مصر

تطوير الموانئ البحرية والجوية.. خطوات جادة لانفتاح سيناء على العالم الخارجي

كجزء من توجهها العام لتنمية شبه جزيرة سيناء، اهتمت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية بالبنية التحتية الخادمة لحركة اقتصاد ومجتمع سيناء، حيث كانت البداية بتشييد وتطوير العشرات من الطرق السريعة الرابطة بين كافة نواحي سيناء الجغرافية، إضافة إلى تشييد الكباري العائمة على مجرى قناة السويس وحفر عدد من الأنفاق العبارة أسفل القناة.
الموانئ البحرية والجوية حظيت هي الأخرى بقدر كبير من الاهتمام التنموي، فالموانئ البحرية تعتبر بوابة سيناء التجارية على العالم الخارجي لتنفيذ مختلف عمليات التصدير والاستيراد، فيما تعتبر الموانئ الجوية أو المطارات بوابة لحركتي السياحة والسفر التي تفد إلى سيناء طوال العام، خاصة في المنطقة الجنوبية منها مثل “شرم الشيخ ” و” سانت كاترين” و “دهب”.

مشروعات الموانئ البحرية

تحيط شبه جزيرة سيناء حاليا سبعة موانئ بحرية، تتنوع استخداماتها بين تداول الحاويات ونقل بضائع الصب وصيد الأسماك، كما تستخدم بعضا منها في نقل المسافرين والسائحين.
وبدأت الدولة منذ عام 2014 في تنفيذ مشروع شامل لتطوير تلك الموانئ نرصد أبرز ملامحه في النقاط التالية:

  • ميناء العريش البحري

افتتح الميناء للاستخدامات التجارية عام 1996 بعد إنشاء رصيف بحري به بطول 240م لكي يتناسب مع أغراض نقل بضائع العامة والسائبة، بالإضافة إلى دعمه بعدد من المساعدات الملاحية لتسهيل دخول وخروج السفن. لكن الميناء واجه حالة من التعطل إثر ارتفاع وتيرة التوترات الأمنية بشمال سيناء، لكن الحكومة تمكنت من إعادته إلى الحياة في أوائل عام 2021 الحالي، وذلك مع استقرار الأمور في كافة المناطق الجغرافية المحيطة، لينجح الميناء في استقبال 43 سفينة خلال التسعة أشهر الماضية.
وتعتزم الهيئة الاقتصادية لقناة السويس؛ إحداث تطويرات ضخمة على شكل الميناء، حيث من المخطط أن يتم بناء محطة خاصة بالحاويات خلال السنوات بطول أرصفة 1140 كم، كما من المخطط تشييد محطة خاصة ببضائع الصب بطول ارصفة 2,600 كم، أما مساحة الميناء الحالية والتي لا تبلغ نسبتها سوى 7% من إجمالي المخطط العام، فستخصص لرسو سفن ومراكب الخدمة المختلفة.

  • ميناء نويبع

يعتبر ميناء نويبع واحدا من أهم الموانئ البحرية المختصة بنقل الركاب والشاحنات في مصر، حيث يسهل هذا الميناء عملية التواصل مع دول الخليج العربي والشام من خلال المرور على دولة الأردن الشقيقة، ويستطيع هذا الميناء أن يستقبل سنوياً 1.9 مليون طن من البضائع، كما يقدر على استقبال مليون مسافر في العام، وينقسم الميناء إلى أربعة أرصفة بأجمالي أطوال تقارب على 400م.
اهتمت الحكومة من جانبها ؛ خلال الفترة الماضية ؛ بتطوير الميناء، لذلك جددت صالات وصول الركاب ووسعت مساحتها، ما أدى إلى مضاعفة عدد الركاب الممكن استقبالهم بنسبة 200%, كما طورت الدولة محطة استقبال الشاحنات وتوسيعها إلى 90,000 متر مربع، بالإضافة إلى تطوير شبكات الحريق وأرضيات الميناء الخرسانية وأعمدة الإضاءة، ومن المنتظر أن تزيد أطوال الأرصفة بالميناء فور انتهاء عملية التطوير لتبلغ 885 مترا بزيادة 55% عن أطوالها السابقة.

