مراكز أخرى

مركز “بيجن – السادات” يحذر من احتمالية انخراط إسرائيل في حرب إقليمية بسبب “حزب الله”

عرض- هبة شكري

حذر مركز “بيجن/ السادات” في إسرائيل من احتمالية انخراط “إسرائيل” في حرب إقليمية بسبب تطوير حزب الله لقدراته خلال الأعوام الأخيرة.

ودعا الجنرال جيرشون هاكوهين، الذي خدم في جيش الدفاع الإسرائيلي لمدة 42 عامًا، كما قاد القوات في معارك ضد مصر وسوريا، في تقرير نشره المركز ،  إلى ضرورة الحرص على جاهزية الجيش الإسرائيلي لسيناريو اندلاع حرب تتعدد فيها جبهات القتال.

وجاء نص المقال كالآتي:

كانت حرب لبنان الثانية هي آخر حرب استطاعت فيها إسرائيل التركيز في القتال على جبهة واحدة، لذلك، فقد تكون الحرب القادمة حرباً إقليمية. وبالتالي، سيتطلب هذا التحول الاستراتيجي زيادة كبيرة في ترتيب قوات جيش الدفاع الإسرائيلي وإعداد الجمهور الإسرائيلي لهذا النوع من الحرب التي لم تشهدها إسرائيل منذ “حرب الاستقلال”.

كان قرار الحكومة الإسرائيلية بشن هجوم بري في اليومين الأخيرين من حرب لبنان الثانية عام 2006 مثيراً للجدل. لكن على الرغم من ذلك، يبدو أن الهجوم قد ساهم في إحداث استقراراً على الجبهة اللبنانية نسبياً منذ ذلك الحين، حيث أدرك قادة حزب الله أهمية الخطوة، فأي مناورة من شأنها أن تطوق معظم قوات التنظيم، وبسبب إدراك ذلك، وافق حزب الله على وقف إطلاق النار بشكل فوري.

بشكل عام، استخلص حزب الله الدروس من التجربة سريعاً، وفي هذا الإطار، يمكن تحديد أربعة اتجاهات للتنظيم فيما يخص إعادة التقييم المنهجية:

  • تعزيز القدرات القتالية في القرى والمحميات الطبيعية والمناطق الجبلية، بما في ذلك أنظمة الدفاع في الغابات الجبلية والتحصينات تحت الأرض في القرى والأنظمة المتنقلة المضادة للدبابات بالإضافة إلى نظام الحريق.
  • انتشار القوات والعتاد في جميع أنحاء لبنان حتى بيروت، بما في ذلك وادي لبنان، بطريقة تمنع الجيش الإسرائيلي من محاصرة قوات حزب الله بسهولة جنوب نهر الليطاني.
  • التكثيف الكمي والنوعي للقوة الصاروخية. حيث قُدَّرت القوة الصاروخية لحزب الله عشية حرب لبنان الثانية، بأقل من 15000 صاروخ، ومنذ ذلك الحين، توسع التنظيم من حيث النوعية والكمية. إذ تقدر الترسانة الآن بأكثر من 150.000 صاروخ، مما يمنحها فرصة كبيرة للبقاء حتى لو نجح الجيش الإسرائيلي، كما فعل في عام 2006، في تدمير بعض مجموعات صواريخ حزب الله في غارة جوية استباقية.
  • حشد قوات الكوماندوز لاستخدامها في هجوم أمامي على البلدات والقرى الحدودية الإسرائيلية وكذلك النقاط الإستراتيجية الرئيسية على طول خط المواجهة. وبالإضافة إلى التأثير النفسي الهائل لتلك الأعمال، التي لم يسبق حدوثها منذ حرب الاستقلال عام 1948، فقد كان الهدف منها تعطيل وتأخير هجوم بري على لبنان.

في الواقع، تدرك هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي والقيادة الشمالية جيداً تلك التحولات فيما يخص تصور حزب الله للصراع والحاجة إلى التكيف معه. لذلك، فيتوقع أن تكون الحرب القادمة على الجبهة اللبنانية تحديًا جديدًا وخطيرًا لكل من الجيش الإسرائيلي ومواطني إسرائيل.

تصور حزب الله للحرب

اندلعت حرب عام 2006 في خضم عملية الحشد والانتشار التي بدأ فيها حزب الله بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي في مايو 2000 من جنوب لبنان. حيث بُني منطق حزب الله للحرب، المستوحى من سوريا وإيران، على ثلاث ركائز:

  • استمرار إطلاق النار في جميع النطاقات الممكنة من المصفوفات المموهة والحفريات المعدة مسبقًا. وكان الهدف من ذلك هو إلحاق الضرر بالجبهة الداخلية الإسرائيلية المدنية والعسكرية بشكل عام والممتلكات والمنشآت الاستراتيجية بشكل خاص.
  • نشر القدرات الدفاعية متعددة الأبعاد في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك تحت الأرض، للاستجابه بقوة على أي هجوم من تشنه قوات جيش الدفاع الإسرائيلي لإحداث ارتباك وعدم وضوح فيما يتعلق بالغرض من الهجوم.
  • شن مداهمات للأراضي الإسرائيلية عبر الجبهة بطريقة تتطلب من جيش الدفاع الإسرائيلي بذل جهد دفاعي مستمر للدفاع عن العمق الإسرائيلي.

وقت اندلاع الحرب، لم يكن حزب الله قد أدرك بالكامل بعد كل عناصر تلك الخطة العملياتية. في المرحلتين الأوليين، أثبتت قوات حزب الله أنها نضجت على المستوى العملي. أما المرحلة الثالثة، فكانت قوات الكوماندوز فيها لا تزال في بداية تطورها. وفي صيف عام 2006، لم يضطر الجيش الإسرائيلي للدفاع عن المحليات والبؤر الاستيطانية الحدودية الإسرائيلية.

لكن في السنوات اللاحقة، تطورت قوات كوماندوز حزب الله إلى قوة كبيرة من 10 ألوية واكتسبت خبرة قتالية غنية في القتال في سوريا. في الوقت نفسه، فإن التوسع الهائل لترسانة الصواريخ وانتشارها في جميع أنحاء لبنان، المحمي بأنظمة دفاعية صارمة من الحدود إلى بيروت، مكّن حزب الله من مواصلة القتال حتى مع خسارة جزء كبير من أراضيه وأنظمته.

من حرب الساحة إلى حرب إقليمية

على الرغم من أن بعض المعارك اندلعت في قطاع غزة، إلا أن حرب 2006 لم تتجاوز الساحة اللبنانية. فقد تم قامت القيادة الجنوبية باحتوائها من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى اهتمام هيئة الأركان العامة ومواردها. في الوقت ذاته، لم يكن لدى حماس صواريخ كافية لتعطيل الحياة في المراكز السكانية الإسرائيلية خارج غلاف غزة. لكن في أعقاب حرب 2006، أصبحت حماس تهديدًا لا مفر منه، بعد أن استوحت قوتها من حزب الله من خلال تبنيها مفهوماً حربياً مماثلا في غزة. بشكل عام، تعلم التنظيمين الإرهابيين دروسًا تنظيمية وعملياتية من عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي في غزة خلال العقد الماضي.

وقد أدى هذا التطور إلى تحول كبير في موقع إسرائيل الاستراتيجي. فمنذ التوقيع على اتفاقية السلام مع مصر عام 1979، افترضت إسرائيل أن الحرب ستندلع على جبهة واحدة. أما اليوم، فقد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة هجمات صاروخية لحزب الله على مدنها ومنشآتها الإستراتيجية، بما في ذلك قواعد سلاح الجو، بينما تواجه في نفس الوقت هجمات مماثلة من قطاع غزة.

في صيف عام 2006، تركز القتال على لبنان فقط. حيث بقيت قوات قليلة في هضبة الجولان، بسبب عدم وجود تخوف من انضمام الجيش السوري إلى الحرب. أما في الفترة الحالية، ونظراً للتهديد المتزايد من سوريا الناتج عن إنشاء ميليشيات شيعية تسيطر عليها إيران على نطاق واسع، فسيتطلب من الجيش الإسرائيلي الاستعداد للحرب على الساحة السورية وكذلك اللبنانية، وقد تجد إسرائيل نفسها محاصرة بـ “عقيدة قاسم سليماني” المتمثلة في “حلقة نارية” من الصواريخ والقذائف القادمة من جميع الاتجاهات، من لبنان إلى سوريا والعراق، بل وإيران نفسها، إلى اليمن.

ربما كانت حرب لبنان الثانية هي المرة الأخيرة التي استطاعت فيها إسرائيل أن تركز على القتال في جبهة واحدة، لكن الحرب القادمة قد تكون حرباً إقليمية. ويتطلب هذا التحول الاستراتيجي زيادة كبيرة في ترتيب قوات الجيش الإسرائيلي، فضلاً عن تجهيز استعداد الجمهور الإسرائيلي لتلك الحرب التي التي لم تشهدها إسرائيل منذ حرب الاستقلال.

+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

هبة شكري

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى