أفريقياالسد الإثيوبي

أزمات “آبي أحمد” الداخلية وكيف يوظف سد النهضة لتحقيق طموحاته

ساهمت جائحة كورونا في رفع الأقنعة عن العديد من الأنظمة وكشف الحجج الواهية للبعض، ففي الوقت الذي يعلن حزب الازدهار الموحد بقيادة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد عن تأجيل الانتخابات بسبب انتشار الفيروس المستجد لأجل غير مسمى، وتصديق البرلمان على خيار التفسير الدستوري الذي أيده الحزب للخروج من الأزمة الدستورية لكسب آبي أحمد مزيدًا من الوقت لاستعادة شعبيته وسط رفض من الأحزاب المعارضة، استمرت الدولة الإثيوبية في أعمال بناء السد بالرغم من الإجراءات الاحترازية وفرض حالة الطوارئ والعزل التام لبعض الأقليات دون غيرها كأقلية التيجراي، وهي الانتخابات ذاتها التي انسحب على إثرها من مفاوضات سد النهضة بالرعاية الأمريكية ليوضح المماطلة الإثيوبية وسط دعواتهم باللجوء للاتحاد الإفريقي كوسيط جديد للمفاوضات، فيتبين أن سد النهضة أصبح هو الورقة الوحيدة الآن التي يراهن عليها آبي احمد في محاولته لاستعادة شعبيته التي فقدها عقب العديد من الاحتجاجت التي طالته، والمعارضة الأممية على قرارته بفرض قيود على حرية التعبير من ناحية والمعارضة الإثيوبية التي وقفت أمام قراره الأخير المدعوم من البرلمان الإثيوبي بتأجيل الانتخابات مرة أخرى، وقيامه بالزج بمعارضيه في المعتقلات؛ ليقف طموح آبي أحمد في الاستمرار في سدة الحكم على حساب كافة الشعارات التي كان يرفعها عند بداية توليه منصبه، لترفع الاقلام عن الغرض الفعلي في بناء حكم استبدادي جديد تحت شعار “التآزر والإزدهار”.

تأجيل الانتخابات البرلمانية وانخفاض شعبية آبي أحمد

مع قيام رئيس الوزراء الإثيوبي بتدشين حزب “الازدهار” الموحد في ديسمبر الماضي القائم على مبدأ ما أسماه “المواطنة” لضمان فوزه بأغلبية ساحقة بالانتخابات المقبلة من خلال تدشين الائتلاف الحاكم والأحزاب الموالية له تحت مظلة واحدة متجاهل الطبيعة الإثنية التي تقوم عليها الأحزاب في الدولة الإثيوبية، وكان من المقرر عقد الانتخابات العامة 29 أغسطس عقب الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها 28 مايو القادم باعتبارها أساس استكمال الانتخابات التشريعية، على أن تصدر النتائج النهائية في 8 سبتمبر وسيتم تشكيل حكومة جديدة في بداية أكتوبر إثر انتهاء الفترة الدستورية للبرلمان والحكومة الحالية، وهو ما لا يحقق طلب المعارضة آنذاك التي رأت أنه من الصعب تأمين صناديق الاقتراع في ظل النزاع العرقي في الداخل الإثيوبي، كما أنه يمثل موسم الأمطار في الدولة الإثيوبية وبالتالي سيصعب على الشعب الإثيوبي الوصول لصناديق الاقتراع، وطالبت بتعديل الموعد الانتخابي ولكن أصرت حكومة آبي أحمد وأقر الموعد البرلمان.

وبتحليل الوضع آنذاك اتضح انخفاض كبير في شعبية آبي أحمد التي أسستها استمرار النزاعات العرقية والنزاع على الموارد بين الأقاليم الإثنية الإثيوبية، وخسارة آبي أحمد لأكبر حلفائه في الإقليم الأكبر والمنحدر منه وهو إقليم الأوروميا، عقب تدشين حزب “الازدهار” القائم على فكرة “التآزر أو “ميدمير بالأورومية” والذي انتقده وزير الدفاع الاثيوبي ليما ميجيرسا، الحليف الأول لرئيس الوزراء آبي أحمد، واعتبرها خطوة متعجلة ستؤدي لمزيد من الانقسامات المتنامية. وهو ما أيدته الأحزاب المعارضة، التي قامت بتشكيل ائتلاف باسم “الحزب الديمقراطي الإثيوبي الموحد”. واندلعت الاحتجاجات التي قامت بحرق كتاب آبي أحمد “مديمير” لتوحي بانتفاء الفكرة لدى الشعب الإثيوبي.

هذا إلى جانب جوهر محمد الإعلامي والناشط السياسي والمنحدر أيضًا من إقليم الأورومو والحليف السابق لآبي أحمد، وهوالمرشح الأبرز في الانتخابات المقبلة، والذي ارتفع اسمه في الاحتجاجات الأورومية عقب تصريحات آبي أمام البرلمان في أكتوبر الماضي واتهامه له بالعمالة، وادعاء جوهر بأن الحكومة الإثيوبية تخطط لاغتياله، والذي اكتسب دعمًا في الإقليم عقب رفع الشعار الإثني “أوروميا أولاً”.

جدير بالذكر، أن حزب الازدهار الموحد يتكون من 3 أحزاب رئيسية من الائتلاف الحاكم، وهي حزب الأورومو الديمقراطي والأمهرة الديمقراطي والحركة الديمقراطية لشعوب جنوب إثيوبيا. إلى جانب الأحزاب الموالية للائتلاف وهي “عفار والصومال الإثيوبي وجامبيلا وبني شنقول جومزوهرر”. بينما رفض حزب جبهة “تحرير شعب تيجراي” الانضمام وهي الأقلية المسيطرة على المناصب العليا في البلاد، وهددت باتخاذ اجراءات قانونية ضده، مؤكدة أن السلطة من حق الائتلاف، وتكوين حزب موحد تلغي شرعية بقاء الإئتلاف في الحكم باعتبارها الجبهة الفائزة في انتخابات 2015 وليس حزب الازدهار الذي رأت أن وجوده غير شرعيًا.

الخيارات الأربع لتأمين تواجد آبي في سدة الحكم

عقب قرار تأجيل الانتخابات الذي أعلنه مجلس الانتخابات الإثيوبي في 31 مارس الماضي إلى أجل غير مسمى بسبب انتشار فيروس كورونا في البلاد وتصديق البرلمان على القرار، أصدرت جبهة تحرير التيجراي بيانًا أعلنت فيه عزمها على عقد الانتخابات ووصفت ما يحدث بأنه محاولة من آبي لتفكيك الدستور وإطالة فترة ولايته بذريعة فيروس كورونا، وهي الانتخابات التي رفض تأجيلها عندما كان معتقدًا بقدرته على اكتساحها قبل فرط العقد في الداخل الإثيوبي من حوله.

أدى ذلك لوقوع آبي أحمد باعتباره رأس السلطة ورئيس الحزب الحاكم في أزمة دستورية جديدة؛ نتيجة لحدوث فراغ في السلطة عقب انتهاء الفترة الدستورية للبرلمان والحكومة الحالية والمقرر انتهاء دستوريتها أكتوبر المقبل عقب تشكيل الحكومة المنتخبة؛ تقدم على إثرها حزب الإزدهار الحاكم بـ 4 خيارات للخروج من هذا المأزق الدستوري تدعم فكرة وجوده فترة أطول في سدة الحكم لاستعادة شعبيته من خلال فقاعة سد النهضة ورقته الوحيدة لحدوث التفاف حوله من جديد.

وتمثلت الخيارات الأربعة في “حل البرلمان أوإعلان حالة الطوارئ أو تعديل الدستور أو تقديم تفسيرات دستورية”، ولم يخفي الحزب الحاكم انحيازه للتفسير الأخير والتي تم إقراره بالفعل، ورفض آبي أحمد بشكل قاطع المقترح الخاص بتدشين حكومة انتقالية لضمان خروج انتخابات “حرة ونزيهة” بعيدًا عن الإجراءات التي قد يتخذها الحزب الحاكم لتأكيد وصوله للحكم، ليشير لطموحه في البقاء في السلطة بأي شكل، وفي المقابل رفضت المعارضة الخيارات الأربعة التي تقدم بها حزب الإزدهار.

وجاء رد الأحزاب المعارضة من خلال تمسك حركة الأمهرة بخيار التعديل الدستوري كأفضل حل، فيما رفض إئتلاف وحدة الفيدرالية الإثيوبية المكون من (جبهة تحرير أورومو، وجبهة تحرير أوجادين الوطنية، الكونجرس الفيدرالي للأورومو والكونجرس الوطني أجاو، حزب موكا الديمقراطي، أرينا تيجراي، الحزب الديمقراطي) جميع الخيارات مشيراً لتمسكه بتدشين حكومة وطنية انتقالية.

وأوضح في بيان له أنه لا ينبغي اكتساب السلطة إلا من خلال الانتخابات الدورية، ولا يوجد أساس قانوني يسمح للحكومة بالبقاء في السلطة بشكل شرعي بعد 10 أكتوبر ، حتى ليوم واحد، وأن عملية التعديل الدستوري عملية معقدة تتطلب نقاشًا ومداولة عامة التي لا يمكن القيام بها خلال جائحة كورونا بأي حال من الأحوال.

وأضاف الائتلاف أن هذا الأمر قد يؤدي إلى أزمة سياسية وأمنية، والتي لا تستطيع الدولة تحملها في وقت تحتاج فيه إلى جبهة موحدة للتغلب عليها من جميع الأحزاب السياسية المسجلة والمؤهلة للمشاركة في انتخابات 2020.

وترتب على الخيارات الأربعة المقدمة من الحزب الموحد عدة سيناريوهات تمثل السيناريو الأول والخاص بحل البرلمان والقائم على المادة (60) من الدستور الإثيوبي، والتي تعطي الحق لرئيس الوزراء بحل البرلمان بعد موافقة ثلثي أعضاءه على أن يتم إجراء انتخابات جديدة عقب 6 أشهر، إلا أن هذا الحل سيقيد يد الحكومة الحاكمة ويضعفها وستصبح حكومة تسيير أعمال فقط دون الحق في سن تشريعات أو توقيع اتفاقيات دولية، مما يجعله حل مستبعد لحكومة آبي أحمد الطموح. 

السيناريو الثاني والمتعلق بإعلان حالة الطوارئ هو الأمر الذي ترفضه الأحزاب المعارضة، بالرغم من حالة الطوارئ التي تعيشها الدولة الإثيوبية بالفعل، كما أنها تمثل تخوف من استغلال الأمر باستمرار عمليات الاعتقال وتقييد الرأي التي ينتهجها آبي أحمد ضد المعارضة في الداخل الإثيوبي، والتي تؤكدها إقرار البرلمان الإثيوبى قانونًا يقضى بالسجن لكل من تثير منشوراتهم على الإنترنت حدوث اضطرابات، وذلك قبيل الانتخابات التي كانت مقررة بالفعل لمنع أعمال العنف؛ وهو ما وصفته الأمم المتحدة بأنها خطوة نحو تقييد حرية التعبير وستقضي على الديمقراطية التي تسعى إليها الانتخابات، من خلال تقييد المعارضة، وتوقعت أنها ستزيد من حدة التوتر العرقى الموجود بالفعل وتزايد أعمال العنف، كما وصفته منظمات دولية حقوقية بأنه سيوفر للحكومة وسيلة قانونية لإسكات المعارضين، وبالتالي سيضع الأحزاب في وضع غير متكافئ مع الحزب الموحد.

السيناريو الثالث والخاص بالتعديل الدستوري، والذي يتطلب موافقة مجلس نواب الشعب والمجلس الفيدرالي على التعديل بأغلبية ثلثي الأصوات وفقاً للمادة (105) من الدستور، حتى يتم عرضها للمناقشة العامة، وهو ما يتنافى مع الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا وفرض حالة الطوارئ والحظر.

السيناريو الرابع والخاص بالتفسير الدستوري، والذي رجحه آبي أحمد وانتهجته الحكومة الإثيوبية عقب مصادقة البرلمان في جلسته الاستثنائية وتم إحالته لمجلس التحقيق الدستوري للفصل في النزاع، ورفض فكرة تقاسم السلطة مشيراً إلى أنه أمر غير مقبول وينتهك الدستور، فيما ترى المعارضة أنه ليس هناك سببًا قانونيًا وشرعيًا لتأجيل الانتخابات أو تمديد فترة الحكم، بالرغم من الحق الدستوري لتفسير الدستور، إلا أنه يتم فقط في القضايا المتنازع عليها “الواردة في الدستور”، بينما لا ينص الدستور الإثيوبي على أية بنود حول “آلية تأجيل الانتخابات أو مد فترة الولاية”.

ورأت المعارضة أن التفسير الدستوري من قبل هيئة تشريعية يسيطر عليها بشكل كبير حزب واحد، سيعمل على فرض إرادة الحزب مما يقوض شرعية هذه الحكومة أكثر من منحها مصداقية. ومع اقتراب انتهاء فترة الحكومة الحالية والبرلمان، بدأ التوتر يتصاعد وتضيق المجال السياسي، محطما الآمال في الانتقال الناجح إلى نظام ديمقراطي من خلال انتخابات حرة ونزيهة. ورأت المعارضة أنه يمكن استخدام تأجيل الانتخابات بسبب الوباء كفرصة أخرى للتداول الجاد، وتصحيح الأخطاء التي ارتكبت على مدى العامين الماضيين، وإعادة عملية الانتقال إلى المسار الصحيح.

وباء كورونا يخلق فرصة جديدة لآبي أحمد لتجميع أوراقه وإطالة فترة حكمه

بالفعل يمثل الوباء فرصة سياسية للبلاد ولكن ليس للوصول إلى التحول الديمقراطي الذي تأمله المعارضة وتصحيح أخطاء الماضي، ولكنها فرصة جديدة انتزعها آبي أحمد لنفسه وتحقيق طموحه في ظل تراجع التأييد الشعبي والاحتجاجت والنزاعات والرفض المجتمعي للسياسات التي كانت إصلاحية وتحولت لنبرات تهديد ووعيد وسلسلة من الاعتقالات وسن القوانين لاسكات المعارضين، قائمة فقط على تحقيق فكرته وهدفه والذي أظهره في العديد من التغريدات التي نشرها على موقعه موضحاً أن هدفه الاول هو تحقيق فكرته “ميدمير” و “الإزدهار” ثم النمو، متناسياً الهدف الأول الذي أبقاه في الحكم وأحدث له نوع من التأييد الشعبي عند بداية حكمه والقائم على فكرة “التحول الديمقراطي”.

ولم يخف آبي طموحه في أن يصبح “الرجل الأكبر في إثيوبيا” بأي ثمن، وهو ما أكدته جبهة تحرير أورومو (OLF) والمؤتمر الاتحادي لأورومو (OFC)، أنه “على عكس الأيام الأولى عندما تولى آبي منصبه ووعده بفتح الفضاء السياسي، لكنه اتخذ إجراءات، في الأشهر الأخيرةغيرت من هذا المفهوم من خلال قيامه بعمليات الترهيب والسجن الجماعي لقادة الحزب وأعضائه، مما يشير إلى العودة إلى الأيام الاستبدادية القديمة”. وقالت منظمة العفو الدولية: “إن عودة الاعتقالات الجماعية لنشطاء المعارضة وأنصارها إشارة مقلقة في إثيوبيا”، كما قام بدعوى فرض حالة الطوارئ وفرض الحظر عزل إقليم التيجراي المسيطر على المناصب العليا في البلاد والرافض لحزب الإزدهار عزلاً كاملاً.

وفي ظل التنازع على السلطة القائم بين حكومة آبي أحمد وقيادته للحزب الموحد “الإزدهار” وبين المعارضة التي استطاعت أن تخلق نوعاً من الحنق في الشارع الإثيوبي عقب حملة الاحتجاجات والنزاعات الداخلية وحملة الاعتقالات التي شنها آبي أحمد لتقييد خصومه، يرى في تأجيل الانتخابات أنها السبيل الآمن لوصوله لسدة الحكم من خلال بيع مشروع سد النهضة للداخل الإثيوبي بأنه المنقذ لهم في ظل أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية تلاحق النظام، مهيئاً الرأي العام الإثيوبي بأنه الحلم المنقذ لإثيوبيا، مستخدماً شعارات استعمارية ومحاولة احداث شعور بقوته في السياسة الخارجية من خلال رفض المفاوضات والتمسك بموقف بناء السد واستكمال المشروع.

فجائحة كورونا التي وقفت أمام الانتخابات الإثيوبية لإعطاء الفرصة لآبي أن يعيد ترتيب أوراقه من خلال التلويح بالورقة الوحيدة وهي سد النهضة، باعتباره المنقذ للاقتصاد الإثيوبي خاصة في ظل الاحتجاجات خلال العام المنصرم على إثر أزمات الكهرباء والطاقة في البلاد، والذي وصفه بيان صندوق النقد الدولي بعد موافقته على تقديم حزمة مساعدات نقدية بقيمة 411 مليون دولار وإعادة توزيع المدفوعات لتخفيف خدمة الدين “أكثر البلدان فقراً وضعفاً”، والحصول على مساعدة في إطار صندوق احتواء الكوارث والإغاثة، هذا إلى جانب تزايد الضغط الاقتصادي على إثيوبيا عقب فيروس كورونا والذي أحدث اضطراباً في الاقتصاد العالمي؛ مما سيؤدي لمزيد من انخفاض الطلب على الصادرات وبطء عملية النمو وبالتالي، سيصبح اقتصاد الدولة الأكثر فقراً هو الأكثر هشاشةً وبالتالي سيخلق مزيداً من النزاعات على الموارد وخلق مزيد من الاعتراضات على حكومة آبي أحمد.

فأصبح استكمال سد النهضة الذي يصوره آبي أحمد لشعبه بأنه قالب النجاة للاقتصاد والشعب الإثيوبي، هو طوق النجاة لابي أحمد لاستمراره في سدة الحكم، فأصبح استكمال عملية البناء هي السبيل الوحيد للحصول على التأييد الشعبي لاعباً على نبرات الشعارات الاستعمارية وفوائد واهية أوضح الخبراء أنها غير حقيقية.

ولكن هل سينجح آبي أحمد في درء ما يمكن أن يؤدي إليه فيروس كورونا خلال مدة تأجيل الانتخابات وبيع الوهم في مشروع واحد للدولة الإثيوبية، خاصة أنه من المتوقع أن ينتج عنها “أزمات على الأمن القومي والاقتصاد والصحة” حيث يمكن أن تؤدي التوترات العرقية، ومع وجود العديد من الجماعات المسلحة غير المنضبطة، إلى أزمة إنسانية من خلال نشوب مواجهات على أسس عرقية أثارها المتطرفون.

ومع ذلك فإن خيار تأجيل الانتخابات يعني أن الوقت يلعب لصالحه في حال استطاع احتواء المعارضة التي أصبحت رافضة وتكوين رأي عام موحد من الجهات السياسية كما أعلن جوهر محمد، ومنع النزاعات التي ستتفاقم إثر الأزمات المزدوجة التي تعاني منها إثيوبيا؛ لكن تصريحات آبي أحمد ذات نبرة التهديد لا تشير إلى ذلك، بل تظهر تعنت واضح نحو تحقيق فكرته بغض الطرف عن مصالح الجميع فقط مصلحته في البقاء في السلطة محولاً المسار الديمقراطي إلى حكومة استبدادية، مما يجعلنا نقف أمام حقيقة جديدة أن آبي أحمد الذي ينتهك كافة الصلاحيات والقوانين الدستورية في بلاده من أجل استمرار وجوده في الحكم، فإنه قادر على انتهاك المواثيق والأعراف الدولية، والذي يوضح أن قبوله دخول المفاوضات حول سد النهضة ما هي إلا محاولة لكسب مزيد من الوقت مع الاستمرار في عمليات بناء السد، والذي حاول فعله مجدداً مع المطالبة بتدخل الاتحاد الإفريقي لتعطيل حسم القضية، فأصبح هدفه الشخصي فوق الرغبة الداخلية والدولية، وهو الأمر الذي مهد للخطوة التصعيدية التي اتخذتها الدولة المصرية من خلال توجيه خطاباً لمجلس الأمن بشأن تطورات قضية سد النهضة، عقب المراوغات الإثيوبية متلاعبة بالأعراف والقوانين الدولية، والتي ستضع الدولة الإثيوبية أمام خياري التوقيع على مسودة واشنطن أو الحصول على قرار بوقف بناء السد، وعليه أصبحت فرصة تأجيل الانتخابات للحصول على التأييد ربما تهديد جديد لآبي أحمد إذا لم يحسن الاختيار بعيدًا عن سياسة الأمر الواقع.

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى