مصر

قراءة في تطوير القطاع الرياضي المصري.. التزام الدولة تجاه المستقبل

تفقد الرئيس عبد الفتاح السيسي السبت 6 يناير 2024 عدد من مرافق مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية، كما التقى سيادته لاعبي منتخب مصر لكرة القدم أثناء تفقده لإستاد مصر الواقع داخل المدينة، حيث يقيم المنتخب معسكرا تدريبيا مغلقا استعدادا لخوض بطولة كأس الأمم الأفريقية والمقرر عقدها بدولة ساحل العاج.

وتعتبر مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية انجازا بنيويا وتنمويا رياضي غير مسبوق، يضاف إلى سجل مشروعات التطوير الشامل التي تنفذها الدولة بملف الرياضة منذ ما يقارب العقد من الزمان، حيث طالت تلك المشروعات أغلب المرافق الرياضية المنتشرة بعموم الجمهورية، كما وصلت يد التحديث لمختلف أبعاد المنظومة الرياضية الوطنية وذلك بعد أن افتقدتها تلك الأخيرة لوقت طويل. 

اهتمام متصاعد بملف الرياضة

أعطت الدولة المصرية منذ عام 2014م دفعة قوية للملف الرياضي، وذلك لكونه أحد الملفات التنموية التي لم تلق قدراً كافياً من الاهتمام على مدار العقود الماضية، حيث قامت أجهزة الدولة في هذا السياق، بتنسيق عدد من المشروعات الهادفة لتطوير المنظومة الرياضية، والتي تكلفت خلال الفترة من 2014 إلى 2023 قرابة 22 مليار جنيه، وهو ما ساهم في رفع العدد الإجمالي للمنشآت الرياضية حتى أواخر 2021 إلى أكثر من 5200 منشأة، بزيادة نسبتها 5.6% عن عام 2014.

وينظر لتطوير شبكة مراكز الشباب علي مستوى الجمهورية، أحد أهم الإنجازات المحققة في هذا الصدد، حيث تمكنت الدولة المصرية من رفع كفاءة ما يزيد على 70% من إجمالي المراكز الشبابية بعموم البلاد والبالغ عددها حتى 2022 قرابة 4400 مركز، فيما يُنتظر أن يَكتمِل تطوير باقي المراكز خلال العامين القادمين وفقا للخطط المعلن عنها، ولقد كان ملاحظ وجود اهتمام بالمراكز الشبابية في القرى، خاصة الواقعة منها ضمن قرى مشروع تطوير الريف المصري، حيث يتم تطوير ما مجموعه 1039 مركزا ضمن المرحلة الأولى من المشروع، من بينهم 266 مركزا جديدا تتم أضافتهم لأول مرة. 

كما نجحت الدولة في توفير مرافق حديثة لخدمة مختلف الألعاب الرياضية على مستوى الريف والحضر، حيث جرى تدعيم الأندية التابعة لوزارة الشباب والرياضة والمراكز الشبابية بما مجموعه 4295 ملعبا خماسية وقانونية، بالإضافة لإنشاء وتطوير 14 صالة مغطاة، فضلا عن تطوير ستة استادات قائمة، وهو ما مكن مصر في 2019 من استضافة كأس أمم أفريقيا، التي تعد أكبر بطولة كروية إقليمية في العام، وذلك في فترة قياسية لم تتجاوز ستة أشهر، بعد أن تم سحب التنظيم من إحدى الدول الأفريقية الأخرى، لعدم التزام تلك الدولة بمطلوبات واشتراطات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم.

كما توجهت الدولة أيضاً لدعم الكوادر الرياضية والأبطال الأولمبيين، من خلال إمداد عدد كبير من الأندية الرياضية ومراكز الشباب بالتجهيزات والمعدات اللازمة لتدريب هؤلاء اللاعبين، وهو ما ساهم في بدوره في زيادة نصيب مصر الميداليات الإقليمية والدولية إلى 2,099 ميدالية، وذلك بين الأعوام 2018 و2020 فقط. 

نجاح في استضافة البطولات الرياضية

 مجهودات الدولة المصرية في تطوير الملف الرياضي شملت أيضاً تنظيم البطولات الرياضية الإقليمية منها والدولية، وذلك لإدراك الدولة لأهمية تلك البطولات في جذب الاهتمام الشعبي والوطني نحو ممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة، بالإضافة إلى دور تلك البطولات في تدعيم الصورة الذهنية الإيجابية عن مصر لدى الرأي العام الأجنبي، فضلا عن مساهمتها في دفع حركة الاقتصاد الوطني من خلال جذب الاستثمارات الخارجية وأيضاً السياحة الدولية.

 لهذا استضافت مصر قرابة 20 فاعلية رياضية إقليمية ودولية هامة في الفترة ما بين العامين 2016 و2023م –فيما تعتزم الدولة خلال الأعوام 2024م- 2036م استضافة عشرات أخرى من الفاعليات الرياضية القارية، وذلك لكي تكون مصر مركزا إقليميا فاعلا في مجال الرياضة، كما تسعى إلى الوصول إلى درجات عالمية مرموقة في صناعة الرياضة من خلال استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وعلى رأسها مسابقات الأولمبياد. 

جدول رقم 1: أبرز الفاعليات الرياضية الدولية والإقليمية التي استضافتها مصر خلال الفترة 2016 -2023م

اسم الفاعليةتصنيف الفاعليةسنة الفاعلية
1بطولة افريقيا لكرة اليد للرجالبطولة قارية2016
2طواف مصر للدراجاتبطولة قارية “جزء من طواف افريقيا للدراجات”2016
3بطولة العالم للناشئين للتايكوندوبطولة دولية2017
4بطولة العالم لكرة السلة للشباببطولة دولية2017
5بطولة الجونة الدولية للإسكواش للسيداتبطولة دولية2018
6كاس الأمم الافريقية لكرة القدمبطولة قارية2019
7كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم تحت 23بطولة قارية2019
8بطولة العالم للكرة الطائرة للناشئات تحت 18بطولة دولية2019
9بطولة العالم لكرة اليد للرجالبطولة دولية2021
10كأس العرب للمنتخبات تحت 20 سنةبطولة اقليمية2021
11كأس العرب لكرة الصالاتبطولة اقليمية2021
12بطولة العالم للجمباز الفني بطولة دولية2021
13بطولة العالم للرماية بطولة دولية2021
14بطولة العالم للسلاحبطولة دولية2022
15كأس الأمم الإفريقية لكرة اليدبطولة اقليمية2022
16كأس الأمم الإفريقية تحت 20 بطولة اقليمية2023
17البطولة العربية المدرسية لكرة القدم والسباحةبطولة اقليمية2023
18البطولة الأفريقية للشراعبطولة اقليمية2023

مشروعات البنية التحتية الرياضية 

كان ملاحظا أن الدولة المصرية بدأت منذ عام 2016م في اتباع أسلوب استثماري رشيد، هدفه عدم الضغط على الموارد العامة للخزانة في حال الفوز بتنظيم البطولات العالمية الكبرى، حيث عملت منذ ذلك التاريخ على تقوية ودعم محور البنية التحتية الرياضية وفق خطة مجدولة ومرحلية، ولقد كانت البداية من خلال تطوير المرافق الرياضية في مدينة القاهرة، لذلك قامت الدولة بتشييد وتطوير 3 صالات رياضية في العاصمة المصرية، وهو ما ساهم في رفع الطاقة الاستيعابية للمنشآت الرياضية في المدينة بأكثر من 20,000 مشجع. 

كما بدأت الدولة منذ عام 2017م في تشييد مدينة مصر الرياضية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهي مجمع رياضي عالمي يضاهي المدن الأوليمبية في الدول المتقدمة من ناحية المساحة والإمكانيات. حيث تقع مدينة مصر الرياضية على ما يفوق 3 كيلو متر مربع من الأرض، ويوجد بها أكثر من 20 منشاة رياضية متنوعة بين ملاعب وصالات مغطاة وحمامات سباحة، بالإضافة إلى منشآت فندقية خاصة بإقامة الفرق الرياضية المشاركة في المنافسات. 

 وينتظر فور إكمال تلك المدينة أن تزيد الطاقة الاستيعابية للمنشآت الرياضية في القاهرة الكبرى بأكثر من 120,000 مقعد، لكن هذا العدد من المقاعد سيحتاج إلى الزيادة خلال الفترة القادمة، خاصة مع وجود طموحات مصرية باستضافة أولمبياد 2036، لذلك لا بد للدولة أن توفر منشآت أوليمبية بها العدد الكافي من المقاعد لكل اعداد الزوار المتوقع وصولهم إلى تلك البطولة، لتجنب حدوث تكدسات بأماكن المباريات.

كما يمكن الإشارة في هذا الصدد إلى بعد آخر مفاده أن تنسيق البطولات لا يقف عند تشييد الملاعب ومناطق المنافسات، بل إن عدد السائحين القادمين بهدف حضور المباريات قد يضطر الدولة إلى التفكير بحلول غير تقليدية لتوفير أماكن الإقامة، ووسائل التنقل المناسبة، والخدمات المختلفة التي ستحتاجها هذه الجموع الغفيرة، والتي يبلغ متوسط عددها في بطولات الأولمبياد مثالا 750,000 سائح، وهو ما يدفع بضرورة تكامل خطط الدولة المتعلقة بقطاعي النقل والسياحة، مع خطط الموضوعة والجارية لتطوير البنية التحتية الرياضية. 

ختاما، يمكننا الإيجاز أن الدولة المصرية ماضية بعزم لتطوير القطاع الرياضي الوطني، وذلك لما سيعود على مستقبل أبنائها من منافع، فممارسة الرياضة سبب في تقوية صحة النشء الجديد، كما أنها داعم لتعزيز أخلاقيات التنافس الشريف وروح التعاون بين أفراد المجتمع، كما شهد العالم على مدار السنوات الأخيرة تغيرات نوعية في طبيعة إدارة العمل الرياضي، حتى تحولت صناعة الرياضة إلى رافد جديد من روافد التنمية الاقتصادية، ولا يمكن مصر في هذا الصدد أن تترك تلك الفرصة دون استغلال فمصر لديها أكثر من 100 ألف لاعب في مختلف الرياضات، كما أن بها أكثر من 60 اتحادا رياضيا، وتعتبر الدولة المصرية أعرق دول الإقليم في مجال الرياضة، ولها خبرتها التاريخية الدولية المميزة بجميع المحافل الرياضية العالمية.         

مصطفى عبد اللاه

باحث ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى