
الأهمية الاقتصادية لأنفاق قناة السويس
مع زيادة حركة النقل والتجارة من وإلى سيناء، واقتصار عملية النقل على المعديات وحدوث تكدسات عليها، قررت الدولة في يونيو 2016، البدء في إنشاء أنفاق للسيارات أسفل قناة السويس، لربط سيناء بالوادي والدلتا، إذ أنشيء نفقين في الإسماعيلية، ونفقين في بورسعيد، إلى جانب الكباري العائمة، ويبلغ طول الأنفاق 4 كيلومترات لكل نفق وربط النفقين بمجموعة من الممرات العرضية التي تستخدم لحالات الطوارئ، كما يبلغ القطر الداخلى لكل نفق 11.4 متر، وارتفاع 5.5 أمتر من سطح الأرض، ويتضمن كل نفق 4 ممرات لحالات الطوارئ. ويستوعب النفق الواحد 2000 سيارة في الساعة، بمعدل عبور 40 ألف سيارة يوميا للنفق الواحد، مما نتج عنه تقليص زمن عبور القناة من 20:ـ40 دقيقة تقريبا، بدلا من الانتظار لمدة قد تصل إلى خمسة أيام، كما تعد الأنفاق قريبة من المنطقة الصناعية الروسية أيضاً، وفي ظل افتتاح نفق الشهيد أحمد حمدى الثاني اليوم، والإعلان عن الانتهاء من حفره، نستعرض أهمية المشروع القومي الخاص بأنفاق قناة السويس اقتصاديا وأمنيا، ومنها:
تنشيط حركة التجارة في مدن القناة
استهدفت الدولة من إنشاء الأنفاق أسفل القناة زيادة نقاط الاتصال بين سيناء وباقي المحافظات، ومع تقليص زمن العبور للقناة يسهل نقل البضائع بمختلف أنواعها الزراعية والاستهلاكية والصناعية، ومن ثم تنشيط حركة التجارة في مدن القناة بعد أن كانت تقتصر عملية النقل على عبارات هيئة قناة السويس وكوبري السلام، ونفق الشهيد أحمد حمدي الذي أنشئ قبل ثلاثة عقود مما كان يتسبب في تكدس شديد، إذ تصل مسافة انتظار السيارات في بعض الأحيان إلى خمسة كيلومترات، ومدة انتظار الشاحنات في أوقات الذروة إلى خمسة أيام.
تطوير محور قناة السويس
تتألف المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من 6 موانئ، و4 مناطق صناعية متفرقة على امتداد الممر المائي، الذي يمر من خلاله نحو 10 بالمئة من التجارة العالمية، أو 18 ألف سفينة سنويا. ووفقا للبيانات الرسمية، وصل إجمالى عدد المشروعات المُنفذة والمُستهدفة خلال السنوات الست منذ عام 2014 إلى عام 2020 في سيناء ومدن القناة إلى 994 مشروعا، بتكلفة تقديرية 795 مليار جنيه، وقد تم منذ منتصف 2014 حتى مارس 2019 تنفيذ 751 مشروعا موزعة على 21 قطاعا، بإجمالى قيمة استثمارية 357.7 مليار جنيه، كما يجرى تنفيذ 243 مشروعا بإجمالى قيمة استثمارية 437 مليار جنيه، من المخطط الانتهاء منها فى يونيو 2020، وأبرز هذه المشروعات هو مشروع تطوير محور قناة السويس، كمركز لوجستى وصناعى عالمي، والذى بدأ بحفر قناة السويس الجديدة، وحفر الأنفاق الجديدة للعبور أسفل القناة. وبالتوازى مع ذلك تنفيذ الكبارى العائمة، حتى تصبح منطقة إقليم قناة السويس مرتبطة ببعضها البعض ومرتبطة بسيناء عن طريق شبكة طرق برية واسعة.
حماية حدود مصر الشرقية والحفاظ على أمنها القومي
يعد مشروع تنمية محور قناة السويس وتنمية سيناء بمثابة ضامن لحماية حدود مصر الشرقية، فهو ضرورة استراتيجية، وتمثل شبه جزيرة سيناء العمق الاستراتيجي لمصر شرقاً، فتبلغ مساحة سيناء 61 ألف كم2، وتمثل 6% من إجمالي مساحة مصر، بإجمالي عدد سكان حوالي 569923 وفقا لتعداد مصر في 1/1/2019. وبالتالي يعد الهدف من حماية وتنمية هذه المنطقة ليس اقتصاديا فقط إنما أمنيا أيضا، فإن جميع مصادر تهديد الأمن القومى المصرى أتت من الحدود الشرقية لمصر ومرت عبر سيناء؛ فهي تشكل جوهر الأمن القومى المصرى.
تنمية اقتصادية ومجتمعية
تهدف مشروعات التنمية الشاملة في سيناء إلى تحسين مناحي الحياة والظروف المعيشية لأهاليها، وإقامة مجتمعات زراعية وصناعية وعمرانية تجذب المواطنين من وادي النيل القديم للإقامة والعمل فيها، لسهولة الاتصال الحركي والتنقل بينهم، نظرا لاختصار الأنفاق زمن العبور أسفل القناة، كما ستلعب دورا حيويًا في رفع المعاناة عن كاهل أبناء مدن القناة وسيناء في التنقل ذهابا وإيابا لتلقي الخدمات التعليمية والصحية وغيرها من سبل المعيشة اليومية. وهنا جدير بالذكر أن وجهة نظر بعض المراقبين أنه شرط أساسي للتنمية الاقتصادية والمجتمعية الشاملة في سيناء هو إعطاء الأولوية للاستثمار فيها للمصريين ثم للاستثمار المشترك بين المصريين والأشقاء العرب، فالاستثمار المعاصر يعتمد على الشراكة قبل الانفراد أو الأحادية خصوصًا فى المشروعات الكبرى متعددة الجوانب، وإصدار قانون خاص للاستثمار فى سيناء تختلف فيه القواعد والتيسيرات والإعفاءات وتداول رأس المال والأرباح عن قانون الاستثمار المتعلق بالوادى والصعيد، لأن الاستثمار فى سيناء لا يخضع فقط للقواعد الاقتصادية والمالية التقليدية، ولكنه يرتبط حتمًا بالأمن القومى المصرى من حيث نوع المشروعات ونوعية العاملين وطبيعة التدريب والخبرات والمهن اللازمة لها.