رسائل مصرية في اليوم العالمي للخدمة العامة
يحمل يوم “23 يونيو” أهمية عالمية، حيث تحتفل الأمم المتحدة بيوم الخدمة العامة. ومن منطلق أن موظفو الخدمة العامة هم العمود الفقري للإدارة في أي دولة، تنظم الأمم المتحدة منتدى الخدمة العامة احتفالًا بهذا اليوم من كل عام منذ عام 2003. وسيقام المنتدى هذا العام، وهو الحدث الدولي الأكثر شهرة في مجال الخدمة العامة حيث يجتمع قادة العالم، في مدينة سونغدو- بإنتشون بجمهورية كوريا الجنوبية، لمدة ثلاثة أيام في الفترة من 24 إلى 26 يونيو. وسيشارك في المنتدى حوالي 2000 شخص، بما في ذلك كبار المسؤولين من أكثر من 100 دولة. وسيكون شعار منتدى الأمم المتحدة للخدمة العامة لعام 2024 هو “تعزيز الابتكار في ظل التحديات العالمية: منظور القطاع العام”.
تعد هذه الفترة بمثابة منصة حيوية لـ: الاحتفال بمساهمات موظفي الخدمة المدنية في المجتمع. وتسليط الضوء على التحديات والفرص التي تواجه الخدمات العامة على مستوى العالم. والدعوة إلى إنشاء مؤسسات خدمة عامة أقوى وأكثر فعالية. وتشجيع الابتكار والتعاون لتحسين تقديم الخدمات العامة.
وفي هذا اليوم المخصص للاعتراف بقيمة الخدمات العامة والأفراد الذين يساهمون فيها، والدور الحاسم للخدمات العامة في تحسين مجتمعنا، ومن منطلق إدراك الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه بدون الخدمة العامة أو الإدارة العامة، من المستحيل تحقيق الديمقراطية والحكم الناجح؛ وجّه الرئيس السيسي التحية لكل من يؤدي مهام وظيفته بالشرف والجدية والإخلاص، ودعا العاملين بالجهاز الإداري للدولة لتجديد العزم على خدمة وطننا العزيز ومواطني مصر الكرام، وأكد على استمرار دعمه لمسيرة التطوير الشامل للجهاز الإداري للدولة على مستوى: كفاءة الموارد البشرية والتحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات، كأحد أهم سبل الدولة المصرية لبناء نهضتها وتحقيق التنمية الشاملة.
تاريخ يوم الخدمة العامة
يعود تاريخ يوم الخدمة العامة للأمم المتحدة إلى عام 2003 عندما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم. وفيما يلي التسلسل الكامل للأحداث المتعلقة بيوم الخدمة العامة:
- في 20 ديسمبر 2002، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23 يونيو يوم الخدمة العامة للأمم المتحدة، بعد اعتماد القرار 57/277. وبعد عام، في 23 يونيو 2003، تم الاحتفال بيوم الخدمة العامة لأول مرة في العالم.
- في عام 2003، قدمت الأمم المتحدة برنامج جوائز الأمم المتحدة للخدمة العامة لتعزيز الاعتراف بهذا اليوم المهم وتسليط الضوء على قيمة الخدمة العامة.
- في عام 2016، تمت مراجعة البرنامج لاحقًا، ليتماشى مع خطة التنمية المستدامة 2030.
- منتدى الأمم المتحدة للخدمة العامة هو حدث عالمي مهم يركز على بناء القدرات في مجال الحوكمة العامة.
- وتقوم إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة بتنظيم هذا المنتدى سنويًا بالتعاون مع الدولة المضيفة.
- ويعمل المنتدى كمنصة لإجراء ورش عمل لتنمية القدرات، واستضافة حفل توزيع جوائز الأمم المتحدة للخدمة العامة، وتسهيل عقد المائدة المستديرة الوزارية.
- من خلال هذه المبادرات، تهدف الأمم المتحدة إلى تعزيز نمو وتطور الخدمة العامة من خلال تشجيع أفضل الممارسات، والاعتراف بالتميز، وتسهيل تبادل المعرفة بين البلدان والمنظمات.
أهمية يوم الأمم المتحدة للخدمة العامة
يحتفل يوم الأمم المتحدة للخدمة العامة بالتزام الموظفين العموميين ويلهم الشباب للمشاركة في الخدمة العامة من خلال تولي مناصب حكومية. ولهذا السبب يعتبر يوم الخدمة العامة يومًا مهمًا حيث:
- أصدرت منظمة العمل الدولية (ILO) معاهدة علاقات العمل (الخدمة العامة)، عام 1978 (اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 151)، لتنظيم ظروف العمل لجميع موظفي الخدمة المدنية في جميع أنحاء العالم.
- نتيجة لذلك، يتم الاحتفال بيوم الأمم المتحدة للخدمة العامة لتكريم قيمة وفضيلة الخدمة العامة.
- يوم الخدمة العامة يغرس الشعور بالمسؤولية لدى الجمهور فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والسلوك المدني.
الدول الحائزة على جوائز الخدمة العامة
تُعد جوائز الأمم المتحدة للخدمة العامة 2024 “UNPSA” اعترافًا دوليًا سنويًا بالتميز في الخدمة العامة ومكافأةً للخدمات العامة من خلال تحديد ومكافأة الإنجازات المبتكرة والمتميزة للكيانات العامة. والهدف من جوائز الخدمة العامة هو دفع مسؤولي الخدمة العامة إلى أن يصبحوا أكثر كفاءة واستيعابًا في الإدارة العامة. وهذا العام، سيتم تكريم 15 حكومة وسلطة محلية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك حكومة منطقة سيول، بجوائز الأمم المتحدة للخدمة العامة لعام 2024 لتقديمها المبتكر للخدمات العامة.
وقد أُطلقت هذه الجوائز السنوية في عام 2003، وتهدف إلى تعزيز الفعالية والشفافية والشمولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وتسلط الجوائز الضوء على الإنجازات والمساهمات الإبداعية للمؤسسات العامة في معالجة الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمجتمع.
وعلى مدى العقدين الماضيين، جمعت الجوائز أكثر من 500 مبادرة عالمية، مما يبرز الدور الحيوي للابتكار في الخدمة العامة في تعزيز التنمية المستدامة والشمول.
سيُقام حفل توزيع الجوائز هذا العام يوم الأربعاء، وهو اليوم الأخير من منتدى الخدمة العامة للأمم المتحدة، الذي ستستضيفه كوريا الجنوبية من يوم الاثنين إلى يوم الأربعاء. سيُعقد المنتدى في سونغدو، إنتشون، وسيجمع بين المسؤولين الحكوميين والأوساط الأكاديمية لمناقشة سبل تحويل القطاع العام والابتكار فيه، مع التركيز على التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
وقد أعلن منظمو جائزة الأمم المتحدة للخدمة العامة، اليوم الأحد، عن قائمة الفائزين: وستُقدم الجوائز في ثلاث فئات: الابتكار في المؤسسات العامة، والخدمات العامة المستجيبة للنوع الاجتماعي، ومعالجة تغير المناخ.
وفيما يلي تسعة فائزين وستة جوائز شرفية طبقوا حلولًا جديدة لتقديم الخدمات للجمهور مع تعزيز أهداف التنمية المستدامة:
أولًا- الابتكارات في المؤسسات العامة:
- تعد بلدية ساو باولو في البرازيل من بين الفائزين الخمسة في فئة الابتكار في المؤسسات العامة، حيث تم الاعتراف بمركز Libras Intermediation Center (CIL)، الذي يساعد الأشخاص الصم على التواصل بلغة الإشارة البرازيلية (Libras) عند الوصول إلى الخدمات العامة البلدية.
- حصلت وزارة الشؤون الاقتصادية والعمل المناخي الاتحادية في ألمانيا على الجائزة عن بوابة BQ، وهي عبارة عن منصة عبر الإنترنت لتبادل العمل والمعرفة تجمع المعلومات ذات الصلة بالمؤهلات المهنية الأجنبية وأنظمة التدريب المهني.
- حصلت مستشارية الدولة في لاتفيا على جائزة عن بوابتها الموحدة لتطوير وإقرار مشاريع القوانين. يدير نظام الحكومة الإلكترونية هذا مشاريع القوانين من التصميم الأولي إلى الاعتماد ويوفر منصة مركزية لجميع الهيئات الحكومية ويتيح التشاور مع أصحاب المصلحة بشأن مشاريع القوانين.
- حصلت حكومة كيب الغربية في جنوب أفريقيا على التكريم لتحولها الرقمي المرتكز على المواطن، والذي يسمح للمواطنين بالوصول إلى الخدمات الحكومية من خلال مشاريع البنية التحتية الرقمية مثل نقاط اتصال Wi-Fi العامة المجانية والنطاق العريض في المدارس والمكتبات والمستشفيات.
- تم تكريم جامعة شولالونغكورن التايلاندية، بالتعاون مع مختلف الدوائر الحكومية، لرؤيتها الأكاديمية في إجراءات الاستجابة للوباء، والتي تمكنت من خلالها من تطوير نظام جديد للكشف المبكر عن تفشي الأمراض بناءً على تحليل مياه الصرف الصحي.
- وعن الجوائز الشرفية الثلاث في هذه الفئة، فقد شملت: مكتب الاستشارة العليا للمنطقة في كولومبيا لتحسين تجربة المستخدم في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجموعات الرعاية، والحكومة الإقليمية في مانابي في الإكوادور عن ابتكارات مانابي التعاونية 2030، وهيئة الحكومة الإلكترونية في تنزانيا عن e-Mrejesho، وهي منصة تركز على عملية تلقي شكاوى المواطنين واستفساراتهم وردود أفعالهم.
ثانيًا- الخدمات العامة المستجيبة للنوع الاجتماعي:
- كانت حكومة مدينة سيول في كوريا الجنوبية هي الفائز الوحيد في فئة الخدمات العامة المستجيبة للنوع الاجتماعي. وقد نالت التقدير لسياستها الشاملة لمكافحة الجرائم الجنسية الرقمية، والتي تتألف من ثلاث استراتيجيات محددة، بما في ذلك نظام دعم شامل للضحايا.
- تشمل الجوائز الشرفية الثلاثة التي حصلت عليها بلدية سلفادور في البرازيل عن مشروعها “مارياس في البناء”، الذي يساعد النساء ضحايا العنف على دخول سوق العمل، مع التركيز على البناء المدني؛ وحكومة مدينة سيمارانج في إندونيسيا عن نهجها المبتكر في مجال المساواة في الحقوق في مجال صحة الأم والطفل؛ وخطة عمل وزارة الدفاع الوطني البرتغالية، التي تؤسس لمنظور النوع الاجتماعي داخل الدفاع الوطني.
ثالثًا- معالجة تغير المناخ:
- حصلت وزارة البيئة والغابات الإندونيسية على الجائزة عن نظام معلومات بيانات مؤشر الضعف (SIDIK)، والذي يوفر البيانات والمعلومات حول ضعف المناخ والمخاطر حتى مستوى القرية في جميع أنحاء إندونيسيا.
- حصلت أمانة عمان الكبرى في الأردن على جائزة عن مشروعها لإعادة تأهيل المناطق الحضرية الذي يهدف إلى تحسين الظروف المعيشية في المناطق المحرومة في عمان. ويهدف المشروع إلى إدخال عناصر البنية التحتية الخضراء في مواقع مختارة في شرق عمان لتعزيز نوعية حياة السكان من خلال المشاركة المجتمعية في البحث وتصميم وإدارة شبكات البنية التحتية الخضراء الجديدة أو المعاد إحياؤها.
- حصلت بلدية لوزا البرتغالية على جائزة عن مبادرتها See H2O، التي تنفذ رؤية جديدة لإدارة المياه في سياق حضري. تهدف هذه الاستراتيجية البلدية إلى إضافة قيمة إلى موارد المياه طوال الدورة الحضرية في بلدة تقع على أطراف لشبونة.
خطوات مصر في الخدمة العامة
عكفت الإدارة المصرية خلال العشر سنوات الماضية على بناء خدمة عامة جاهزة للمستقبل؛ إذ أدركت ضرورة وجود برنامج وطني لبناء قدرات موظفي الخدمة المدنية، يعمل على الإصلاح الشامل وبناء القدرات على المستويات الفردية والمؤسسية والعملية، من أجل تقديم خدمات عامة فعالة، والسعي في تطبيق الحد الأقصى للحوكمة من خلال اتباع الكفاءة والشفافية والحكم الرشيد، وذلك من خلال الخطوات التالية:
- مكافحة الفساد:
تعمل الدولة المصرية جاهدةً على تفعيل المادة 218 لسنة 2014 التي تنص على التزام الدولة بمكافحة الفساد والتزام الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحته، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية؛ ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العامة، ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية.
ومن أجل الحد من الفساد، عملت الدولة على تشريع قوانين وأنظمة تجرم أفعالاً محددة، وتعاقب مرتكبيها، ووضعت استراتيجيتين لمكافحة الفساد؛ بهدف: تطوير جهاز إداري كفء وفعال، وتقديم خدمات عامة ذات جودة عالية، وتفعيل آليات الشفافية والنزاهة، وتطوير البنية التشريعية الداعمة لمكافحة الفساد، وتحديث الإجراءات القضائية تحقيقًا للعدالة الناجزة، ودعم جهات إنفاذ القانون للوقاية من الفساد ومكافحته، وزيادة الوعي المجتمعي بأهمية الوقاية من الفساد ومكافحته، وتفعيل التعاون الدولي والإقليمي في منع ومكافحة الفساد، ومشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في منع الفساد والوقاية منه.
هذا بالإضافة إلى تأسيس الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من هيئة الرقابة الإدارية وفقًا للقانون رقم 207 لسنة 2017؛ بهدف تحقيق التميز في مجال الدراسات والبرامج التدريبية، وتطوير البحوث وابتكار حلول جديدة للحد من ظاهرة الفساد.
وبالإضافة إلى هيئة الرقابة الإدارية، فإن مصر تتعدد لديها الأجهزة الرقابية ومنها: الجهاز المركزي للمحاسبات، والهيئة العامة للرقابة المالية، والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وهيئة الرقابة والبحوث الدوائية، وهيئة الرقابة على المصنفات الفنية، ومصلحة الرقابة الصناعية، وكل تلك الأجهزة تهدف في الأساس إلى مكافحة الفساد في شتى المجالات.
- التعاون الدولي في مجالات الحوكمة:
استعانت الإدارة المصرية بأفضل الممارسات العالمية في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فقررت التعاون مع دولة إستونيا للاستفادة من تجربتها في رقمنة الخدمات الحكومية، بعد نجاحها في التحول إلى دولة رقمية وإتاحة الخدمات الإلكترونية في عدة مجالات، ومن أبرزها: التصويت الإلكتروني، ومجلس الضرائب الإلكترونية، والأعمال الإلكترونية، والخدمات المصرفية الإلكترونية، والتذكرة الإلكترونية، والتعليم الإلكتروني.
وتعتزم الدولة المصرية الاستعانة بالتجربة الإستونية كذلك في مجال التحول الرقمي، حيث تُعد من أكثر المجتمعات الرقمية تطورًا في العالم، لا سيما المتعلقة بالهوية الرقمية، والسياسات والقوانين التنظيمية لتحقيق التحول الرقمي، وحوكمة البيانات. هذا بالإضافة إلى تعاون مصر وإستونيا في مجال تكنولوجيا الأمن السيبراني، فإستونيا تعد دولة رائدة في هذا المجال، ويشمل التعاون أنشطة فريق الاستجابة للطوارئ الحاسوبية، وتبادل المعلومات حول سياسات الأمن السيبراني السائدة وأفضل الممارسات، بالإضافة إلى التعاون في بناء القدرات.
وبهذا تكون مصر في طريقها إلى رقمنة جميع الخدمات المقدمة للمواطنين في الدولة، حيث رصدت مصر في ميزانية 2020- 2021 نحو 13 مليار جنيه لدعم جهود التحول الرقمي ومكافحة الفساد، مما يقلل من تدخل العنصر البشري في الخدمات المقدمة للمواطنين، من خلال معايير وآليات تضمن توفير أكبر قدر من النزاهة والشفافية والحيادية، ويُغلق بشكل عام أوجه استغلال المواطنين عن طريق الرشوة أو الفساد في تقديم الخدمات والمرافق.
وشهدت مصر إنشاء “مجمع الإصدارات المؤمنة والذكية” الذي يعد الأحدث في تصنيع وإصدار كافة الوثائق والمحررات المؤمنة والذكية والبيومترية ومكوناتها، والنظم المعلوماتية للوزارات والهيئات والمصالح وكافة الأجهزة الحكومية وهيئاتها. وتتمكن الدولة، من خلال الهوية الرقمية المؤمنة، من إنشاء علاقة فردية مع المواطنين للتأكد من حصولهم على حقوقهم كاملة وفقًا لمجتمع “رقمي آمن” يستخدم أحدث الأدوات التكنولوجية لضمان جودة وكفاءة الخدمات الحكومية المقدمة، مما يعزز الثقة في المجتمع.
وفرت الدولة كذلك عدة وسائل لتقديم الشكاوى عبر الإنترنت من أي موقع جغرافي، ويأتي في مقدمتها “البوابة الإلكترونية لمنظومة الشكاوى الحكومية الموحدة”، والتي تعد إحدى خطوات تطبيق برامج التحول الرقمي الذي تتبناه كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها، للارتقاء بجودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن؛ إذ إنها تمكن المواطن من تتبع الشكوى عبر الإنترنت مع الإدارات المعنية والرد عليها خلال فترة محددة.
- قانون الخدمة المدنية:
بعدأكثر من 200 تعديل على قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 المنشور في الجريدة الرسمية يوم 20 يوليو عام 1978، والذي استمر لنحو 43 عامًا دون تحسن أو تطور ملحوظ في الجهاز الإداري للدولة، وأصبح يعاني من نماذج سياسة الهيمنة والتقاليد الإدارية العقيمة والنقص المالي والمصالح الراسخة التي تعد قيودًا ثقيلة أمام متابعة الإصلاح الإداري؛ ظهرت بوادر التغيير، وضمن الانفتاح الدوري لمسارات الإصلاح في الجمهورية الجديدة تم وضع خطة تحديثية للجهاز الإداري.
فتم إقرار قانون الخدمة المدنية عام 2017 ضمن خطة الإصلاح الإداري الذي يهدف إلى: مكافحة الفساد الإداري عن طريق بناء جهاز إداري كفء وفعال يتسم بالشفافية والعدالة والنزاهة وتكافؤ الفرص، ويخضع للمساءلة، ويولي الاهتمام برضا المواطن، ويتيح الخدمات العامة بعدالة وجودة عالية؛ وترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة كأساس لنظام العمل؛ وترسيخ الحوكمة في عمليات التعيين في الجهاز الإداري للدولة، ويتم التعيين على أساس الكفاءة والجدارة دون محاباة أو وساطة، وكذا الترقي بناءً على الكفاءة وليس الأقدمية؛ والاستناد على آليات الموارد البشرية الحديثة، من أجل رفع كفاءة الموظفين وتحديد حقوقهم وواجباتهم.
- البرامج التدريبية:
تم إنشاء قاعدة بيانات “طاقات” بهدف إنشاء خريطة للقوى البشرية المتاحة داخل الدولة المصرية، وقاعدة بيانات الاستشاريين، وقاعدة بيانات المدربين، وقاعدة بيانات معاوني ومساعدي الوزراء، وقاعدة بيانات الشؤون الوظيفية، وفيها يتم تسجيل كل ما يتعلق بالشؤون الوظيفية، وقاعدة بيانات الأحكام القضائية، وتضم الأحكام القضائية التي تصدر لصالح موظفي الدولة الحاليين أو السابقين.
وتم كذلك وضع ضوابط ومعايير صارمة لانتقاء المعينين الجدد في الجهات الحكومية، من خلال مسابقة مركزية إلكترونية تقيس الجدارات والقدرات بما لا يسمح بأي شكل من أشكال الواسطة. إلى جانب تطوير ورفع كفاءة العاملين القدامى ورفع شأن الجهاز الإداري للدولة. بالإضافة إلى بلورة خطة الانتقال للعمل في العاصمة الإدارية الجديدة، إذ وضعت الخطة التنفيذية لتدريب الموظفين المرشحين للانتقال للعاصمة الإدارية؛ وتم الانتهاء من تدريبهم في الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، وكذلك التدريب على برامج التخصص الوظيفي بالتعاون مع الجهات المعنية، وتنمية قدراتهم على عدة تطبيقات إلكترونية من قبل معهد نظم المعلومات بالقوات المسلحة. إلى جانب إطلاق مدونة السلوك الوظيفي لتعزيز قيم النزاهة لحسن أداء الوظيفة العامة ومنع الفساد، مع تضمين قسم المراجعة الداخلية بالجهاز الإداري للدولة للمساهمة في الحد من ممارسات الفساد.
ذلك بالإضافة إلى تزويد الأكاديمية الوطنية للتدريب للعاملين بالجهاز الإداري للدولة من التنفيذيين بالمهارات اللازمة للارتقاء بمسيرتهم المهنية وفقًا لأعلى المعايير العالمية، والاستفادة من تجارب الدول المختلفة في مجال الإدارة العامة والخدمة المدنية، وتوفير فرص للتعاون والاستفادة من الخبرات الدولية في مجال القطاع العام والحوكمة.
- حرية تداول المعلومات:
الحق في تداول المعلومات هو استحقاق دستوري ومقوم أساسي من مقومات تحقيق التنمية؛ إذ نص دستور 2014 في المادة 68 على أنَّ “المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، ويحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا”.
وتبنت الحكومة المصرية في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان “2021- 2026” إصدار قانون لتنظيم حق الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات الرسمية وتداولها. حيث يتم مناقشة حرية تداول المعلومات على أجندة الحوار الوطني القائم حاليًا، للخروج بقانون تتوافق عليه كافة القوى الوطنية، ويأخذ في الحسبان إنشاء آلية قانونية قادرة على تطبيق حرية تداول المعلومات بما لا يتعارض مع الأمن القومي للدولة.
وبناءً على ما سبق؛ نوصي بمُضي الإدارة المصرية قدمًا نحو الحكومة المفتوحة تدريجيًا وفقًا للمحاور السابقة، بحيث يتم التركيز في كل محور على أحد أبعاد الحكومة المفتوحة والتي تعتمد على مبدأَي الانفتاح والتشاركية وعلى حق كل مواطن في الوصول إلى المعلومات، وهو أحد الحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وعلى الرغم من أن برنامج الحكومة المفتوحة يتطلب تغييرات استراتيجية في طرق عمل القطاع الحكومي، إلا أن هذا لا يصعب على الدولة المصرية، خاصة وأنها بدأت بالفعل وبشكل تدريجي في إحداث تغييرات في البنى التشريعية والتنظيمية والتكنولوجية وكذلك القدرات البشرية، مما يمكنها من خلال تطبيق الحكومة المفتوحة تحقيق العديد من المنافع الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، ويدعم جهود مكافحة الفساد.
- تسهيل ممارسة أنشطة الأعمال:
اتخذت الدولة المصرية اثنين وعشرين قرارًا ضروريًا لتحسين البيئة الاستثمارية في أول دعوة للمجلس الأعلى للاستثمار للانعقاد بعد تشكيلته الجديدة برئاسة “رئيس الجمهورية”؛ حيث تضمنت قرارات تحفيزية، وأخرى تنظيمية رقابية، وثالثة تتعلق بالبنية الأساسية، ورابعة تشريعية، وخامسة تتصل بدعم الحياد التنافسي؛ من أجل تحقيق طفرة حقيقية في عملية جذب وتشجيع وتعزيز الاستثمار المحلي والأجنبي، والقضاء على العقبات البيروقراطية، وتذليل مختلف التحديات التي تواجه زيادة استثمارات القطاع الخاص، بهدف بناء قاعدة إنتاجية متنوعة، وتحقيق تطور اقتصادي شامل.
وكذلك سُبل مضاعفة استثمارات القطاع الخاص، ومقترحات لتقديم حوافز وتيسيرات لتهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات في مختلف القطاعات؛ حيث تستهدف تحقيق نقلة نوعية في خفض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة على التأسيس، والحد أيضًا من الموافقات المطلوبة ومدة الحصول عليها، وكذا تسهيل تملك الأراضي، والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية، وتعزيز الحوكمة والشفافية والحياد التنافسي في السوق المصرية، وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتوسيع اختصاص المحاكم الاقتصادية.
بالإضافة إلى تقديم حزمة متكاملة وتنافسية من الحوافز والتسهيلات في القطاع الزراعي والصناعي والطاقة فيما يخص إنتاج الهيدروجين الأخضر، وقطاع الإسكان وما يخص المطورين العقاريين والمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة، وكذا قطاع النقل فيما يتعلق برسوم الصادرات والجمارك، وتوحيد استراتيجية التسعير، مع وضع جدول زمني محدد ومعلن لهذه القرارات.
وختامًا يتضح؛ أن اليوم العالمي للخدمة العامة هو مناسبة مهمة تُسلط الضوء على الدور الحاسم لموظفي الخدمة العامة في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة. وتلعب الخدمة العامة الدولية دورًا محوريًا في تعزيز التعاون العالمي والسلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة. وتعكس المناقشات في هذا اليوم العالمي تطور الخدمة المدنية، على المستويين الوطني والدولي، والإصلاحات والتحديات والإنجازات المستمرة في خدمة المصلحة العامة وتنفيذ السياسات الحكومية. لذلك، يُعد اليوم العالمي للخدمة العامة بمثابة تذكير للاعتراف وتقدير تفاني ومساهمات موظفي الخدمة العامة في جميع أنحاء العالم في النهوض بالصالح العام ومواجهة التحديات العالمية والمحلية.