
“وول ستريت جورنال”: الصين اكتفت بحظر الحيوانات البرية لكنها تشجع على تصديرها للخارج

تداولت صحيفة وول ستريت جورنال، تقريرًا تحت عنوان “وسط انتشار جائحة فيروس كورونا العالمي.. الصين تحظر التجارة المحلية للحيوانات البرية ولكن في نفس الوقت تقدم اعفاءات ضريبية على صادراتها الى الخارج“. أبرزت الصحيفة من خلاله أن الصين تعلن رفضها لتناول الحيوانات البرية –بتهور- ولكن في نفس الوقت تُقدم وزارتها المالية تسهيلات في عملية صادراتها الى الخارج.
وألقت الصحيفة الضوء على قرار السلطات الصينية حول منع الإتجار بالحيوانات البرية –على المستوى المحلي- خشية أن تتسبب هذه البضائع في المساعدة على تفشي الفيروس التاجي. ولكن في الوقت نفسه، أشارت الصحيفة إلى أن المسئولين الصينيين يقدمون حوافز ضريبية لصناعة الحيوانات البرية التي تجلب منتجاتها مليارات الدولارات على الأقتصاد الصيني، ولهذا السبب تقدم الصين تسهيلات فيما يتعلق بشحنها الى الخارج، وذلك نقلاً عن وثائق حكومية صينية.
وركزت الصحيفة تحديدًا على قرار مجلس النواب الصيني الصادر بتاريخ -24 فبراير- والذي يتم بموجبه فرض الحظر على بيع واستهلاك الحيوانات البرية عبر البلاد. فيما برر أحد المسئولين الصينيين هذا القرار –في ذلك الوقت- بأنه يعود إلى المخاوف والقلق التي يثيرها تناول الحيوانات البرية بتهور وما يرتبط بها من مخاطر على الصحة العامة. كما أشارت الصحيفة الى ما تلى ذلك من قرارات صدرت في فترة تقل عن شهر، حيث أعلنت وزارة المالية وهيئة الضرائب الصينية في تاريخ -17 مارس- أنها سترفع قيمة التخفيضات على ضريبة القيمة المضافة المتعلقة بـ عدد 1500 منتج صيني، بما يشتمل على خصم 9% على تصدير المنتجات الحيوانية مثل الثعابين والسلاحف الصالحة للأكل، بالإضافة الى أشياء أخرى مثل قرون وحيد القرن ومسك القندس وما إلى آخره.
وذكرت “وول ستريت جورنال” أن الإقتصاد الصيني يعاني من حالة الركود العالمي بالإضافة الى معاناته السابقة الناجمة عن حرب تجارية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية. في الوقت الذي تظهر فيه هذه – الحوافز الضريبية- التي تم تصميمها لدعم الصناعات الصينية في مجالات مثل البناء والصلب وصولاً الى المنتجات الزراعية، وذلك وفقًا لمعلومات تم تداولها نقلاً عن تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكي.
ووفقًا لذات التقرير، إن هذا التحرك الصيني الذي يهدف إلى تشجيع مبيعات الحيوانات البرية خارج حدود البلاد والاكتفاء بحظرها في الداخل، من شأنه أن يسهم في نشر المخاطر نفسها لدى الأسواق العالمية. كما يشار في ذات السياق، إلى أنه وعلى الرغم من أن الصين تُعد مصدرا رئيسيا للأدوية والمعدات الطبية، إلا أن هذه –الحوافز الضريبية- لم تشمل أيا من السلع والمواد التي تعاني الأسواق العالمية نقصا حادا منها بفعل انتشار الوباء العالمي، على غرار معدات الحماية الشخصية للعاملين في القطاعات الطبية.
وذكرت الصحيفة في هذا الصدد، أن وزارة المالية الصينية لم تُعلق على هذا الأمر أيضَا. وبالإضافة الى ذلك، ذكرت ذا وول ستريت جورنال أن دولاً مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية لم تفرض قيودا على الصادرات فيما يتعلق بتصدير المعدات والمواد الطبية التي أصبحت الأسواق العالمية تعاني نقصا حادا منها بفعل الأزمة.
وأشارت الصحيفة كذلك، إلى أن صادرات الصين من الحيوانات البرية بكل مشتملاتها ومشتقاتها بوجه عام، تعتبر ضئيلة للغاية بالمقارنة مع كميات البضائع العملاقة التي تشحنها الصين الى الخارج.
فيما تتجه صادرات الصين من الزواحف الحية –الصالحة للأكل- بشكل اساسي الى فيتنام، والتي بلغ حجم مبيعاتها الإجمالية أكثر من مليون دولار خلال شهري يناير وفبراير من هذا العام، وفقًا لإحصاءات الجمارك الصينية التي تقوم شركة “داتا تريد مونيتور” بالإعلان عنها. فيما تأتي كوريا الجنوبية واليابان وهونج كونج وإندونسيا باعتبارهم ثاني أكبر مستورد للزواحف الصينية، فقد تجاوز حجم واردات كوريا الجنوبية من الزواحف أكثر من 122000 دولار، فيما بلغ مجموع صادرات الدول الأخرى أقل من 100000 خلال الشهرين الأولين من عام 2020.
ولكن ترى “وول ستريت جورنال” إلى أنه حتى الكميات الصغيرة من صادرات الحيوانات البرية من شأنها أن تُشكل خطرًا كبيرًا على البشرية، نظرًا لأن الحيوانات البرية تعد هي المصدر الأول للأوبئة، وفقًا لما تشير اليه التقارير الصينية.
وتحت عنوان “شارك بأفكارك”، دعت “وول ستريت جورنال” قرائها الى مشاركتها بأفكارهم حول السياسات الرئيسية التي تعتقد أنه ينبغي على دول مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية اعتمادها للحد من المخاطر الصحية التي تتسبب بها تجارة الحيوانات البرية على المستوى العالمي.
وأشارت الصحيفة إلى أن تجارة الحيوانات البرية الغريبة لدى الصين لا تقتصر فقط على أغراض الطعام، وإنما تغذي كذلك صناعة الطب الصيني التقليدي والتي تقدر بمليارات الدولارات، حيث يتم استخدام المنتجات المصنعة من قرون وحيد القرن بالإضافة الى عظام النمر في علاج الأمراض. وفي الوقت نفسه، لفتت الصحيفة الى أن العديد من الدراسات العلمية لم تتوصل الى خصائص طبية في أي من هذه الوصفات.
و ألقت الصحيفة الضوء على ما توصل اليه باحثون طبيون حول السبب الرئيسي لتفشي مرض الالتهاب الرئوي الحاد –السارس- والذي نشأ في الخفافيش وانتقل منها الى البشر عبر حيوان –الزباد النخيل- وهو حيوان من الثديات التي يبلغ حجم الواحد منها حجم القطط ويبدو مظهرها شبيهًا بإبن عرس، والتي قالت الصحيفة أن هذه السلالة تباع في الهواء الطلق بالأٍسواق الصينية.
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان، كيف اتخذت الصين قرارا بفرض الحظر على تجارة جميع أشكال الحيوانات البرية في عام 2003، في أعقاب نجاح باحثين من هونج كونج بتحديد حيوان الزباد باعتباره المصدر الأول للسارس، الذي أسفر عنه مقتل 800 شخص. ولكن للأسف هذا الحظر لم يدم طويلاً، إذ أن الصين سرعان ما بادرت الى رفعه في وقت لاحق من ذات العام، بما يشتمل على 54 نوعا –من ضمنهم الزباد- الذي سمحت الصين للمزارعين الصينيين في تربيته في مزراعهم المتواضعة شريطة أن تخضع للفحوصات اللازمة.
باحث أول بالمرصد المصري