  • ميناء غرب بورسعيد

بدأ العمل على مشروع ميناء غرب بورسعيد ؛ مطلع الألفية الجديدة؛ لكن معدلات الإنجاز فيه كانت بطيئة إلى حد ما, فبين العامين 200٠ و 2006 لم يتم انجاز سوى 1,200م من الأرصفة البحرية, ليتبعه بعد ذلك عام 2012 بداية تشييد 1,200م جديدة من الأرصفة البحرية, لكن عام 2015 ؛ حدثت انطلاقة جديدة للمشروع وذلك حينما وجهت القيادة السياسية بتوسيع حوض الميناء, حيث جري التخطيط لأنشاء 6 ارصفة ومحطات جديدة وذلك إلى جانب المحطة القائمة للحاويات, لتتوزع أنشطة تلك المحطات بين نقل الحبوب وخدمات الرورو RO-RO والبضائع العامة, ومن المتوقع فور استكمال تلك المحطات لتبلغ الأطوال الإجمالية للأرصفة قرابة 14,000م, فضلاً عن مساحات تخزينية خلفية تجاوز 2,800,0000 متر مربع.

  • ميناء الطور

عرف ميناء الطور منذ عقود انه محطة حجر صحي للحجاج العائدين من الأراضي الحجازية ثم تحول دوره بعد ذلك ليصبح ميناء بحريا محليا لسفن الصيد وسفن الخدمات البترولية, وبقي الميناء على هذا الحال حتى مطلع العقد الماضي حينما توقف العمل تماما, لكن الحكومة المصرية أجرت على هذا الميناء العديد من التطويرات, كان أولها العمل على زيادة أطوال الأرصفة البحرية فيه, حيث لم يبلغ طول تلك الأرصفة من قبل سوى 75م, لكنا الان وصلت إلى أكثر 600م ومن المتوقع أن تصل إلى 1000 متر بنهاية مشروع التطوير الجاري تنفيذه, كما سيتم تعميقه إلى 10م غاطس, وهو ما سيسهل استقبال سفن البضائع العامة.

  • ميناء شرم الشيخ

يوجد بمدينة شرم الشيخ المصرية ميناء بحري مخصص بالكامل لحركة الركاب، وذلك لخدمة السياحية المترددة على المدينة، ويتميز هذ الميناء بوجود رصيفين بحرين يتجاوز طولهما مجتمعين 680م، وحرصت الحكومة المصرية على دعم الميناء ببعض الخدمات اللوجستية مثل صيانة اليخوت والإمداد والتموين للسفن الراسية، وينتظر هذا الميناء خلال السنوات القادمة أن يشهد قدرا كبيرا من الحركة، خاصة مع وجود مساعي حالية من الحكومة المصرية لجذب حركة السفن السياحية.

  • ميناء أبو زنيمة

يعتبر ميناء أبو زنيمة الميناء الوحيد المختص بتداول الخامات المعدنية في سيناء، ويتركز نشاطه على تصدير خام المنجنيز المستخرج من مناجم منطقة ام بجمة القريبة، وتقدر إيرادات الخامات المصدرة عبر الميناء سنوياً بأكثر من 400 مليون جنيه، وتسعى الشركة المالكة للميناء تطوير كفاءته لزيادة كميات المنجنيز المُصدر، حيث من المنتظر ان يتم ضخ ما يقارب على 10 مليون جنيه لتعميق غاطس رصيف الميناء، وهو ما سيسهل استقبال السفن ذات حمولة 50,000 طن.

مشروعات الموانئ الجوية

تمتلك مصر حالياً 25 ميناء جويا مدنيا موزعا على عموم البلاد، ويقع في شبه جزيرة سيناء وحدها 6 من تلك المطارات، لذلك تحظى الموانئ الجوية في سيناء بجانب كبير من اهتمام الدولة، حيث تعتبر تلك المطارات ركيزة أساسية من ركائز النشاط السياحي في تلك البقعة من أرض مصر، لذلك سنرصد خلال الفقرات التالية عمليات التطوير التي جرى تنفيذها على أربعة من المطارات الموجودة في سيناء:

  • مطار شرم الشيخ الدولى

يُعتبر مطار شرم الشيخ أهم مطار في شبه جزيرة سيناء وواحدا من أهم المطارات في مصر, وذلك لارتباطه بمدينة شرم الشيخ التي توصف بانها أحد أشهر المقاصد السياحية الشاطئية في منطقة الشرق الأوسط, لذلك بدأت الدولة المصرية منذ عام 2017 إحداث تطويرت علي المطار, بداية من تطوير أحد صالتيه, لتزيد نسبة استيعاب المطار الكلية للمسافرين سنوياً بأكثر من 20%, وذلك لتصل إلى 9 ملايين راكب سنوياً, بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية للمطار مثل منظومة نقل الحقائب لتصل طاقتها الي 1800 حقيبة/ الساعة, ومنظومة الحماية من الحرائق, وأيضا منظومة الكشف عن المتفجرات.

  • مطار طابا الدولي

يخدم مطار طابا الدولي كافة المناطق السياحية الواقعة في الجنوب الشرقي من شبه جزيرة سيناء, ومنها علي سبيل المثال مدينة طابا المصرية ومدينتي نويبع ودهب, لذلك حرصت السلطات المصرية علي إعادة المطار للعمل بعد توقف نشاطاته بشكل شبه كامل لأكثر من عقد من الزمان, البداية كانت في منتصف العام الفائت 2020م, حينما جرى الاتفاق مع بعض الشركات المصرية لتسيير رحلات داخلية منتظمة, لتقوم مصر للطيران الناقل الوطني بإطلاق اول رحلة في 19 أغسطس 2020م, وهو ما استمر بعد ذلك في شكل رحلتين اسبوعيا بين مطاري القاهرة الدولي وطابا الدولي, ويُنتظر بحلول العام الجديد ان يستقبل مطار طابا العديد من الرحلات الدولية, وذلك مع اشتداد الحركة السياحية نحو شواطئ البحر الأحمر.

  • مطار سانت كاترين

نظراً لوقوعها علي ارتفاع يفوق 2.6 كم عن سطح البحر ووقوعها بين مجموعة من الجبال شديدة الوعورة, تحتاج سانت كاترين الي وجود خدمات دائمة للتنقل الجوي وذلك لتسهيل حركة المسافرين والسائحين من والي المدينة, لذلك تعتزم الدولة حلياً اطلاق مشروع متكامل لتطوير المطار, لذلك وقعت وزارة الطيران المدني برتوكول تعاون مع احد البنوك الوطنية لتمويل تطوير محاطة الركاب لتصل سعتها الي 600 راكب في الساعة بدلاً من الطاقة الاستيعابية الحالية والتي تبلغ 80 راكبا فقط في الساعة, بالإضافة إلى تطوير مدرج الطائرات القديم وساحات انتظار الطائرات والمساعدات الملاحية التي لا تتوفر بارض المطار حالياً.

  • مطار البردويل

تماشياً مع حركة التنمية الجارية في كل سيناء عامة وفي وسط وشمال سيناء خاصة، افتتحت الدولة المصرية في عام 2020 الماضي مطار البردويل على مساحة 11 كم2, ويمتلك المطار ممرا رئيسيا بطول 3350م بالإضافة إلى ترماك يكفي لعدد 8 طائرات وصالة ركاب تسع 300 راكب في الساعة، كما يخدم المطار عددا من المنشآت الحيوية كمبني للأرصاد الجوية واخر للمراقبة الجوية، ومحطة لتحلية المياه وأخرى لمعالجة الصرف، وتوجد بالمطار ايضاً محطة لإنتاج الكهرباء ومقر للإنقاذ والإطفاء، الي جانب عدد اخر من المنشآت الخدمية والفنية.

ختاما ؛ بعد عقود من الإهمال والتهميش لإمكانات شبه جزيرة سيناء, عادت الدولة المصرية وبقوة لتطوير الوضع الاقتصادي في سيناء حيث نجحت الدولة خلال سنوات معدودة في تشييد العديد من المصانع القائمة على استغلال الخامات الطبيعية الموجودة بأرض سيناء, وأيضاً المزارع السمكية التي أصبحت الآن الأكبر من حيث المساحة على مستوى العالم, بالإضافة إلى الدفع بمشروعات التطوير العمراني والسياحي استغلالا لطبيعة سيناء الرائعة من حيث جودة المناخ وتنوع البيئة البحرية وتميز البيئة الجبلية والصحراوية.
وتعتبر مشروعات تطوير الموانئ البحرية والجوية داعماً رئيسياً لمجهودات الدولة في عملية التطوير الجارية فلا يمكن للمشروعات الصناعية والزراعية أن تحقق أي شكل من أشكال النجاح بدون وجود بوابات لتصدير منتجاتها إلى العالم الخارجي, كما لا يمكن لحركة السياحة ان تتقوى في سيناء بدون وجود شبكة من المطارات الحديثة, القادرة على استيعاب كثافات المسافرين ذهابا وإياباً.

+ posts

باحث ببرنامج السياسات العامة

مصطفى عبد اللاه

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى