مقالات رأي

العدالة الاجتماعية والجغرافية وتمكين الإنسان المصرى

“سمكة لمن لا يقدر على الكسب، وسنارة لمن يقوى على العمل “. تلك هى رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي لفكرة “العدالة الاجتماعية “، التى أوجزها بهذه العبارة مبكراً فى الأيام الأولى لرئاسته…كانت قضية “العوز” هى شاغل الرئيس السيسي قبيل أن يصبح رئيساً، بل قبيل أن يصبح قائداً عاما للقوات المسلحة بسنوات طويلة…عوز الوطن إلى القوة والمنعة وامتلاك القدرة على بناء دولة حديثة.

وعوز المواطن إلى حقه الأصيل فى مكان لائق تحت شمس بلاده، من مصدر رزق كريم، ومسكن لائق، وخدمات ومرافق متطورة، وأن يجد أفقاً مشرقاً لأبنائه فى المستقبل.

العوز – كما يراه الرئيس – ليس هو مرادف الفقر، وإنما محصلة الفقر والعجز عن تغييره.

كان الشعب يجأر بالشكوى فى عام حكم الإخوان، ويئن من تراكمات عهود سبقت، زادت من وطأتها ممارسات نظام المرشد.

وغداة انفجار البركان المصري فى الثلاثين من يونيو 2013، أتت عبارة فى بيان الإنذار الأخير الذى صدر باسم الفريق أول عبد الفتاح السيسي، كان لها مفعول السحر فى الوجدان المصرى، حينما قال: إن هذا الشعب لم يجد من يرفق به أو يحنو عليه.

تلك العبارة فى تقديرى كانت مفتاح دخول السيسي إلى قلوب المصريين، حتى من قبل إعلان بيان الثالث من يوليو الذى أنفذ إرادة الشعب.

على مدار سبع سنوات مضت، كان القضاء على العوز هو الهدف الأسمى للمشروع الوطني المصري الذى أطلقه السيسي، وكان السبيل هو تمكين الوطن من امتلاك القدرة ، وتمكين المواطن من حقوقه الأساسية فى وطنه القوى القادر.

لست بصدد حصر ماجرى على أرض مصر خلال تلك السنوات، لكن ثمة علامات على الطريق تكشف بوضوح مسار العدالة الاجتماعية فى نهج هذا النظام الوطنى.

فى بواكير رئاسة السيسي كان هناك خطران يهددان أمن المجتمع وحياة المواطن، وهما خطر الإرهاب وقد تم حصاره واستئصال شأفته بتضحيات جسام، وخطر تفشى ” فيروس سي” فى أكباد المصريين، ولم يكن أحد يظن أن بالإمكان تطويقه أو الحد منه، غير أن الدولة استطاعت وفق خطة مدروسة وعمل هائل، أن تقضى تقريباً على هذا الخطر، وأن تباشر بعد ذلك تنفيذ عدة مبادرات رئاسية لتحقيق الوقاية ورفع مستوى الحالة الصحية للمواطنين، لا سيما من الطبقات الدنيا والفقيرة.

كان الحد الأدنى للأجور فى أعقاب ثورة ٣٠ يونيو لايتجاوز ٧٠٠ جنيه أو نحو ١٠٠ دولار بسعر الصرف فى ذلك الحين، وأصبح الآن ٢٤٠٠ جنيه أي نحو ١٥٣ دولاراً برغم تحرير سعر الجنيه أمام الدولار، بنسبة زيادة حقيقية فى الحد الأدنى ٥٣٪.

وتواصلت خطة زيادة الأجور والمعاشات خلال السنوات السبع   الماضية بمعدلات متزايدة لتصل هذا العام إلى ٧٪ للخاضعين لقانون الخدمة المدنية و١٣٪ لغير المخاطبين و١٣٪ أيضا لأصحاب المعاشات.

استحدثت الإدارة السياسية معاش تكافل وكرامة لتوفير دخل أو معاش لغير القادرين على الكسب ومن ليس لهم معاش، واتسعت مظلته لتشمل أكثر من ١٧ مليون مستفيد وزادت قيمته عدة مرات ليصل متوسطه للأسرة إلى ٥٠٥ جنيهات.

وكان من أبرز المشروعات التى استهدفت تغيير واقع سكان العشوائيات الخطرة، ممن يقيمون فى عشش الصفيح والبيوت المهددة عند سفوح المرتفعات أو فوق الصخور الآيلة للسقوط أهلى الهضاب،مشروع إنشاء ٢٠٠ ألف وحدة سكنية لقاطني هذه العشوائيات، لإسكان نحو مليون إنسان مصرى كانوا يعيشون حياة بائسة، فى مجمعات سكنية لائقة، مجهزة بكل المرافق والخدمات، وحصلت كل أسرة فى القاهرة والمحافظات من قاطني العشوائيات الخطرة على شقة مزودة بالأثاث والفرش والأجهزة الكهربائية مجاناً.

أما عن بطاقة التموين ، فقد زاد نصيب الفرد فى البطاقة عدة مرات ليرتفع من١٨ جنيهاً إلى ٥٠ جنيهاً ، لمعاونة الأسر المتوسطة ومحدودة الدخل والفقيرة فى مواجهة أعباء الحياة. 

المشروع الأعظم لهذا النظام الوطني، وهو مشروع “حياة كريمة “، لا يستهدف فقط العدالة الاجتماعية بين طبقات الشعب، وإنما أيضاً تحقيق مبدأ العدالة الجغرافية المفتقد بين حصر مصر وريفها الذى عاش عقوداً فى زاوية الإهمال والتهميش. فمع انتهاء هذا المشروع فى غضون ٣ سنوات سيكون قد تم تطوير كل قرى مصر وتوابعها من جميع النواحى بتكلفة تزيد عن ٧٠٠ مليار جنيه، لإحداث نقلة حقيقية فى حياة سكان الريف الذى يضم ٥٨٪ من سكان البلاد.

هذه الجمهورية الجديدة التى تولد من رحم المشروع الوطنى المصرى، عمادها الرئيسى القضاء على العوز، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى