
“الشرق الأوسط الأخضر”.. ماذا تستهدف المبادرة السعودية للحياد الكربوني؟
يشكل التغير المناخي تحديًا للإنسانية بشكل عام، وللدول التي بنت اقتصادها على الثروة البترولية بشكل خاص، وفي خطوة تاريخية غير مسبوقة، وبالتوافق مع خططها التنموية وتمكين تنويعها الاقتصادي، أعلنت المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط بالعالم أنها تهدف إلى الوصول للحياد الكربوني (صفر في المئة صافي انبعاثات الكربون) بحلول عام 2060، وذلك قبل أيام من انطلاق المؤتمر الدولي للمناخ، كما أعلنت عن مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر”، كجزء من التزامها بتقديم تعهدات طموحة من أجل مستقبل أخضر.
صفر انبعاثات الكربون
حذرت الأمم المتحدة من الوضع الحالي للمناخ العالمي والذي ينذر بكونه “كارثي”، وشددت على ضرورة تجنب الفشل في مؤتمر المناخ القادم في جلاسكو “كوب 26″، واتهمت المنظمة السعودية؛ كونها أحد أكبر الدول المتسببة بالتلوث في العالم، خاصة بعد إعلان شركة أرامكو السعودية العملاقة للطاقة عزمها زيادة طاقتها الإنتاجية اليومية من 12 مليون برميل يوميًا إلى 13 مليون بحلول عام 2027.
يُقصد بـ”الحياد الكربوني” خفض انبعاثات الكربون إلى أقصى حد، والتعويض عما لا يمكن التخلّص منه، ويمكن تحقيق ذلك بسبل متعددة مثل استخدام السيارات النظيفة، والتحول إلى الاقتصاد الأخضر والمشاريع الصديقة للبيئة، بعيدًا عن التصنيع كثيف الإصدار للانبعاثات، وكذلك التحوّل إلى مصادر الكهرباء الأكثر خضرة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، والتوسع في مبادرات التشجير.
و”الاقتصاد الدائري للكربون” هو مفهوم يروّج له السعوديون عن طريق اعتماد مزيج جديد من الطاقة، ويهدف إلى سحب الكربون وتخزينه لإعادة استخدامه في منتجات أخرى، وهذا يفسر أن أي انبعاثات ناجمة عن حرق الوقود الأحفوري تقابلها إجراءات مثل زراعة الأشجار، التي تمتص ثنائي أكسيد الكربون. ويقصد بالحياد الصفري المناخي التحول إلى اقتصاد بصافي صفر من انبعاثات الغازات الدفيئة.
أسباب المبادرات وتحدياتها
تواجه شركة “أرامكو” السعودية العملاقة تدقيقًا شديدًا من قبل المستثمرين بشأن انبعاثات الطاقة، وذلك لاعتماد السعودية على النفط والغاز المستخرج لتلبية الطلبات المتزايدة على الطاقة وتحلية المياه، وهو ما يستهلك كميات هائلة من النفط يوميًا، وبالتالي زيادة عدد انبعاثات الكربون الناتجة، ومن ثم زيادة نسبة التلوث المناخي.
وفي يناير الماضي، أفاد التقرير النهائي للمستثمرين أن إجمالي انبعاثات الكربون المتولدة من العديد من مصافيها ومصانع البتروكيماويات كبيرة ومقلقة قد تصل إلى مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهو ما يعادل تقريبًا الانبعاثات التي تنتجها البرتغال.
والسعودية، البالغ عدد سكانها نحو 34 مليون نسمة، دولة مهمة نسبيًا لخفض انبعاثات للكربون، إذ ينبعث منها حوالي 600 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أي أكثر من فرنسا وأقل قليلًا من ألمانيا التي ينبعث منها 800 مليون طن سنويًا.
خطة التخلص من الوقود
يقول الخبراء أن تعهد السعودية بتحقيق الحياد الكربوني يجب أن يسير يدًا بيد مع خطة للتخلص من الوقود الأحفوري بدلًا من زيادة الاستثمار فيه. وكانت شركة أرامكو في مقدمة الشركات التي أعلنت عن تحقيق الحياد الصفري في أعمالها بحلول عام 2050، ولأن النفط والغاز والبتروكيماويات قلب الاقتصاد السعودي، فإن أرامكو ستمهد الطريق أمام القطاع الصناعي والشركات الخاصة لتحذو حذوها.
وأشارت شركة سابك البتروكيماوية، إلى أنها تعمل على تطوير أول موقع لإنتاج الكيماويات على نطاق واسع في العالم يعمل بطاقة متجددة بنسبة 100% وجددت التزامها بخفض البصمة الكربونية، وعملت على تطوير حلول لأفران وحدات التكسير البخاري التي يتم تسخينها كهربائيًا، ويمكن أن تقلل الانبعاثات بنسبة تصل إلى 90٪. وقد طورت “سابك” عام 2015 أكبر مصنع لجمع وتنقية ثاني أكسيد الكربون في العالم ويمكنه معالجة نحو 500 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا وتحويل إلى مواد خام تستخدم في عمليات صناعية أخرى.
ولدى شركتي “أرامكو” و “سابك” قدرات تمويلية كبيرة، لذلك لن يشكل ذلك أي مشكلة لهم، ولكن الشركات الأخرى ستحتاج إلى دعم الحكومة عبر سياسة للكربون والحوافز، وهذا ما تتجه الحكومة السعودية إليه بتقديم حوافز للشركات الخاصة كي تقوم بالاستثمارات اللازمة في مجال الكربون، وأن تعتمد سياسة لتسعير الكربون وسوق للتداول به، وهو أمر أعلن عنه صندوق الاستثمارات العامة بإطلاق “سوق طوعية للتداول بالكربون” وذلك من خلال شراء أو بيع أرصدة تعويض الكربون المكافئ ذات الجودة العالية مما سيقلل انبعاثات الكربون الضارة من الشركات والقطاعات.
جهود المملكة نحو الاقتصاد الأخضر
أعلن ولي العهد السعودي عن استهداف المملكة العربية السعودية الوصول للحياد الصفري من خلال نهج الاقتصاد الدائري الكربوني بحلول عام 2060، وجاء ذلك في كلمته المسجلة أمام “مبادرة السعودية الخضراء” المنعقدة في الرياض، وقال:” إنّنا اليوم ندشن حقبة خضراء جديدة للمنطقة نقودها ونقطف ثمارها سويًا إيمانا منًا بأن آثار التغير المناخي لا تقتصر على البيئة بل على الاقتصاد والأمن”.
وتعهد الأمير السعودي بخفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، ما يمثل” تخفيضًا طوعيًا لأكثر من المستهدفات المعلنة والتي تقدر بنحو 130 طن سنويًا”، وأن الخطة تهدف لخفض الانبعاثات من خلال توليد نصف طاقة المملكة من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
وأعلن انضمام المملكة للتعهد العالمي بشأن تخفيض الانبعاثات العالمية من الميثان بنحو 30%، وأن السعودية ومن خلال تأسيس “صندوق استثمار في حلول تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون في المنطقة”، ستستثمر أكثر من 700 مليار ريال سعودي أي بما يعادل مائة وثمانين مليار دولار لتحقيق أهدافها.
مبادرة” الشرق الأوسط الأخضر”
السعودية ومنطقة الشرق الأوسط ككل تواجه حاليًا تحديات بيئية حقيقية مثل التصحر، وهذه التحديات البيئية ليست رفاهية، بل تحمل أيضًا تهديدًا اقتصاديًا؛ إذ تصل التقديرات بخسائر العواصف الرملية في الشرق الأوسط إلى 13 مليار دولار. بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن تلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري قلص متوسط عمر المواطنين (القوة العاملة) بمعدل سنة ونصف السنة.
لذلك، ترى السعودية أن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر تحمل بين أهدافها مصلحة اقتصادية، عبر زيادة الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية.
وتسعى السعودية لزراعة 50 مليار شجرة في الشرق الأوسط بالتعاون مع أعضاء مجلس التعاون الخليجي ودول أخرى في المنطقة، عبر تجمع إقليمي بمشاركة الشركاء الدوليين في الربع الثاني من 2022.
ولهذا المشروع أهمية كبيرة حيث:
1- يمثل مشروع الشرق الأوسط الأخضر 5% من الهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة.
3- يعمل على استعادة مساحة تعادل 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة.
3- تخفيض انبعاثات الكربون العالمية على محورين:
- هدف مباشر: تخفيض بنسبة 2.5% من معدلات الكربون العالمية من خلال التشجير نفسه.
- هدف غير مباشر: نظرًا لأن حصة إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط لا تتجاوز خاليًا 7%، وأن التقنيات التي تستخدم في إنتاج النفط في المنطقة ليست بالكفاءة المطلوبة، وستعمل السعودية على نقل المعرفة ومشاركة الخبرات إلى الدول المشاركة، مما سيسهم تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60%. هذه الجهود ستحقق تخفيضًا في الانبعاثات الكربونية بما نسبته أكثر من 10% من المساهمات العالمية.
رسالة قوية قبل “كوب 26”
مع اقتراب مؤتمر “COP 26″،المنعقد في الفترة ما بين 31 أكتوبر إلى 12 من نوفمبر، والذي يمثل خطوة حاسمة في تحديد أهداف الانبعاثات العالمية لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، رأى كثيرون أن مبادرة المملكة بمثابة رسالة قوية واستثنائية للعالم قبل المؤتمر، وأن العالم يحتاج لدول تأتي بقرارات قوية وشجاعة، ومستويات عالية من الطموح وخاصة من دول تعتمد كل صناعاتها على النفط، فهذا قرار تاريخي سيغير التاريخ، ويعكس الثقل والعمق والقوة السعودية التي تساعد العالم بشكل جاد والأسلوب التقدمي لمواجهة تهديدات التغير المناخي.
وتعهّدت العديد من البلدان بالسعي إلى تحقيق صافي انبعاثات كربونية، بينها الإمارات التي حددت عام 2050 هدفا لبلوغ ذلك والبحرين عام 2060. واعتبر رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أن تعهد المملكة بالوصول إلى انبعاثات صفرية بحلول 2060، يُعدُّ خطوة كبيرة إلى الأمام.
كذلك رحَّب ولي العهد البريطاني، الأمير “ويلز تشارلز” بخطوة السعودية، التي تعكس وجود أمل في التوجه للوصول إلى انبعاثات كربون صفرية، على حدّ قوله، مضيفًا أنه بات لدى العالم الآن “نافذة صغيرة جدًا” للمضي قُدُمًا بتسريع الخطوات المتعلقة بتغير المناخ.
ورأى فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، في تغريدة على حسابه في “تويتر” أن تعهدات الدول الرئيسية المنتجة للوقود الأحفوري، وتنفيذها هذه التعهدات، يُعدُّ أمرًا حيويًا لتحقيق الأهداف المناخية الدولية، مثنيًا على خطوة المملكة في هذا المجال.
أما ألوك شارما، رئيس مؤتمر المناخ الدولي (COP26)، فقد أشاد بإعلان السعودية للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060، مشيرًا إلى أنه يأمل أن يؤدي هذا الإعلان التاريخي إلى تحفيز طموح الدول الأخرى قبل مؤتمر COP26. وقالت الأمم المتحدة إنّ 130 دولة وضعت أو تدرس الوصول لصافي صفر انبعاثات كربونية بحلول منتصف القرن الجاري، بموجب اتفاقية باريس لعام 2015 بشأن تغيّر المناخ.
تطور التقنيات والنظام البيئي
الاقتصاد الدائري للكربون يعتمد أولًا وقبل كل شيء على تطور التكنولوجيا، فالسعودية تعمل على تطوير نظام بيئي لاحتضان المزيد من الاستثمارات والابتكارات، والنمو الاقتصادي للمملكة تحركه صادرات عديدة في مجال الطاقة، فهي تسعى من خلال مبادراتها لجعل نفسها مثلًا يحتذى به.
وبدورها تسعى المملكة لتحويل 50% من احتياجات الطاقة إلى الموارد المتجددة، و50% الأخرى سيتم تطوريها بمزيد من الغاز، وهذا التناصف سيكون مكونًا مهمًا لتقليل الانبعاثات الكربونية، وبالفعل قللت 48 مليون طن من انبعاثات الكربون حتى الآن وذلك بسبب برامج الكفاءة المطبقة، والهدف المستقبلي هو تقليل 9 مليون طن سنويًا من الانبعاثات الكربونية، وذلك بالتركيز على 3 قطاعات وهي الصناعة والنقل والبناء الذين يشكلون 90% من استهلاك الطاقة لديها.
وتسعى المملكة أيضًا إلى إزالة نحو 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية من خلال تنفيذ العديد من المشاريع في مجال التقنية الهيدروكربونية النظيفة، والدفع بمشاريع الطاقة المتجددة الحالية التي ستنتج طاقة كافية لتزويد 600 ألف منزل بالكهرباء، ما يعني تخفيض غازات الاحتباس الحراري بما يعادل 7 ملايين طن سنويًا.
لماذا عام 2060 تحديدًا؟
أوضح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن المملكة اختارت تحقيق هدفها في 2060 لأن ذلك سيمكنها من تحقيق انتقال سلس وقابل للتطبيق دون المخاطرة بالتأثيرات الاقتصادية أو الاجتماعية، وأن السعودية ستتحمل مسؤولية الأهداف المعلنة بشأن “الانبعاثات الكربونية”، وأن هدف الرياض بشأن الوصول إلى صافي صفر انبعاثات كربونية بحلول 2060 يمكن تحقيقه قبل ذلك، وأنه لن يكون له تأثير مالي أو اقتصادي معاكس على أكبر مصدر في العالم للنفط.
مبادرات عديدة لمواجهة تغيير المناخ
إن اهتمام السعودية بضبط الانبعاثات ليس وليد الساعة، ولعل الاهتمام المنهجي بدأ مع تأسيس المركز السعودي لرفع كفاءة الطاقة عام 2010، وأطلق بعد فترة وجيزة من إنشاء برنامج وطني لترشيد استخدام الطاقة شمل رفع كفاءة استخدام الطاقة في عددٍ من الأنشطة مثل المباني والأجهزة كثيفة استهلاك الطاقة مثل أجهزة التكييف، والباعثة للعوادم مثل السيارات.
والمملكة بدأت بالفعل في التوجه نحو المشاريع الخضراء وتخفيض انبعاثات الكربون، فالسنوات الماضية شهدت إنشاء عشرات الجمعيات والروابط البيئية بالمملكة، التي عملت على توعية المجتمع بأهمية الحفاظ على البيئة، وخطورة الاحتطاب والرعي الجائر والتصحر، ومشكلات التلوث والتغير المناخي. وفي مارس الماضي، أطلقت السعودية حزمة مبادرات واسعة لمواجهة تغير المناخ وتقليل انبعاثات الكربون، وكان في صدارتها مبادرة “السعودية الخضراء” التي تستهدف زراعة نحو 10 مليارات شجرة بالسعودية في العقود المقبلة.
وأعلن ولي العهد السعودي بدء المرحلة الأولى من مبادرة التشجير بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة في أرجاء البلد المعروفة بطبيعتها الصحراوية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل 8 ملايين هكتار (الهكتار = 2.471 فدان) من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراضٍ محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من 20% من إجمالي مساحتها.
وأقر بوجود فجوات في منظمة العمل المناخي في المنطقة، وأن المملكة تستطيع تحقيق إنجازات متسارعة في مبادراتها عبر تنسيق الجهود ومشاركة الخبرات والتقيات، وكشف ولي العهد السعودي نية المملكة الانضمام إلى:
- “الاتحاد العالمي للمحيطات”.
- “تحالف القضاء على النفايات البلاستيكية في المحيطات والشواطئ”.
- “اتفاقية الرياضة لأجل العمل المناخي”.
- تأسيس “مركز عالمي للاستدامة السياحية”.
- تأسيس “مؤسسة غير ربحية لاستكشاف البحار والمحيطات”.
وفي إطار جعل الرياض أكثر مدينة مستدامة في العالم، ستقوم السعودية برفع نسبة استخدام السيارات الكهربائية في المدينة إلى 30% بحلول عام 2030.
مدينة نيوم المستقبلية
من المشروعات العملاقة المقرر تنفيذها بالمملكة، والذي أعلن عنه ولي العهد السعودي ضمن فعاليات منتدى “مبادرة مستقبل الاستثمار” المنعقد بالرياض، وهي المدينة العملاقة البالغة قيمتها 500 مليار دولار والتي ستقام على مساحة 26 ألفا و500 كيلومتر مربع وتمتد إلى أراضي الأردن ومصر، مما يعني أن المنطقة مجاورة للبحر الأحمر وخليج العقبة وبالقرب من ممرات بحرية تجارية معتمدة وستكون بوابة لجسر الملك سلمان المقترح الذي سيربط بين مصر والسعودية.
ومن المزايا الفريدة التي تقدمها المدينة، قربها من الأسواق ومسارات التجارة العالمية “قناة السويس”، كما يمكن لـ 70% من سكان العالم الوصول للموقع خلال 8 ساعات كحد أقصى.
وستركز منطقة “نيوم” على 9 قطاعات استثمارية متخصصة وهي: مستقبل الطاقة والمياه ومستقبل التنقل ومستقبل التقنيات الحيوية ومستقبل الغذاء ومستقبل العلوم التقنية والرقمية ومستقبل التصنيع المتطور ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي ومستقبل الترفيه ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات.
وتشمل التقنيات المستقبلية لتطوير منطقة “نيوم” مزايا فريدة، يتمثل بعضها في: حلول التنقل الذكية بدءا من القيادة الذاتية وحتى الطائرات ذاتية القيادة، الأساليب الحديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، الرعاية الصحية التي تركز على الإنسان وتحيط به من أجل رفاهيته، الشبكات المجانية للإنترنت فائق السرعة أو ما يُسمى بـ”الهواء الرقمي”، التعليم المجاني المستمر على الإنترنت بأعلى المعايير العالمية، الخدمات الحكومية الرقمية المتكاملة.
وسيكون المشروع منطقة خاصة مستثناة من أنظمة وقوانين الدولة الاعتيادية، كالضرائب والجمارك وقوانين العمل والقيود القانونية الأخرى على الأعمال التجارية، فيما عدا الأنظمة السيادية مما سيتيح للمنطقة القدرة على تصنيع منتجات وتوفير خدمات بأسعار منافسة عالميا.
فهذا المشروع يرتكز بشكل أساسي على المدن الذكية الخالية من الكربون والاقتصاد الأخضر وكل ما يتعلق بتخفيض الانبعاثات وهي كذلك مدينة صديقة للبيئة من حيث الاستهلاك المستدام.
السعودية تشهد تنوعًا اقتصاديًا لا تنحصر محاور ثقله في الاستثمار في الأنشطة الصناعية فقط، بل كذلك في إطلاق مشاريع عملاقة محدودة الانبعاثات مقارنة بما تضيفه للناتج المحلي الإجمالي، وهي مسعى للفصل بين نمو الاقتصاد وزيادة انبعاثات الكربون كنتيجة لذلك، والمملكة لديها وعي كامل بأن الكربون ليس مشكلة في حدّ ذاته بل إنه مصدر من مصادر الاقتصاد بحيث أنها ستسعى لالتقاط الكربون وإعادة استخدامه في عملياتها الإنتاجية لإنتاج مواد يمكنها بيعها وهو بلا شك أفضل من التقاطه بواسطة الأشجار التي سوف تتغذى عليه من خلال التمثيل الضوئي.
باحثة بالمرصد المصري