“خط بري لنقل الركاب بين مصر والأردن والعراق”.. فوائد اقتصادية وتعميق للعلاقات

لسنا بحاجة للتأكيد على عمق العلاقات الدائمة والمستمرة بين مصر والدول العربية، فالقيادة السياسية الحالية دائمًا تحرص على تقديم كافة أوجه الخدمات والتيسيرات من خلال بروتوكولات تعاون مشترك للتيسير على الحكومات والشعوب العربية.

فقد تم تدعيم حركة النقل والتجارة بين مصر والدول العربية؛ حيث التقى وزير النقل كامل الوزير- بالسفير أمجد العضايلة سفير الأردن بالقاهرة؛ مؤخرا، لبحث سبل دعم التجارة بين البلدين من خلال تذليل جميع العقبات في موانئ الوصول وتسهيل  نقل المنتجات المصرية إلى الأردن ومنها إلى الدول العربية مثل العراق وسوريا وكذلك ضرورة تطوير شركة الجسر العربي (المملوكة لمصر والأردن والعراق) وفتح أسواق جديدة لها لخدمة حركة التجارة بين الدول الثلاث ودول شرق أفريقيا.

وهذه الجهود ليست وليدة اللحظة ولكنها نتيجة جهود مستمرة قامت بها القيادة السياسية، ففي أغسطس 2020 عقدت قمة ثلاثية بالعاصمة الأردنية عمان بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعاهل المملكة الأردنية الملك عبد الله الثاني، ورئيس وزراء العراق السيد مصطفى الكاظمي، تناولت سبل تعزيز التعاون الثلاثي المشترك في مختلف المجالات بين الدول الثلاث، خاصة تلك التي تتعلق بالطاقة والربط الكهربائي والبنية الأساسية والغذاء، فضلًا عن التشاور والتنسيق بشأن مستجدات الأوضاع السياسية والأمنيةً في المنطقة، وجهود مكافحة الإرهاب.

كما تناول الزعماء الثلاثة، أوجه تعزيز مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وذلك بهدف تأسيس مرحلة قادمة من التكامل الاستراتيجي بين الدول الثلاث، قائمة على الأهداف التنموية المشتركة. وأكد الرئيس السيسي خلال القمة على استعداد مصر لتقديم تجربتها وخبرتها في كافة المجالات لأشقائها في الأردن والعراق وكذلك إقامة مشروعات تنموية مشتركة محددة.

ومن قبلها في مارس 2019 عقدت قمة ثلاثية في القاهرة بين الدول الثلاث (القاهرة، والعراق، والأردن).

معلومات عن الخط البري لنقل الركاب بين مصر والأردن والعراق

البروتوكول الموقع بين الدول الثلاث من خلال جهاز تنظيم النقل البري الداخلي والدولي وشركة الاتحاد العربي “السوبر جيت” من الجانب المصري وكلًا من شركتي “جيت” الأردنية و”الوفود والمسافرين” العراقية الخاصة لتسيير خط نقل بري بين الدول الثلاث يبدأ من القاهرة مرورًا بعمّان وصولًا إلى بغداد والعكس، وذلك بسعر تذكرة للراكب مقدارها 130 دولارًا شاملة سعر العبارة بين مينائي نويبع والعقبة.

ويهدف هذا الخط إلى تسهيل التنقل بين الدول الثلاث وحركة العمالة المصرية لهذه الدول وحركة الطلاب والدارسين من هذه الدول إلى مصر.

علمًا بأن الحجز في مصر يتم من خلال شركة “الاتحاد العربي سوبر جيت” من خلال مكاتب الشركة المختلفة بأنحاء الجمهورية، وأن كافة مواعيد الرحلات والاستفسارات متاحة على الموقع الإلكتروني للسوبر جيت على الرابط التالي Www.superjet.com.eg

أهمية إنشاء خط بري للدول الثلاث

يهدف الخط البري إلى تسهيل التنقل بين الدول الثلاث وحركة العمالة المصرية لهذه الدول وحركة الطلاب والدارسين من هذه الدول إلى مصر. كما تنبع أهميته من تسهيل التبادل التجاري، وأيضًا تسهيل نقل الخبرات التنموية في مجالات النقل؛ إذ تطرقت المناقشات إلى التعاون في مجال السكك الحديدية فأشاد السفير الأردني بالتطور الكبير الذى تشهده مصر في هذا المجال، معربًا عن رغبته في التعاون المشترك في مجال التدريب للطلاب والفنيين والمهندسين بمعهد وردان للسكك الحديدية، وهو ما رحب به وزير النقل مؤكدًا أن هذا المعهد صرح تعليمي تدريبي ضخم يضاهي المعاهد الموجودة بالدول المتقدمة، وأن هيئة سكك حديد مصر على استعداد تام لتدريب الأشقاء الأردنيين وكافة الأشقاء العرب في هذا المجال.

وأوضح وزير النقل المصري أنه تم بحث موضوع له أهمية كبيرة في مجال التعاون بين البلدان الثلاثة وهو تنظيم حركة تنقل الركاب بريًا بين هذه الدول، سواءً من خلال إنشاء شركة الجسر العربي للنقل البري على غرار شركة الجسر العربي للملاحة أو من خلال تكامل شركات النقل البري الموجودة في كل دولة مع بعضها ومع شركة الجسر العربي للملاحة للوصول إلى منظومة نموذجية لتسهيل نقل الركاب بين الدول الثلاث  بتذكرة موحدة .

وتسعى مصر إلى رعاية شركة الجسر العربي التي تساهم في مد جسور التعاون بين الدول الثلاث؛ كون هذه الشركة البوابة التجارية التي تربط آسيا العربية بأفريقيا العربية، ولها دور كبير في الحركة التجارية بين هذه الدول، وذلك تنفيذًا لتوجيهات القمة الثلاثية لقادة الدول الثلاث، حيث إن هذه البوابة التجارية تساعد على تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث.

العلاقات الحالية بين مصر والأردن

العلاقات المتبادلة بين مصر والأردن هي روابط قوية ومستقرة على مدار التاريخ، ومؤخرًا تم تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين مصر والأردن والتأكيد على تعزيز التنسيق بين البلدين في مجالات عديدة منها: تعزيز وتطوير المناطق الصناعية المشتركة، والتعاون في قطاعات الطاقة والبنية التحتية وإعادة الإعمار وغيرها من قطاعات التعاون التنموي، بالإضافة إلى زيادة التبادل التجاري وتعزيز الاستثمارات المشتركة وتطوير علاقات التعاون الثقافي فيما بينهم.

بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات تجارية ثنائية وإقليمية مشتركة، من أهمها اتفاقية التبادل التجاري الكبرى التي تشمل عدة بلدان عربية “منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى”، واتفاقية التبادل التجاري الثنائي، بالإضافة إلى التعاون المشترك في قطاعات صناعة الدواء وتسويقه، وأيضًا البرامج السياحية المشتركة، وزيادة حجم الصادرات الزراعية المصرية للأردن. إضافة إلى مجالات الضرائب، والبناء والتشييد، والقوى العاملة، والتدريب المهني والفني، والنقل البري والجوي، والمجالات العلمية والثقافية، بجانب زيادة الصادرات المصرية إلى السوق الأردنية، وزيادة صادرات الأردن إلى السوق المصرية؛ حيث يوجد ما يقرب من ٢٠٠٠ شركة أردنية تعمل في مصر باستثمارات تقترب من ٢ مليار دولار، ووصلت الاستثمارات المصرية في الأردن إلى أكثر من مليار دولار من خلال 499 شركة.

العلاقات الحالية بين مصر والعراق

العلاقات المتبادلة بين مصر والعراق هي علاقات قوية على مدار التاريخ، وتم تعزيز العلاقات في الوقت الراهن بين الدولتين على كافة المحاور والمجالات من خلال تعزيز الاستثمار بين البلدين وتدريب عدد من الكوادر العراقية في مراكز خدمات المستثمرين بمصر، ومشاركة مصر من خلال شركات المقاولات المصرية في إعادة إعمار العراق، خاصة وأن العراق يعاني عجزًا في مجال الإسكان يقدر بنحو 3 ملايين وحدة سكنية.

وبلغ حجم التبادل التجاري المشترك بين البلدين في عام 2019 ما يقرب من 486 مليون دولار، إذ تبلغ الصادرات المصرية إلى العراق 479 مليون دولار، وبلغت الواردات المصرية من العراق 7 ملايين دولار. وأيضًا سيتم فتح معارض للمنتجات المصرية بالأسواق العراقية، وعلى الجانب الآخر سيتم تدريب العاملين العراقيين على أنشطة التعدين والاستخدام الأمثل للمعادن. وأيضًا نقل الخبرات المصرية في مجال الكهرباء عن طريق تصنيع الكابلات وإنشاء محطات إنتاج الكهرباء، وتصنيع العدادات الحديثة للعراق. هذا بالإضافة إلى إمكانية تصدير مصر للكهرباء إلى العراق

ومن المنتظر أيضًا أن يتم التعاون في المجال الزراعي عن طريق تدريب الكوادر العراقية بمصر بالإضافة إلى تطلع الدولتين إلى إنشاء لجنة فنية زراعية مصرية عراقية للتنسيق بين الدولتين، والتعاون في مجال البحث العلمي الزراعي وتبادل الخبرات في مجال التلقيح الاصطناعي، والتعاون في مجال إنتاج وتصدير التقاوي والمبيدات والأسمدة واللقاحات البيطرية. وقد وُقّع برنامج تنفيذي بين الدولتين في مجال التعليم العالي في الفترة من2020 -2022 ويتضمن تبادل أعضاء هيئة التدريس في مختلف التخصصات لنقل الخبرة المصرية إلى العراق في مجال البحث العلمي، بالإضافة إلى التطلع إلى زيادة عدد الدارسين العراقيين في مصر؛ فهناك نحو 22 ألف طالب عراقي في مصر بمرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا. هذا بالإضافة إلى التعاون والتعزيز الأمني المشترك في مجال مكافحة الإرهاب.

ووفقًا لما سبق يتضح أهمية الخط البري لنقل الركاب بين مصر والأردن والعراق في تعميق أواصر الترابط في جميع المجالات ليس فقط بين الدول الثلاث ولكن أيضًا بين العديد من الدول العربية.