون دولار، يتم من خلالها تمويل تنفيذ مشروعات صديقة للبيئة.

ملامح خطة الحكومة للتحول للاقتصاد الأخضر:

  • زيادة نسبة الاستثمارات في المشروعات الخضراء 15% من الخطة الاستثمارية للدولة في العام الجارى 2020-2021.
  • تستهدف الحكومة إلى زيادة نسبة الاستثمارات لـ30% خلال عام المُقبل 2021-2022.
  • تستهدف الحكومة الوصول إلى نسبة 50% بحلول عام 2024-2025.
  • تركز الحكومة على قطاعات النقل والإسكان والكهرباء بما فيها الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. مشروعات وزارة النقل، والكهرباء ومشروعات وزارة التنمية الـمحلية، والإسكان والـمرافق والـمُجتمعات العمرانية، بالإضافة إلى مشروعات وزارتى الصحة والسكان، والـموارد الـمائية والرى والزراعة.
  • تسعى الحكومة لصياغة استراتيجية واضحة خاصة بتمويل أهداف التنمية المستدامة.
  • تستهدف الحكومة تحضير حزمة من الحوافز الخضراء لتشجيع القطاع الخاص على التحول للاقتصاد الأخضر.
  • ستقدم الحكومة حوافز للأفراد للتخلص من المخلفات الكهربائية والإلكترونية من خلال تطبيق إلكتروني “إى تدوير”، وتوفير نقاط لجمع المخلفات.
  • يضم الاقتصاد الأخضر 6 قطاعات، منها المباني الخضراء، والطاقة المتجددة، بكل ما فيها سواء الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والنقل المستدام، وإدارة المياه، وإدارة الأراضي، وإدارة النفايات.
  • الاقتصاد الأخضر يستخدم فى الصناعات الناشئة، ويعتمد على الطاقة المتجددة، طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها، بجانب المساعدة في توفير الطاقة بالمباني الخضراء، لكي تصل إلى أعلى كفاءة.
  • أصدرت مصر أول سندات خضراء في المنطقة بقيمة 750 مليون دولار سبتمبر 2020، وهو واحد من بين 3 إصدارات للسندات الخضراء بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الماضي.
  • تعمل الحكومة على توفير دعم تدريجي من الدولة للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية، وتوفير منتجات صديقة للبيئة.

مشاريع رائدة للتحول للأخضر

لم يعد الالتزام بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر، مجرد أفكار مطروحة لدى الحكومة المصرية، بل أصبح حقيقة من خلال خطط واضحة وسياسات عمل لتعزيز استدامة قطاع الطاقة بما ينعكس على المواطنين، ويلبي الطلب الزائد على الطاقة في ظل الزيادة السكانية، من خلال استراتيجية الطاقة المستدامة 2035، والتي تستهدف من خلالها زيادة نسبة الطاقة المتجددة من إجمالي الطاقة المولدة في البلاد إلى 42%.

منذ صدور قانون الطاقة المتجددة رقم 203 لعام 2014، بدأت الحكومة نشر الحوافز لدخول القطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة ليدعم استراتيجية التحول الأخضر في البلاد، ونتيجة لهذه الجهود ظهرت العديد من المبادرات حيث تم تأسيس شركة كرم سولار، أول شركة قطاع خاص متخصصة في إنتاج الطاقة الشمسية في مصر، تحصل على ترخيص من الجهات المعنية، بما يمكن مصر من تبوء موقعها كواحدة من الدول الرائدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال الطاقة المتجددة.

وعملت الحكومة على توسع استثمارات الاقتصاد الأخضر، مثل مشروع “منوريل” العاصمة الإدارية والمشروعات التي تقلل انبعاثات الكربون والدولية تعمل على قرابة 700 مشروع حاليا في هذا الصدد. وهناك استجابة لطروحات السندات الخضراء، وهذا ترجمة واضحة لإشادة المؤسسات المالية الدولية بالسياسات الاقتصادية والمالية المصرية المتبعة، وبما انعكس على تثبيت التصنيف الائتماني لمصر مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصري، وهو ما يعكس ثقة المؤسسات المالية في قدرة مصر على التعامل مع الصدمات الخارجية رغم التداعيات السلبية لأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد.

وتهدف الدولة لتعزيز ثقافة التحول نحو الاقتصاد الأخضر بالقطاعين العام والخاص، نظرًا لأهميته في تحقيق التنمية المستدامة بطريقة أمنة، وتعزيز كفاءة استخدام المواد، وعدم الإضرار بها، وأن الاقتصاد الرقمي والتحول نحو الاقتصاد الأخضر يعززان من القدرة على تحقيق التنمية المستدامة في مصر والارتقاء بالمستوى المعيشي والاجتماعي للمواطنين.

ويعد مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية نموذجًا فريدًا لتنفيذ أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في العالم، تضم 6 ملايين لوحة شمسية، على مساحة 36 ك م2، ونفذه أكثر من 40 شركة من 12 دولة مختلفة، لتوليد 1500 ميجاوات من الطاقة، بما يعزز استراتيجية الطاقة المستدامة لمصر، ويدعم انتشار الطاقة النظيفة، ويقلل من عوامل تغير المناخ، ويعكس التزام الحكومة القوي بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر، بمشاركة كافة الأطراف ذات الصلة.

وتدعم محطة بنبان للطاقة الشمسية تنفيذ الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة: طاقة نظيفة بأسعار معقولة، فضلا عن الهدف الثامن: العمل اللائق ونمو الاقتصاد، والهدف السابع عشر: عقد الشراكات لتحقيق الأهداف، ويعمل المشروع على الحد من انبعاث ملايين الأطنان من الغازات التي تتسبب في الاحتباس الحراري، كما يعمل على خلق الوظائف، ويعزز نمو الاقتصاد المصري.

كماتعد محطة المحسمة بمنطقة شبه جزيرة سيناء، أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعي في العالم، بما يمكن الدولة من ري 70 ألف فدان من الأراضي الزراعية من خلال مليون متر مكعب من المياه يوميًا، وتخلق آلاف فرص العمل وتعزز التنمية المجتمعية.

الجهود المبذولة للتوجه إلى الاقتصاد الأخضر

الطاقة:

  • تخطط وزارة الكهرباء للوصول بنصيب الطاقة المتجددة إلى 20% من الطاقة المستهلكة في مصر بحلول عام 2020، منها 12% طاقة رياح و8% طاقة مائية وشمسية.
  • وزارة الاستثمار تبدي اهتماماً بجدوى توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والاستغلال الاقتصادي للصحراء الغربية وجدوى الاستثمار المكثف فيها، وفي كامل الصحراء الغربية المصرية سواء بإمكانية استثمارات زراعات الوقود الحيوي، أو بتنفيذ مشروع الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية التي تحتاجها مصر ومعها أيضاً توفير احتياجات دول شمال افريقيا ووسط أوروبا بما سيحقق تنمية كبيرة لهذه المساحة غير المقدرة من الوطن.
  • تصحيح هيكل أسعار المنتجات البترولية وإعادة هيكلة قطاع الطاقة بما يضمن وصول الدعم لمستحقيه.

النقل:

  • نفذت وزارة البيئة بالتعاون مع وزارة المالية وبنك ناصر مشروع إحلال التاكسي في القاهرة الكبرى والذي يهدف إلى خفض 264 ألف طن من انبعاث ثاني أكسيد الكربون سنوياً فضلاً عن العائد الاقتصادي والاجتماعي لهذا المشروع.
  • تنفذ وزارة البيئة برنامجا طموحا لتحويل السيارات الحكومية للعمل بالغاز الطبيعي بدلاً من البنزين.
  • حظرت وزارة البيئة بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة بنجاح إنتاج واستيراد الدراجات البخارية ثنائية الأشواط، واستبدالها بموتسيكلات رباعية الأشواط تحقق خفض تلوثات الهواء الصادرة عنها.
  • تشرع وزارة البيئة في تنفيذ برنامج إرشادي لاستدامة نظم النقل.
  • تدعم الدولة نظم النقل الجماعي حيث تم إنشاء الخط الثالث لمترو الأنفاق.
  • إعداد مشروع قانون مشاركة القطاعين العام والخاص في مشروعات البنية الأساسية من أجل جذب مزيد من الاستثمارات بما في ذلك في قطاع الطاقة بما يتيح التكيف مع آثار التغيرات المناخية.

الصناعة:

  • تنفذ وزارة البيئة برنامجي التحكم في التلوث الصناعي وحماية البيئة للقطاع الخاص وقطاع الأعمال العام الصناعي اللذين يضمان 120 مشروعاً للحد من التلوث الصناعي.
  • تشجيع التحول نحو الصناعات رشيدة الاستهلاك للمواد الطبيعية والطاقة والمياه.
  • تشجيع الإنتاج الصناعي الأنظف.
  • إعادة توزيع الخريطة الصناعية لمصر، وتوطين الصناعات بالمدن الجديدة.
  • التوسع في دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة فى مجال البيئة.
  • إعادة استخدام المياه والتحكم فى الصرف الصناعى.

الزراعة:

  • تحقيق الاستخدام المستدام للمواد الزراعية الطبيعية.
  • التركيز على أساليب الإدارة الزراعية المتكاملة.
  • رفع كفاءة استخدامات المياه فى الزراعة، وتحسين نظم الري والصرف، وتعديل التركيب المحصولي لصالح الزراعات الأقل استهلاكاً للمياه.
  • إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي.

التدابير المؤسسية:

  • تعديل التشريعات البيئية وتطوير نظم الإدارة البيئية.
  • زيادة التوجه نحو التنمية الاقتصادية الخضراء الأقل اعتماداً على الكربون.
  • استكمال الإطار المؤسسي لإدارة الجهود الوطنية للتكيف مع آثار التغيرات المناخية.
  • إدراج البعد البيئي في المشروعات التنموية.
  • تبني سياسات مالية داخلية محفزة وداعمة للمنشآت الصديقة للبيئة، وتغليظ العقوبات الموقعة ضد الممارسات البيئية الخاطئة.
  • إطلاق وزارة الاستثمار للمؤشر المصرى للمسئولية الاجتماعية للشركات ال 100 المدرجة فى البورصة متضمناً النواحي البيئية والاجتماعية التي تقوم بها الشركة وهو ما سيؤدي بصورة غير مباشرة إلى تخفيض هذه الشركات لانبعاثاتها الحرارية للتوافق مع القوانين والمعايير البيئية.
+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى